فهرس خطب الجمعة عام 2001

خطبة الجمعة بتاريخ 09-11-2001

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 09 نوفمبر 2001 م

الخطبة الدينية : دراسة في أثر المعصية على الواقع السياسي
الخطبة السياسية : مشكلة البطالة – جمعية الوفاق

( أعود وأكرر جمعية الوفاق هويتها إسلامية شيعية ولكن دورها وطنيا ، ولن تفرق بين المواطنين في الحقوق والواجبات .. هذه رسالتها )
( أنا أثق بسمو الأمير ، وأعتقد بأن هذه هي توجهات الأمير ، وأتفهم كثيرا حسابات الأمير والعقبات والتحديات التي تقف في وجهه ، ولكنني أقول : بأننا في حاجة إلى شجاعة الأمير لتجاوز هذه الحسابات وهذه التحديات والصعوبات كحاجتنا إلى شجاعته في بدء الإصلاحات وتجاوز الأزمة ، ولولا شجاعة الأمير لما حلت الأزمة السابقة ولما دخلنا هذه المرحلة الجديدة من تاريخ البلاد ، وبدون شجاعة الأمير لن نتغلب على هذه الصعوبات والحسابات )

( إن الذين يقفون وراء المشاريع غير الإسلامية .. وراء المشاريع العلمانية يسارية أو ليبرالية بما هم منقطعين عن الله – عز وجل – فلن يكونوا مؤهلين لفعل الخير والإخلاص للناس في الحياة )
( إن أي حاكم وأي فرد أو عائلة أو قبيلة أو منظمة أو طائفة تحاول أن تخل بالخدمات الأساسية لكافة المواطنين ، وتحتفظ بالامتيازات على حساب الأفراد والطوائف والمنظمات الأخرى فلن تكونوا أصدقاء لأبناء الشعب ولن يكونوا مصلحين أيضا )

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي و من سوء عملي و من شر الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن اتبعه بإحسان إلى قيام يوم الدين ، السلام عليك يا رسول الله ، السلام على أمير المؤمنين ، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين ، السلام على خديجة الكبرى ، السلام على الحسن والحسين ، السلام على جميع الأوصياء ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين والصراط المستقيم ، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء ، السلام على العلماء والشهداء ، السلام على شهداء الانتفاضة ، السلام عليكم أيها الأحبة ، أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته .

قال تعالى : ( وقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنك من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى * ) صدق الله العلي العظيم .

تعامل معه كعدو

( وقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك ) إن هذا : يعني إبليس ، عدو لك ولزوجك ، والدليل على عداوته أنه عصى أمر ربه ورفض السجود لك ، فلا يخرجنكما من الجنة : لأنه عدو لكما فإنه لا يرضيه الصفاء والهناء والأمن والأمان الذي تنعمون به في الجنة ، ولهذا سوف يحاول ويبذل كل ما في وسعه وسوف يكيد ويمكر في سبيل إخراجكما من الجنة ، فعليكم أن تتعاملوا معه تعامل العدو مع عدوه ، ولا تتعاملوا معه ببساطة وبطيبة قلب وبصفاء نية لأن طيبة القلب وصفاء النية ليس هذا محلهما . طيبة القلب وصفاء النية يجب أن يكونا مدخلا لعمل الخير والصلاح ولا يكونا مدخلا للخروج من النعيم إلى الشقاء . هنا يجب التعامل بوعي وبيقظة وبحذر وليس ببساطة وطيبة وصفاء ، وقد رأيتم بأم أعينكم عداوته لكم ، فهو إذا جاءكم في سبيل أن يخرجكم من الجنة فلن يأتيكم بحال وبمنطق وبلسان العدو وإنما سوف يأتيكم بحال وبمنطق وبلسان الصديق ، ولكن .. عليكم أن تحذروا فقد عرفتم بوجدانكم عداوته ، فإذا جاءكم بشبهات لا تعرفون وجه الخطأ فيها ، أو جاءكم بأطروحات عملية تنقصكم الخبرة العملية في معرفة خطئها يجب أن تتوقعوا بأن هذا عدو وعليكم أن تتعاملوا معه كعدو ولا تنخدعوا به ، فالآية في مقام التحذير وبيان أن الإنسان قد ينقصه المنطق والبرهان ، وتنقصه الخبرة والتجربة في إدراك منطق الأعداء ، ولكن ينبغي أن يكون حذرا منهم حتى لو نقصه المنطق والبرهان ونقصته الخبرة والتجربة في إدراك منطق الأعداء بعد أن يشخصهم كأعداء .

احذروا كل مشروع غير إسلامي

( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) طبعا الجنة هنا ليست جنة الخلود لأن جنة الخلود لا يدخلها الشيطان ، ومن يدخل جنة الخلود فلا يخرج منها ، فهذه الجنة ليست جنة الخلود وإنما شيئا آخرا اعتبره الله مسكنا مؤقتا لآدم يمر من خلاله بتجربة تفيده في حياته المستقبلية ، ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) الشقاء هنا ليس هو الشقاء الأخروي ، وإنما هو الشقاء في عالم الدنيا بما فيها من الألم والتعب والنصب والمشقة . الآية هنا تدلنا على سببين للشقاء والتعب في هذه الحياة :
السبب الأول : معصية الله ، ومخالفة المشروع الإلهي الذي يخطط للإنسان في هذه الحياة ، فالآية تقول لآدم (ع) : أنت بين خيارين .. إما أن تطيعني فتحصل على السعادة والهناء في هذه الحياة ، وإما أن تعصيني وتطيع شهوات النفس والشيطان فتخرج من الجنة ويكون نصيبك الشقاء والتعب في هذه الحياة . وفي هذه الآية تحذير من اتباع الأطروحات والمشاريع غير الإسلامية . كل أطروحة أو مشروع يأتي كبديل للمشروع أو الأطروحة الإسلامية فسوف يكون مصدرا للشقاء ، كل أطروحة أو مشروع علماني سواء كان يساريا أو ليبراليا فهو مصدر للشقاء ، لأن سعادة الإنسان في هذه الحياة لن تتحقق إلا وفق المشروع والأطروحة الإسلامية ، وأن الذين يقفون وراء المشاريع غير الإسلامية .. وراء المشاريع العلمانية يسارية أو ليبرالية بما هم منقطعين عن الله – عز وجل – فلن يكونوا مؤهلين لفعل الخير والإخلاص للناس في الحياة ، فما الذي يحمل الإنسان على فعل الخير غير الارتباط بالله – عز وجل – لأن مصدر الخير والقيم هو الله – عز وجل – ومن ينقطع عنه فقد انقطع عن مصدر النور والخير والصلاح ، أضف إلى ذلك أن المشروعات غير الإسلامية سوف تكون ناقصة وسوف تكون مخالفة إلى مقتضى الخير والصلاح في الحياة .. ليس في وسع هؤلاء المنقطعين عن الله بوصفهم بشرا أن يأتوا بأطروحة كاملة ، وبوصفهم منقطعين عن الله أن يأتوا بأطروحة أو بمشروع مستقيم ، وفي هذه الآية تحذير من كل مشروع أو أطروحة غير إسلامية .

الخدمات الأساسية ضرورة للأمن

السبب الثاني : نقص الخدمات الأساسية في الحياة ( فإن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى * ) حينما يخرج آدم من الجنة ، ففي الجنة تتوفر له هذه الخدمات الأساسية وهي مصدر للأمن والاستقرار والهناء ، وحينما يخرج من الجنة فلا يوجد الضمان لتحصيل هذه الخدمات أو الاحتياجات الأساسية التي يحتاج لها في حياته ، وذكر القرآن الكريم لهذه الاحتياجات ( الأكل والشرب واللباس والسكن ) هو ذكر للاحتياجات المهمة الأساسية ، وأن الاحتياجات الأخرى التي يحتاجها الإنسان إما أن تكون مقدمة لهذه الاحتياجات أو نتيجة لها ، فحينما تكلم عن توفير المأكل والمشرب والملبس والمسكن فهو يقول : بأن الإنسان يحتاج إلى هذه الخدمات الأساسية الراقية ويسعى لتطويرها ، ولكنه لن يستطيع أن يوفر هذه الخدمات الأساسية ويطورها إذا لم يكن هناك تعليم ، فالاهتمام بالتعليم والتدريب والتوظيف مقدمة أساسية لتوفير هذه المطالب والاحتياجات ، والعدالة الاجتماعية مقدمة أيضا لهذه الاحتياجات ، فإذا كان هناك ظلم وتمييز بين المواطنين لن يكون هناك توفير كاف لهذه الاحتياجات ، فالتعليم والتدريب والتوظيف والعدالة الاجتماعية وعدم التمييز كلها مقدمات لتوفير هذه الاحتياجات الأساسية ، وبغير هذه المقدمات لن تتوفر هذه الاحتياجات الأساسية على أكمل وجه ، أما الصحة والأمن والاستقرار فهي نتائج ، فإذا حصل الإنسان على الرعاية الكافية في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه فقد وفرت له شروط الصحة والسلامة ، وإذا كان هناك نقص وإهمال في هذه الخدمات يحدث التدهور في صحة الإنسان ، وإذا لم يكن هناك أمن واستقرار في البلد فإن الأمن والاستقرار مرتبط بهذه الاحتياجات ، وإذا كان هناك نقص في هذه الاحتياجات فلن يكون أمن واستقرار في البلد ، والقرآن الكريم ركز على الاحتياجات الأساسية التي تعتبر الاحتياجات الأخرى إما مقدمة لها كالتعليم والعدالة أو نتيجة لها كالصحة والأمن والاستقرار .

قاوم كل عوامل الحرمان

ويمكن أن نستنتج ثلاث نتائج أساسية من الآية :
النتيجة الأولى : بما أن توفر هذه الخدمات الأساسية للإنسان في الجنة – حسب أطروحة الآية – هي سبب كاف لآدم لكي يحرص على بقائه في الجنة ويقاوم كل عوامل الحرمان منها بما في ذلك وسوسة إبليس ، فبالتالي فهذه الآية تعطي المواطنين حق المطالبة بالحقوق وتوفير الخدمات ، ومن حق كل مواطن أن يطالب القيادة السياسية بتوفير هذه الخدمات الأساسية بمقدماتها ويقاوم كل عوامل الحرمان منها أيا كانت هذه العوامل .

ليسوا أصدقاء

النتيجة الثانية : أن الحاكم العادل الصالح المصلح هو الذي يتوجه بكل صدق وإخلاص لتوفير هذه الخدمات بمقدماتها من تعليم وتدريب وتوظيف وعدم تمييز .
النتيجة الثالثة : أن أي حاكم وأي فرد أو عائلة أو قبيلة أو منظمة أو طائفة تحاول أن تخل بهذه الخدمات لكافة المواطنين ، وتحتفظ بالامتيازات على حساب الأفراد والطوائف والمنظمات الأخرى فلن تكونوا أصدقاء لأبناء الشعب ولن يكونوا مصلحين أيضا ، لأن عداوة إبليس هي التي حملته على محاولة إخراج آدم وحواء من هذا النعيم وجعلهما يعيشان الشقاء خارج الجنة ، فالحاكم الصديق المخلص لأبناء الشعب ، والعائلة أو القبيلة أو الطائفة أو المنظمة المخلصة لأبناء الشعب هي التي تحرص أن تكون هذه الخدمات لكافة أبناء الشعب ولا تسعى أن تكون هناك امتيازات خاصة بها على حساب الطوائف أو المنظمات أو الأفراد أو العوائل أو القبائل الأخرى ، وكل ممارسة من هذا النوع هي محسوبة على العداوة والإفساد وليست على الصداقة والإصلاح .

البطالة ومصير الإصلاحات

بعد هذه الوقفة القصيرة مع الآية الشريفة المباركة ، انتقل إلى بعض القضايا على ساحتنا الوطنية .
القضية الأولى : ( قضية البطالة ) وقد وعدت قبل أسبوعين بالحديث عن هذه القضية لكن الظروف لم تسمح لي بذلك ، وفي قضية البطالة مجموعة نقاط :
النقطة الأولى : أن البطالة ترتبط برباط وثيق وحقيقي وواقعي مع مصير الإصلاحات . أنا لا أعني بذلك : إذا كانت هناك بطالة فمعناه أنه لا توجد إصلاحات .. ليس هذا هو المراد والمقصود . البطالة موجودة الآن ومع ذلك توجد حركة إصلاحية جادة وصادقة بقيادة سمو الأمير – حفظه الله تعالى – وهناك خطوات حقيقة في هذا الطريق ، ومنها ما كررته سابقا من إلغاء قانون ومحكمة أمن الدولة ، والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والسماح للمبعدين إلى وطنهم ، وحينما نقول الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين والسماح للمبعدين بالعودة إلى وطنهم فذلك مع السماح لهم أيضا بممارسة أنشطتهم السياسية في الساحة ، والتعبير الواضح عن آرائهم ومواقفهم ، فهؤلاء الذين خرجوا من السجن والذين عادوا إلى وطنهم أصبحوا يمارسون العمل السياسي المعلن ويعبرون بكل وضوح عن آرائهم ومواقفهم السياسية ، وبالتالي فهذه الخطوة خطوة جريئة وصادقة وذات مضمون وليست خطوة شكلية ، أضف إلى ذلك ارتفاع سقف حرية التعبير في المحاضرات والندوات ، وتشكيل المجلس الأعلى للقضاء ، والوعد الأميري بتشكيل المحكمة الدستورية ، ولكن هذه الخطوات القيمة والجوهرية في الإصلاحات لا يدرك قيمتها الإنسان العادي ، الذي يدرك قيمة هذه الإصلاحات السياسية هم السياسيون والمفكرون . الإنسان العادي يدرك قيمة هذه الإصلاحات من خلال ما يصله من منافع في حياته اليومية ، فإذا الإنسان العادي لمس تغيرا في حياته اليومية ووصل إلى المنافع الجديدة في ظل الإصلاحات ، فمن خلال هذه المنافع الجديدة يدرك قيمة الإصلاحات سواء ما يتعلق منها بأمنه أو عدم التمييز أو التعليم أو الصحة أو المأكل أو المشرب أو المسكن .. فإذا أحس المواطن بأن هناك تغيرات في هذه الجوانب يقول بأن هناك إصلاحات ، وحتى الآن التغيير في هذه الجوانب التي تمس المواطن العادي بصورة مباشرة بطيء وبطيء جدا بما في ذلك مشكلة البطالة ، ولهذا نجد وللأسف بأن الأشخاص العاطلين يقولون : بأنه لا توجد إصلاحات .. هناك فقط كلام وأمور شكليه ، ومشكلة البطالة مشكلة أساسية . يقول أبو ذر : عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه ، ونحن ندرك وكذلك الحكومة أن الأزمة السابقة بدأت من وزارة العمل ، ولا زالت معالجة وزارة العمل لمشكلة البطالة مصدر قلق .

لا تسمحوا بالتراخي والتراجع

النقطة الثانية : ( وهي مثيرة للتساؤل ) وتتعلق بالتجمعات والمسيرات ، أقول : من حق كل مواطن أن يعبر عن رأيه وأن يطالب بحقوقه بكل الوسائل المشروعة سواء كان بالكتابة أو بالخطابة أو بالمسيرات والتجمعات أو بأي أسلوب آخر مشروع فهو حق ، وإذا سكت المواطنون عن حقوقهم ولم يطالبوا بها فذلك من شأنه أن يجعل الحكومة والمسئولين فيها يتراخون في تحمل المسئولية ، لكن حين تشعر الحكومة بأن هناك ضغط ومطالبة وإلحاح فهو شيء يحمل المسئولين على تشخيص المشكلة أولا ، والسعي الجاد الحثيث لحلها بحيث لا يسمح لهم بالتراجع ، وفي سبيل أن نحمل المسئولين على العمل الجاد والسريع والدؤوب ولا نسمح لهم بالتراخي ، في سبيل أن ندفعهم لإيجاد الحلول الصادقة والجادة يجب أن نطالب ولكن ليس بإفراط ولا بالأساليب التي من شأنها أن تهدد أمن واستقرار البلد ، وحينما أقول أمن واستقرار البلد فهو مسئولية الحكومة والناس ، لأن الحكومة يجب أن تتفهم هذا الحق للناس في المطالبة والتجمع وتسمح لهم بذلك وتتعامل معهم بأسلوب حضاري ، كما ينبغي للناس ألا يكون في أساليبهم المطلبية أي سلوك يؤثر على الأمن والاستقرار في البلد.

هل نعيش مشكلة بطالة ؟!!!

النقطة الثالثة : تتعلق بحقيقة مشكلة البطالة ، فالبعض يتساءل : هل أن البحرين بالفعل تعيش أزمة بطالة حقيقية أم أن هذه المشكلة مفتعلة ؟!!! ، وكما قال البعض : أنها تحتاج إلى قرار سياسي لحلها ، وأنا أثير تساؤلا واحدا : وزارة العمل تتكلم عن عشرة آلاف عاطل عن العمل ، وفي نفس الوقت تعطينا أرقام ضخمة ومهولة عن الأيدي العاملة الوافدة ، فالرقم الذي كنا نذكره سابقا هو 180 ألف من الأيدي العاملة الوافدة الأجنبية ، والآن الأرقام الجديدة 280 ألف من الأيدي العاملة الأجنبية ، وفي رقم آخر صادر عن بعض المسئولين في لجنة تفعيل الميثاق أن العدد وصل 290 ألف من الأيدي العاملة الأجنبية ، فأين عشرة آلاف عاطل من 280 ألف عامل أجبني ؟!! وبعد ذلك يقال لنا : بأن المشكلة مشكلة حقيقية !!! ألا يدل هذا على أن هناك خطأ جوهري وحقيقي في القرار السياسي ، وخطأ مماثل في القرار الإداري ، وأن هناك خطأ في التدريب والإحلال ، ومن يتحمل مسئولية ذلك ؟!! هذه المشكلة مسئولية من ؟!!! 280 ألف من الأيدي العاملة الأجنبية وعشرة آلاف عاطل عن العمل !!! ماذا تفرق عشرة الآف عن 280 ألف .. المسئولية تتحملها الحكومة بكل معنى الكلمة ، والحكومة مطالبة بإيجاد حل سريع لهذه المشكلة وهي قادرة على ذلك إذا وجدت الإرادة السياسية .

وصلتني رسالة

النقطة الرابعة : أذكر بأنه وصلتني رسالة من الأشخاص المفصولين من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع ولم يعودوا إلى الآن إلى وظائفهم رغم رجوع كل المفصولين في الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى ، ويتساءلون لماذا ؟!! ويطلبون منا مساعدتهم وإيصال صوتهم إلى المسئولين والقيادة السياسية ، ونحن بدورنا بالفعل أوصلنا صوتهم ومعاناتهم ومأساتهم إلى القيادة السياسية ، هم يذكرون : بأن شهر رمضان قريب ، وأنهم يعيشون وضعا مأساويا لأنهم محرمون من العمل ولأن عندهم عوائل ، وهم يسألوننا ماذا نفعل ؟!! ويسألون القيادة السياسية ماذا يفعلون ؟!! ويسألون الحكومة ماذا نفعل مع عوائلنا بعد هذا التعطل عن العمل ولنا عوائل كبيرة ، كما أن كل الموظفين عادوا إلى وظائفهم .. وهم يناشدون بصورة خاصة سمو الأمير ويطلبون منه التدخل شخصيا لحل مشكلتهم ورفع معاناتهم ، وسمو الأمير حريص على أن يرفع المعاناة عن كل مواطن .

حالة شاذة

أنا أعتقد أن عدم عودة هؤلاء المفصولين من وزارة الداخلية ووزارة الدفاع حالة شاذة ، وتحتاج إلى قرار سياسي وإلى إرادة سياسية ، والأمر ليس فقط بعودة هؤلاء المفصولين وإنما فتح الأبواب المغلقة أمام بعض المواطنين للتوظيف في هذه المؤسسات العسكرية وبعض المؤسسات الأخرى ذات السيادة . إن غلق هذه الأبواب ليس من شأنه تعزيز هذه الثقة المطلوبة في الوقت الحاضر بين الحكومة والشعب ، وعلى الحكومة أن تفكر بجد في هذه المسألة في سبيل تعزيز الثقة والمحافظة على الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني ، والتجربة أثبتت بأن كل المواطنين هم أمناء وموالين لهذا الوطن وللقيادة السياسية ، وأن الاستقبال الذي حظي به سمو الأمير والتلاحم الذي حصل عليه في سترة لا يقل عن الاستقبال الذي حصل عليه في المحرق ، أن ما وجده سمو الأمير من حفاوة في سترة مثلا أخرجته حتى من السيطرة على مشاعره ، وقد عبر هو عن ذلك ، ألا يدل ذلك على صدق الولاء وعلى التلاحم ؟!! ، ألا يكفي هذا للقيادة السياسية لكي تخرج من حسابات الماضي ، وأن تفكر بموضوعية في مستقبل البلد وأمنها واستقرارها وازدهارها .

تنبهوا للخطر

لا أرى أي عاقل يستطيع أن يتفهم أو يرى صوابية أن يسند أمن البلد إلى الأجنبي سواء كان أمنا داخليا أو خارجيا ، ودستور دولة البحرين ينص على ألا يوظف الأجانب في الدفاع والداخلية إلا في الضرورة القصوى ، وأن الواقع حالي يخالف ذلك تماما وهو واقع غير دستوري ومخالف مخالفة صريحة لنص الدستور ، وعلى الساحة العالمية لدينا مشكلة تسلط الأضواء وتنبهنا إلى خطورة ذلك ، فالمشكلة الأفغانية – وقد بينا رأينا فيها سابقا – نجد فيها الشعب الباكستاني متعاطف مع الشعب الأفغاني – وهو أمر مشرف وأنا لا أتكلم حول هذا الموضوع – ولكن وجود أعداد كبيرة من الباكستانيين في الدفاع والداخلية ألا يمثل خطرا على الأمن الداخلي والخارجي للبحرين في ظل تفاعلات الأزمة ، ألا يدعونا إلى الوقفة الجادة مع هذا الوضع وإلى الجدية في بحرنة القطاع العسكري ، وأن نحمل المواطنين مسئولية المحافظة على الأمن والاستقرار في البلد سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي بدون تمييز لأنهم جميعهم موالين لهذا الوطن وللقيادة وقد أثبتت التجربة ذلك ، وأن هذا كفيل بأن يخرجنا عن حسابات الماضي ويدخلنا في مقتضيات واستحقاقات المرحلة الجديدة .

أثق بالأمير وأتفهم حساباته

أنا أثق بسمو الأمير ، وأعتقد بأن هذه هي توجهات الأمير ، وأتفهم كثيرا حسابات الأمير والعقبات والتحديات التي تقف في وجهه ، ولكنني أقول : بأننا في حاجة إلى شجاعة الأمير لتجاوز هذه الحسابات وهذه التحديات والصعوبات كحاجتنا إلى شجاعته في بدء الإصلاحات وتجاوز الأزمة ، ولولا شجاعة الأمير لما حلت الأزمة السابقة ولما دخلنا هذه المرحلة الجديدة من تاريخ البلاد ، وبدون شجاعة الأمير لن نتغلب على هذه الصعوبات والحسابات .

منكم وإليكم .. هذه رسالتها

القضية الثانية : تتعلق بإشهار جمعية الوفاق الوطني الإسلامية . في أول أمس الأربعاء تم الإشهار الرسمي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية في الجريدة الرسمية ، وتعد جمعية الوفاق بحق أعظم جمعية سياسية ، وأكثر الجمعيات شعبية ، وأن الجميع يتوقع من هذه الجمعية دورا عظيما ومحوريا في تنسيق العمل الوطني وتطويره . الجمعية منكم وإليكم وهي أمانة في أيديكم من جميع الوجوه ، ويجب المحافظة عليها توجها وممارسة ، فهي منكم لأنها مؤلفة منكم ، وإليكم لأنها سوف تخدم مصالحكم وتدافع عن قضاياكم .. مصالح وقضايا كل المواطنين بغير استثناء ، وأنا بمناسبة إشهار جمعية الوفاق الوطني الإسلامية أهنأ كل الشعب البحريني لأن دورها سوف يكون في خدمة كافة المواطنين . صحيح أن هوية الجمعية هوية إسلامية شيعية ، أي أنها تعمل من منظور إسلامي وفق مدرسة أهل البيت (ع) ولكن دورها دورا وطنيا ، الجمعية من حيث الهوية كأي مدرسة فكرية وسياسية ، ولدينا أكثر من مدرسة ، لدينا المدارس العلمانية الاشتراكية والرأسمالية ، ولدينا مدرسة إسلامية تعمل وفق مدرسة الخلفاء ، ولدينا مدرسة إسلامية تعمل وفق مدرسة أهل البيت (ع) .. كل هذه المدارس تعمل على تنمية الوطن وخدمة العمل الوطني وفق منظورها ، المدرسية الفكرية السياسية الاشتراكية تعمل على تنمية العمل الوطني من خلال رؤيتها الاشتراكية ، والمدرسة العلمانية الرأسمالية تعمل على تنمية العمل الوطني وفق رؤيتها الرأسمالية ، المدرسة الإسلامية التي تعمل وفق مدرسة الخلفاء تعمل على تنمية العمل الوطني وفق رؤيتها الإسلامية الخاصة ، وكذلك المدرسة الشيعية . فكوني أنتمي إلى أي مدرسة من هذه المدارس لا يعني بأي حال من الأحوال وجود ( الطائفية السياسية ) ، لماذا ؟ لأنها لا تعمل لمصلحة فئة معينة ولا تتعامل مع المواطنين على أساس انتمائهم السياسي ، وإنما تتعامل مع المواطن بما هو مواطن ، وتدعو على مساواة المواطن وتكافؤ الفرص ، وأعود وأكرر جمعية الوفاق هويتها إسلامية شيعية ولكن دورها وطنيا ، ولن تفرق بين المواطنين في الحقوق والواجبات .. هذه رسالتها .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بتاريخ 16 شعبان 1422هـ الموافق 2001/11/2 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.