فهرس خطب الجمعة عام 2003

خطبة الجمعة بتاريخ 12-02-2003

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 12 فبراير 2003 م

الخطبة الدينية : دلالات شعائر الحج
الخطبة السياسية : المطالبة بالحقوق لا علاقة له بالابتزاز

(خطبة العيد الأولى ’’الدينية‘‘)

أعوذ بالله السميع العليم

من شر نفسي الأمارة بالسؤ , ومن شر الشيطان الغوي الرجيم .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, اللهم صلي على محمد وأهل بيته الطيبين, وأصحابه المنتجبين, ومن اتبعه بإحسان إلى قيام يوم الدين. السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أمير المؤمنين, السلام عليك يا فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين, السلام على خديجة الكبرى, السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين, السلام على جميع الأوصياء

مصابيح الدجى, وأعلام الهدى, ومنار التقى, والعروة الوثقى, والحبل المتين, والصراط المستقيم. السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء, السلام على جميع الأنبياء والأوصياء والعلماء والشهداء, السلام على شهداء الانتفاضة, السلام عليكم أيها الأحبة, أيها الأخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته.

في البداية ارفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى صاحب العصر والزمان روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء . والى مقام مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها والى كافة المسلمين والمؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها . واليكم أيها الأحبة في الله بمناسبة هذه الذكرى العطرة العظيمة مناسبة عيد الأضحى المبارك .

المناسبة عيد الأضحى المبارك: هذه المناسبة ذكراها يرتبط عادة بمناسك الحج وفلسفته, نأتي هنا إلى ثلاث نقاط:

النقطة الأولى: إن أعمال مناسك الحج , وأعمال مناسك العمرة , تمثل وتجسد رحلة الإنسان إلى الله عز وجل , فهي تبدأ بالإحرام الذي يدل على ضرورة تجرد الإنسان , وإخلاصه إلى الله عز وجل في هذه الحياة , ثم يشرع بالتلبية التي تعني ضرورة أن يلبي الإنسان نداءات الرب العظيم , أي أن يسلم إلى الله , وأن يطيع الله في كل أمر ونهي , والوقوف بعرفة يدل على ضرورة اعتراف الإنسان أمام الله , والتوبة إلى الله كلما وقع منه ذنب , والهدي يذكرنا على ضرورة أن ينحر الإنسان نفسه الأمارة بالسوء , وأن يتغلب على كل العوامل التي في داخل نفسه , والتي تعمل على قطع الطريق إلى الله عز وجل , من أتباع الهوى وأتباع النفس الأمارة بالسوء … الخ، ورجم الشيطان يدلنا على ضرورة مقاومة كل العوامل الخارجية التي تحاول أن تقطع طريق الإنسان إلى الله عز وجل, والطواف يعني ضرورة أن يطوف الإنسان حول حرم الله, بمعنى أن يلتزم الإنسان بدين الله في هذه الحياة , وأن يلتزم بكتاب الله في هذه الحياة , وأن يلتزم بإطاعة أولياء الله من أئمة الهدى والأنبياء والأوصياء والفقهاء والعلماء .

النقطة الثانية : أعمال ومناسك الحج , هي مظهر من مظاهر الوحدة الإسلامية , وهي تعميق وترسيخ للوحدة بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم وأجناسهم ولغاتهم , وهذه المظاهر تدلنا على ضرورة التمسك بالوحدة الإسلامية , وأننا لا نستطيع أن نحقق طموحات الإسلام , وغاياته , وأماله , وأهدافه إلا من خلال وحدتنا , وإذا فرطنا في هذه الوحدة فسوف نفشل في تحقيق طموحاتنا , وغاياتنا ,وأمالنا , وأهدافنا , وسوف نفشل في مواجهة التحديات الخارجية التي تواجهنا كأمة , وهذا ما نلمسه اليوم .

النقطة الثالثة: دائما يذكرنا موسم الحج بأنه مؤتمر سنوي للمسلمين . فيقال أن صلاة الجماعة هي مؤتمر يومي , وصلاة الجمعة هي مؤتمر أسبوعي , والحج هو مؤتمر سنوي للمسلمين , يتدارسون فيه قضاياهم وهمومهم ومشاكلهم , ولاشك أن مثل هذه اللقاءات والاجتماعات لها أهمية كبرى في سبيل خدمة المسلمين وحل مشاكلهم وقضاياهم ومواجهة تحدياتهم ,وإذ أرى بانه لا يختلف اثنان منا على أن أهم قضيتين تشغل بال الحجاج وتفكيرهم لهذا العام , هي القضية الفلسطينية , والقضية العراقية .

القضية الفلسطينية ينبغي أن نلتفت أولا إلى نقطة جوهرية , وهي أن المسلمين لا يمكن أن تتوحد صفوفهم ولا يمكن أن يطوروا من أوضاعهم السياسية , والاقتصادية , والاجتماعية , والثقافية ما دام الكيان الصهيوني موجود على أرض فلسطين , وأن أمريكا والغرب وأعداء الإسلام زرعوا هذا الكيان من أجل هذه الغاية ونحن ندرك أن الفلسطينيين يمثلون خط الدفاع الأول عن المسلمين , وعن الأمة , وهذه حقيقة . في هذا الموضوع يجب أن نلتفت إلى أهمية الانتفاضة الفلسطينية , فالانتفاضة الفلسطينية خلقت عدة نتائج , ومن هذه النتائج مايلي:

النتيجة الأولى: أن الانتفاضة الفلسطينية حيدت السلاح النووي. فالكيان الصهيوني دويلة صغيرة يحاصرها الأعداء من الدول العربية والإسلامية , وهم يمثلون عدد ضخم ، والكيان الصغير كيف يحمي نفسه من الأعداء المحيطين به ، فأخذ معادلة النوع مقابل الكم , يعني السلاح النووي يمثل الحالة النوعية في مواجهة عدد الدول العربية والإسلامية ، وهذا السلاح أرعب وخوف العرب .

إحدى النتائج لهذه الانتفاضة هو تحييد هذا السلاح النووي .

النتيجة الثانية: خلق توازن الرعب بين العدو الصهيوني والفلسطينيين ، العدو الصهيوني كان سابقا , يقتل ويرعب الفلسطينيين , والآن هناك توازن للرعب.

النتيجة الثالثة: إن الانتفاضة الفلسطينية المباركة استطاعت أن توحد صفوف الفلسطينيين , فمعظم الفصائل الفلسطينية توحدت بفضل الانتفاضة المباركة .

النتيجة الرابعة: استطاعت الانتفاضة المباركة أن تغرق الكيان الصهيوني في بحر الغضب الشعبي العربي والإسلامي ،و لهذا الآن أمريكا والكيان الصهيوني يدركان ، بأن هذا الكيان غير قادر على أن يحمي نفسه ويحتاج إلى حماية خارجية , وهذه احد أهداف الحرب على العراق .

المسألة العراقية: ينبغي أن تنتبهوا إلى خطورة الوجود الأمريكي في المنطقة ، والضربة المترقية على العراق أو احتلال العراق .

وزير الخارجية الأمريكي عبر وبوضوح على أن احتلال العراق ما هو إلا مدخل إلى تغيير خارطة الشرق الأوسط إلى مصلحة أمريكا،

ولما سؤل وزير الخارجية السعودي هل هي قلقة من هذا التصريح قال ليس فقط المملكة العربية السعودية قلقة فحسب , بل جميع دول المنطقة يجب أن تكون قلقة من هذا التصريح.

أذكر بخطورة هذه المسالة ، وكما ذكرنا بان الشعب الفلسطيني يمثل خط الدفاع الأول للأمة ، أصبح ألان الشعب العراقي يمثل نفس الأهمية .

إذا نجحت أمريكا في السيطرة على العراق , وعلى شعب العراق وإذا خذلت الشعوب العربية والإسلامية العراق , فأن الدور سيأتي عليها , وهذه المسألة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار .

(خطبة العيد الثانية ’’السياسية‘‘)

على ضوء الحديث السابق والظروف التي تمر بها الأمتين العربية والإسلامية نذكر بثلاث نقاط مهمة.

النقطة الأولى: وهي الحاجة إلى الإصلاحات الداخلية للعالمين العربي والإسلامي , وفي حديث الجمعة السابق ذكرت أن المملكة العربية السعودية تقدمت بورقة لتناقش بالقمة العربية التي سوف تقام في البحرين ,وأن هذه الورقة تدور حول إصلاحات الأنظمة العربية , فهذه الأنظمة تشعر بأنها لا تستطيع أن تستمر وتحافظ على وجودها , إلا إذا أحدثت إصلاحات , ونحن كشعوب ندرك بأن جميع المآسي التي تصب علينا سببها الأساسي هو عدم وجود هذه الإصلاحات , هذا التخلف السياسي والاقتصادي ولاجتماعي والثقافي سببها استبداد الحكومات بالقرار, وبالتالي يجب أن نستفيد من الظروف الراهنة , لتأكيد على ضرورة الإصلاحات والإسراع بها . وهنا ينبغي التحذير, فأنا أحذر, ثم أحذر, ثم أحذر بأن يخرج بعض الحمقى

ويقولوا أن الأمة تمر بظروف استثنائية , وأن علينا أن نسكت عن مطالبتنا بمطالبنا المشروعة .

أن شعار لاصوت يعلو فوق صوت المعركة ,هو سبب تخلفنا , وأن هذه المآسي تنبأنا بضرورة الإصلاحات , وأن الأزمة الحالية لا ينبغي أن تصرف أذهاننا وتفكيرنا عن المطالبة بالحقوق والمطالبة بالإصلاحات .

أما فيما يتعلق بالجانب الأخلاقي , والابتزاز وما صرح به فضيلة الشيخ علي سلمان من أن المعارضة يجب أن لا تمارس عملية الابتزاز, وأن الابتزاز عملية غير أخلاقية ,هذا شيء صحيح . ولكن المطالبة بالحقوق لا علاقة له بالابتزاز في أي ملف من الملفات الساخنة الحالية ، المطالبة بما يتعلق بالإصلاح الدستوري وما يتعلق بالبطالة أو التجنيس … كل هذه المسائل ليس لها علاقة بالابتزاز لماذا ؟

لأننا نطالب بحقوق مشروعة وأن هذه الحقوق ضرورية لإصلاح الوضع وأن غيابها سبب مآسينا كلها .

الابتزاز: هو أن نطالب بمطالب غير مشروعة أو نعمل في سبيل استمرار أزمة معينة لتحقيق مكاسب غير مشروعة. فمثلا: بدل ما تتحرك المعارضة في سبيل حل مشكلة البطالة , تطيل من عمر البطالة في سبيل تحقيق مكاسب. أما انك تطالب في حل أزمة , فهذا لا علاقة له أبدا بالابتزاز, فالمطالبة بالحقوق لا علاقة له أبدا بالابتزاز … وينبغي أن نستمر بالمطالبة بحقوقنا, وأن الأزمة الحالية يجب أن لا تصرف أذهاننا وعقولنا في مطالبتنا بالحقوق المشروعة .

النقطة الثانية: العمل المشترك وفية عدة نقاط:

النقطة الاولى:أن الظروف الراهنة تنبهنا إلى ضرورة التركيز على أهمية العمل الوطني المشترك بين كافة التيارات والقوى , ونحن إذا فرطنا في وحدة العمل المشترك ووحدة الصف الإسلامي و الوطني , نكون قد خالفنا التحذير الإلهي قال تعال: ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ). إلا إننا في نفس الوقت الذي نركز فيه على أهمية العمل الوطني المشترك , يتطلب منا الدعوة إلى توحيد الصفوف بين المعارضة والحكومة , ويجب أن يكون على أسس دستورية صحيحة و وعلى أساس إعطاء الحقوق كاملة والعدل وعدم التمييز بين أبناء الشعب الواحد.

النقطة الثانية: أن الدعوة إلى العمل الوطني المشترك لا يعني السكوت عن المسألة الدستورية , والقبول بهذا البرلمان الحالي الموقف من المسألة الدستورية والبرلمانية ذكرناه وبوضوح

( لن نعترف بهذا البرلمان )

النقطة الثالثة: إن في الوقت الذي نأكد على ضرورة الوحدة الوطنية والإسلامية , فينبغي أن تفكر الشعوب والرموز الوطنية والمعارضة على الصعيد الإقليمي والإسلامي والقومي . يجب أن تلتقي هذه الرموز في هذه المرحلة .

نحن على الصعيد الوطني نقول وبكل وضوح انه لا يجوز أن تنفرد الحكومات بتحديد مصائر الشعوب وأن كل شعب يجب أن يشارك الحكومة في اتخاذ القرار .

وعلى الصعيد الإقليمي ، فمثلا الصعيد الخليجي أيضا لا يجوز إلى الحكومات أن تنفرد بالقرار وتحديد مصير المنطقة . الشعوب يجب أن تشارك في تحديد المصير الإقليمي للمنطقة ، وكذلك على الصعيد القومي والإسلامي . فيجب على رموز المعارضة الشعبية والوطنية على الصعيد المحلي و الإسلامي والقومي ، أن تلتقي وتتحاور, وتأكد وتصر على أن تشارك في صناعة المصير الإقليمي والقومي والإسلامي .

أكتفي بهذا المقدار وأستغفر الله لي ولكم

بتاريخ 10/ ذو الحجة /1423هـ – الموافق 12 / 2 / 2003 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.