فهرس خطب الجمعة عام 2001

خطبة الجمعة بتاريخ 02-11-2001

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 02 نوفمبر 2001 م

الخطبة الدينية : ( نموذج فرعون ) حلقة من صراع الحق مع الباطل
الخطبة السياسية : المهدي الموعود ومستقبل العالم

( الله سبحانه وتعالى قادر على أن يغرق كل الأساطيل الأمريكية كما أغرق فرعون ، وقادر على إهلاك تل أبيب وواشنطن كما أهلك عادا وثمود ، وقادر على أن يرسل على الجنود الأمريكيين وحلفائهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل كما فعل بأصحاب الفيل فيجعلهم كعصف مأكول)
( إن اتصال المعارضة بالحاكم أو تقربها له يجب أن يكون وسيلة وليس غاية ، وأن يخدم المصلحة العامة للشعب والدولة ويجب ألا يكون امتيازا أو وسيلة ضغط . كما يجب على قوى المعارضة أن تحافظ على الوحدة الوطنية وأن ترى قوتها في قوة القوى الأخرى ، ولا تحاول أن يكون لها موقع على حساب قوى المعارضة الأخرى مما يفتت الوحدة الوطنية )

( لا أريد أن أستثني المذاهب الإسلامية الأخرى لأن كل المذاهب الإسلامية تؤمن بالإمام المهدي (ع) ، وأنه من الناحية العملية وفي نهاية المطاف فإن كل القوى الإسلامية والمذاهب الإسلامية سوف تلتف حول الإمام المهدي (عج) وتناصره لأنها تؤمن به )
( أتوقع جازما بأن النظام العالمي سوف ينهار لأنه يحمل عوامل انهياره داخليا من خلال ظلمه ، ، ومن جانب آخر فإن الأنظمة التي تسانده وترتبط به سوف تسقط هي الأخرى لأنها لا تمتلك مشاريع سياسية وتسخر كل قوتها لضرب الشعوب )

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي و من سوء عملي و من شر الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، اللهم صل على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ، السلام عليك يا رسول الله ، السلام على أمير المؤمنين ، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي وسيدة نساء العالمين ، السلام على خديجة الكبرى ، السلام على الحسن والحسين ، السلام على جميع الأوصياء ، مصابيح الدجى ، وأعلام الهدى ، ومنار التقى ، والعروة الوثقى ، والحبل المتين والصراط المستقيم ، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء ، السلام على العلماء والشهداء ، السلام على شهداء الانتفاضة ، السلام عليكم أيها الأحبة ، أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته .

قال تعالى : ( إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا ، يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ، ونمكن لهم في الأرض ، ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون * ) صدق الله العلي العظيم

في البداية رحم الله من قرأ سورة الفاتحة إلى أرواح شهداء فلسطين وأفغانستان وشهداء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها .

لا توجد قوة إلا قوة الله

هاتين الآيتين الشريفتين المباركتين نزلتا في مكة وكان المسلمون قلة ومستضعفون ، وكان المشركون يمتلكون القوة والسلطان ويستضعفون المؤمنين أيما استضعاف ، وهذه الآية تريد أن تنبهنا بأنه لا يوجد في هذا الوجود إلا قوة واحدة تستطيع أن تقرر مصير الناس ، وهي قوة الله – جل جلاله – ، وأن الذين تكون معهم هذه القوة فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، ومن تكون هذه القوة ضده فلا ينفعه شيء ولو اجتمعت كل قوى العالم لنصرته . الآيات الشريفة المباركة تتناول الصراع بين طرفين ، وتبين ظروف هذا الصراع والعوامل المؤثرة فيه التي تحدد النصر في النهاية لأحد الطرفين ، الطرف الأول يمثله فرعون وهامان وجنودهما ، وهذا الطرف يمتلك القوة والسلطة وأنه حذر كل الحذر من الطرف الثاني وأنه يخاف من الطرف الثاني أن يستولي على السلطة ، ولهذا يعمل كل ما في وسعه للحيلولة دون وصول الطرف الثاني للسلطة ، والطرف الآخر يمثله موسى (ع) القائد المنتظر المستضعف وقومه وهم بنو إسرائيل الذين يتحكم فرعون في رقابهم ومصائرهم ، ويحاول أن يذلهم ويسلبهم كل أسباب القوة والتأثير في الحياة ، وسوف نتناول بالتفصيل تفاصيل الصراع في أثناء الحديث .

لم يكن حاكما سويا

( إن فرعون علا في الأرض ) علا في الأرض كناية عن التجبر والاستكبار ، فقد ملك فرعون السلطة في مصر وتسلط على أهلها ، والآية تقول : بأن فرعون لم يكن حاكما سويا ، وإنما كان مريضا ومنحرفا عن الفطرة الإنسانية السليمة ، فقد أعمته السلطة والقوة والمال مما حمله على التجبر والاستكبار وتجاوز الحدود بالظلم والعدوان على شعبه ، وارتكب عدة جرائم في سبيل تعزيز ملكه ، أول هذه الجرائم ( وجعل أهلها شيعا ) ، ولعلماء التفسير عدة أقوال في تفسير هذه الفقرة من الآية الشريفة . شيعا بمعنى فرقا .. هذا في البداية .

لا معارضة

القول الأول : (وجعل أهلها شيعا) أي جعلهم فرقا يشايعونه ويطيعونه في كل شيء ، وفي كل ما يؤمرهم به ويطرحه عليهم حقا كان أو باطلا خيرا كان أو شرا حيث لا توجد معارضة أبدا لأن هناك إلغاء لها ، والآية في هذا القول تبرز لنا مشكلة وهي أن هناك حاكم متجبر متسلط ، يقتل .. يعتقل .. يحرم ، وهناك شعب خاضع ذليل لا يعترض ، والقرآن الكريم يستنكر هذا الوضع من الحاكم والمحكوم .. يستنكر على الحاكم أن يمارس التجبر والعدوان ويستنكر على المحكوم الخضوع وعدم الاعتراض .

طرق مختلفة للإذلال

القول الثاني : ( وجعل أهلها شيعا ) أي فرقا يشايع بعضهم بعضا على طاعته ، بمعنى أن يوجد عملاء وجواسيس لتسويق الحاكم وتسويق مشاريعه ، وهؤلاء يعملون في سبيل مصالحهم الخاصة على حساب المصالح العامة ، فهو يشتريهم ليسوقوا له ولمشروعه على حساب المصلحة العامة
القول الثالث : ( وجعل أهلها شيعا ) أي طوائف مختلفة يعملون لخدمته ، فهناك طائفة تعمل في البناء ، وهناك طائفة تعمل في الزراعة ، وهناك طائفة تعمل في الرعي ، وكل هؤلاء يعملون لمصلحة الحاكم ، والقرآن الكريم يستنكر أن يجعل الحاكم الشعب خدما له ولمصلحته ، وقد ذكرنا في السابق على أن الحاكم والمحكوم يتساوون في القيمة الإنسانية ، وأن الحاكم يستمد شرعية وجوده وشرعية ممارسته من إرادة شعبه ، وأنه يجب عليه أن يعمل لمصلحتهم وليس لمصلحته الخاصة .
القول الرابع والأخير : ( وجعل أهلها شيعا ) أي فرقا متناحرة متنازعة ، فهو يعمل على خلق النزاع والاختلافات بين أبناء الشعب ، ويقوم بعملية إفساد وضعهم وحالتهم من أجل إضعاف قوتهم ، فيقرب هذا ويبعد ذاك ، ويحرض هذا الطرف على ذاك الطرف ، ويخلق أسباب النزاع والاختلاف بين أبناء الشعب لكي لا يصبحوا قوة تهدد سلطانه ، لكي لا تجتمع كلمتهم فتكون لهم إرادة نافذة على حساب إرادته لأنه يريد أن تكون إرادته هي النافذة ولا يريد أن تكون للشعب إرادة قد تعترض وتقيد إرادته ،،، وهنا أذكر بملاحظتين :-

امتياز ووسيلة ضغط

الملاحظة الأولى : أن اتصال المعارضة بالحاكم أو تقرب المعارضة للحاكم يجب أن يكون وسيلة وليس غاية ، فالتقرب للحاكم يجب أن يخدم المصلحة العامة للشعب والدولة ويجب أن لا يكون امتيازا أو وسيلة ضغط .
الملاحظة الثانية : يجب على قوى المعارضة أن تحافظ على الوحدة الوطنية وأن ترى قوتها في قوة القوى الأخرى ، وأن لا تحاول أن يكون لها موقع على حساب قوى المعارضة الأخرى مما يفتت الوحدة الوطنية .

أساليب الاستضعاف

( يستضعف طائفة منهم ) فرعون قسم المجتمع المصري إلى طائفتين : طائفة قربها وأعطاها الامتيازات واستخدمها أداة لتحقيق أهدافه ، وطائفة أخرى استضعفها ، وعمل على إذلالها وحرمانها ، وهذه الوضعية وضعية خطيرة ، وكلا الطائفتين ضحية لتنفيس عقدة الحاكم ، والاستضعاف ليس نوعا واحدا وإنما هو أنواع شتى ، فهناك استضعاف فكري وديني والهدف منه أن يبعد الحاكم عن فكر الطائفة المستضعفة كل أسباب النهوض ، فإذا كانت هناك وسيلة أو أداة تستخدمها هذه الطائفة للتغيير من أوضاعها فيعمل على حرمانها من هذه الوسيلة والأداة ، وهناك الاستضعاف الاقتصادي وذلك بالتضييق على معيشتها وحرمانها من أرزاقها خوفا أن تتحول إلى قوة اقتصادية هائلة وتؤثر على ميزان القوى ، وهناك استضعاف مادي يتمثل في القتل والسجن والتشريد ، وهو الاستضعاف الذي ذكرته الآية بصورة خاصة لأهميته ( يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ) ، لماذا يذبح أبناءهم ؟ لأن الأبناء يمثلون القوة العسكرية فيجب إبعادهم وحرمانهم من كل فرصة بأن تكون لهم قوة سياسية أو عسكرية من شأنها أن تغير الوضع وأن تقلب ميزان القوى ، فلما كان الأبناء يمثلون القوة المحاربة لذا يجب حرمانهم من هذه القوة ( يذبح أبناءهم ) ومثلما يوجد ذبح مادي وهو زهق الأرواح يوجد ذبح معنوي ويتمثل في زهق الروح المعنوية الإنسانية من خلال نشر الفساد والجنس والخمور والقمار فتضعف هذه الروح المعنوية ويفقد هذا الإنسان إحساسه بالمسئولية ومن ثم يتحول إلى صفر ورقم غير فاعل في الساحة ، فإذا فشلت السلطة في الذبح المعنوي تلجأ إلى الذبح المادي ، والمهم أن لا يمتلك الطرف الآخر قوة من شأنها أن تغير ميزان القوى وتغير الوضع . ( ويستحيي نساءهم ) للإذلال والاستخدام في المنازل وللمتعة الجنسية .

ليس من الإصلاح

( إنه كان من المفسدين ) التأمل في هذه الآية يوصلنا إلى نتيجتين :-
النتيجة الأولى : أن عمل الحاكم على ضرب الوحدة الوطنية وتشتيتها ، وخلق النزاعات بين أبناء الشعب ، وتحريض أبناء الشعب على بعضهم البعض ، والتمييز الطائفي أو العرقي للمواطن على أي أساس كان ، واستضعاف المواطنين بأي شكل كان .. كل هذا لا يمكن أن يكون من الإصلاح بل هو من صميم الإفساد .
النتيجة الثانية : أن الحاكم الذي يمارس هذا الدور هو حاكم مريض وبعيد كل البعد عن الفطرة الإنسانية السليمة ، لأن الحاكم الذي يعيش الفطرة الإنسانية السليمة هو الذي يوحد بين أبناء الشعب ولا يميز بين أبناء شعبه على أي أساس كان ويعمل على تنمية الوطن كل الوطن وخدمة المواطنين بغير استثناء .. هذا هو الحاكم السليم السوي ، أما الحاكم الذي يعمل خلاف ذلك فهو حاكم مريض وبعيد عن الفطرة الإنسانية .

المستضعفون أقوياء

( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ) هناك إرادتان .. هناك إرادة فرعون وتتمثل في استضعاف هذه الطائفة والحذر منها وسلبها كل أسباب القوة وإبقائها بصورة مستمرة تحت الإذلال وتحت السيطرة ، وهناك إرادة الله التي تخالف وتعارض هذه الإرادة ، والآية تقول : بأن إرادة الله هي الإرادة النافذة ، وأن كل احتياطات فرعون لن تجدي شيئا . والاستضعاف هنا بكل أشكاله من تمزيق صفوفهم وإذلالهم واستعبادهم وغيرها . هؤلاء الذين استضعفهم فرعون ، الله – جل جلاله – يريد أن يمن عليهم . والسؤال : ما معنى المن ؟ المن هو منح الهبات والنعم ، ومعنى ذلك أن الله يريد أن يمنحهم النعم والهبات ، وقيل حسب آراء كبار المفسرين : أن المن بمعنى النعم الثقيلة ، والمعنى أن الله – جل جلاله – يريد أن يمن على هذه الطائفة بنعم تجعل لهم وزنا وثقلا في الحياة . ومن هم المستضعفون ؟ هل هم الجبناء ؟! هل هم الذين لا حول لهم ولا قوة ولا قدرة ؟! لا أبدا ، المستضعفون لهم قوة ولهم قدرة ولكن الأقوياء والمتجبرين يحاولوا أن يفرضوا سيطرتهم عليهم ويكبلوا حركتهم ، والمستضعفون يقاومون كل ذلك ، ولهذا السبب فالله – عز وجل – يمن عليهم بالنصر لأنهم يقاومون الاستضعاف والإذلال ويبحثون عن الحرية والكرامة تماما مثل المريض الذي يتعاطى الدواء لأن المريض الذي لا يتعاطى الدواء لا يشافيه الله ، والمظلوم الذي لا يقاوم الظلم الله – عز وجل – يكله إلى الظالم ، وبالتالي يجب على المستضعفين أن يقاوموا الاستضعاف لكي يمن الله عليهم بالنصر ، والله معهم لأنهم على الحق ولأنهم قاوموا الاستضعاف .

خلفاء الله في أرضه

( ونجعلهم أئمة ) نجعل منهم أنبياء وأوصياء وحكماء وقادة يقتدى بهم فيصبحوا متبوعين بعد أن كانوا تابعين ( ونجعلهم الوارثين ) .. الوارثين للأرض ، ومعناه أن يحكموا الأرض بعد أن كانوا محكومين ، وبعد أن كانت الأرض محكومة من غيرهم ، فيخلفون غيرهم في الحكم والسيطرة على الأرض .
( ونمكن لهم في الأرض ) .. أصل التمكين أن تجعل للشيء مكانا يستقر فيه ، والآية تقول : بأن الله يريد أن يمكن لهؤلاء أي يجعل لهم قوة وقدرة وسيطرة ومكانا في الأرض بعد أن كانوا مستضعفين ، فهناك معنى سلبي وهو أن الله – جل جلاله – يرفع عنهم تسلط غيرهم عليهم ، ويرفع عنهم تسلط الجائرين والظالمين ، ويمكنهم في الأرض أي يجعل لهم قوة وقدرة وسيطرة في الأرض .
( ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) ماذا كانوا يحذرون ؟ يحذرون أن يذهب ملك فرعون وأن يسيطر هؤلاء المستضعفون على الملك ، وهذا هو الذي حدث ، وهنا أخلص إلى ثلاث نتائج :-
النتيجة الأولى : بأن إرادة الله هي الإرادة الغالبة فوق كل إرادة ، وأن من تكون معه إرادة الله فهو غالب ، ومن تكون إرادة الله ضده لا ينفعه شيء ولو اجتمعت حوله كل قوى العالم .
النتيجة الثانية : أن استمرارية السلطة لا تكون إلا بالعدل والإحسان وليس بالظلم والجور ، وأن فرعون سلك الطريق الخاطئ في تعزيز سلطته فكانت النتيجة أن فقد هذه السلطة .
النتيجة الثالثة : لا نصر لمظلوم إلا بالجهاد والمقاومة .

نموذج فرعون مستمر

وهناك ملاحظة ذكرها علماء التفسير في تفسير هذه الآية وذلك في قوله تعالى : ( ونريد أن نمنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ) نمنَّ فعل مضارع يفيد الاستمرارية ، وأيضا ( ونمكن لهم في الأرض ) فعل مضارع للاستمرارية ، وفائدة هذين الفعلين المضارعين أن الآية لا تتناول حالة خاصة وهي حالة فرعون من جهة وموسى وبني إسرائيل من جهة ثانية إنما هي حالة عامة في كل زمان ومكان .. كل ظالم يمثل نموذج فرعون وكل شعب يتصرف كما تصرف موسى (ع) وقومه فسوف يحصلون على النصر ، وقد توفرت أسباب النصر لدى موسى وقومه في ثلاثة عوامل :-

صفات القيادة

العامل الأول : القائد الواعي القوي وهو موسى (ع) الذي وحد صفوف بني إسرائيل.
العامل الثاني : وهو المشروع ، وتمثل في شريعة موسى (ع) ، وقد أمن بنو إسرائيل بهذا المشروع وعملوا به فانتصروا .
العامل الثالث : أنهم جاهدوا في سبيل النصر . وإذا توفرت هذه العوامل لأي أمة فيمكن أن تنتصر ، والآية كما ذكرت لا تتكلم عن حالة خاصة وإنما عن قاعدة عامة تسري في كل زمان ومكان ، والمثال الأوسع لهذه الآية يتمثل في صاحب العصر والزمان – أرواحنا لتراب مقدمه الفداء – كما في أحاديث أهل البيت (ع) ، فالإمام (ع) سوف يخرج وهو يمثل كموسى (ع) قائدا شرعيا مستضعفا ، وأمته أمة إسلامية مستضعفة ، وأنها سوف تنتصر وتحقق دولة العدل الإلهي العالمية ، ونحن في هذه الأيام نعيش الذكرى السنوية العطرة لهذا القائد العظيم ، وهنا أتحدث عن عدة نقاط :-

غاية كل الأديان

النقطة الأولى : بأن جميع الأديان بشرت بالقائم المهدي – أرواحنا لتراب مقدمه الفداء – لأنه يمثل غاية كل الأديان وغاية الأنبياء بتحقيق دولة العدل الإلهي ، كما أن صاحب العصر والزمان أمل البشرية لا سيما وأنها تعيش الظروف الراهنة والظلم العالمي الذي تمارسه الدول الكبرى وتسخر المؤسسات الدولية في سبيله ، ومن صوره البشعة ما يجري في أفغانستان وفلسطين مما سيؤدي إلى الكفر بهذه الأنظمة .

جميع المذاهب ستنصره

النقطة الثانية : أننا يجب أن نعيش مشروع وأطروحة الأمام المهدي (عج) ، ونعمل لهذا المشروع وهذه الأطروحة وتتمثل بالإسلام وخط أهل البيت (ع) ، وحينما أقول خط أهل البيت لا أريد أن أستثني المذاهب الإسلامية الأخرى لأن كل المذاهب الإسلامية تؤمن بالإمام المهدي (ع) ، وأنه من الناحية العملية وفي نهاية المطاف فإن كل القوى الإسلامية والمذاهب الإسلامية سوف تلتف حول الإمام المهدي (عج) وتناصره لأنها تؤمن به ، وأنا متيقن من ذلك . وأن الذين سوف يقفون في وجه الإمام هم : الأنظمة وأصحاب المصالح الخاصة لأنهم لا يعيشون الحق والخير والعدل إلى الناس وإنما يفكرون في الكرسي والمصالح الخاصة ، وحتى لو عرفوا الإمام فسوف يقاومونه لذلك السبب ، أما المخلصون من أبناء المسلمين وغيرهم فسوف يلتفون حول هذا القائد وينصرونه بدون فرق ، وأما أطروحة أهل البيت فإنها تلعب دورا كبيرا في التعريف بخطه (ع) وتسهل أمر خروجه والالتفاف حوله ونصرته .

عمل يثلج الصدر

النقطة الثالثة : أننا يجب أن نعيش قضية الإمام بفكرنا ومشاعرنا وسلوكنا وحركتنا فنعيش قضية الإمام بكل أبعاد شخصيتنا ، ونعيشها قضية متحركة على الأرض ، وواقعا أن مشاعر البهجة والفرح في مدن وقرى البحرين بهذه المناسبة شيء يثلج الصدر ويدل على أن الناس يعيشون هذه القضية ، والمطلوب أن يعيشوها في سلوكهم وحركة في أسرهم ومجتمعاتهم لتوفير كل أسباب النصر لهذا القائد .

أتوقع انهيار النظام العالمي

هناك سؤال لأهميته سأجيب عليه باختصار شديد وهو : كيف يستطيع الإمام أن ينتصر على هذه القوى العظمى التي تمتلك ترسانات ضخمة من الأسلحة ؟ أقول : بأني أتوقع جازما بأن النظام العالمي سوف ينهار لأنه يحمل عوامل انهياره داخليا من خلال ظلمه ، وسوف تكون هناك ثورة عارمة ضد هذا النظام العالمي الظالم ، ومن جانب آخر فإن الأنظمة التي تسانده وترتبط به سوف تسقط هي الأخرى ، وهنا أشير إلى عدة نقاط تتصف بها معظم الأنظمة في العالم الثالث بما فيها الأنظمة العربية والإسلامية :

إفلاس في المشروع وذوبان في الآخر

النقطة الأولى : أنها تعيش الإفلاس بكل معنى الكلمة لأنها لا تمتلك مشاريع حضارية أو سياسية ، بل تسوق للمشاريع المضادة كما وجدنا الحالة في أفغانستان ، وتسوق للمشاريع العلمانية على حساب المشاريع الإسلامية .
النقطة الثانية : أنها تعيش الذوبان الكامل في الآخر ، ولا تمتلك أي إرادة وإنما تتخذ قراراتها تحت تأثير الخوف . لاحظوا .. الحكومات الإسلامية كيف تحالف أمريكا ضد أفغانستان وضد العراق من أجل تحرير الكويت ، ولكن لم تفعل شيئا من أجل فلسطين ، ونسأل : إذا كانت الأسلحة المكدسة في مخازن الدول العربية والإسلامية لم تستخدم في سبيل حماية الشعب الفلسطيني فأي قيمة لهذه الأسلحة وفي أي سبيل سوف تستخدم ؟!!! هي تستخدمها في سبيل محاربة الشعوب وحراسة الأنظمة وضد بعضها البعض ، فحينما تدخل دولة عربية في حرب مع دولة عربية أو إسلامية أخرى فهي لا ترحم أبدا ، ولكنها غير مستعدة لاستخدام هذا السلاح ضد إسرائيل أو المصالح الأمريكية ، لأن السلاح جاء من أمريكا ، وإسرائيل الحليف الاستراتيجي لأمريكا ، فكيف تسمح أمريكا أن تعطي سلاحا لهذه الدول لتضرب حليفتها الاستراتيجية ؟!!!

لا تستند إلى إرادة الشعوب

النقطة الثالثة : هذه الأنظمة لا تستند إلى إرادة الشعوب في وجودها وممارستها وإنما تستند إلى إرادة خارجية ، ولهذا تلجأ إلى مواجهة الشعوب ومعاداتها ، ونحن نلمس حجم التعارض بين إرادة الشعوب وإرادة الأنظمة في معظم القضايا الأساسية مما يهدد الأمن والاستقرار ويمهد للإطاحة بهذه الأنظمة . إن هذه الأنظمة سوف تنهار نتيجة للظلم التي تمارسه ضد شعوبها كما يمارس النظام العالمي الظلم .

جنود لم تروها

ومن جانب آخر فإن الإمام المهدي سوف ينتصر بإرادة الله ( ولله جنود السماوات والأرض ) الله سبحانه وتعالى قادر على أن يغرق كل الأساطيل الأمريكية كما أغرق فرعون ، وقادر على إهلاك تل أبيب وواشنطن كما أهلك عادا وثمود ، وقادر على أن يرسل على الجنود الأمريكيين وحلفائهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل كما فعل بأصحاب الفيل فيجعلهم كعصف مأكول . هذه بعض جنود الله التي لا حصر لها في السماوات والأرض ، قال تعالى : ( لأغلبن أنا ورسلي ) صدق الله العلي العظيم .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بتاريخ 16 شعبان 1422هـ الموافق 2001/11/2 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.