فهرس خطب الجمعة عام 2003

خطبة الجمعة بتاريخ 21-02-2003

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 21 فبراير 2003 م

الخطبة الدينية : الوحدة الإسلامية
الخطبة السياسية : مبدأ الكيل بمكيالين

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

والحمد لله رب العالمين اللهم صلي على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن اتبعه بإحسان إلى قيام يوم الدين ..
السلام عليك يا رسول الله, السلام عليك يا أمير المؤمنين , السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العامين ,السلام على خديجة الكبرى ,السلام على الحسن والحسين سيدي شباب الجنة أجمعين , السلام على جميع الأوصياء, مصابيح الدجى, وأعلام الهدى, ومنار التقى, والعروة الوثقى, والحبل المتين, والصراط المستقيم, السلام على الخلف الصالح, الحجة بن الحسن العسكري, روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء, السلام على جميع الأنبياء والأصياء والعلماء والشهداء, السلام على شهداء الانتفاضة, السلام عليكم أيها الأحبة ,أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته …

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) صدق الله العلي العظيم .
وقال سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) بعد بيعة عثمان ( لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري فوالله لأسلمن ما سلمة أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا عليَ خاصة التماسا لأجل ذلك وفضله وزهدا في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه ) صدق أمير المؤمنين (ع) في البداية ارفع أسمى آيات التهاني إلى مقام سيدي ومولاي صاحب العصر والزمان روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء, وإلى مقام مراجع الأمة , وفقهائها وعلمائها , وإلى كافة المؤمنين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , وإليكم بمناسبة عيد الغدير السعيد, الذي هو عند الله أفضل عيد حسب روايات أهل البيت (ع) .
الحديث في الأسبوعين الماضيين له صلة, وكان من المفترض أن نواصل الحديث في هذا الأسبوع تتمة إلى الحديثين السابقين , ولكن بمناسبة عيد الغدير الأغر, رأيت أن أتحدث في ضوء الآية الشريفة المباركة التي سبق تلاوتها .
يرتبط عيد الغدير في ذهن كل إنسان مسلم بولاية أهل البيت (ع) وقد فهمت ولاية أهل البيت, وفهمت رسالة الغدير فهما ناقصا, حينما يتصور البعض بأن ولاية أهل البيت (ع) ورسالة الغدير تأتي على حساب الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية.
والأمة الإسلامية تترقب في هذه الأيام محنة عظيمة جدا في ضل الضربة الأمريكية المترقبة للعراق, ونحن أيضا على المستوى الداخلي أيضا نواجه صعوبات وتحديات جمة وتحديات كبيرة , مواجهة التحديات الخارجية أو المحنة العظيمة المترقبة في ضل الضربة الأمريكية على العراق, وكذلك مواجهة التحديات والاستحقاقات المحلية الوطنية, تحتاج إلى وحدة الصف الإسلامي والوطني, لا نستطيع , ولن نكون قادرين على مواجهة التحديات الخارجية,ومواجهة التحديات الداخلية, ما لم نوحد صفوفنا الإسلامية, وصفوفنا الوطنية, ولهذا ركزت في كل الأحاديث التي تكلمت بها في عيد الغدير, على حل هذه الإشكالية في ضوء النص سالف الذكر لأمير المؤمنين علي (ع) …

حديث هذا اليوم يصب في نفس المجرى قوله تعالى ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ )
هذه الآية الشريفة المباركة تشير إلى مسألتين :
المسألة الأولى : هي الدعوة إلى الإتحاد, وتوحيد الصف, وتوحيد الكلمة, والنهي عن التفرق , وإحداث ما من شأنه أن يحدث , أو يوجد الفرقة بين المسلمين .

المسألة الثانية : تحدد الوسيلة أو الأداة التي من شأنها أن تحقق ذلك المطلب , وهو الإتحاد .
قوله تعالى: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ) .
معنى الاعتصام : أن يتمسك الإنسان بشيء مخافة أن يقع فيما يخاف ويحذر, أو فيما يكره , ويتمسك بالشيء لكي لا يقع فيما يحذر ,أو فيما يخاف, أو فيما يكره .
والحبل : هو نفسه الذي نعرفه, وهنا يستخدم الحبل لكل وسيلة يتوسل بها الإنسان لتحقيق مطلب معين ,وبالتالي فهذا الحبل ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا ) من شأنه أن يحقق لنا الوحدة والإتحاد, ويجنبنا الفرقة والاختلاف .
لفظ حبل الله فيه عدة دلالات :
الدلالة الأولى : انه كما ذكرت سابقا بأنه يحدد الوسيلة أو الأداة التي يتحقق بها المطلوب, ويتجدد من خلالها الوقوع في الفرقة.

الدلالة الثانية : أن هذين اللفظين , اعتصموا بحبل الله , يصور لنا بأن الوحدة أو الاتحاد ليست صورة فارغة من المضمون , وإنما هي حقيقة لها مضمونها,وحينما نقول حبل الله , فهذه الجهة لها مضمون , وأن هذا المضمون يأخذ من الله جل جلاله .

الدلالة الثالثة : أن حبل الله يشير إلى العلاقة بين العبد وربه , وتدل على وجوب الطاعة من العبد إلى الرب , وأيضا تدل على أن الرب هو المسئول عن تربية الإنسان , وعن تدبير شئون الإنسان , أي إيصاله إلى سعادته وكماله.

الدلالة الرابعة : أن حبل الله يشير إلى الارتباط أو العلاقة بين السماء والأرض , وأن هذه العلاقة من شأنها أن تسمو بالإنسان, وترفع الإنسان من حضيض المادية , إلى سمو الروحانية .

( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا )
لفظ جميعا : فيه أيضا دلالة في غاية الأهمية, وتتمثل هذه الدلالة في ملاحظة أو في الوقوف على الواقع الخارجي للأمة الإسلامية , فالأمة الإسلامية بطبيعة الحال تتألف من مذاهب , وفرق إسلامية تتألف من شرائح , وطبقات , تتألف من أعراق وقوميات , فحينما يدعونا الله عز وجل في قرآنه المجيد على الاعتصام بحبله جميعا , وعد التفرق بهذا اللحاف كون الأمة مذاهب طبقات وأعراق , شرائح وقطاعات , بمعنى آخر,أن الاعتصام بحبل الله من شأنه أن يجنبنا , الصراع المذهبي , ومن أن يجنبنا الصراع القومي , أو الصراع العرقي بين أبناء الأمة , ومن شأنه أن يجنبنا الصراع الطبقي , مثلا بين الأغنياء والفقراء , وبين العمال وأصحاب رأس المال الخ… ومن شأنه أن يجنبنا الصراع مع بين الحاكم والمحكوم .

إذن قوله تعالى: ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا ) تحدد لنا الأداة والتي من شأنها أن تحقق لنا المطلوب وهو الاتحاد وتجنبنا المحذور, وهو الاختلاف والفرقة , ما هو تفسير حبل الله , ما هي أقوال العلماء في تفسير حبل الله هذه الأداة التي بهذا المضمون .

هناك ثلاثة أقوال عند علماء التفسير على اختلاف مذاهبهم :
القول الأول : أن حبل الله هو الإسلام .
القول الثاني : أن حبل الله هو القرآن.
القول الثالث : أن حبل الله هم الأئمة من أهل البيت (ع).

هذه الأقوال الثلاثة موجودة في تفاسير مدرسة أهل البيت (ع) , القول الأول والقول الثاني موجود في تفاسير مدرسة الخلفاء , لكن حينما نتعمق نجد بأن هذه الأقوال الثلاثة تصب في نهر واحد , وتحقق غرضا واحدا , ونستطيع أن نجمع بينها في قول واحد , وهو أن الله عز وجل يدعونا للارتباط والاعتصام بالدين الإسلامي , ولكن ممن نأخذ هذا الدين ؟ من أين نأخذ تعاليم الإسلام ؟

نأخذ تعاليم الإسلام و أحكام الإسلام ومفاهيم الإسلام , من القرآن الكريم , هذا الدين في سبيل أن تتحقق أغراضه يحتاج إلى قيادة تؤمن بالدين وتؤمن بالقرآن الكريم , ولديها العلم الكامل بالدين والقرآن , وتمتلك الإرادة وتكتلك الكفاءة للدفاع عن هذا الدين والدعوة إلية وإلى تطبيقه , وبالتالي فالقيادة هم أهل البيت (ع) , فهذه الأقوال الثلاثة غير مختلفة, نستطيع أن نجمع بينه في هذا القول الواحد.

الدرس الذي نستفيده,هو بأننا حينما ندعو اليوم وفي كل وقت على الوحدة الإسلامية , أو إلى الوحدة الوطنية , فهذه الوحدة كمطلب يترتب على ذلك تحديد الوسيلة , والأداة التي من شأنها تحقيق هذا المطلب , ونحدد المرجعية الفكرية التي تحدد المضمون الفكري والعقائدي والروحي والأخلاقي والاجتماعي التي تحدد مضامين هذا الطلب , فعندنا مطلب الطلبة تحدد الأداة أو الوسيلة التي من شأنها أن تحقق هذا المطلب ونحدد أيضا المرجعية التي تعطي مضامين هذا المطلب سواء كانت هذه المضامين فكرية أو روحية أو أخلاقية أو اجتماعية أو غير ذلك من المضامين وأيضا نحدد المرجعية السياسية , التي تحدد لنا القيادة , والإدارة أو تقوم بوظيفة القيادة والإدارة , وبدون هذه التحديدات وبدون تحديد الأداة , والوسيلة , وبدون تحديد المرجعية الفكرية , وبدون تحديد المرجعية السياسية , يكون هذا المطلب فارغ , وغير قابل للتحقيق
قوله تعالى 🙁 وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ).

هذه الفقرة من الآية الشريفة المباركة , تعطينا الدليل على صحة أو صدق الوسيلة والأداة , وهي الإسلام والقرآن وأهل البيت (ع) في تحقيق هذا المطلب ,واذكروا نعمة الله عليكم الذي أنعم عليكم بالإسلام , أنعم عليكم بالقرآن , أنعم عليكم بمحمد (ص) كنبي وكقائد , وكنتم قبل الإسلام, وقبل القرآن, وقبل النبي (ص), أي قبل بعثته, ونبوته, أعداء متحاربين, متباغضين ضعفاء , فأصبحتم بنعمته إخوانا, أصبحتم بنعمة الإسلام , وبنعمة القرآن وبنعمة محمد (ص) أخوانا, ألف بين قلوبكم, جمع بين قلوبكم بصورة ملتئمة, بهذه النعمة فأصبحتم بها أخوانا متحابين متعاونين , وفي الواقع أن هذه النعمة نعمة القرآن, نعمة الإسلام التي أعطت الأخوة , وأعطت أشياء أخرى , لا تقل أهمية , وهي ترتبط بهذه النعمة أعطتنا العلم ,جعلت الأمة المسلمة التي كانت تعيش الجهل فأصبحوا يعيشون نعمة العلم , يعيشون نعمة الإيمان , ويعيشون نعمة القوة , ويعيشون نعمة النجاح , ويعيشون نعمة الأخلاق , ويعيشون نعمة النصر , كل هذه النعم تحققت ببركة الإسلام, وببركة القرآن , وببركة محمد (ص) , بالتالي فنجد بأن الوحدة , ونبذ الفرقة يكون أمرا طبيعيا , لأن الإتحاد قوة , والتفرق ضعف , الإتحاد نجح , والتفرق فشل , الإتحاد جميل, والتفرق قبيح , الإتحاد تتجلى فيه الأهداف النبيلة العامة والتفرق تتجلى فيه الأهداف الأنانية الخاصة , الاتحاد يعني تحقيق المنافع العامة للأمة, والتفرق يعني الضرر, بهذه المصالح الخ … هذه الآية الشريفة المباركة , تدعونا إلى الإتحاد, وتنهانا عن التفرق , وتحدد لنا الأداة أو الوسيلة, إلى تحقيق ذلك وتقيم الدليل على صحة هذه الوسيلة وصدق هذه الوسيلة بأنها تحقق هذه الوحدة من خلال المقارنة بين ماضي العرب قبل الإسلام, والحاضر الذي نزلت فيه الآية بعد نزول القرآن الكريم , تبقى نقطة أخيرة ينبغي أن نلتفت لها, وهي أن الآية الكريمة وفق تفسير أهل البيت (ع) ووفق التفسير الموضوعي للآية تقول , بأن الوحدة الإسلامية,لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال التمسك بالقرآن , وبأهل البيت (ع) يعني القرآن ككتاب , وكمرجعية فكرية , نأخذ منها التعاليم , وأهل البيت كقيادة سياسية ,وبالتالي فإن الوحدة لا تتحقق من خلال القرآن فحسب , وإنما تحتاج إلى القائد الذي يتولى إدارة الأمة , ولكن حينما نتأمل في الآية ككل , وحينما تختلف الأمة على ولاية أهل البيت (ع) فهذا لا يعني الإصطراع , وإنما يجب أن نتعاون على المشترك ونحافظ على وحدة الأمة, كما فعل الأئمة (ع) ,فالآية تنبهنا تنبه المسلمين… أنكم لكي تستطيعوا أن تحافظوا على وحدتكم واقعا,يجب أن تتمسكوا بالقرآن وبأهل البيت (ع) …
( إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترت أهل بيتي )
وإذا تخليتم عن القرآن, وتخليتم عن أهل البيت, فأنكم سوف تتفرقون ,وكما نستفيد من الآية أيضا , أنه حتى في حالة التخلي عن أهل البيت (ع), لا ينبغي أن تستسلموا إلى الواقع , إنما عليكم أن تعملوا من أجل وحدة صفوفكم في الإطار الإسلامي العام , وهذا ما عمله أهل البيت (ع), ويعمله الفقهاء في عصر الغيبة .

الخطاب السياسي

بعد هذه الوقفة مع الآية الشريفة المباركة, نأتي إلى الحديث السياسي .
والحديث السياسي لهذا الأسبوع , يتعلق بما سمي بالخلية الإرهابية , وهي عبارة عن مجموعة مكونة من خمسة أشخاص من الشباب الذين ينتسبون إلى التيار السلفي , والتهمة التي وجهت إلى هذه المجموعة من الانتماء إلى تنظيم القاعدة , وحيازة السلاح ,كما وقيل بأن غرضهم ضرب المصالح الوطنية, هذا جانب وصفي هنا .

أرغب أن أذكر عدة نقاط تتعلق بهذا الموضوع :

النقطة الأولى: إن التيار السلفي أو الخط السلفي أو المدرسة السلفية سمها ما شأت, تمثل مساحة واسعة في كيان الأمة الإسلامي , أي أن هذا واقع , لإن التيار السلفي يمثل مساحة واسعة في الأمة الإسلامية له امتداده, من الواضح أننا نختلف مع هذا التيار, ولكننا ومن منطلق إسلامي نحفظ لهذا التيار حقه في الوجود , وحقه في التعبير عن رأيه وأن الذي بيننا وبينه هو (الحوار) ونحن ندعوهم إلى الحوار العلمي الموضوعي , الذي يقوم على المرتكزات الإسلامية .

النقطة الثانية : إن رأي المدرسة السلفية من الشيعة ومن المذاهب الإسلامية في غاية الشدة , وأنها تصل إلى درجة التكفير, تكفير الشيعة , وتكفير أصحاب المذاهب الأخرى , ويتخذون اتجاه هذه المذاهب أيضا اتجاه شديدة تصل إلى إباحة الدم والاقتتال , موقفنا من هذه المدرسة , لا يحددها ردة الفعل , وإنما يحددها الموقف الشرعي , الموقف الإسلامي وفق مدرسة أهل البيت , وهو الموقف الذي أعلنته سابقا , أنه ( نحفظ لها حقها في الوجود, وحقها في العبير عن رأيها , وأن الذي بيننا وبينهم هو الحوار, ونحن ندعوهم على الحوار ).

النقطة الثالثة : إن تنظيم القاعدة يرتبط ارتباط وثيق بالمدرسة السلفية , وهو جزء من هذه المدرسة , هذا التنظيم يعيش اليوم في حالة مواجهة مباشرة مع أمريكا , وأن مواجهة التنظيم المباشرة مع أمريكا, وضع المدرسة السلفية في وضع سياسي حرج جدا , سواء أكان من هو مع تنظيم القاعدة أومن هو مع خارج هذا التنظيم , المهم أن ظهور هذه الجماعات في كل دولة إسلامية,يتواجد فيها التيار السلفي , وتعاطف هذا التيار مع تنظيم القاعدة , فمن المتوقع أنه في كل دولة إسلامية تظهر مثل هذه المجموعات , ويجب أن نتصرف بواقعية , ونتصرف بثقل وبدون تشنج نحو سائر الحكومات , بما فيها حكومة البحرين , أن تتعامل مع هذه المجموعات معاملة إنسانية ووفق القانون .

النقطة الرابعة :وهي من الضروري أن نقف عندها , وواقع الأمر تحتاج على موازنة دقيقة جدا في غاية الدقة , وهي ضرورة التمييز بين المسألة الوطنية , وبين المواجهة مع الاستعمار, نحن موقفنا على الصعيد الوطني في معالجة المسالة القانونية , ( اخترنا الحوار والنهج السلمي ودعونا إلى الوحدة الوطنية على أساس الحقوق والواجبات المشتركة ) .
أما فيما يتعلق بمواجهة الاستعمار…. إذا نزل الاستعمار, أو وضع الاستعمار أرجله على الأرض الإسلامية , فمواجهة هذا الاستعمار بالقوة أمر مشروع في العرف الإنساني , وفي المواثيق الدولية توافق الأعراف الإنسانية في كل المجتمعات وفي كل الحضارات الإنسانية , ونصت المواثيق الدولية , على شرعية مواجهة الاستعمار بالقوة , بين المسألة الوطنية ومواجهة الاستعمار.

تأتي مسألة الاتفاقيات … مثل الآن هناك اتفاقية بين حكومة البحرين , وبين أمريكا حول قاعدة الجفير, هل أن قاعدة الجفير تدخل في دائرة المسألة الوطنية ؟ أو تدخل في مسألة الاستعمار؟ تدخل في الدائرة الأولى في الدائرة الوطنية يعني الشعب من حقه ان يحاور ويناقش الحكومة حول مستقبل هذه القاعدة في محيط الدائرة الوطنية , ولا تدخل في دائرة موجهة الاستعمار إلا إذا تطورت الحالة , ومثل ما توقعنا دخول الاستعمار الأمريكي إلى الساحة كلها, واحتلال المنطقة في ذلك الوقت تكون المسألة مختلفة , ولكن إلى الآن مسالة القاعدة والقواعد والاتفاقات العسكرية تدخل في الدائرة الأولى وهي الوطنية , الظرف الراهن يتطلب حوار وطني جاد بين قوى المعارضة فيما بينها , وأيضا في مابين قوى المعارضة والحكومة , نحن نستقبل الآن محنة وهذه المحنة عظيمة جدا , ونريد أن نحافظ على وحدة الصف الوطني , وان تكون الحكومة والشعب في خندق واحد, لمواجهة هذه المحنة وهذا يتطلب أن ينشأ حوار وطني بين قوى المعارضة, مع بعضها على اختلاف تياراتها الدينية والسياسية , وأيضا بين المعارضة وبين الحكومة للتعامل الوطني المشترك مع المحنة القادمة بكل أبعادها .

النقطة الخامسة : هو التعاطي الصحفي الإعلامي والتعاطي الرسمي مع هذه القضية , فنجد التعاطي الرسمي والتعاطي الإعلامي مع قضية ما سمي بالقضية الإرهابية , وإذن قورن التعاطي( بأحداث رأس السنة) نجد بأن التعاطف في المسألتين مختلف جدا , يعكس بالفعل أن هناك أزمة حقيقة يتعلق بالشأن الوطني , والوحدة الوطنية , التعاطي مع ما سمي بخلية الإرهاب , كان تعاطي هادئ … وإن كانت فيه بعض التجاوزات… ونحن نرفض وندين هذه التجاوزات…. ونصر على أهمية التعاطي مع هذه القضية, وحتى القضايا القادمة المتوقعة, يكون فيها تعامل إنساني, وفي ضل القانون, ولا نقبل التجاوزات لحقوقهم الإنسانية…. أو حقوقهم الحقوقية أي القانونية… أما التعاطي مع أحداث رأس السنة فكان تعاطي مأساوي…. لا ينب عن أي مسئولية في ظرف يصدق عليه مبدأ الكيل بمكيالين , وأن الكيل بمكيالين, فعلى المستوى الصحفي فيه خيانة لأمانة القلم وأمانة الكلمة … نذكر هؤلاء بضرورة المحافظة على أمانة القلم وأمانة الكلمة , وأنهم مسئولون أمام الله عز وجل عن هذه الأمانة, ( ن والقلم وما يسطرون ) ونذكر المسئولين على كل المستويات, ونقول لهم أن الكيل بمكيالين في هذه السائل وغيرها من المسائل الوطنية فيه خيانة لأمانة , الرعاية وشرف الناصب العامة , وانه يجب عليهم أن أمانة الرعاية العامة وان يحفظوا شرف المناصب العامة , وأنهم مسئولون أمام الله عز وجل , وسواء كان الأشخاص في مقام المسئولية العامة , أو في مقام الصحافة هم أيضا مسؤولين أمام الناس وأمام التاريخ ونذكرهم بذلك كله

اكتفي بهذا المقدار واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بتاريخ 19/ ذو الحجة /1423هـ – الموافق 21 / 2 / 2003 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.