الأستاذ في وسائل إعلام

صحيفة الوقت البحرينية :نصرة الإمام الحجة «عجل الله تعالى فرجه الشريف»

أعمدة – شوقي العلوي
نصرة الإمام الحجة «عجل الله تعالى فرجه الشريف»

على موقع شبكة الدراز الشاملة قرأت كلاماً منسوباً للناشط السياسي عبدالوهاب حسين، أثارني واستوقفني، أثار لدي الكثير من التساؤلات، وجدت فيه رأياً يجب أن نتوقف عنده ونناقشه، لما لهذا الرأي من تأثير له أبعاد متعددة تؤثر على مسيرة العمل الوطني والعمل السياسي، في وطن يعيش على صفيح ساخن، سيكوينا جميعاً بناره ما لم يتم تدارك المسببات ومعالجتها، وهي أسباب كلنا وجميعنا مسؤولون عنها وإن تفاوتت درجات المسؤولية بين طرف وآخر. أرجو أن يكون فهمي للكلام المنسوب للأستاذ حسين في محله، فربما يكون فهمي خاطئاً، مما يجعل ما أقوله خاطئاً لأنه مبني على فهم خاطئ، فإذا كان فهمي خاطئاً أرجو ممن يهمه ويعنيه الأمر أن يعينني على الفهم الصحيح.

فقد جاء في الكلام المنسوب للأستاذ حسين:
«وتطرق إلى موضوع نصرة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وقال: هناك ثلاثة خطوط أساسية في الإعداد للظهور، وهي:
– الخط العسكري: وتتكفل به الجيوش والحركات المسلحة الإسلامية، مثل: جيش الجمهورية الإسلامية، وحزب الله، وحركة الجهاد الإسلامي، وحركة حماس وغيرهم.
– الخط المدني: ويتمثل في إيجاد الجهاز السياسي والقضائي والإداري لدولة الإمام الحجة ‘’عجل الله تعالى فرجه الشريف’’ وتتكفل به الجامعات والمعاهد الأكاديمية والحوزات العلمية». (انتهي النص).
مع شديد الاحترام لجميع المقدسات الدينية ولجميع القناعات العقيدية، التي هي محل خلاف بين بني البشر من قديم الزمان، بمن فيهم نحن المسلمين الذين ندعي أن من بيننا من المشتركات هو أكثر بكثير من الاختلافات، لكننا ما أن يثار شيء مما هو بيننا من الاختلافات حتى ننسى ما هو بيننا من المشتركات.
إن الأمر الأكيد والذي يجب أن يكون مقبولاً من الجميع مهما اختلفت أديانهم ومعتقداتهم وطوائفهم بل وممن هم مختلفون داخل الطائفة الواحدة أن يحترم ويقدر كل طرف الطرف الآخر في قناعاته ومعتقداته، لكن لا يجب أن يفرض أحد على الآخر معتقدات وقناعات تخالف قناعات ومعتقدات هذا الآخر.
عندما يتعلق الأمر بالوطن الذي هو شامل لتنوعات مذهبية وعقيدية وتتداخل فيه السياسة بالدين ويتداخل فيه الدين بالسياسة، فإنه من غير المقبول أن يحاول هذا الطرف أو ذاك الطرف أن يفرض على الوطن قناعات مذهبية تؤدي إلى تمزيق الوطن أكثر مما هو ممزق، بل يؤدي إلى الانصراف عن تحقيق الوحدة الوطنية الجامعة التي هي حجر الأساس في نجاح نضالات شعبنا من أجل حقوق مشروعة.
إن المرجعية المذهبية في وطنٍ تتعدد فيه المذاهب والطوائف، بل وتتعدد فيه الطوائف داخل الطائفة الواحدة، لا يمكن لها أن تكون مرجعية وطنية، بل هي مرجعية مختصة بمريديها داخل الطائفة وليس كل الطائفة، وهذا هو المشكل الذي يعاني منه الوطن الآن، على المخلصين ممن يتعاطون السياسة أن يعوه بشكل جيد، حتى يجنبوا الوطن هذه الانقسامات الخطيرة التي تهدد وحدته، وتجعل من العسير تحقيق المكاسب الوطنية التي يمكن لها أن تتعطل بفعل المفاهيم المتعلقة بطائفة ويريد أصحابها تطبيقها على الوطن برمته.
فهذا سماحة العلامة الشيخ عبدالجليل يقول: «ومن جهة أخرى تتحرك في الساحة قضية القيادة والمرجعية لتيار المعارضة».
فالمرجعية التي يشير إليها العلامة المقداد هي مرجعية متعلقة بفئة داخل الطائفة، فكيف لها أن تكون قيادة ومرجعية لتيار المعارضة، اللهم إلا إذا كان المفهوم للمعارضة هو محصور في هذه الفئة من الطائفة!
ويتابع الشيخ المقداد فيقول: «تنعم الساحة بمرجعية دينية وسياسية واعية وكفوءة متمثّلة في كبار العلماء في البلد، وفي مقدمتهم سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم، فهم ثقة الفقهاء العظام والمحافظون على نهجهم في الأمّة. من هنا نرى ضرورة أن يكون تحرّك المعارضة وكياناتها السياسية في سياق التوجّه العام الذي يرسمه هؤلاء العلماء الأمناء، وأن لا يتجاوز إطار مرجعيتهم الدينية والسياسية». هذا القول لا يحتاج إلى تعقيب وبالمختصر نتساءل: كيف يمكن لهذه المرجعية الدينية المتعلقة بفئة داخل الطائفة أن يكون تحرّك المعارضة وكياناتها السياسية في سياق التوجّه العام الذي ترسمه هذه المرجعية وأن لا يتم تجاوزها؟
ويقول كذلك وعلى نفس النسق الذي يذهب إليه: «البعد الجماهيري كان ولازال عنصراً مهماً وأساسياً في استراتيجية العلماء في قيادة الساحة».
فهل هؤلاء العلماء الذين يخصون طائفة هم المؤهلون لقيادة عمل وطني جامع؟
أعود لما قلته من كلام منسوب للأستاذ عبدالوهاب حسين، وليسمح لي أن أصارحه الرأي وأقول له: بداية أن من حقه ومن حق الطائفة التي ينتسب إليها، أن تكون لديه ولديهم قناعاتهم العقيدية التي تظل تخصهم، ولكن لا يمكنهم تعميمها على الآخر الذي يشاركهم الوطن، حيث إنه في ظل قناعاته العقيدية فكأنه يشير فيما هو منسوب إليه من كلام أنه بعمله في المجال السياسي والوطني يهيئ لدولة الإمام المهدي (ع).
كما لي أن أتساءل: من أين استقى الأستاذ القول بأن حزب الله، وحركة الجهاد الإسلامي، وحركة حماس وغيرهم بتكويناتهم العسكرية يعدون لقيام دولة الإمام المهدي؟ فما نعرفه عن حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين أنهم يناضلون من أجل تحرير وطنهم وإن كانت قناعاتهم في النهاية تأسيس دولة إسلامية، لكنها بكل تأكيد ليست دولة الأمام المهدي التي يشير إليها الأستاذ حسين. أما حزب الله لم نسمع عنه القول بأنه بنضاله وبتكويناته العسكرية وإن كانت مكوناته من المنتمين للمذهب الجعفري ومن المؤمنين بولاية الفقيه أنه يذهب إلى ما ذهب إليه الأستاذ حسين، فحسب علمي أن الحزب ينفي عن نفسه سعيه لإقامة دولة ولاية الفقيه في لبنان أو حتى سعيه لإقامة دولة دينية، فالحزب يعرف خريطة لبنان الفسيفسائية التي لا تسمح بمثل ذلك. أما بالنسبة للجمهورية الإسلامية لهم أن يقولوا بذلك بحكم تكوينها المذهبي الغالب ونظام ولاية الفقيه الذي تستند إليه.
ويؤكد الأستاذ ما فهمته عن المذهب الذي يذهب إليه، فهو يدعو إلى إيجاد الجهاز السياسي والقضائي والإداري لدولة الإمام الحجة.
ربما تكون صراحتي مؤلمة للبعض.
أتمنى أن يكون فهمي خاطئاً وأن هناك من يصحح فهمي الخاطئ.
العدد 1141 الاثنين 10 ربيع الثاني 1430 هـ – 6 أبريل 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.