الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 34

أسئلة وأجوبة ( 34 )

الموضوع : أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين على بعض الأسئلة التي وردت إليه خلال الأيام الأخيرة .
التاريخ : 17 / شوال / 1426هـ .
الموافق : 20 / نوفمبر ـ تشرين الثاني / 2005م .

السؤال ( 1 ) : تعيش البحرين هذه الأيام أجواء مواجهة سياسية ساخنة تحتاج إلى الصمود والتضحية . ما هي أهم العوامل التي تساعد الإنسان على الصمود والثبات في المواقف ؟

الجواب ( 1 ) : توجد عوامل عديدة تساعد الإنسان على الصمود والثبات في المواقف ، منها أربعة عوامل أساسية .. وهي :

العامل الأول ـ سلامة العقيدة ورسوخها : تلعب العقيدة دورا أساسيا في صلابة المواقف أو ضعفها .. بشرط أن يكون الإنسان ملتفتا إلى العلاقة بينهما ، حيث ينبغي أن لا تنفصل المواقف عن رؤية الإنسان لنفسه والكون والحياة ، وإلا كانت المواقف من أشكال العبث والتخبط في الحياة .. وهو أمر لا يليق بكرامة الإنسان .

فالمطلوب في المواقف : أن تكون منسجمة ( منطقيا ) مع رؤية الإنسان لنفسه والكون والحياة ، والرؤية الإسلامية العظيمة ( التوحيد والمعاد ) تؤدي ( منطقيا ) إلى مواقف شجاعة وصلبة في كافة شؤون الحياة العامة ، ولا تسمح بالضعف أو الإهمال أو التقصير فيها ، وهي تنسجم مع الفطرة وحاجة الحياة إلى التضحية من أجل بنائها واستقامتها وتطويرها ، والضعف والإهمال والتقصير ( كلها ) لا تنسجم أبدا مع عقيدة التوحيد والمعاد .
أما الرؤية المادية : فهي لا تسمح ( منطقيا ) بالمواقف القوية إلا وفق منطق الربح والخسارة المادية ، فلا يصح ( منطقيا ) أن تطلب من إنسان أن يضحي بنفسه أو ماله أو جهده أو وقته أو أي من مصالحه من أجل الآخرين ، وهو لا يؤمن بالقيم المعنوية ، ويرى بأنه ينتهي بعد الموت إلى الفناء .. ومن يفعل ذلك منهم : ففعله من بقايا الفطرة ، إلا أنه غير منسجم مع رؤيته لنفسه والكون والحياة ، فلا يمكن ( منطقيا ) أن تتولد القيم المعنوية ( ومنها التضحية ) من الرؤية المادية للنفس والكون والحياة ، وعلى كافة الشرفاء المضحين الذين لديهم رؤية مادية للحياة ( مراجعتها ) على ضوء الفطرة ومنطق العقل ومتطلبات واقع الحياة الإنسانية الشريفة والنزيهة ، التي يطلبها كل إنسان بحسب فطرته ، ولا يمكن أن تتحقق إلا في ظل عقيدة التوحيد والنبوة والميعاد .

إنني أقول : إن الرؤية المادية للكون والإنسان والحياة ، تتنافى مع فطرة الإنسان وعقله ووجدانه ، ومع متطلبات الحياة الإنسانية الشريفة والنزيهة ، وحاجة الحياة إلى التضحية لكي تبنى وتستقيم وتتطور ، وعلى كل إنسان شريف مضحي يتبنى رؤية مادية للكون والإنسان والحياة .. مراجعتها قبل فوات الأوان ، ولا تعتبر الممارسات الخاطئة لبعض المتدينين حجة لهؤلاء وغيرهم ، والمطلوب نقدها وتصحيحها ، وليس الهروب من الخطأ إلى خطا أكبر منه وأسوء ، وإلا لفسدت الحياة ، وضاع مستقبل الإنسان ، وخسر نفسه في الدنيا والآخرة ، وليس له حجة عند الله تعالى يوم القيامة .

العامل الثاني ـ توفر القدوة الحسنة : فالقدوة الحسنة من الأنبياء والأوصياء والمؤمنين من أكثر العامل تأثيرا في إقناع الإنسان بالسير في طريق ذات الشوكة والصبر عليه ، إذا انفتح عليها ، وتأمل في سيرتها ، وبحث عن أسرار مواقفها ، وتعلم منها ، واتخذها قدوة له في الحياة ، وجاهد نفسه ( بصدق ) في سبيل الوصول إلى مقامها الشامخ .
قال الله تعالى : { قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا . أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا . يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا . لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا . وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا . مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا . لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } ( الأحزاب : 18 ـ 23 ) .
وقال الله تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ . رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } ( الممتحنة : 4 ـ 6 ) .

العامل الثالث ـ الاطمئنان إلى سلامة الموقف وجدواه : سلامة الموقف من الناحية الفكرية والشرعية والسياسية .. وجدواه : أي قيمته العملية في تحقيق الأهداف . فكلما اطمأن الإنسان أكثر إلى سلامة الموقف وجدواه العملية ، كلما كان أقدر على الصمود والثبات فيه .
قال الله تعالى : { الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ . الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } ( آل عمران : 172 ـ 174 ) .

العامل الرابع ـ تربية النفس : بحيث يكون السلوك أو الموقف مطابقا للفكر ، فكثيرا ما يضعف الإنسان رغم إيمانه بسبب ضعف التربية للنفس ، كما حدث لبعض أصحاب الرسول الأعظم الكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد أن حدثهم عن الثواب العظيم الذي حصل عليه شهداء بدر ، فطلبوا منه أن يدعو الله تعالى بأن تكون معركة بينهم وبين المشركين .. ويرزقوا فيها الشهادة ، فكانت معركة أحد التي فروا منها ( بدلا من الثبات الذي يدعوهم إليه إيمانهم ) وخسروا أمنيتهم في الشهادة وثوابها العظيم ، بسبب ضعف تربيتهم لأنفسهم ، فهزمهم المشركون ، وكاد يقتل الرسول الأعظم الكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
قال الله تعالى : { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ . أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ . وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ . وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ . وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ( آل عمران : 139 ـ 148 ) .
الجدير بالذكر : إن العقيدة السليمة تحتاج إلى الرسوخ الذي يلامس مشاعر الإنسان لكي تؤثر بقوة في المواقف ، وبدون ملامسة العقيدة للشعور ، يكون تأثيرها في المواقف ضعيفا ، فالعقيدة الصحية تضيء للإنسان الطريق ، والشعور الصادق يحركه لطي الطريق وتحمل مشاقه العظيمة .
قال الله تعالى : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } ( الحديد : 16 ) .
وقال الله تعالى : { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا . وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً. وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } ( الإسراء : 107 ـ 109 ) .

وفي ختام الإجابة على هذا السؤال : أنصح إخواني العاملين في الحقل السياسي ، بالمحافظة على المنطلقات والصبغة الإسلامية لتحركهم .. وذلك للأسباب التالية :

السبب الأول : الفوز بالتأييد والنصر الرباني في الدنيا ، وبالثواب العظيم عند الله تعالى يوم القيامة ، إذ بدون المحافظة على المنطلقات والصبغة الإسلامية في تحركهم ، لن يكونوا مستحقين لذلك .

السبب الثاني : إيجاد روح القوة والتماسك والصمود في التحرك ، وهذا ما أثبتته التجارب .

السبب الثالث : أن المنطلقات والصبغة الإسلامية للتحرك ، هي وحدها الكفيلة بالمحافظة على الوجه الإنساني المشرق للحياة ، وبدونها تصبح الحياة مظلمة قاسية غريبة عن عقل الإنسان وفطرته ، وتفسد عقله وقلبه وروحه ووجدانه وضميره .

الجدير بالذكر : أن المحافظة على المنطلقات والصبغة الإسلامية للتحرك السياسي .. لا تعني أبدا : رفض التنسيق مع القوى السياسية العلمانية ، والتعاون معها على الخير المشترك .. ولا تعني : التخلي عن الأهداف الوطنية ، والعمل من أجل كافة المواطنين ، وعدم التمييز بينهم في الحقوق والواجبات .

السؤال ( 2 ) : لقد ظهرت حركة ( حق ) الشعبية إلى الساحة الوطنية في البحرين .
( أ ) : ما هي مبررات وجودها ؟
( ب ) : ما هو مستقبلها في قراءة الأستاذ ؟

الجواب ( 2 ـ أ ) : لم يقتنع القائمون على حركة ( حق ) الشعبية ( حسب اطلاعي ) بمنهجية قوى المعارضة ( في الوقت الحاضر ) وأسلوبها في الإدارة السياسية ، ويحملون ذلك مسؤولية التراجع في الإصلاح السياسي ، وتدهور الأوضاع في الساحة الوطنية .. وعليه : فكروا بالتحرك وفق منهجية وإدارة سياسية جديدتين ، وهذا من حقهم .
ومن أهم ما يقوم عليه تحركهم الجديد : منهج ( المقاومة السلمية ) واعتبار الجماهير طرف ولاعب رئيسي في العملية السياسية .. لا يصح تجاهله .
وأعتقد أن ممارسة القائمين على حركة ( حق ) الشعبية لحقهم الطبيعي الذي تقره الشريعة الإسلامية المقدسة في التحرك ، يصب في خدمة الأهداف الإسلامية والوطنية ويدخل في مرضاة الله تعالى ، إذا توفرت له الشروط الشرعية ، والتزمت كافة الأطراف بالآداب الشرعية والإنسانية للاختلاف .

الجواب ( 2 ـ ب ) : يتوقف مستقبل حركة ( حق ) الشعبية على عوامل عديدة .. أهمها ( باختصار شديد ) العوامل التالية :

العامل الأول ـ البداية القوية والصحيحة في التحرك : فإذا أخطأ القائمون على الحركة في بداية الانطلاق ، ووجهت إليهم سهام النقد الصائبة ، فإنه يصعب عليهم إعادة الانطلاق بقوة من جديد ، وينبغي للقائمين على الحركة أخذ هذه المسألة بكثير من الاهتمام ، ويحذروا من الاستعجال ، وعليهم أن يوازنوا بين ذلك وبين سرعة التحرك التي هم في أمس الحاجة إليها .

العامل الثاني ـ وضوح الرؤية السياسية والإدارية : حيث لا يكفي الإخلاص وسلامة المنهج والاستعداد للتضحية في العمل السياسي ، بدون وضوح الرؤية السياسية والمهارة في إدارة اللعبة وتحريك الملفات .. وأرى : بأن ضعف الرؤية السياسية والإدارية في أداء بعض قوى المعارضة ، كان من أهم عوامل إخفاقها .. بالإضافة إلى عوامل رئيسية أخرى ، وينبغي للقائمين على حركة ( حق ) الشعبية ( إذا أرادوا النجاح لحركتهم ) أن يمتلكوا الرؤية السياسية الواضحة ، وأن يحسنوا إدارة الدور في اللعبة السياسية .. بما تحتاجه من حنكة وصبر وبعد نظر .

العامل الثالث ـ قوة المشاريع التي يتحركون فيها وجدواها : أعتقد أن حركة ( حق ) الشعبية ، لن تعاني من أية صعوبة في اختيار الملفات الساخنة ( ذات المدى الطويل والجدوى السياسية الكبيرة ) التي ينبغي أن تتحرك عليها ، فهذه الملفات موجودة وجاهزة ، ولكن المشكلة في إدارتها ومنهجية التحرك عليها ، وهي المشكلة التي تعاني منها قوى المعارضة في الوقت الحاضر ، والمطلوب من حركة ( حق ) الشعبية أن تحقق النجاح فيها .. بالإضافة إلى النجاح في اختيار الملفات المستجدة ذات الجدوى السياسية ، والتي ترتبط بهموم وقضايا كافة المواطنين ، ونجاحها في تجاوز الحدود الطائفية والفئوية والحزبية في تحركها .

العامل الرابع ـ كسب ثقة الجماهير ودعمهم : فهم الرقم الأصعب في العملية السياسية الذي يتوقف عليه ( كثيرا ) نجاح الأطراف السياسية في عملها وتحقيق أهدافها في الشأن الوطني العام ، ومن شأن انحيازهم لأي طرف سياسي ، أن يقلب الميزان لصالحه .. كما أثبتت التجارب ذلك ، وأعتقد أن نجاح حركة ( حق ) الشعبية في كسب ثقة الجماهير ودعمهم ، يتوقف على مدى النجاح الذي تحققه في توفير العوامل الثلاثة السابقة .
الجدير بالذكر : أن مستقبل حركة ( حق ) الشعبية يتوقف على مدى النجاح الذي تحققه في مدة عام تقريبا .. أي : قبل أن ينجح البرلمان بعد انتخابات ( 2006 ) في إصدار القوانين لإرهابها ومحاصرتها ، وتصطف بعض قوى المسايرة والمولاة ضدها ، فما تحققه من نجاح في الفترة المذكورة ، هو وحده الذي يمكنها من الوقوف على قدميها ، ومنع صدور القوانين والاصطفاف ضدها .

السؤال ( 3 ) : لكي لا نسيء الظن بالأستاذ عبد الوهاب حسين ، كنا قد سألناه سابقا بصفته صاحب رأي حول موضوع جمعية التجديد وكنا ننتظر إجابته عليها وكان سؤالنا هو كالتالي :
يعجبني تركيز الأستاذ عبدالوهاب على الغطاء الشرعي وتركيزه على التمسك به ولي هنا سؤال يا ليتنا نحصل على أجابه منه .
( أ ) : ما رأيكم في التحركات الجديدة لأصحاب البدعة ( جمعية السفارة ) ومحاولاتهم التغلغل والاختراق لبعض المناطق الدينية والثقافية ؟ ونتذكر أنكم أشرتم سابقا إلى خطورتهم فماذا ترون حاليا في طريقة التعامل معهم ؟
( ب ) : هل هناك من الفقهاء من أجاز شرعا التعامل معهم ؟ وماذا ترون فيمن يقبلهم في بيته كما فعل عبد الجليل السنكيس في ما يسمى بمجلس الكرامة حين كان المدعو جواد العصفور موجودا بل ومرحبا به كما اخبرني احد الحضور ، فهل هناك مبرر شرعي وغطاء يمكن تقبله ؟
( ج ) : ما رأيكم فيمن يرحب بهم في بيته ( وهنا لا نقصد الرأي الاجتهادي ، وإنما كمتشرع ، فنحن نعلم بأنك لست من أهل الفتيا ) ؟ وكيف يجب أن نتعامل مع الذين يخالفون الشرع في موضوع كنت ( سابقا ) شريكا في التأصيل إليه ، وهو مقاطعة السفارة ، حين يتم تذويب الهوة بيننا وبين الذين كنا نسميهم المبتدعة ؟
( د ) : هل نستطيع أن نسلم زمام قيادة الأمة إلى من لا يلتفت إلى الشرع ، والى من يستهزأ بالعلماء ، وموقفه في فترة الانتفاضة كان ضدها ، بل ومحارب لها ، ولنا في أهل السنابس شهود .
ننتظر الإجابة الصريحة من الأستاذ كما عودنا على صراحته الدائمة .
( هـ ) : قلبت في أجوبة الأستاذ عبدالوهاب الحلقة السابقة ، ولم أجد الإجابة على سؤالي ، رغم أن الأسئلة نزلت بتاريخ : ( 5-11 ) والأجوبة بتاريخ : ( 8-11 ( ولا نعلم هل سقطت الإجابة سهوا أم عمدا ، وهل الأستاذ يمارس النقد لكل أطياف المعارضة ، أم يمارس النقد لطرف واحد فقط ، هو الذي يستحق أن يمارس في حقه النقد الصريح ، والطرف الأخر رغم الدليل الموجود وهو الصورة ، ورغم أن السؤال كان موجودا ، إلا أن الأستاذ لم يجب ، ونحمل الأستاذ محمل خير ، ونكرر السؤال لعلنا نحظى بالإجابة الصريحة هنا ونذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين .
سيقول الناس : لماذا لا اسأله مباشرة ، ولماذا عن طريق المنتدى ؟
أقول : الأستاذ يأخذ الكثير من الأسئلة من المنتدى .. ومثال ذلك : سؤال نور القلم والعنيد ، كانا منشورين هنا في المنتدى ، والأستاذ آخذهم وأجاب عليهم من هنا ، كسؤال العنيد حول صلح الحسن . فالأستاذ مما لا شك فيه يأخذ بعض الأسئلة من المنتدى ، ولكن أتمنى أن لا تكون الأسئلة التي يأخذها انتقائية ، تصب في خانة نقد معارضة بتيار واحد ، بشخص واحد ، بجهة واحدة ، والبقية مرفوع عنهم القلم ، وهو يركز على الشرع في إجاباته ، وسؤالنا شرعي ، فليته يجيبنا عن شقينا السياسي والشرعي ، على أن سؤالنا به نقاط أيضا أتمنى أن لا يغفلها الأستاذ العزيز .

الجواب ( 3 ـ أ ) : من حقنا في ظل قواعد اللعبة الديمقراطية أن نخنق أصحاب البدعة ونقضي عليهم ( سياسيا ) ولا نسمح لهم ببث سمومهم القاتلة بين أبنائنا .. والقضاء عليهم ( سياسيا ) ممكن ، وبدعتهم غير قابلة في نفسها للبقاء والامتداد ، ولكنهم في ظل غفلتنا ، وغياب الإستراتيجية العامة للحركة ، والتركيز الآني والانفعالي على بعض الملفات .. وإغفال البعض الأخرى ، يتحركون ويكسبون ويتغلغلون ويخترقون ، مستفيدين من الأجواء المساعدة لهم ، وما يلقونه من الدعم ، وهم يستجهلوننا ، ويعتبروننا مغفلين ، ولا نفهم في الدين والسياسة ، والمهم أيها الأخ العزيز ، ليس الانفعال في التعاطي معهم ومع كافة القضايا والمسائل السياسية وغيرها ، وإنما التحرك المحكم الفعال ، وهذا في الحقيقة ما ينقصنا .

الجواب ( 3 ـ ب ) : لقد أفتى الفقهاء العظام المعتبرون لدى الغالبية العظمى من أبناء الشيعة في البحرين بحرمة التعامل مع أصحاب البدعة ، لما يمثلونه من خطر جدي على الدين والطائفة .. وعلينا كمتشرعين : أن نلتزم بذلك ، ولا نتسامح معهم ومع من يقبلهم بدون عذر أو شبهة ، والدكتور عبد الجليل السنكيس إنسان متدين .. لا يجوز لنا إساءة الظن به ، فقد يكون لا يعرف الرجل المذكور ، وقد يكون وقع في شبهة .. والمطلوب منا : أن نحسن الظن به ، ونسأله عن الموضوع ، وننصحه إذا كان مخطئا .

الجواب ( 3 ـ ج ) : علينا كمتشرعين أن نلتزم بفتاوى الفقهاء ، ولا نتسامح مع أصحاب البدعة ومن يقبلهم ، ولا يجوز ( بحسب أقوال الفقهاء ) أن نذوب الهوة بيننا وبينهم ، لأن في ذلك توهين للدين وإضعاف للمؤمنين ، وعلينا أن نحسن الظن بالمؤمنين ، ولا يجوز إساءة الظن بهم ، ولا التسرع في إصدار الأحكام الجائرة عليهم ، فنحن مطالبون ( شرعا ) بالحذر من سوء الطبع ، ومن الدوافع الذاتية في إصدار الأحكام الجائرة على المؤمنين ، ولا أعني أن الأخ السائل الكريم هو كذلك ، وإنما الإشارة إلى التحذير من كمال الإجابة على السؤال .. وعن نفسي : كنت ولا زلت أرفض وأناهض أصحاب البدعة ومن يقف إلى صفهم ، وأرفض وأناهض تذويب الهوة بيننا وبينهم ، ولكني أبذل جهدي للعمل بالحكمة ، ولا أسيء الظن بالمؤمنين .

الجواب ( 3 ـ د ) : المؤمنون لا يسلمون زمام أمورهم إلا إلى المؤمنين المأمونين الأكفاء ، وليس إلى كل أحد .. وأرى ( تقليدا ) في زمن الغيبة : بأن زمام الأمور يجب أن تكون بأيدي الفقهاء العدول الأكفاء ، وعلى المؤمنين أن يدوروا في فلكهم من أجل خير الدنيا والآخرة ، وقد أثبتت التجارب : أن تسليم الأمور إلى الفقهاء غير الأكفاء ، لا يقل سوءا عن تسليمه لغير الفقهاء .. إن لم يزد عليه .

والخلاصة : أن خطي في العمل ، هو تسليم الأمر إلى الفقهاء والعلماء والمؤمنين الأكفاء ، وليس إلى كل فقيه ، أو كل عالم ، أو كل مؤمن .. مع الاحتفاظ للجميع : بالمكانة والاحترام والتقدير وحسن الظن ، وأرفض وأدين الاستهزاء بمن أختلف معه في الرأي أو الموقف من العلماء الأجلاء والمؤمنين ، ولا أرضى بتسليم الأمر إليه .. مع التنبيه إلى : ضرورة التمييز بين الاستهزاء من جهة ، والاختلاف أو النقد العلمي للآراء والمواقف من جهة ثانية .

أما الاختلاف في الرأي مع القائمين على الانتفاضة المباركة : فليس معيارا للحكم على الأشخاص ، فهناك من المخلصين من كان له رأيا مخالفا للانتفاضة ، منهم من لا زال على رأيه ، ومنهم من غيره .. وهذا من حقهم ، وقد اختلف الفقهاء ( رضوان الله تعالى عليهم ) في الآراء والمواقف الدينية والسياسية ، والاختلاف في الرأي تفرضه الإرادة الحرة الواعية للإنسان وكرامته ، وهو مطلوب من أجل الحراك الفعلي نحو الحق والعدل والاستقامة والكمال ، وبدونه لا يتحقق ذلك ، ولو اطلعتم على حقيقة آراء كل من تعرفونهم وتثقون فيهم .. لكان لبعضكم رأي آخر ، وعند هذا الحد : أتوقف قربة إلى الله تعالى .

الجواب ( 3 ـ هـ ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : أيها الأخ الكريم : لم تسقط الإجابة على أسئلتك سهوا بل عمدا ، فلي ظروفي ، ومطلوب مني التريث وحسن الاختيار ، ولا تتوقع مني الإجابة على كل سؤال يصلني ، فقد تقتضي الحكمة ( أحيانا ) تجاهل بعض الأسئلة ، وهذا ما يحدث فعلا ، وإلا أصبحت لقمة سهلة بيد المغرضين !!

النقطة الثانية : من حقي عليك : أن تحسن الظن بي ( حسب الظاهر مني ) فأنا ( حقا ) منكم ( أيها المؤمنون ) ومحب ومخلص إليكم ، وإن رأيتني أختلف معك ومع بعض المؤمنين الأعزاء في بعض الآراء والمواقف .

النقطة الثالثة : أنا أمارس النقد ( تعبديا ) للسلطة ولجميع أطراف المعارضة ، ولا انتقي الأسئلة على أساس التمييز بين المؤمنين ( أعوذ بالله العظيم من ذلك ) وأعلم أخي الكريم : إني أمارس النقد ( قربة إلى الله تعالى ، وفق رؤيتي الإسلامية للنقد ) لمن أحبهم وأخلص إليهم من المؤمنين .. أكثر من غيرهم ، فكلما قرب العاملون من الله تعالى ، كلما كنت أحرص على القرب إليهم ، ومراقبتهم ونقد أطروحاتهم ومواقفهم ، بهدف المساهمة في التبصير والإصلاح والتطوير .. وذلك كله : قربة إلى الله تعالى ، لعلمي بأهمية النقد العلمي في تحقيق ذلك الهدف ، بل لا يمكن أن يتحقق ذلك الهدف بدونه !!

النقطة الرابعة : لك أن تسألني من خلال ملتقى البحرين ، أو من خلال أية قناة أخرى يصلني من خلالها السؤال ، فحرصي كبير جدا على وصول أسئلتك وأسئلة كافة إخوانك المؤمنين الأعزاء .. والإجابة عليها ، ولهذا وجدت حلقات أسئلة وأجوبة ، كسبيل لخدمة دين الله تعالى والمؤمنين ، والقنوات التي تصلني من خلالها الأسئلة كثيرة .. ومنها ملتقى البحرين ، وكثيرا ما أفتش عن الأسئلة ولا انتظر وصولها لي بسهولة .

النقطة الخامسة : أشكرك لأنك حملتني على محمل الخير ، وأعلم أن نيتي كانت الإجابة على سؤالك منذ البداية ، ولكن لي ظروفي وحق التوقيت ، وها أنا ( طائعا ) قد أجبت على أسئلتك جميعها .. فهل رضيت ؟ وهل تقبلني أخا مخلصا لك ولكافة إخوانك المؤمنين الأعزاء ؟
أرجو ذلك ..
وإن وجدت ( أخي الكريم ) في إجاباتي ما يخالف رأيك ، فهو شيء طبيعي ، ولا ينال من أخوتنا الإيمانية شيئا ، فأنا لست ضد من أختلف معه أو يخالفني الرأي ، وأرجو أن تكون أنت كذلك .

النقطة السادسة : في نهاية إجابتي على أسئلتك .. أريد أن أنبه مخلصا : أن الأخوة المؤمنين القائمين على حركة ( حق ) الشعبية ، هم أخوة مجاهدون ، وأخوة طريق أعزاء علينا ، لهم نفس أهدافنا الدينية والوطنية ، وإن رأوا أن الطريق إليها يمر عبر منهجية وإدارة سياسية للملفات تختلف عن المنهجية والإدارة التي تسير عليها جمعية الوفاق وبعض الرموز العلمائية القيادية الكبيرة ، وقد بذلوا التضحيات الجسيمة من راحتهم وأموالهم وأوقاتهم ، من اجل دينهم ووطنهم وإخوانهم المؤمنين ، والمطلوب منا أن نلتزم معهم بالآداب الشرعية والإنسانية للاختلاف .. وأنصح نفسي وكافة إخواني المؤمنين الأعزاء : بأن لا يفرزوا إخوانهم المؤمنين على الغير ، لمجرد الاختلاف معهم في الرأي أو الموقف ، ثم الاحتراب والسعي الشيطاني المحموم للتخوين أو التسقيط ( أعاذنا الله تعالى جميعا من ذلك الشر الشيطاني الكبير ) فهذا هو الخطر الحقيقي علينا جميعا ، وليس الخطر في الاختلاف في الرأي أو الموقف ، الذي هو حق طبيعي للإنسان ، ومعلم بارز من معالم الكرامة والحياة الإنسانية ، وهو السبيل الوحيد إلى الحراك الفعلي نحو الحق والعدل والاستقامة والكمال الإنساني : الفردي والمجتمعي .

أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذا المقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.