محاضرات وندوات عام 2007

كلمة الأستاذ في الاحتفال التأبيني السنوي صرخة الحسين

الموضوع : كلمة للأستاذ عبد الوهاب حسين .
العنوان : الفتنة الطائفية .
المناسبة : الاحتفال التأبيني السنوي صرخة الحسين .
المكان : قرية القدم ـ ساحة مأتم القدم .
اليوم : مساء الخميس ـ ليلة الجمعة .
التاريخ : 18 / صفر / 1428هج .
الموافق : 8 / مارس ـ آذار / 2007م .
ملاحظة : ألقيت من فوق المنصة خلاصة الكلمة فقط .

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الرجيم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين .

اللهم صل على محمد وأهل بيته الأصفياء الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
السلام عليك يا رسول الله وعلى أهل بيتك الأمناء الممتحنين الصابرين الوارثين للأرض .
السلام عليك يا سيدي يا أبى عبد الله الحسين يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .
السلام على علي بن الحسين وعلى أخت الحسين أم المصائب زينب وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين .
السلام عليكم أيها الأحبة : أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله تعالى وبركاته .

الموضوع : كلمة للأستاذ عبد الوهاب حسين .
العنوان : الفتنة الطائفية .
المناسبة : الاحتفال التأبيني السنوي صرخة الحسين .
المكان : قرية القدم ـ ساحة مأتم القدم .
اليوم : مساء الخميس ـ ليلة الجمعة .
التاريخ : 18 / صفر / 1428هج .
الموافق : 8 / مارس ـ آذار / 2007م .
ملاحظة : ألقيت من فوق المنصة خلاصة الكلمة فقط .

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الرجيم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين .

اللهم صل على محمد وأهل بيته الأصفياء الطاهرين وأصحابه المنتجبين .
السلام عليك يا رسول الله وعلى أهل بيتك الأمناء الممتحنين الصابرين الوارثين للأرض .
السلام عليك يا سيدي يا أبى عبد الله الحسين يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا .
السلام على علي بن الحسين وعلى أخت الحسين أم المصائب زينب وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين .
السلام عليكم أيها الأحبة : أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله تعالى وبركاته .

بناء على طلب الأخوة الأعزاء القائمين على المهرجان ، فإن حديثي سوف يكون في هذه الليلة المباركة تحت ظل راية الإمام الحسين ( عليه السلام )عن الفتنة الطائفية الهوجاء التي تعصف بعالمنا الإسلامي في هذه الأيام العصيبة .

أيها الأحبة الأعزاء : لقد أصبح الحديث عن الفتنة الطائفية الهوجاء وخطرها الداهم على لسان كل مسلم وكل متابع في العالم ، حتى أمريكا الشيطان الدموي وأوربا والمؤسسات الدولية أصبحت تتكلم اليوم عن الفتنة الطائفية في العالم الإسلامي وخطرها الداهم على العالم بأسره . فأمر الفتنة الطائفية وخطرها المستطير ظاهران للعيان ولا يحتاج العلم بهما إلى اجتهاد وكثرة نظر . وسوف أتحدث حول هذا الموضوع في نقاط متسلسلة ـ إن شاء الله تعالى ـ وسوف أجعل معظمها على شكل سؤال وجواب ، تسهيلا للغرض ..

النقطة الأولى : ما هي الفتنة ؟

الجواب : الفتنة في اللغة تعني الابتلاء والامتحان والاختبار .
قال الله تعالى : { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } ( ص : 24 ) .
فالإنسان يمتحن في حياته بكثير من الأشياء مثل : الشهوات والجهالات والفقر والمرض وفقد الأهل والأحباب والسجن والتشريد والتهجير عن الوطن والعيش في بلاد الغربة والوحدة والحروب وفقدان الأمن والاستقرار .
قال الله تعالى : { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } ( 131 ) .
وقال الله تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } ( البقرة : 155 ) .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ” الفتن ثلاث : حب النساء ، وهو سيف الشيطان ، وشرب الخمر ، وهو فخ الشيطان ، وحب الدينار والدرهم ، وهو سهم الشيطان “
( البحار . ج73 . ص140 ) .
والمفتون : من أصابته بلية ذهبت بعقله .
والفاتن : هو المضل عن الحق .

وقد ورد ذكر الفتنة في القرآن الكريم بمعاني عديدة .. منها :

المعنى الأول ـ الكفر : قال الله تعالى : { لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ . وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } ( التوبة : 48 ـ 49 ) .
المعني الثاني ـ الضلال : قال الله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ( الأعراف : 27 ) .
وقال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ( المائدة : 41 ) .
المعنى الثالث ـ الاضطراب وبلبلة الأفكار : قال الله تعالى : { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ } ( التوبة : 47 ) .
وقال الله تعالى : { هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ } ( آل عمران : 7 ) .
المعنى الرابع ـ العذاب : قال الله تعالى : { يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ . ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } ( الذاريات : 13 ـ 14 ) .
المعنى الخامس ـ الأموال والأولاد : قال الله تعالى : { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } ( الأنفال : 28 ) .
وهناك معاني أخرى كالفضيحة وغيرها ..

النقطة الثانية : ما هو المراد من الفتنة الطائفية ؟

الجواب : المراد من الفتنة الطائفية هو اختلف المسلمين بين أنفسهم في الدين على غير أساس من علم ولا هدى ولا كتاب منير { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ . ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ } وانقسامهم على أساس الاختلاف إلى طوائف ومذاهب دينية عديدة ، ومواجهتهم لبعضهم البعض واقتتالهم فيما بينهم على أساس الانتماء المذهبي ، وتركهم قتال عدوهم وأنشغالهم بأنفسهم عنه بحجة مواجهة الخطر الداخلي بحسب تسويل الشيطان لهم ، وتركهم العدو يعيث في أرضهم الخراب والفساد ، وينهبهم ثرواتهم وخيراتهم التي أنعم الله تعالى بها عليهم .

قال الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” إنها ستكون فتنة وفرقة واختلاف ” ( كنز العمل . ج11 . ص 109 . الحديث : 30820 ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” إن من بعدي من أمتي قوما يقرؤن القرآن لا يجاوز حلاقمهم ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ” ( كنز العمل . ج11 . ص122 . الحديث : 30864 ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” سيكون في أمتي اختلاف وفرقة ، قوم يحسنون القول ويسيئون العمل ، يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ، لا يرجعون حتى يرتد السهم على فوقه ( موضع الوتر ) هم شر الخلق والخليقة ، طوبى لمن قتلهم وقتلوه ! يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء ، من قاتلهم كان أولى بالله منهم ، سيماهم التحليق ” ( كنز العمال . ج11 . ص140 . الحديث : 30950 ) .

أول فتنة طائفية في الإسلام : وتعتبر فتنة الخوارج الفتنة الطائفية الأولى في الإسلام ، وأوضحها دلالة على عمق الأزمة فكريا وسياسيا ، حيث كشفت في زمن مبكر من تاريخ المسلمين ، وعلى عهد المعصوم وبشهادة أصحاب الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) استنادا لما رأوه وسمعوه منه ، عن خطر الفتنة الطائفية الفكري والأمني والسياسي على الإسلام والمسلمين . فكانت فتنة الخوارج شاهدا حيا على عظم خطر الانحراف الفكري والفتنة الطائفية على الإسلام والمسلمين ، وما يؤديان إليه من تشويه المفاهيم والحقائق والأفكار ـ وفي مقدمتها مفهوم وحقيقة الجهاد ـ وتهديد الأمن والاستقرار في المجتمعات والدول الإسلامية ، واستحلال الحرمات وسلب الحقوق الأساسية من الناس بغير وجه حق ولا ميزان ، والوقوف مع الباطل من حيث يظن صاحب الفتنة والمشارك فيها أنه على الحق ومعه . أما الفتن الأخرى مثل حربي : الجمل وصفين ، فيمكن تصنيفها في دائرة الصراعات السياسية وليس في دائرة الفتن الطائفية ، لأنها قامت على أسس ودوافع سياسية أكثر منها فكرية وطائفية .
وكانت بداية فتنة الخوارج في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بعد التحكيم في معركة صفين . حيث كان الخوارج يتصفون بالتعصب لآرائهم ، فهم يعتبرون أنفسهم المؤمنين حقا وحقيقة دون سواهم ، ويقولون بكفر كل المسلمين الذين يخالفونهم الرأي والمعتقد ، ويسمحون لأنفسهم الأمارة بالسوء باستباحة دماءهم وأموالهم وقتل نسائهم وأطفالهم ، فهم ـ بحسب زعم الخوارج ـ يستحقون كل ذلك العقاب الجماعي على كفرهم . وقد صدق الخوارج القول بالعمل في موقفهم الجائر من مخالفيهم ، فامتحنوا الناس في قبول أفكارهم ومعتقداتهم الباطلة والعنصرية ، فمن قبلها وتابعهم عليها سلم ، ومن ردها عليهم استبيح دمه وماله وعرضه . فقد مر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت ، وكان والياً لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) على بعض البلاد ، ومعه زوجته وهي حامل ، فقتلوه وبقروا بطن زوجته وأخرجوا جنينها ومثلوا به . وكانوا يتبرؤون من الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ومن الخليفة عثمان بن عفان ومن حكام من بني أمية ، ويقولون بكفرهم وبكفر الحكمين : عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وكل من رضي بالتحكيم ، وبكفر أصحاب الجمل وفي مقدمتهم عائشة وطلحة والزبير ، وبكفر كل مسلم يرتكب كبيرة ، وحكموا عليهم بالخلود في النار .
وقد قاتل الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) الخوارج في معركة النهروان وهزمهم شر هزيمة ، ولم ينج منهم إلا القليل .
روى مسلم أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ .. قَالَ : بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ r وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا ، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ .. فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! اعْدِلْ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: وَيْلَكَ ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ ، قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟! .
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ t: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ . يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ . يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ”
هذه صورة موجزة عنهم وقد تشعب الخوارج إلى فرق عديدة أشهرها العجاردة والنجدية والصفرية والأزارقة .

أيها الأحبة الأعزاء : هذا وقد مضى التكفيريون في هذه الأيام على ما مضى عليه الخوارج في أول الأيام ، حيث يذهب التكفيريون اليوم إلى تكفير كافة المسلمين الذين يختلفون معهم في الرأي والمعتقدات ، ويسمحون لأنفسهم المظلمة القاتمة الأمارة بالسوء ، بذبح المسلمين الشيعة وغيرهم كالنعاج أمام مرأى العالم ومسمعه ، ويقومون بتفجير الأماكن المقدسة وقتل الأبرياء من المسلمين وغيرهم في الأسواق وأماكن العمل والمساجد والمآتم وحفلات الزفاف وتشييع الموتى بواسطة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ، وهذا لا يحتاج إلى دليل لكثرة ما تنقله وسائل الإعلام يوميا من جرائم طائفية فظيعة في العراق الجريح . كل ذلك يفعلونه باسم الإسلام قربة إلى الله تعالى ، وإنه والله لهو الجهل والظلم الخـزي والعار بعينه ، وإنه من أعظم الذنوب عند الله جل جلاله . وصدق الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حيث قال فيهم : ” يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إيمانهـم حناجرهم ، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم ، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة ” .
( كنز العمال . ج11 . ص 141 . الحديث : 30953 ) .

التحذير من الفتن وواجب المسلمين نحوها : وقد تضافرت النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة على التحذير من الفتن ، وأوجبت على العلماء العاملين الناصحين أن يظهروا علومهم من أجل التصدي إليها وقطع دابرها ، على أساس فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لإنقاذ المسلمين من شر الفتنة وعدم السماح لها بتدمير عقيدة المسلمين وواقعهم الاجتماعي .

قال الرسول الأعظم الأكرم ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ ) : ” إذا ظهرت البدع في الدين فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله ” .
وفي رواية أخرى :”إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان” .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله ” ( الترغيب . ج1 . ص122 ) .

أمام عامة المسلمين : فعليهم أن يساهموا بقيادة العلماء الربانيين الراشدين بالتصدي إلى الفتنة الطائفية وقطع دابرها وعدم السماح إليها بتدمير عقيدة المسلمين وواقعهم الاجتماعي . فإن لم يستطيعوا مواجهتها ، فليس أقل من الحذر من الدخول فيها ومن المساهمة في إشعال فتيلها بين المسلمين . وعليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار العوامل التي تساهم في انتشارها والعوامل التي تساهم في مواجهتها ، بهدف محاصرتها والقضاء عليها ، وسوف آتي على ذكر هذه العوامل بعد قليل .

قال الرسول الأعظم الكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ” .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” لا تقربوا الفتنة إذا حميت ، ولا تعرضوا لها إذا عرضت ، واضربوا أهلها إذا أقبلت ” .
( كنز العمال . ج11 . ص153 . الحديث : 31003 ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ” يكون دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها .
فقال حذيفة : يا رسول الله ! صفهم لنا !
فقال الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هم قوم من أهل جلدتنا يتكلمون بألسنتنا .
فقال حذيفة : فما تأمرني إن أدركت ذلك ؟
فقال الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فألزم جماعة المسلمين وإمامهم ! فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك ” ( كنز العمال . ج11 . ص110 . الحديث : 30822 ) .

وقا%D

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.