فهرس خطب الجمعة عام 2001

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 22 يونيو 2001 م

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أمير المؤمنين، السلام على فاطمة الزهراء سيدتي و سيدة نساء العالمين، السلام على خديجة الكبرى، السلام على الحسن و الحسين، السلام على علي بن الحسين و أصحاب الحسين، السلام على جميع الأوصياء و مصابيح الدجى و أعلام الهدى و منار التقى و العروة الوثقى و الحبل المتين و الصراط المستقيم، السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي و أرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفدا.السلام على العلماء و الشهداء، السلام على شهداء الانتفاضة، السلام عليكم أيها الأحبة، أيها الأخوة و الأخوات في الله و رحمة الله و بركاته.

قال تعالى : ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (32) سورة التوبة. آمنا بالله، صدق الله العلي العظيم.

(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ) الإطفاء بمعنى إخماد النار أو النور، (نُورَ اللّهِ) أي دينه و هو الإسلام، و قيل القرآن، و قيل الحجج و البراهين الدالة على وحدانية الله و شرعيته. (بِأَفْوَاهِهِمْ) الأفواه : جمع فم، (وَيَأْبَى) الإباء شدة الامتناع و عدم المطاوعة، (أَن يُتِمَّ نُورَهُ) أي يبلغه أقصى غاية الإشراق و الإضاءة و الهداية و لو كره الكافرون.
الآية الشريفة تشير إلى أربع نقاط أساسية و هي :
النقطة الأولى : حالة الدعوة الإسلامية المباركة.
النقطة الثانية : موقف المخالفين من الدعوة منها.
النقطة الثالثة : وعد إلهي جميل بحتمية انتصار الدعوة.
النقطة الرابعة : تحذير و وعيد للمخالفين للدعوة.

قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ)، هذه الفقرة من الآية تشير إلى النقطتين الأولى و الثانية، و النقطة الأولى هي حالة الدعوة الإسلامية المباركة و تتناولها الآية في قوله تعالى (نُورَ اللّهِ) و هو دين الله، و هنا الله – عز و جل – ينسب الدين إلى نفسه، و إن الإسلام هو دين الله، و بالتالي فإن هذا الدين يستمد قدسيته و كماله من قدسية الله – عز و جل – و كماله. و وصف الدين بأنه (نُورَ اللّهِ) فهو يدل على الله، و يقود إلى الله – عز و جل – كما يدل النور المادي على الأشياء، و هذا يعني بأن الدين يقود الإنسان إلى الله – عز و جل – و بالتالي فإن غاية هذا الدين هو كمال الإنسان و سعادته من خلال ارتباطه بالله – عز و جل – كما أن هذا التعبير يدل على أن خطاب الدين الإلهي للإنسان هو خطاب للإنسان بحسب حقيقته الإنسانية، و بحسب فطرته الصافية، فالدين يخاطب عقل الإنسان، و الدين يخاطب ضمير الإنسان، و الدين يخاطب الإنسان في مصالحه القريبة و البعيدة، كما أن التعبير يدل على أن الدين يدعوا إلى القيم الإنسانية السامية الرفيعة التي تنبعث و تتلاءم و تنسجم مع حقيقة الإنسان كقيمة الخير و الحق و العدل و السعادة…الخ. و تشبيه الآية للدين بالنور يعني – كما ذكرت سابقا – أنه يدل على وحدانية الله – عز و جل – و يدل على شريعة الله، و يدل على القيم الإنسانية كما يدل النور على الأشياء، و كما أن الإنسان بواسطة النور يهتدي إلى الأشياء التي يبحث عنها، كذلك بواسطة الدين يهتدي إلى الله – عز و جل – و وحدانيته و شريعته و يهتدي إلى القيم الإنسانية الرفيعة، كما أن هذا التشبيه يدل على أن حركة الإنسان في الحياة و تطوره لا يمكن أن يكونا إلا على أساس الدين، فكما أن الإنسان في الحياة المادية لا يستطيع أن يتحرك و لا يستطيع أن يحصل على الشيء الذي يبحث عنه إلا في ضوء النور، فكذلك الإنسان لا يستطيع أن يتحرك في الحياة الإنسانية و يهتدي إلى ما يبحث عنه في الحياة الإنسانية، و لا يمكن أن يتطور و ينمو حضاريا بالمعنى الشامل إلا في ضوء الدين، و ينتج عن ذلك أن الذين يريدون أن يطفئوا نور الله، إنما يحاولون في الحقيقة أن يخرجوا الإنسان من دائرة الضوء إلى دائرة الظلام في الحياة، و إنهم بهذه المحاولات يعيقون حركة الإنسان و نموه و تطوره الحضاري، و ليس معنى ذلك بأن الإنسان إذا ابتعد عن الدين و خالف الدين لا يتقدم على الصعيد المادي من مستلزمات الارتباط بالحياة المادية، فالإنسان إذا ارتبط بالحياة المادية يمكنه أن يتقدم من الناحية المادية و العلمية، و لكن المشار إليه هو التقدم على الصعيد المعنوي الإنساني و الصعيد الاجتماعي الذي ينبعث من حقيقة الإنسان، قال تعالى : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) (44) سورة الفرقان، فعلى الرغم من التقدم المادي يبقى الإنسان متخلفا على الصعيد الإنساني و المعنوي إذا ابتعد عن الدين. فقوله تعالى (نُورَ اللّهِ) يُعطينا إشارة واضحة و بياناً واضحاً إلى حالة الدعوة الإسلامية أو الدين.

النقطة الثانية : موقف المخالفين للدعوة منها :
(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) تبين لنا موقف المخالفين للدعوة منها، و إن هذا الأمر أو الإرادة لا تتحقق إلا من خلال عدة ممارسات و هي : الممارسة الأولى : التكذيب بالدين كمنهج شامل للحياة، الممارسة الثانية : أن يضعوا لأنفسهم بدائل عن دين الله، و من هذه البدائل الرأسمالية و الاشتراكية، و يدعون الناس إلى اتباع هذه البدائل بدلا عن دين الله. الممارسة الثالثة : إنهم يضعون الخطط الثقافية و السياسية و الاجتماعية لتحقيق أهدافهم. الممارسة الرابعة : و التي تبرز بوضوح في الآية الشريفة. إنهم لا يكتفون بذلك، لا يكتفون بالمخالفة السلمية للدين، و إنما يحاربون الدين و يحاربون أهله في سبيل إطفاء شعلة الدين، و يضعون المخططات لذلك، و هذه المخططات تشمل عدة نقاط و أهمها ثلاث و هي :
النقطة الأولى : نشر الأكاذيب و الاتهامات حول الدعوة الإسلامية، و هذه الممارسة يراد منها تحقيق أهداف منها :
1) إسقاط رموز الدعوة و فصلهم عن المجتمع.
2) النيل من إرادة الدعاة و تقليل دورهم و تأثيرهم في المجتمع.
3) شغل الدعاة بالقضايا الثانوية الهامشية و القضايا الجزئية على حساب القضايا الأساسية المصيرية للأمة.
4) العمل على صرف مسيرة الدعوة عن مسارها الصحيح.

النقطة الثانية : تتمثل في محاربة الدعاة في أرزاقهم، امتدادا لحصار الشعب الذي فرضته قريش على رسول الله (ص) و قوله تعالى (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ) (7) سورة المنافقون.

النقطة الثالثة : في حالة فشل الأهداف السابقة فإنهم يلجئون إلى الحرب المباشرة و التصفية الجسدية.

القرآن الكريم في هذه الآية الشريفة يبين لنا بأن هذه المحاولات عقيمة و مثيرة للضحك و الاشمئزاز. (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ) النفخ بالأفواه إنما يجدي و ينفع مع النار الضئيلة البسيطة كنار الشمعة مثلا، و لو أن شخصا حاول أن يطفئ نارا عظيمة من خلال النفخ بالفم، فهذه محاولات عقيمة و غير مجدية، مثيرة للضحك، فكيف إذا كان هذا النور الذي يريدون إطفاءه هو نور الله – عز و جل – فالآية الشريفة تبين لنا رغم إن هذه المحاولات مستمرة إلا أنها محاولات عقيمة و غير مجدية و مثيرة إلى الضحك و الاشمئزاز، و بل و فيها تحقير لهؤلاء.

قوله تعالى : (وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) في الآية الشريفة إشارة إلى النقطة الثالثة و الرابعة.
النقطة الثالثة : الوعد الإلهي بحتمية انتصار الدعوة الإسلامية.
(وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ) الإباء : بمعنى شدة الامتناع، و عدم المطاوعة، و إتمام النور أي يبلغه إلى غايته القصوى في الإشراق و الإضاءة و الهداية كما أسلفت (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (33) سورة التوبة، إباء الله – عز و جل – مستمد من ثلاثة أمور و هي :
الأمر الأول : يتعلق بطبيعة الدعوة، حيث إن الدعوة في نفسها – كما بيَّنت سابقا – بما أنها تخاطب الإنسان في إنسانيته و عقله و ضميره و تخاطب الإنسان في مصالحه القريبة و البعيدة و الدين بما هو في نفسه و كما جاء عن الله – عز و جل – قادر على الثبات و قادر على التحدي، و يصمد أمام كل التحديات و التشويهات.
الأمر الثاني : الدعم الإلهي و النصر الإلهي لهذا الدين، و هذا النصر مستمد من حكمة الله – عز و جل – حتى تكون شجرة مثمرة، و النطفة يرعاها الله حتى تكون إنسانا أو كائنا كاملا، و الشمس يرعاها الله حتى تحقق الغاية التي أوجدها الله من أجلها و القمر كذلك و الأرض و كل شيء الله خلقه فهو يرعاه حتى يصل كماله و تحقيق الشيء أو الغرض الذي وجد من أجله، و الإنسان أشرف المخلوقات و أكرمها و أفضلها عند الله – عز و جل – و الإنسان لكي يحقق كماله و يحقق سعادته فلابد من حاجته إلى الدين، فإذا كان الله – عز و جل – يرعى النطفة لكي تصل إلى كمالها، و يرعى البذرة لكي تصل إلى كمالها، و يرعى الشمس لتؤدي الغرض الذي وجدت من أجله، فهل يترك الإنسان من دون أن يصله إلى كماله أو غايته ؟! هذا خلاف الحكمة الإلهية، و بعد ذلك فإن الله قادر على أمره و غالب على كل شيء، فإتمام الدين هو من مقتضى حكمة الله – عز و جل – و الله غالب على أمره غير مغلوب.

الأمر الثالث : و الذي ترتكز عليه نصرة الدين و الانتصار الحتمي للدين هو دور المؤمنين و دور الدعاة، فالدعاة إلى الله – عز و جل – يجاهدون في سبيل إيصال الدعوة و في سبيل إيصال الرسالة إلى الناس كافة، و يجاهدون في سبيل أن تصل الدعوة إلى غاياتها على الأرض. إن موقف الدعاة إلى الله – عز و جل – من الأحداث موقف إيجابي، و موقف الدعاة في المجتمع موقف إيجابي، فالدعاة لا يقفون موقفا سلبيا من الأحداث، و لا يقفون موقفا سلبيا في المجتمع، و إنما يقفون موقفا إيجابيا و إن هذا الموقف الإيجابي ينبع من انتماءهم الديني أو الرسالي، و من جهة ثانية ؛ فإن الإنسان المؤمن الداعي إلى الله لا يكتفي بان يكون له دور في المجتمع أو الأحداث و إنما يحرص على أن يكون هذا الدور عميقا، و إن الإنسان المؤمن يحرص على أن تكون له البصمات الواضحة و العميقة في حركة المجتمع، و الإنسان المؤمن الداعي إلى الله – عز و جل – يحرص أن يكون رقما كبيرا في المجتمع، و أن يكون له موقع متقدم في المجتمع ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) (74) سورة الفرقان، و في الدعاء (( و اجعلني من الدعاة إلى طاعتك و القادة إلى سبيلك )) فالمؤمن لا يكتفي بأن يكون له دور إيجابي و إنما يصر على أن يكون له دور متقدم و عميق في المجتمع و من جهة ثالثة فإن الإنسان المؤمن الداعية لا يسمح للتيارات الفكرية و السياسية و الاجتماعية أن تأخذه يمينا أو شمالا، و إنما يقف بشموخ ثابت القدم لأن له رأيا و له إرادة فهو يقود الأحداث و يؤثر فيها و لا يتركها تفعل فيه ما تشاء. و من جهة رابعة : تساعد الإنسان المؤمن على تكوين رؤية صائبة و بصيرة نافذة في الأحداث و في المجتمع، و تبعث الأمل في نفسه ليتحمل مسئوليته كاملة و يقف أمام كل الهجمات و كل العقبات، و هو يعلم بأن الموقف السلبي يؤثر تأثيرا سلبيا، فهو يحجب عن الإنسان المؤمن الرؤية الصائبة و يجعله ضعيفا أمام الأحداث و المسؤولية و يمنعه من الإبداع و السعي نحو الأفضل، فالإنسان المؤمن و من خلال هذا الموقف الإيجابي و بالصفات و الخصائص التي ذكرت من أهم مرتكزات النصر الإلهي لهذا الدين و الدعوة.
النقطة الرابعة : التحذير و الوعيد للمخالفين :
(وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) فالله – عز و جل – يأبى إلا أن يتم نوره، كره الكافرون أم لم يكرهوا،أرادوا أم لم يريدوا، والله متم نوره على كل حال، وكما ذكرت فهذا وعد إلهي جميل للدعاة فتطمئن إليه قلوبهم، بأن الله سوف يظهر دينه على الدين كله وإن الدعوة سوف تتحقق أهدافها في المجتمع الإنساني مما يبعث الأمل في قلوب الدعاة ويفجر طاقاتهم في الدعوة والمواجهة، كما أن فيها تحذيرا للمخالفين الذين يحاربون الدعوة بأن الله عز وجل لهم بالمرصاد، وفي واقع الأمر فإن هناك أسلوبين في المخالفة، هناك أسلوب سلمي للمخالفة ويقوم على الحوار والله عز وجل والقران لا يرفضان هذا الأسلوب ({لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)(256) سورة البقرة، (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين) وهناك أسلوب آخر قائم على الدس والمكر في سبيل القضاء على الدين، فالمخالفة السلمية التي تقوم على الحوار الدين يرحب بها والمخالفة التي تقوم على الكيد والمكر للقضاء على الدين فالله والقران يحذران منها ويتوعدان أصحابها.
بعد هذه الوقفة القصيرة مع الآية الشريفة نأتي إلى بعض القضايا المحلية.
القضية الأولى : الإعلان الإسلامي واضح في أننا كتيار إسلامي نقبل الرأي والطرف الآخر، وندعو للتنسيق حول القاسم المشترك وندعو للحوار في المسائل الخلافية، ونلتزم بالديمقراطية وآلياتها فيما يتعلق بالمصالح المتعارضة وهذا يعني إننا ندعو إلى الوحدة الوطنية على أساس الاختلاف والتنوع، بينما هناك في كل يوم دعوات في الصحافة وفي أكثر من عمود على أن التيار الديمقراطي العلماني هو وحده الكفيل بجمع الكلمة والمحافظة على الوحدة الوطنية والسير قدما في الحركة الإصلاحية ويرى أصحاب هذه الأقلام بأن التيار الإسلامي لم يتمكن من تجاوز الحدود المذهبية وأقول بأن هذا تعصب ذميم وضيق في الأفق فأصحاب الدعوة وإن توهموا بأن التيار الديمقراطي العلماني يجمع كافة الأطراف بوصفه علمانيا لا يميل ولا ينحاز إلى دين فإنه في الحقيقة يدعو التيار أو الإسلاميين بشكل خاص بأن ينسلخوا من جلدتهم وأن يتخلوا عن حقيقة إسلامهم وانتمائهم الديني، والمطلوب حسب النهج الفكري الإسلامي الذي يتبناه وتتطلبه المصلحة الوطنية أن نحافظ على الوحدة الوطنية على أساس التنوع و الاختلاف، نحن لا نطلب من العلمانيين بأن يتخلوا عن علمانيتهم سواء كان العلماني يساريا أو ليبراليا، نقول للعلماني : تمسك بعلمانيتك و كن علمانيا كما أنت و نقول للمسلم السني كن مسلما سنيا كما أنت، و نقول للمسلم الشيعي كن مسلما شيعيا كما أنت، و نحن نلتزم بالوحدة الوطنية على أساس هذا التنوع، بينما الدعوات العلمانية التي تدعي الديموقراطية و الانفتاح تقول بأن الدين أو التيار الإسلامي الشيعي أو السني لا يمكن أن يتجاوز مذهبيته و لا يمكن أن يحافظ على الوحدة الوطنية إلا من خلال ذوبانه في التيار الديموقراطي العلماني، فهذه الدعوة كما ذكرت فيها تعصب ذميم و ضيق في الأفق و إنها بالإضافة إلى ذلك تستدعي التيار الإسلامي و الجماهير الإسلامية التي تصر على أن تلتزم بإسلاميتها و تقبل التنسيق و التعايش مع الأطراف الأخرى على أساس التنوع و إن هذه حالة إيجابية متميزة في البحرين و ندعو إلى التمسك بها و تقويتها و عدم محاولة الإساءة إليها، أقول هذا الكلام لا خوفا على أنفسنا من هذه الدعوات، و إنما خوفا على الوحدة الوطنية، و خوفا على الحركة الإصلاحية، و خوفا على الحالة المتميزة في البحرين التي نحاول أن نحافظ عليها و نقدمها للعالم كتجربة متميزة، فأرجو من كل كاتب و من كل مسئول و من كل صاحب فكر أن يتحمل مسئوليته حول هذه الحالة و أن يترك التعصب الذميم و الأفق الضيق إلى الأفق الرحب الواسع و قبول الوحدة الوطنية على أساس التنوع و الاختلاف، علما بأن التيار الإسلامي هو تيار شعبي، و أن الخطاب العلماني موجه إلى جمهور يؤمن بالإسلام كمنهج شامل للحياة.

القضية الثانية : حول التنسيق الإسلامي الإسلامي، إن التنسيق الإسلامي الإسلامي (بين الشيعة و السنة) ليس موجها ضد أحد، ليس موجها ضد الحكومة و ليس موجها ضد التيارات العلمانية، و إنما هذا التنسيق هو قوة بين القيادات السياسية التي تقود الحركة الإصلاحية و تباركها، و هو أيضا قوة لخدمة الحركة الإصلاحية و خدمة مصالح الإسلامية الوطنية العليا، كما أن هذا التنسيق حق و واجب الإسلاميين أن ينسقوا مع بعضهم، من أجل خدمة المصالح الإسلامية و الوطنية، و ليس لأحد الحق في أن يمنعهم من ذلك.

القضية الثالثة : نحن كتيار إسلامي شيعي لا نرفض العمل من خلال المؤسسات فنحن نؤمن بالعمل المؤسساتي، و لا نريد للتيار أن يمارس دوره من خلال عمل شعبي غير منضبط، و إنما نريد و نطالب بأن توجد المؤسسة السياسية التي تسمح بالمشاركة السياسية الشعبية الكاملة، و أيضا حسب مقتضى السقف العالي للإصلاحات السياسية، و نحن في الوقت الحاضر نعمل من خلال الجمعيات و هي البدائل المطروحة في الوقت الحاضر كما نعمل كتيار إسلامي و أقصد بشكل خاص (التيار الإسلامي الشيعي) نعمل بأسلوب علني و مكشوف و واضح للجميع – كما ذكرت في أحاديث سابقة – على أسس اجتماعية مألوفة و مقبولة و فاعلة، و إن هذه الحالة مطمئنة و يمكن التعامل معها بكل ثقة، و إن المراقب يجد بأن الشارع تكيَّف بسرعة قياسية مع التطورات، و إن الشارع في حالة انضباط فعلي و حقيقي و لا يقلل من شأن هذا الانضباط و هذا التكيَّف أن توجد بعض الأعمال الفردية الخاطئة، و لكن الحالة العامة للشارع هي الانضباط و إن الشارع قد تكيَّف بالفعل مع المرحلة الجديدة.

القضية الرابعة و الأخيرة : تتعلق بالعطلة الصيفية حيث إن الطلاب مقبلين على عطلة طويلة، فمن المطلوب من الدعاة أن يفكروا في إيجاد الأنشطة الثقافية و الترفيهية و الاجتماعية التي تملأ فراغ هؤلاء الشباب، فالترفيه مهم جدا للإنسان في سبيل أن يجدد حيويته لكي يعود للعمل بكل نشاط و بكل قوة، كما يجب أن يكون الترفيه في بلادنا بديلا كافيا عن الأنشطة الأخرى التي قد تكون غير صحيحة و التي قد تسيء للطالب، كم أطلب إلى المدرسين و الطلاب الجامعيين و طلاب الثانوية أن يعطوا اهتماما لدراسة الساحة و تحليلها و معرفة عناصر الساحة و مستقبل الحركة الإصلاحية، و التعرف على ماذا من الممكن أن يحدث في المستقبل ؟ و ما هو المطلوب ؟ و إننا نريد للأمة أن تتحمل مسؤولياتها كاملة و عدم تحميل المسئولية على الرموز فحسب، و كما ذكرت في أحاديث سابقة بأن هذا مقتل، و نحن على أتم الاستعداد للاستماع للآراء و المقترحات و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

بتاريخ 29 ربيع الأول 1422هـ الموافق 2001/6/22 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.