فهرس خطب الجمعة عام 2003

خطبة الجمعة بتاريخ 14-02-2003

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 14 فبراير 2003 م

الخطبة الدينية : المستويات الثلاث للردع
الخطبة السياسية : الوجود الأمريكي في المنطقة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

والحمد الله رب العالمين اللهم صلى على محمد واله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن اتبعهم بإحسان إلى قيام يوم الدين

السلام عليك يا رسول الله , السلام عليك يا أمير المؤمنين , السلام على خديجة الكبرى السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين , السلام على جميع الأوصياء , مصابيح الدجى , وأعلام الهدى , ومنار التقى , والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأروح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء , السلام على جميع الأنبياء والأوصياء والعلماء والشهداء , السلام على شهداء الانتفاضة، السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته.

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد : ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرين ) النحل- الجزء الرابع عشر ، امنا بالله , صدق الله العلي العظيم .

في الحديث السابق تحدثت عن قواعد الدعوة في حالة السلم والحوار, وذكرت بان هناك ثلاث قواعد للدعوة في حالة السلم والحوار وهي :

قاعدة الحق : وتقوم على أساس العلم والمنطق والبرهان

قاعدة الخير : وتقوم على أساس الموعظة الحسنة والدفع بالتالي هي أحسن

قاعدة المنفعة : وتقوم على أساس المكاسب والمصالح الشرعية الحقيقية

وذكرت انه في حالة الاعتداء والمواجهة , فهناك قاعدة الردع .

وذكرت بان للردع ثلاثة مستويات :

المستوى الأول : الردع الفكري.

المستوى الثاني : الردع السياسي.

المستوى الثالث : الردع العسكري.

وذكرت أيضا بان هذا يدل على أن الإسلام دين حوار ودين سلام , وهو في نفس الوقت دين العدل وبالتالي فهو لا يتيح الفرصة للظالمين والمستكبرين بان يفرضوا إرادتهم الشيطانية على واقع المؤمنين والمسلمين , وهذا ما يعبر عنه بالعقاب في الآية الشريفة المباركة…

قوله تعالى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ )

العقاب :

هو الجزاء بالعذاب على الإساءة وهذا يعني أمرين :

الأمر الأول: أن يقوم المعتدي بالإساءة للمؤمنين .

الأمر الثاني: أن يقوم المعتدى عليه ( وهم المؤمنون ) بالرد المناسب على المعتدي .

قوله تعالى: ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ )

هناك تكاليف إلهيه للمؤمنين :

التكليف الأول : هو الدعوة إلى الله وإقامة الكيان الإسلامي – وهذا بحثناه في الأسبوع الماضي.

التكليف الثاني : هو المحافظة على الرسالة والمحافظة على الكيان الإسلامي , والمحافظة على المصالح والمكتسبات المشروعة للأمة الإسلامية والدفاع عنها .

التكليف الثالث : أن الأمة الإسلامية مكلفة بمنع الظلم ومنع العدوان ومنع الفساد في الأرض , وهذا يتطلب من الأمة أن تكون قوية وان تمتلك قوة الردع , وإذا لم تفعل كذلك _إذا كانت الأمة ضعيفة _ ولا تمتلك قوة الردع , فإنها لا تستطيع أن تنهض بالتكاليف الثالث السابقة , ولهذا قال الله : ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة من رباط الخيل ترهبون به عدوا الله وعدوكم )

أحب أن أشير إلى مسالتين بالنسبة للعقاب وهما :

المسالة الأولى : ضرورة العقاب .

وقبل أن أشير إلى هذه المسالة أن هناك احتمالات أربعة ينبغي أن تأخذ بعين الاعتبار :

حينما تتعرض الأمة إلى اعتداء فهناك أربع احتمالات :

الاحتمال الأول : أن يمثل هذا الاعتداء تهديدا للرسالة , أو يمثل تهديدا لكيان الأمة , أو يمثل تهديدا لمصالح ومكتسبات الأمة المشروعة , وفي هذه الحالة يجب الردع وإنزال العقاب بالمعتدي .

الاحتمال الثاني : أن ينتج عن الاعتداء احتلال إلى الأرض الإسلامية , أو السرقة إلى ثروات الأمة ومكتسبات الأمة , وفي هذه الحالة يجب الردع إلى استرداد الأرض ولاسترداد الحق.

الاحتمال الثالث : أن يكون هناك اعتداء لا ينتج عنه شيء ولا يكون هناك تهديدا مباشرا إلى الرسالة , والى الكيان الإسلامي أو مكتسبات الأمة , ولا يوجد هناك احتلال ولا توجد هناك سرقة إلى مكتسبات الأمة , ولكن هناك إصرار بحيث يكون اعتداء خاطف غير مستمر , ولكن هناك إصرار من قبل المعتدي على العدوان وانه يمتلك القوة لإعادة وتكرار الاعتداء في هذه الحالة أيضا ينبغي الردع وإنزال العقوبة بالمعتدي .

الاحتمال الرابع : انه لا يوجد إصرار من قبل المعتدي ولا توجد لدى المعتدي القوة المناسبة لتكرار العدوان في هذا الاحتمال الرابع يوجد خيارين والله سبحانه وتعالى أمام المؤمنين هذان الخياران :

الخيار الأول : الرد وإنزال العقوبة بالمعتدي .

الخيار الثاني : العفو وهو أن يعفو عن المعتدي .

في الاحتمال الأول والثاني والثالث وفي الخيار الأول من الاحتمال الرابع وحينما يكون هناك عقوبات يجب أن تكون العقوبات بالمثل , وإنها لا تتجاوز حدود العدلة . وهذا هو الشرط , فيما يتعلق بالاحتمال الثاني الأخذ بالعفو, يجب أن يكون هناك ثلاثة شروط أساسية :

الشرط الأول : أن لا تكون الأمة في موقف ضعف.

الشرط الثاني: وان لا يكون هناك تهديد جدي للرسالة أو الكيان الإسلامي أو المصالح الإسلامية.

الشرط الثالث : أن يكون العفو الأنفع و الأجدى الذي يخدم لإصلاح وردع المعتدي.

بعد هذا الحديث تأتي هناك مسألتين ينبغي الإشارة اليهما :

المسالة الأولى : أن العقوبة في الاحتمال الأول والاحتمال الثاني والاحتمال الثالث , ضرورية للأسباب الثلاثة التالية :

السبب الأول : أن هذا الردع كفيل بان يحفظ للرسالة هيبتها , ويحفظ للأمة هيبتها , ويحفظ لهما كرامتهما , وهذا شيء ضروري جدا , لان الرسالة المهانة الرسالة التي لا تبرز لها عزة ولا تظهر لها كرامة , هذه الرسالة لا تغري الآخرين للانتماء إليها , الإنسان لا يميل لا يرغب إلى أن ينتمي إلى رسالة هزيلة , إلى رسالة مهانة ضعيفة لا هيبة لها كذلك , الأمة الضعيفة , الأمة التي تنتهك حرماتها التي لا هيبة لها ,هذه الأمة لا مكان لها تحت الشمس , لهذا السبب , العقوبة والرد يحفظ للرسالة ويحفظ للأمة هيبتهما وكرامتهما , وهذه الهيبة و الكرامة شيء ضروري لنجاح الرسالة ونجاح الأمة.

السبب الثاني: أن الأمة الإسلامية مكلفة بإقامة الحق والعدل على الأرض , وهي لا تستطيع أن تقوم بذلك ما لم تكون عزيزة , وإذا كانت الأمة مهانة وضعيفة , لا تستطيع أن تقوم بدورها في الحياة .

السبب الثالث : وهذه نقطة مهمة ينبغي الالتفات لها , لأنها ذات صلة وثيقة بالعقيدة – إن شاء الله انجح في توضيحها – الله جل جلاله يتجلى في كتابه ويتجلى في دينه ويتجلى في عباده , الله يتجلى بصفات الجمال وبصفات الجلال وذلك رحمة الله تتجلى في الدين تتجلى في الكتاب , تتجلى في عباده , أيضا غضب الله , قهر الله يتجلى في كتابه ويتجلى في دينه , ويتجلى في عبده المؤمن ومنها نتجه يأتي العقاب ويأتي العفو , فالعقاب هو تجلي لجلال الله , والعفو تجلي لجمال الله عز وجل ولهذا مستحيل دين الله يسمح بان تنتهك حرمته أو أن تهان هيبته , وان ينال من عزته كدين أو كرسالة أو النيل من عزة وكرامة المؤمن , العزة لله ولرسوله وللمؤمنين وفي الحديث عن الإمام الصادق قال : ( إن الله عز وجل فوض للمؤمن أموره كلها ولم يفوض له أن يذل نفسه ) , فالحقيقة إن الإنسان من خلال عبادة الله يتخلق بأخلاق الله وحينما يتربى على منهج الله تبرز لديه هذه الصفات , صفات القهر وصفات الرحمة وصفات الغضب ( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ … ) المائدة- الجزء السادس .

فبالتالي الشخصية الإيمانية لا يمكن أن تكون ذليلة بأي حال من الأحوال , الأمة الإسلامية لا يمكن أن تكون ذليلة ,الرسالة الإسلامية لا يمكن أن تسمح بان تكون مهانة , أو تسمح بان يكون العبد المؤمن مهان , لهذا تأتي ضرورة العقاب.

المسالة الثانية : العقاب له فوائد اذكر منها :

الفائدة الأولى : العقاب يمنع الظلم ويمنع العدوان ويمنع الفساد .

الفائدة الثانية : انه يخلق أرضية من الأمن والاستقرار , ويرتكز على أرضية صلبة تقوم عليه , لماذا ؟! للعدل , للسلام , وللبناء والتطوير , بعبارة أخرى نقول حينما تكون هناك عقوبة تخلق أرضية من الأمن والاستقرار وهذه الأرضية ضرورية لإقامة العدل وإقامة السلام والبناء للمجتمع والأمة وتطويرها .

قوله تعالى : ( وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرين )…

في الآية الأولى واضح وحسب الاحتمال الثاني الآية أعطت الإنسان المؤمن الخيار

بين العفو وإنزال العقاب , هذه الآية الشريفة المباركة ترجح العفو في الاحتمال الرابع وفيها دلالتين هما:

الدلالة الأولى : تقديم هذا الخيار – خيار العفو- وفيها ثناء على الصابرين , وهم الذين يعفون ويتنازلون عن العقوبات في الاحتمال الرابع , وخيرية هذا تقوم على عدة أسباب :

السبب الأول : إن العفو يبني القوة الروحية عند الإنسان المؤمن , بحيث يتسامى الإنسان , ويكون الإنسان مسيطرا على نوازع الشر , وعلى النوازع السلبية في نفسه , وهذه راية سامية للتربية الإسلامية والمنهج الإسلامي , إن هذا العفو يخلق تقوية روحية في نفس الإنسان المؤمن بحيث يكون مسيطرا النواحي السلبية في نفسه مثل الحقد و الانتقام والتشفي وما إلى ذلك .

السبب الثاني: انه يضع الإنسان المؤمن على طريق رضا الله وثوابه , بحيث يكون هذا الطريق الذي يحصل فيه على الكثير من الثواب والكثير من الرضوان .

السبب الثالث : إن هذا الموقف يفتح أبواب الخيارات الأخرى , يفتح أبواب الحوار يفتح أبواب المحبة , لا يضيق الخيار لان الإسلام لا يهدف إلى الانتقام , فهو يهدف إلى بناء الإنسان وبناء المجتمع بناء صحيحا , فبالتالي الردع العقوبة ليست غاية , إنما هي وسيلة , وبالتالي حينما تكون هناك فرصة إلى الحوار إلى التفهام إلى السلم , فالإسلام يتيح هذه الفرصة , ولهذا الإسلام يدعو إلى عدم التعجل , بل لدراسة الموقف وتكون هنا العجلة والتسرع مذمومه , وخلاف الأطروحة الإسلامية .

أقول بوضوح , بان أي قوة عظمى تستعجل العقاب وتميل إلى الانتقام , ليست أهلا لقيادة العالم , وإنما المنهج والدولة التي المؤهلين لقيادة العالم هي التي تتحلى بالروح الإنسانية , وفي هذه الايه دلالة واضحة على إنسانية الإسلام , كيف أن الإسلام إنساني وانه يتسامى على المصالح الشخصية , ويتسامى على الانتقام ويتيح الفرصة إلى الحوار , ويتيح الفرصة إلى السلام .

الخطبة السياسية

( الوجود الأمريكي في المنطقة )

الحديث هو استكمال للأحاديث السياسية السابقة حول الوجود الأمريكي في المنطقة ,حيث ذكرت في أحد الأحاديث السابقة . بأن الوجود الأمريكي في المنطقة والهيمنة على المنطقة لها ثلاثة أهداف:

الهدف الأول: توظيف الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمنطقة في سبيل فرض الهيمنة الأمريكية على العالم.

الهدف الثاني: السيطرة على ثروات المنطقة، ولاسيما الثروة النفطية.

الهدف الثالث: حماية الكيان الصهيوني، ووضحت الخطوط الرئيسية فيما يتعلق بحماية الكيان الصهيوني في أحاديث سابقة وحديث العيد.

اليوم آتي إلى توضيح الخطوط العريضة الرئيسية فيما يتعلق بالهدف الثاني والثالث.

على ما أتذكر، في سنة 1988 حينما تدخلت أمريكا بصورة مباشرة في الحرب العراقية الإيرانية، تحدثت في جامع الإمام الصادق بالدراز , حول هذا التدخل , وقلت بأن هدف أمريكا هو السيطرة على نفط المنطقة، وان الغرض من ذلك هو مستقبل أمريكا كقوة عظمى لا يتوقف على قوتها العسكرية، وإنما على قوتها الإقتصادية. وأن هناك قوى ودول تنافس أمريكا اقتصادياً , وبالتالي تنافس أمريكا على زعامة العالم , ومن هذه الدول أوروبا واليابان ودول شرق آسيا , وفي سبيل أن تأمن أمريكا مستقبلها في السيطرة على العالم كأكبر قوة في العالم , لجأت لاحتلال المنطقة والسيطرة على نفط المنطقة , ومن خلال سيطرتها على هذا النفط تتحكم في مصير هذه الدول التي تعتمد على نفط المنطقة، تسيطر على شرايينها , وتسيطر على جهازها العصبي , فتكون كل هذه الدول رهينة لأمريكا , وهذا ما تمارسه الآن أمريكا بالفعل , فالهدف من الوجود الأمريكي في المنطقة , هو أن تضع يدها على النفط وتقوم بإدارة نفط المنطقة لخدمة مصالحها وبصورة خاصة مستقبلها كقوة عظمى , هذا الجانب يمثل تهديد إلى الأمن القومي لاوروبا واليابان وروسيا ودول شرق آسيا، وهذه الدول الآن تكوّن محور جديد، فروسيا تجد أن مستقبلها مع اوروبا وليس مع أمريكا , ولهذا فهي تتحالف مع اوروبا مع فرنسا مع اليابان مع بلجيكا , لأن الوجود الامريكي في المنطقة يهدد أمنها القومي، ولأن من خلال سيطرة امريكا على النفط , سوف تسيطر على مستقبل هذه الدول، ورئيس روسيا ذكر بأن هذا التحالف سلمي فهو لا يستطيع الآن بان يقول بان هذا التحالف له بعد عسكري، ولكن هو بداية تحالف جديد يقوم على اساس المصالح.

الموقف الألماني والموقف الفرنسي والموقف الروسي , ليس حباً في العراق وليس حباً في شعوب المنطقة , وإنما دفاعاً عن مصالحها، فهي الآن امام موقف يهدد مصالحها الجوهرية الاساسية , ويهدد أمنها القومي , وهي تتحالف في سبيل ذلك.

الجانب الثاني : أن الوجود الأمريكي المكثف في المنطقة , يمثل أيضاً تهديد للأمن القومي الصيني. طبعاً أمريكا جغرافياً بعيدة عن الصين، ولكن عندما تحشد قواها بهذا الحجم وهذه المساحة في منطقة الخليج والشرق الأوسط , فهي أصبحت قريبة من الصين ,وهذا يمثل تهديد للصين لأن امريكا لا تخقي نواياها تجاه الصين وأنها تحاول ان تقلم اظافر الصين وتقلل من هيمنتها وسلطتها على العالم , لأن الصين تنظر لنفسها أيضاً كقوة عظمى ولا تريد ان تكون رهينة في يد أمريكا بحيث تأتمر وتنتهي بامريكا، بحيث تقول امريكا أفعلي كذا ولا تفعلي كذا، فهذا هو هدف امريكا بأن تفرض هيمنتها حتى على الصين وهذا الوجود القريب يهدد الأمن القومي الصيني.

ولهذا قلت في أحاديث سابقة وحديث العيد بأن أحداث الحرب والتداعيات المباشرة للحرب تمثل فقط عشرة في المئة (10%) من الخطر، وتسعين في المئة (90%) هو لما بعد الحرب بسبب هذه التداعيات الدولية.

أمريكا لن تتراجع ، الآن الإختلاف الموجود في مجلس الأمن وهو كالتالي , روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبلجيكا يمثلون محور وأمريكا وبريطانيا و بعض دول اوروبا يمثلون محور آخر , وبالرغم من هذا الإختلاف الخطير على مستقبل العالم، وربما يكون بالفعل بداية إلى حرب عالمية ثالثة، مع أمريكا لن تتراجع عن موقفها. لماذا ؟؟

لسببين وهما:

السبب الاول: أن احتلال المنطقة والسيطرة على نفط المنطقة , هو جزء من التفكير الأستراتيجي للمصالح الأمريكية ,وهذا واضح.

السبب الثاني: أن الحشود الامريكية , وصلت إلى مرحلة غير قابلة للتراجع، أي حد الارجعة , والآن أمريكا سوف تفرض هيمنتها على المنطقة وسوف تحتل العراق وأيضا سوف تتوسع كما صرح وزير الخارجية الأمريكي , وسوف تعيد خارطة المنطقة بما يخدم المصالح الأمريكية .. إذا امريكا لن تتراجع.

بعد هذا أشير إلى ثلاث نقاط:

النقطة الأولى:

موقف الحكومات العربية: الحكومات العربية عليها الآن مسؤلية كبيرة في التعامل مع هذا الوجود الأمريكي في الخليج وهي تتحمل مسؤليتين:

المسؤلية الاولى: تسهيلها للأستعمار الأمريكي للمنطقة. فهي تتحمل مسؤلية تسهيل أمر الأستعمار الامريكي للمنطقة والهيمنة الأمريكية للمنطقة.

المسؤلية الثانية: أنها تتحمل مسؤلية أن تقوم أمريكا بضرب دول أخرى من العالم غنطلاقاً من منطقة الشرق الأوسط، وهذه مسؤلية تاريخية اما م حكومات المنطقة والمطلوب منها ان تتعامل بواقعية لأن التاريخ لن يرحم.

الآن موقف الحكومات في المنطقة، للأسف، بين متعاون بصورة تامة مع أمريكا , وبين من يرفض بخجل , ففي الوقت الذي تتصارع فيه القوى الأجنبية على المنطقة، نجد بأن حكومات المنطقة تتصرف وكأن الأمر لا يعنيها. وأنا الآن سآتي بمثال رغم قسوته، أن حكومات المنطقة، ولا أريد أن أبالغ، تتصرف وكأنها قتاة حسناء جميلة ثرية يتنازع الرجال على السيطرة على شرفها وجمالها وثروتها , وهي تتصرف وكأن الامر لا يعنيها وفي نهاية الأمر ونهاية المطاف , سوف تذهب وتستسلم وتجلس في حضن الأقوى الذي تغلب على سائر الرجال. الآن موقف دول المنطقة في التصرف هو هكذا. أنا اعتقد أن هذا مثال قاسي لكنه الأقرب والأهون في تصوير الموقف.

النقطة الثانية: تتعلق بالنظام العراقي والدرس المستفاد من ذلك.

النظام العراقي يعتبر من أشرس الأنظمة في التعامل مع المعارضة , في ضل الظروف الراهنة آمن بالمصالحة مع المعارضة، والآن هو يطلب المصالحة مع المعارضة في ضل الظروف الراهنة.

ســـؤال ؟

هل أن الأنظمة العربية سوف تستفيد من هذا الدرس وتتصالح مع شعوبها ومع المعارضة ؟ أو أنها سوف تستمر في إنتقاص حقوق الشعب الأساسية أو سلبها منها ؟ وتنتظر أن تأتي ظروف مماثلة لكي تتصالح مع الشعوب ؟ فهل سوف تستمر في انتقاص وسلب الحقوق أو أنها سوف تأخذ الدرس من النظام العراقي ؟

وبكل وضوح على الصعيد الأخلاقي ان ما يقدمه الإنسان مضطراً لا يمثل فضيلة , ولا يستحق عليه جزاءً أو ثناءً , ما يستحق الإنسان عليه الثناء والجزاء ما يقدمه في حالة الإختيار ,ولكي تمارس الحكومات في المنطقة الفضيلة , وتقوم بعمل تستحق عليه الثناء عليها أن تعطي شعوبها حقوقها, قبل أن تكون مضطرةً إلى ذلك كما هو الحال مع العراق , وأن تتصالح مع شعوبها ومع المعارضة في حالة الإختيار , قبل أن تكون مضطرة إلى ذلك.

النقطة الثالثة: أقول بوضوح، بأن شعوب المنطقة سوف ترفض الإستعمار الجديد , وسوف تقاوم الاسعمار الجديد كما رفضت وقاومت الاستعمار القديم , وانه لا مستقبل لأمريكا في المنطقة .

واشير إلى ثلاث نقاط او مسائل فرعية:

المسألة الأولى: أن شعوب المنطقة سوف تقاوم أمريكا مشتركة، وان الشعوب كلها سوف تشترك وتجتمع على مقاومة امريكا, والآن كل القوى السياسية على اختلاف مشاربها الدينية تؤمن بالعمل المشترك , التيار السلفي من أكثر التيارات تشددا ,ً ونجده الآن من خلال اطروحاته يؤمن بالعمل المشترك , وبالتالي فإن الشعوب مجتمعة وكل التيارات وكل القوى السياسية في المنطقة سوف تشترك في مقاومة الاستعمار الجديد.

المسألة الثانية: البعض يقول بأن شعوب المنطقة شعوب مترفة، وأنها لم تتعود على المواجهة , أقول بأن التجربة أثبتت بأن المحن تحوّل الشعوب إلى أسود، كما هو الحال في لبنان , انظروا إلى لبنان قبل المحنة ,وقبل يهجم الكيان الصهيوني معروف انه كان مترف وناعم والآن انظروا للشعب اللبناني .. إنهم ليوث .. أسود في مواجهة الأعداء , فالمحن تحول الرجال والنساء إلى أسود.

المسألة الثالثة: البعض يقول … هل تستطيع الشعوب أن تقف أما هذه القوة الضخمة والجبارة لأمريكا ؟

أقول … بأن الشعوب تعلمت كيف تواجه امثال هذه القوى الجبارة , والدرس نأخذه من الإنتفاضة الفلسطينية.

( لا مستقبل لأمريكا في المنطقة , وسوف تلقى مواجهة شرسة من قبل شعوب المنطقة )

اكتفي بهذا المقدار واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بتاريخ 12/ ذو الحجة /1423هـ – الموافق 14 / 2 / 2003 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.