فهرس خطب الجمعة عام 2003

خطبة الجمعة بتاريخ 14-03-2003

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 14 مارس 2003 م

الخطبة الدينية : الكفر بالله
الخطبة السياسية : التخلي عن الحقوق المشروعة يعني خلل في الضمير

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

والحمد الله رب العالمين اللهم صلى على محمد واله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين ومن اتبعهم بإحسان إلى قيام يوم الدين .

السلام عليك يا رسول الله , السلام عليك يا أمير المؤمنين , السلام على خديجة الكبرى السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة أجمعين , السلام على جميع الأوصياء , مصابيح الدجى , وأعلام الهدى , ومنار التقى , والعروة الوثقى والحبل المتين والصراط المستقيم السلام على الخلف الصالح الحجة بن الحسن العسكري روحي وأروح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء , السلام على جميع الأنبياء والأوصياء والعلماء والشهداء , السلام على شهداء الانتفاضة، السلام عليكم أيها الأحبة أيها الأخوة والأخوات في الله ورحمة الله وبركاته .

قال الله تعالى في محكم كتابه الحكيم : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ، أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) آمنا بالله العلي العظيم .

في البداية أرفع أحر التعازي إلى مقام سيدي ومولاي وإمامي وشفيعي يوم القيامة، الحجة بن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء ، وإلى مقام مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها وإلى كافة المؤمنين والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وإليكم ، بمناسبة فاجعة كربلاء المؤلمة .

في الواقع أن هذا اليوم هو يوم الخطابة ولكني مطر إلى الاختصار لأسباب خارجية .
( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) والآيات الدالة على توحيده , والآيات الدالة على الطريق الذي رسمه لعباده بقيادة الأنبياء والأوصياء والفقهاء والعلماء ، والآيات الدالة على الجزاء يوم القيامة ، والآيات الدالة على أحكامه ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ) وآيات الله واضحة ولكنهم يكفرون بها عنادا فهؤلاء المجرمون لاينطلقون في أطروحاتهم وفي مواقفهم من البحث على الحقيقة ، أو من أجل المصلحة العامة وإنما ينطلقون من مصالحهم الأنانية الخاصة الذين يقتلون النبيين بغير حق، تلك العقدة النفسية وهي العناد تتحول إلى عقيدة إجرامية وتتحول إلى مواقف إجرامية لاتتوقف عند حد ، تنتهك كل المقدسات وتنتهك كل الحرمات حتى أنها تصل إلى قتل الأنبياء ، وقتل الأنبياء لا يكون إلا ظلما ولا يكون إلا بغير حق ، لان أولئك المجرمون ينطلقون في أطروحاتهم وينطلقون في مواقفهم من ذواتهم ومن أنانيتهم ومن أجل مصالحهم الخاصة على حساب الحق، وعلى حساب المصلحة العامة , ولأن الأنبياء والذين يأمرون بالقسط ينطلقون في أطروحاتهم وينطلقون في مواقفهم من الحق ومن أجل الخير ومن أجل العدالة ، ولأن الناس يبحثون عن الحق ويطلبون العدل فإن الناس يتفاعلون مع الأنبياء ويتفاعلون مع الذين يدعون إلى القسط ، ويدرك أولئك بأن الأنبياء وبأن الذين يدعون إلى القسط من الناس يمثلون خطرا على مصالحهم ، فيتحركون في وجه الأنبياء ويتحركون في وجه الذين يدعون إلى القسط وبدن حدود قد يلجأون إلى بعض العمليات السياسة كالأحتواء بواسطة الترهيب والترغيب , كما فعلوا مع النبي محمد (ص) وقد يلجأون إلى التطويق أيضا كما فعلوا مع النبي محمد (ص) بحصاره في الشعب وقد يلجأون إلى عملية الإحراق السياسي….. فإذا فشلت كل هذه العملية السياسية فإنهم لا يترددون في التصفية الجسدية , لأن الأنبياء يصرون على مواقفهم ولأن الناس يتفاعلون معهم ولأن مواقف الأنبياء والأوصياء والذين يدعون إلى القسط من الناس تهدد مصالح هؤلاء , فإنهم يلجأون إلى التصفيات الجسدية القتل جريمة في كل الشرائع السماوية والشرائع الوضعية ، ولأن قتل الأنبياء يدل على أزمة كبيرة في النظام القيمي ويدل على خلل كبير في الضمير ، إذن المسألة ليست مسألة قتل ، قتل الأنبياء لا يكون إلا بغير الحق , ولا يكون إلا ظلما , وهي تدل عل حجم الخلل في نظام القيم ، والخلل في الضمير البشري هذا من جهة، ومن جهة ثانية أن دعوة الأنبياء ودعوة الذي يأمرون بالقسط تبدأ بالدليل بالبرهان بالحجة ، ولكنها لا تقف عند ذلك وإنما تصل إلى درجة التضحية بالنفس وبالغالي والثمين كما فعل الأمام الحسين (ع) في كربلاء ، ( وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ) لاشك أن قتل الأنبياء أفظع جريمة وأعظم من قتل سائر الناس حتى وأن كانوا من الذين يأمرون بالقسط ، ولكن تقديم قتل الأنبياء وتأخير قتل الذين يأمرون بالقسط في الآية له أكثر من دلالة فمن دلالاته أن الكفر بآيات الله وقتل الأنبياء وقتل الذين يأمرون بالقسط على منهج واحد ، وأن الذين يكفرون بآيات الله عنادا فهم يذهبون إلى أقصى غاية في ارتكاب الجرائم وهي تدل على علو منزلة الذين يأمرون بالقسط من الناس فقد جعلهم الله في صف الأنبياء ، وتدل الآية على أن الإسلام يدعو إلى العدالة وحقوق الإنسان في المجتمع الإنساني ولها دلالة أخرى كثيرة الأهمية وهي أن الأنبياء حينما يدعون الناس فإن الناس يتجاوبون مع دعوة الأنبياء فيتوجه المجرمون إلى قتل الأنبياء ولكن قتل الأنبياء لا يمثل النهاية لأن الأنبياء يخلقون جيلا بعدهم يواصلوا الطريق فينتقل أولئك المجرمون من قتل الأنبياء إلى قتل الأتباع وهكذا يكونون في عملية مستمرة طوال التاريخ يقتلون الأنبياء ويقتلون الذين يأمرون بالقسط جيلا بعد جيل .

( فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) البشرى لا تكون إلا في الخير, ولكن الله يستهزئ بهؤلاء المجرمين يستهزئ بأفكارهم ويستهزئ بتطلعاتهم الصغيرة الصبيانية ( فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ).
العذاب الأليم : هوخاتمة المصير المحتوم لهؤلاء… ماذا يستفيد هؤلاء المجرمون ؟ أيام معدودة من الاسترخاء ومن النعيم يتلوه عذاب في الدنيا وآخرة , هؤلاء لا يعيشون الراحة النفسية ، يعيشون الألم النفسي والضيق النفسي , وأيضا قد تنقلب عليهم الأوضاع , لن يستمر نظام أجرامي في التاريخ سوف تنقلب عليهم الحياة , كما انقلبت على فرعون وانقلبت على بني أمية وانقلبت على بني العباس وانقلبت على شاه إيران وتنقلب اليوم على صدام , وفي الآخرة أيضا عذاب أليم أُولَـئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ).
حبطت : يعني بطلت و فسدت ، ولكن هناك نكتة لطيفة في المعنى اللغوي للإحباط …
الحبوط : في اللغة هي الدابة التي تنتفخ إذا أكلت نبتة سامة , انتفاخ الدابة إذا أكلت النبات السام تمهيدا لهلاكها ، وهؤلاء المجرمون قد يحققون مكاسب آنية مكاسب مؤقتة قد تنتفخ الإمبراطورية , تتضخم الإمبراطورية , وتتضخم الدولة ويزدادون ثروة ويزدادون قوة ، ولكنه التضخم الذي هو مقدمة إلى الفساد , وإلى الهلاك فلن يصل هؤلاء إلى مقاصدهم هذه ، الآية تدل على سوء حالهم وأنهم لن يصلوا إلى مقاصدهم وحتى أعمالهم الحسنة تفقد أثرها مع هذه الجرائم الضخمة في الدنيا والآخرة الصلاة الصيام الحج ,. يفقد أثره مع هذه الذنوب الكبيرة وما لهم من ناصرين , الجلادين الجلاوزة المرتزقة , لن يحمون هؤلاء إلى الأبد يحمونهم إلى حين على المدى القصير، ولكنهم لن يحمونهم على المدى البعيد من انتقام الله وانتقام الشعوب , وفي الآخرة لن يحموهم ولا ناصر لهم يوم القيامة من عذاب الله ولا شفيع لهم يوم القيامة .

بعد هذه الوقفة القصيرة مع الآية الشريفة المباركة, آتي إلى الحدث العظيم حدث كربلاء الحسين , حدث كربلاء , يدل على عدة نقاط , حينما نتأملفي الإمام الحسين (ع)، وحينما نتأمل يزيد جماعة الحسين وجماعة يزيد ماذا نجد ، نجد بأن الإمام الحسين ( ع) صاحب رسالة شأنه شأن الأنبياء , وأنه مستعد للتضحية بأغلى شيء من أجل هذه الرسالة .

( إن كان دين جدي لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني ) ولكن ماذا يطلب يزيد وجماعة يزيد يطلبون الدنيا ومن أجل الدنيا فهم مستعدين لأن يذهبوا في جريمتهم إلى أقصى حد إلى قتل الحسين , وأصحاب الحسين، وكما ذكرت الآية الشريفة أن هؤلاء يعانون من خلل في الضمير, وفي نظام القيم , تأملوا ماذا فعلوا بالحسين هل أكتفوا بقتله لا.. قتلوه عطشانا ولم يتورعوا , حتى عن قتل الطفل الرضيع ، يقال بأن الأمام الحجة (عج) يخرج الطفل عبدالله الرضيع من قبره فيقول بأي ذنب قتل هذا ؟!. لاحظوا أزمة الضمير وأزمة القيم , إلى أين تصل وبعد أن يقتل الحسين يداس الحسين بالخيول ، ويحرق خيام الحسين ويسلبوا نساء وأطفال الحسين ، أزمة ضمير, وأمة انهيار في النظام القيمي ، ولكن أنظر الحسين في المقابل يبكي في يوم العاشر من المحرم , يسأل لماذا تبكي قال أبكي على هؤلاء لأنهم يدخلون النار بسببي،هنا اختلاف في القيم …. من جهة ثانية أن هذا الجيش الضخم الذي وقف مع يزيد والنفر القليل الذين وقفوا مع الحسين على ماذا يدل, أي ظلم يدل على أن هناك خلل في الضمير الإسلامي وخلل في الإرادة الإسلامية كما قال الفرزدق قلوب الناس معك وسيوفهم عليك فهذا يدل على أن هناك خلل في ضمير الأمة , وخلل في إرادتها , بحيث أنها تنصر يزيد وتخذل الحسين , وأنا أقطع بأن أي أمة تقصر في نصرة الحق وتقصر في المطالبة بالحقوق لابد بأن ينتهي بها الأمر إلى خلل في الضمير وخلل في الإرادة ، وما أراد الحسين إلا أن يرد الاعتبار لضمير الأمة وأراد أن يرد الاعتبار إلى إرادة الأمة.

الخطاب السياسي

ونحن هنا في البحرين مصرين على المطالبة بحقوقنا , لان التخلي عن المطالبة بالحقوق تنتهي إلى أزمة في ضمير الشعب وإلى أزمة في إرادة الشعب ، وأنتهز هذه الفرصة وأطرح نقطة في غاية الأهمية , لقد سبق أن طرحتها في مناسبة أخرى , أقول إن استقالة أعضاء المجلس الوطني يعني تقديم خدمة جليلة إلى هذا الوطن وإلى هذا الشعب , واختصار إلى الطريق واختصار إلى آلام الشعب ، وإن لم يفعلوا فإنهم يشاركون بذلك في ترسيخ وضع دستوري ووضع سياسي خاطئين , ويشاركون في إطالة المحنة لهذا الشعب ويشاركون في إطالة عذابات وآلام هذا الشعب, الكل يدرك بأن استقالة أعضاء المجلس الوطني تختصر الطريق, ولهذا أنا في الوقت الذي أطالب هؤلاء بالاستقالة أطالب الناس بأن يبلغوا هؤلاء بهذه الرسالة بكل الأساليب السلمية والأساليب الحضارية , أبلغوهم هذه الرسالة لكي تختصروا الطريق , وفي هذا اليوم المعظم أشير إلى أن هناك شخصية دخلت من الخارج في تاريخ البحرين بأسوأ عمل في تاريخه المعاصر, وهو رمزي الشاعر هذا المصري دخل في تاريخ البحرين ولكنه دخل بأسوأ عمل في تاريخ البحرين وينبغي على شعب البحرين أن لا ينسى ذلك أذكروا رمزي الشاعر بأنه أساء إلى هذا الشعب , وأنه دخل تاريخ البحرين بأسوأ عمل ومن حق الشعب أن يحاسب هذا الرجل على فعلته هذه .

اكتفي بهذا المقدار واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بتاريخ 11 / محرم /1424هـ – الموافق 14 / 3 / 2003 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.