الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 40

أسئلة وأجوبة ( 40 )

الموضوع : أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين على بعض الأسئلة التي وردت إليه في الأيام الأخيرة .
التاريخ : 20 / محرم / 1427هـ .
الموافق : 19 / فبراير ـ شباط / 2006م .

السؤال ( 1 ) : الأستاذ عبد الوهاب حسين ..
السلام عليكم .
منذ ثلاثة أسابيع تقريباً بعثت بسؤال لك ولم يصلني الجواب بعد ، فأرجو الإجابة ، والسؤال هو :

سؤالي خاص من جهة وعام من جهة أخرى لأنه يتعلق بحالة النقد ومدى تقبلنا لها، ويحتاج لمقدمة بسيطة . منذ فترة وأنا أتابع موقع بحرين أون لاين ، وقد سرني فيه شئ وأحزنني شئ ، سرني أن يحوي مختلف الرؤى ، وأحزنني أن تسود فيه رؤيتك وذلك لاختلافي الجذري معك بخصوص النقد العلني للقيادة . فاعتمدت على ما يسرني وهو تعدد الرؤى لأواجه ما يحزنني وهو سيادة رؤيتك وعزمت على الكتابة رداً عليك واخترت لنفسي اسم “ابن البحرين الحبيبة”. وقد قررت أن أتبع أسلوبك في النقد ، فأعلنه كما أعلنته ، وأجعله قابعاً بين الجرأة الشديدة والاحترام الشديد كما جعلته . فبدأت المشوار برسالة مفتوحة لك نشرتها في الموقع تحت عنوان “رسالة مفتوحة للأستاذ عبد الوهاب حسين”، ولم تكن هناك أية مشكلة ، وبعدها بيوم نشرت موضوعاً آخر تحت عنوان “ردود على بعض أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين”، وكانت المفاجأة أني لم أجد الموضوع في الموقع في اليوم التالي حيث تم حذفه ، فنشرته ثانياً تحت عنوان آخر وهو “القيادة الأحادية والتعددية عند الأستاذ عبد الوهاب حسين .. وتعليق” وقد تم حذفه أيضاً .
وسؤالي : هل تعديت عليك حين اتبعت أسلوبك في النقد أم لا ؟
وهل تنصحني بالاستمرار في نقد أفكارك بجرأة واحترام أم تنصحني بعكس ذلك ؟
وفي المقابل : هل تقبل أن يتم حذف ما أكتب تحت عنوان إثارة الفتنة والبلبلة أم لا ؟ وباختصار : ماذا تقول لي وماذا تقول لهم ؟

الجواب ( 1 ) : أخي الحبيب / ابن البحرين الحبيبة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
في البداية : اعتذر إليك عن تأخر ردي على رسالتك ، لأني لم أطلع عليها قبل هذا اليوم ، وإني أرى أن اختلافك معي دليل صحة وعافية ، ولا أرى في نقدك لآرائي أي تعد علي ، ولو عرفتك لقبلت بين عينيك ، فأصدع برأيك واستمر في نقدك ولا تأخذك في الحق لومة لائم ، وأنا لا أقبل حذف موضوعاتك التي تتعلق بنقدك لآرائي ، وقد سبق أن قلت مرارا لبعض من أعرفهم من المشرفين : لا تحذفوا أي نقد يوجه إلي في الملتقى ، وأرجو أن يسمعوا هذا ويطبقوه ، فالنقد لا يضايقني أبدا ، وهو في رأيي دليل عافية .
وفي الختام : تقبل تحيات المحب لك / عبد الوهاب حسين .

السؤال ( 2 ) : تشهد الساحة الدولية ردة فعل إسلامية قوية ضد الإساءة للرسول الأكرم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . كيف يفهم الأستاذ عبد الوهاب هذه الإساءة وبماذا بنصح ؟

الجواب ( 2 ) : أزمة الإساءة تتعلق بطرفين : العالم الغربي والعالم الإسلامي .

أولا ـ فيما يتعلق بالعالم الغربي : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : إن تبرير الإساءة بحرية التعبير يشير إلى أزمة في الفكر والحضارة الغربية ، وفي سبيل توضيح الفكرة أضرب لكم مثلا من حالة هذا الفكر والحضارة .. ففيهما : يعتبر اللواط والزنا حرية شخصية ، بل تدخل ممارسة الزنا أمام الناس في الشارع العام في دائرة الحرية الشخصية أيضا ، فليس غريبا على هذا الفكر وهذه الحضارة أن تعتبر الإساءة إلى المقدسات الدينية من حرية التعبير ، وهذا يدل على أمرين مهمين .. وهما :

الأمر الأول : أن هذا الفكر وهذه الحضارة لا يميزان بين الشيء وضده ، فهما لا يميزان بين الحرية وما هو ضدها . إن اللواط والزنا أمام أعين الناس من التحلل وليسا من الحرية الشخصية ، والإساءة إلى المقدسات الدينية اعتداء وليس من حرية التعبير ، والتحلل والاعتداء ضد الحرية بالتأكيد .

الأمر الثاني : إن تصنيف التحلل ( اللواط والزنا مثلا ) في دائرة الحرية الشخصية والاعتداء على المقدسات في دائرة حرية التعبير ، يدل على الموت المعنوي لمن يعيش على هذا الفكر وهذه الحضارة ، ويدل على ضلال هذا الفكر وهذه الحضارة وفقدانهما للصبغة الإنسانية .

قال الله تعالى : { أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ( الأنعام : 122 ) .

وقال الله تعالى : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } ( الأعراف : 179 ) .

ومما يدل على الموت المعنوي للساسة الغربيين : التحريم القانوني لنكران محرقة اليهود على يد النازية ، واحتجاج وزيرة الخارجية الأمريكية على نشر التلفزيون أللاسترالي لصور التعذيب للسجناء العراقيين في سجن أبو غريب .. وترى بأنه غير مناسب ، في الوقت الذي يتضامن هؤلاء الساسة ( الأموات ) مع الصحف الدنمركية في إساءتها للرسول الأعظم الكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وجرح شعور مليار وأربع مئة مليون مسلم .

النقطة الثانية : أن موقف الحكومات الغربية يدل على الاستعلاء والغطرسة ، فهي تنظر إلى أوربا وحضارتها ( المادية الخليعة ) فوق الجميع ، ولا تكترث بمشاعر مليار وأربع مئة مليون ( 000، 000، 400، 1 ) مسلم في العالم . بل لم تكترث بمشاعر المسلمين في بلدانها الذين يمثلون أتباع الدين الثاني فيها .. وهذا يعني أننا كمسلمين : إما أن نخضع لهذه الغطرسة ونكون ضحايا لها ، وإما أن نواجهها بأسلوب إنساني متحضر .. وهو المطلوب قطعا . كما يدل موقف الحكومات الغربية على التعصب الأعمى وعدم الفهم والتفهم لأفكار الآخرين ومشاعرهم ومواقفهم .

النقطة الثالثة : أن الإساءة إلى مقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يمثل قمة المقدسات الإسلامية ، تعني أن لا حرمة للمسلمين لدى هؤلاء . فمن يعتدي على مقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو يمثل قمة المقدسات الإسلامية ، لن يتردد بعدها في انتهاك كل حرمة للمسلمين لأنها دون الإساءة لمقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الدرجة . إن قتل المسلمين ونهب ثرواتهم والسيطرة على بلدانهم ، كلها دون الإساءة لمقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الدرجة ، وكلها مع الإساءة حلال لدى هؤلاء المستكبرين .

النقطة الرابعة : إن الحكومات الغربية تدين حرق السفارات الدنمركية والنرويجية وتعتبره من الإرهاب ، ودعت الحكومات الإسلامية إلى قمع الاحتجاجات ، وتجاهلت أن الإساءة إلى مقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكـثر إرهابية ( في عرف الإنسان السوي ) من حرق السفارات . إنني لا أدعو إلى حرق السفارات ، وإنما أدعو إلى الممارسات الحضارية الأكثر أهمية من ذلك ، ولكن ليعلم الغرب والعالم بأن الإساءة إلى مقام الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكثر إرهابية من حرق السفارات ، ولكن الساسة الغربيين لا يسمعون لأنهم أموات غير أحياء . إننا لا نقول ذلك عن السفارات الغربية فحسب ، وإنما نقوله عن أنفسنا كمسلمين ، فلو خير أحد الأعداء أحدنا بحرق بيته أو الإساءة إلى مقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لاختار بدون تردد حرق بيته على الإساءة إلى مقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .

والخلاصة : ليعلم الغرب والعالم أننا ننظر بروح إنسانية شفافة ، إلى أن الإساءة إلى مقام الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكثر إرهابية من حرق السفارات .

ثانيا ـ فيما يتعلق بالعالم الإسلامي : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : أن ضعف الحكومات الإسلامية وانفصالها الظاهر عن شعوبها هو الذي جرأ الغرب المتغطرس على الإساءة إلى مشاعر المسلمين ومقدساتهم وانتهاك حقوقهم وحرماتهم .

النقطة الثانية : أن الكثير من الحكومات الإسلامية غير مهيأة للدفاع عن حرمات المسلمين وحقوقهم ومقدساتهم .. لأنها أول من ينتهكها .

إذ كيف تدافع حكومة مستبدة ظالمة عن حقوق شعبها أمام العالم وهي أول من ينتهك هذه الحقوق ؟
وكيف تدافع حكومة عن المقدسات الإسلامية وهي أول من ينتهك حرمتها ؟
ألم تروا بأنفسكم كيف كان يشتم رب العزة والجلال ويشتم الدين ويشتم الأئمة ( عليهم السلام ) ويشتم القرآن الكريم وتشتم المقدسات والأعراض هنا في البحرين أثناء التحقيق مع المعتقلين أثناء الانتفاضة المباركة ؟ وأعلموا أن هذا هو حال الكثير من الحكومات في العالم الإسلامي .
فهل هذه الحكومات التي تشتم الدين والمقدسات والأعراض مهيأة للدفاع عنها أمام الأعداء الخارجيين ؟

والخلاصة : إذا أردنا العزة والكرامة لديننا وامتنا ، وأن يكون لنا موقع واحترام في العالم ، فعلينا أن نصلح أوضاعنا الداخلية في العالم الإسلامي ، وما لم نفعل ، فسوف نبقى مهانين ، ولن تكون لنا عزة أو كرامة ، وسوف تتجمع علينا الأمم المستكبرة تجمع الأكلة على قصعتها .

النقطة الثالثة : لقد أخطأت الحكومات الغربية في تقديرها هذه المرة ، لأنها لم تميز بين المواجهة مع الحكومات الإسلامية الهزيلة والمواجهة مع الشعوب الإسلامية الغيورة على دينها . إن الحكومات الغربية دخلت هذه المرة في مواجهة ضروس مع الشعوب الإسلامية الغيورة على دينها وليس مع حكوماتها الهزيلة . ورغم تحريض الحكومات الغربية الحكومات الإسلامية على قمع الاحتجاجات لعلمها بواقع حال هذه الحكومات وعلاقتها بالدين والشعوب ( وسوف يأتي القمع بعناوين شتى ) إلا أنها لن تفلح ، وسوف تتلقى الحكومات الغربية المتغطرسة الدرس من الشعوب الإسلامية المستضعفة الغيورة على دينها الإسلامي الحنيف .

النقطة الثالثة : ينبغي على القيادات الإسلامية الكبيرة أن تمسك بزمام الأمر في يدها ، وأن تبقي وهج الاحتجاجات في العالم الإسلامي مستمرا حتى الوصول إلى نتيجة ( عملية ) تحفظ للأمة الإسلامية عزتها وكرامتها ، وتمنع من تكرار الإساءة لمقام الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمقدسات الإسلامية العظيمة ، وعدم السماح للحكومات وسماسرة السياسية بتفويت هذه الفرصة المواتية ، لتحقيق هذا الهدف المقدس العظيم ، ولتعلم القيادات الإسلامية : بأن الإضرار بالمصالح المادية للدول الغربية هو أكثر ما يخيفها ، وتحقيق ذلك بالأساليب السلمية في غاية الإمكان لدى الشعوب الإسلامية ، فعليها أن تركز على ذلك ، وأن تتمتع بالنفس الطويل لتحقيق أهدافها ، وليكن من أهدافها إصدار قانون أممي وأوربي يمنع الإساءة للأنبياء والمقدسات الدينية ، بدون أن يضر ذلك بالحوار والبحث العلمي الموضوعي في الأديان ، الذي هو حق إنساني كفلته الأديان نفسها ، وفي مقدمتها الدين الإسلامي الحنيف .

السؤال ( 3 ) أثيرت أسئلة عديدة حول العريضة المزمع رفعها إلى الأمم المتحدة نرجوا من الأستاذ عبد الوهاب حسين التفضل بالإجابة عليها .. منها :
( أ ) : كانت المرجعية التي تلتزم بها المعارضة في المطالبة بالحقوق الوطنية .. هما : دستور ( 73 ) وميثاق العمل الوطني .. فلماذا تجاوزت العريضة ذلك ؟
( ب ) : ألم تتجاوز العريضة مقررات المؤتمر الدستوري ؟
( ج ) : ما هي الجدوى العملية للعريضة ؟
( د ) : لماذا لم تتأخر العريضة إلى ما بعد الانتخابات ؟ ألا يعتبر ذلك خطأ في التوقيت ؟
( هـ ) : ما هو تقييمك لمن يقف ضد العريضة من القوى السياسية ؟ وهل تعتبر عدم استشارة البعض مبررا لمعارضتها والوقوف ضدها ؟
( و ) : يبرر البعض مسايرة النظام بالتوجهات الأمريكية . ما هو تعليقك على ذلك ؟

الجواب ( 3 ـ أ ) : لقد انقلبت السلطة مرتين على دستور ( 73 ) الأولى في أغسطس من عام ( 1975م ) والثانية في فبراير من عام ( 2002م ) وانقلبت في المرة الثانية على ميثاق العمل الوطني ( أيضا ) وتوغلت في التراجعات الانقلابية من كل جانب : أمنيا وسياسيا وقانونيا وحقوقيا وخدماتيا وغيرها ، وأزمة الوضع كثيرا في الساحة الوطنية ، ولم تكترث بتعهداتها ، ولم تكترث بإرادة الشعب وحقوقه والأسس التي تقوم عليها الدولة ، ورفضت ( مع ذلك كله ) الحوار مع المعارضة .. وفي ظل ذلك : يصبح الشعب في حل من التزاماته السابقة ، ويحق له أن يؤسس لوضع جديد أفضل لحركته الوطنية في الإصلاح والتطوير وضمان حقوقـه ، ومن هـنا جاءت ( بحسب رأيي ) مخاطبة المسؤول الدولي والمطالبة الواقعية المشروعة بوضع دستور جديد من خلال هيئة تأسيسية منتخبة .

الجواب ( 3 ـ ب ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : تقوم العريضة على نفس الأساس الذي قام عليه المؤتمر الدستوري وهو عدم الاعتراف بدستور المنحة ، إلا أنها تجاوزت دستور ( 73 ) الذي دعا إليه المؤتمر الدستوري في المطالبة بوضع دستور جديد من خلال هيئة تأسيسية منتخبة ، ولا أرى في ذلك التجاوز أي بأس سياسي .. وذلك للأسباب التالية :

السبب الأول : انقلاب السلطة ( مرتين ) على دستور ثلاث ( 73 ) وانقلابها على ميثاق العمل الوطني ، وعدم اكتراثها بتعهداتها وبإرادة الشعب وحقوقه والأسس التي تقوم عليها الدولة ، ورفضها الحوار مع المعارضة .

السبب الثاني : مخالفة الجمعيات الأربع ( المكون الأساس للمؤتمر ) لمقررات المؤتمر الدستوري باعترافها ( الفعلي ) بدستور المنحة من خلال قبولها التسجيل تحت مظلة قانون الجمعيات السياسية .

النقطة الثانية : ليس في مخاطبة المسؤول الدولي أية مخالفة قانونية أو لمقررات المؤتمر الدستوري ، وهي مبررة سياسيا برفض الملك تسلم العريضة الشعبية التي وقع عليها ما يقارب ( 70،000 : مواطن ) .

الجواب ( 3 ـ ج ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : يفهم بعض من لا خبرة له بالسياسة ومنطق الأشياء ومجرى الحوادث جدوى العريضة بالاستجابة الفورية من المؤسسة الدولية لها ، وهذا خطأ يدل الترويج له على الجهل المركب وسوء النية أحيانا . فلا يتوقع أحد الاستجابة الفورية من المؤسسة الدولية ، ويجب العلم بأن العريضة لن تكون الخطوة القادرة لوحدها على تحقيق المطلب ، وإنما يجب أن تتلوها خطوات وخطوات حتى تتحقق المطالب .. وقد يتطلب ذلك سنوات عديدة .

النقطة الثانية : لقد انقلبت السلطة على الدستور العقدي وميثاق العمل الوطني ، ولم تكترث بتعهداتها ولا بإرادة الشعب وحقوقه ولا بالأسس التي تقوم عليها الدولة ، ورفضت الحوار مع المعارضة ، ورفـض الملك تسلم العريضة الشعبية الـتي وقــع عليها مـا يقـارب ( 70,000 : مواطن ) وظنت السلطة بأنها ملكت الأمر وسيطرت على الموقف ، فلم تقف المعارضة مكتوفة الأيدي ، وقامت بمخاطبة المسؤول الدولي بمطالبها ( وهذا مكسب لأنه أوصل القضية إلى المؤسسات الدولية خارج الحدود ، فأصبح للقضية حضورها الدولي ) وهو يدل على المثابرة وإصرار المعارضة ( ببركة دعم الشعب لها ) على مواصلة طريق المطالبة ، وعدم اليأس ، وعدم التوقف عن المطالبة بالحقوق المشروعة ، وهذه إيجابية كبيرة ومهمة جدا في العمل السياسي الجاد ، ومؤشر مهم من مؤشرات النجاح .

النقطة الثالثة : أن القيمة الأكبر للعريضة تتمثل في إشاعة ثقافة الحقوق ، والوعي بها ، والإصرار عليها ، وسلوك كافة الطرق المشروعة للحصول عليها . فالعريضة تدل على وعي أبناء الشعب بأنهم مصدر السلطة ، وأن من حقهم وضع دستورهم بأيديهم ، وليس لأحد فرضه عليهم أو يمنحهم إياه ، وليس للسلطة فرض وجودها وأجندتها على أبناء الشعب ، وأن من حقهم اختيار حكومتهم وعزلها . كما تدل العريضة على إصرار أبناء الشعب وسلوكهم كافة الطرق المشروعة للحصول على هذه الحقوق وغيرها ، وهذا الوعي والإصرار لدى أبناء الشعب مما يقلق ( حقا ) السلطة التي تحاول أن تفرض وجودها وأجندتها كأمر واقع على أبناء الشعب وتقطع عليهم طريق الحصول على الحقوق ، ويبعث الأمل في تحصيل أبناء الشعب لحقوقهم المشروعة طال الزمن أو قصر ، وهذا يثبت بأن هذه السلطة لم تعد قدرهم الوحيد !!

الجواب ( 3 ـ د ) : أرى بأن التوقيت مناسب جدا في ظل التوجه للمشاركة ، وذلك لأن السلطة وقوى الموالاة والكثير من الحقوقيين والمراقبين السياسيين وبعض رموز وقوى المعارضة ، يرون بأن المشاركة تعني الاعتراف بدستور المنحة ، ومع تأخر العريضة سوف يصبح الاعتراف بدستور المنحة أمر واقع ، ويقطع الطريق على المعارضة في المسألة الدستورية والمطالبة بوضع دستور جديد يكتبه أبناء الشعب أنفسهم . ومع طرح العريضة قبل المشاركة في الانتخابات .. يحدث العكس : يقطع الطريق على من يريد فرض دستور المنحة كأمر واقع ، ويوفر أرضية سياسية ( على الأقل ) لمن يريد المشاركة مع عدم اعترافه بدستور المنحة .

الجواب ( 3 ـ هـ ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : العريضة وما تضمنته من مطالب ( من الناحية السياسية ) حق ثابت للمواطنين ، وقد جرى ذكر ما تضمنته من مطالب في أطروحات الكثير من الرموز الدينية والسياسية ، مما يعني أن لها قاعدة فكرية وسياسية وجماهيرية واسعة ، وليس فيها ( من الناحية الدينية ) أية مخالفة شرعية ، وقد دعمتها رموز دينية وسياسية مشهود لها بالوعي والإخلاص والدين والوطنية .. وعليه : فإني أرى بأن الوقوف ضد العريضة ( بتعبير مهذب ) ليس محسوب من الناحية المبدئية والأخلاقية والسياسية ، ولا أفهم إلا أنه ينطلق من الذوات ولخدمة مصالح خاصة : شخصية أو حزبية ، ولا أرى في مثل هذا التوجه إلا الدمار ، ولا أرى فيه أية مصلحة دينية أو وطنية .

النقطة الثانية : إذا كانت العريضة تخدم المصلحة الإسلامية والوطنية ، فإني لا أرى عدم مشاورة الرمز أو الطرف السياسي بشأنها سببا لعدم دعمه إياها . وأنا شخصيا قد استشرت بشأنها ، ويعلـم الله ( تبارك وتعالى ) بأني لن أتردد في دعمها لو أني لم استشار ، وقد سبق أن دعمت بعض المشاريع التي أختلف حولها ، لأني وجدت في دعمها مصلحة إسلامية ووطنية .

الجواب ( 3 ـ و ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : أرى بأن الإدارة الأمريكية ( من الناحية النظرية والفعلية ) عدوة ( على المدى القريب والبعيد ) للمشروع الإسلامي وللشعوب الإسلامية ، وينبغي النظر إليها والتعامل معها على هذا الأساس الاستراتيجي ، وبه أنصح وأوصي إخواني المؤمنين الأعزاء . وأرى بأنه لا خير في أي مكسب يتوقف الحصول عليه بالصداقة لأمريكا والتخلي عن العداوة لها ، لأن فيه تخلي عن موقف إستراتيجي في سبيل أهداف جزئية ، وهو خطأ استراتيجيا بالتأكيد .

والخلاصة : كل مكسب يتوقف الحصول عليه بالصداقة لأمريكا والتخلي عن العداوة لها ، فهو تحت أقدامنا .

النقطة الثانية : أن من ينظر إلى أمريكا كعدو لا يصح منه ( من الناحية الحرفية ) أن يسلمها مفتاح عمله ، فينظر إلى رضاها في تحديد مسار عمله وسقف مطالبه ، فيكون بذلك قد حكم على نفسه بالانتهاء .

النقطة الثالثة : أن الرهان على أمريكا ( من الناحية العملية ) ليس في محلة ، لأن أطراف المعارضة بكل ألوان طيفها : الإسلامية والوطنية ، لن تستطيع أن تقدم ( إذا حافظت على مبدئيتها ) إلى أمريكا من التنازلات والخدمات أكثر من السلطة ، وإذا تخلت عن مبدئيتها ، فليس بينها وبين السلطة لدى أبناء الشعب الشرفاء أية فروق .

والخلاصة : أن السلطة هي الخيار الأفضل لدى أمريكا .

النقطة الرابعة : أن في وسع أبناء الشعب إذا تضامنوا وأحسنوا الدور أن يحصلوا ( بحسب تقديري ) على حقوقهم بدون الحاجة إلى أمريكا ، لا سيما إذا توحدت الرؤية لدى الشعوب الإسلامية .

السؤال ( 4 ) : تحاول السلطة محاصرة التحرك الجديد للمعارضة من خلال خلق قضايا جانبية مثل حزم القوانين المجحفة والاعتقالات لتشغلها بها لتمنعها من التقدم إلى الأمام في المطالبة بالحقوق . ما هو السبيل للخروج من ذلك ؟

الجواب ( 4 ) : السبيل إلى التغلب على ذلك السلوك السلطوي المجحف ، والخروج من مأزقه .. يتمثل في النقاط التالية :

النقطة الأولى : التمسك بالحقوق والإصرار على تحصيلها بكافة الأساليب والوسائل المشروعة ، والعلم بأن التمسك بالحقوق العامة ، يعني تمسك الإنسان بإنسانيته الفذة وكرامته ، وأن التخلي عنها يعني تخلي الإنسان عن إنسانيته وكرامته ، وهو أمر مرفوض عقلا وشرعا .

النقطة الثانية : التحلي بالروح القتالية والبحث عن الأساليب الأكثر فاعلية وتأثيرا في تحصيل الحقوق والاستعداد التام لتقديم التضحيات المناسبة المطلوبة .

النقطة الثالثة : العمل على ضوء إستراتيجية واضحة تحدد الأهداف والأساليب ، وتضمن عدم الانشغال بالقضايا الجانبية على حساب القضايا الأساسية ، وعدم التهويل من شأن بعض القضايا والحرص على إعطائها حجمها الطبيعي ، وعدم السماح للسلطة بالابتزاز السياسي للحركة أو إدخالها في حلقة مفرغة أو المراوحة السياسية في مكانها .. وذلك يحتاج بالإضافة إلى الإستراتجية الواضحة إلى : توفر الإرادة السياسية ، والروح القتالية ، والاستعداد التام لتقديم التضحية المناسبة المطلوبة .

النقطة الرابعة : اعتماد طريقة فرق العمل المتخصصة تحت إشراف قيادة مركزية ، لضمان أمورين أساسيين .. وهما :

الأمر الأول : أن يكون العمل ضمن إستراتيجية عمل واحدة متفق عليها .
الأمر الثاني : عدم الإهمال لبعض القضايا المهمة ، وعدم الانشغال ببعضها على حساب البعض الآخر .

السؤال ( 5 ) : مع التوجه الجديد لدى الوفاق للمشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة ، تثار العديد من الحوارات والأسئلة ، نرجوا منك الإجابة والتعليق عليها .. منها :
( أ ) : أن المقاطعة سببت الضرر للوطن وأنها لم تأتي بفائدة .
( ب ) : لم يكن هناك برنامج للمقاطعة ، وأن التجربة أثبتت فشلها .
( ج ) : أن المشاركة لا تعني الاعتراف بدستور المنحة ، وأن المعارضة سوف تقف في وجه السلطة في البرلمان ، وأن السلطة لن تستطيع الصبر عليها .
( د ) : أن الأغلبية مع المشاركة في الوقت الحاضر .
( هـ ) : أن السياسة فن الممكن ، وأن قرار المقاطعة غير واقعي .

الجواب ( 5 ـ أ ) : لقد سببت المقاطعة الضرر لمن يبحث عن المناصب والمكاسب المادية الخاصة ، على حساب المكاسب المعنوية والمكاسب المادية لكل أبناء الشعب . ولا يوجد ضرر على أبناء هذا الشعب المستضعف أكبر من فرض دستور المنحة عليه ، وفرض مؤسسة برلمانية صورية تتحدث باسمه وتصدر قوانين وقرارات ضد مصلحته وبخلاف إرادته .

الجواب ( 5 ـ ب ) : لـم تكن كوادر الجمعيات المقاطعة عاجزة عن وضع برامج المقاطعة ( وللعلم ) فإن وضع برامج المشاركة أصعب ( تسعون مرة ) من وضع برامج المقاطعة ، ولكن المشكلة تتمثل ( حقيقة ) في عدم توفر الإرادة السياسية ، ومع عدم توفر الإرادة للمواجهة السياسية التي تتطلبها المصلحة الإسلامية والوطنية ، فإن حال المشاركة لن يختلف عن حال المقاطعة .

الجواب ( 5 ـ ج ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : أرى بأن المشاركة في الانتخابات ( تعني من الناحية الفعلية ) الاعتراف بدستور المنحة ، فعليه تستند ، وعلى العمل به سوف يقسم الأعضاء .

النقطة الثانية : لقد ذكرت ( فيما سبق ) أن العقبة التي وقفت في وجه نجاح المقاطعة إنما هي غياب الإرادة للمواجهة السياسية الجدية ( غير الكلامية الخاوية ) مع السلطة ، ومع وجود هذه العقبة لن يختلف الحال في المشاركة عنه في المقاطعة . فلن تكون في البرلمان القادم أكثر من المواجهات الكلامية الخاوية التي تخدم أهداف السلطة ولن تنفع أبناء الشعب بشيء أبدا .

النقطة الثالثة : يصور بعض أبطال المعارك الكلامية الخاوية المشاركة في البرلمان ، بأنها أكثر ثورية من المقاطعة .. وهل هذا إلا الضحك على الذقون !!

الجواب ( 5 ـ د ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : ينبغي التأكيد على أن القرارات التي تتعلق بمصالح الناس ، ينبغي أن تصدر عنهم ، وليس بصورة فوقية من أطراف عليا .

النقطة الثانية : لو أعطت القيادات السياسية إلى الناس حرية التفكير والمناقشة واتخاذ القرار في المشاركة والمقاطعة ، لوجدت ( بحسب تقديري ) أن الغلبة إلى المقاطعة وليس المشاركة ، ومن يؤمن بحق القاعدة في المساهمة الجدية في اتخاذ القرار ، ويشك في صحة هذا التقدير ، فعليه أن يحتكم إلى التجربة ، فإنها خير برهان . مع التأكيد على أن الاحتكام ينبغي أن يكون إلى قاعدة التيار وليس الجمعية العمومية للوفاق أو غيرها .

النقطة الثالثة : ينبغي التمييز بين القناعة والالتزام بقرار القيادة ، فقد يكون الالتزام بقرار القيادة على خلاف القناعة ، والمطلوب التدقيق في آليات اتخاذ القرارات والأسس التي تقوم عليها ، وثمة فرق كبير ( في المصداقية ) بين القرارات التي تتخذ على أسس الشورى والديمقراطية ، والقرارات التي تتخذ على أسس الاستبداد والتفرد ، بغض النظر عن درجة التزام القاعدة بالقرار ، الذي يستند إلى قناعات وأسس وتوجهات مختلفة ، بعضها غير منطقي وغير إنساني .

الجواب ( 5 ـ هـ ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : يختلف مفهوم الممكن والواقعية عند السياسيين المبدئيين والأقوياء عنه عند السياسيين النفعيين والضعفاء . فالممكن عند السياسيين المبدئيين الأقوياء يعني السعي لتحقيق أكبر سقف ممكن من المطالب والأهداف ، وعدم التفريط في أي حق من حقوق الناس يمكن الحصول عليه ، ولو بصعوبة وبذل التضحيات المناسبة المطلوبة . بينما مفهوم الممكن عند السياسيين الضعفاء وغير المبدئيين هو القبول بالفتات المبذول من الأقوياء وفي مقدمتهم السلطة . أما الواقعية فتعني عند السياسيين المبدئيين الأقوياء : عدم إغفال عناصر الواقع لخدمة الأهداف والمبادئ العليا ، بينما تعني عند السياسيين النفعيين الضعفاء : التخلي عن المبادئ والثوابت في سبيل تحصيل المنافع أو المصالح المادية الخاصة : الشخصية أو الفئوية أو الحزبية .

والخلاصة : أن النظر إلى قرار المقاطعة بأنه غير واقعي وخارج دائرة فن الممكن ، هو كذلك بحسب مفهوم الساسة الضعفاء وغير المبدئيين . أما الساسة المبدئيين الأقوياء فقرار المقاطعة يدخل في دائرة القرارات الواقعية وفن الممكن .

النقطة الثانية : لو أخذنا بمفهوم الساسة الضعفاء وغير المبدئيين لفن الممكن والواقعية ، لحكمنا ( على سبيل المثال ) بخطأ وقـوف الرسول الأعظم الكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في وجه قريش في مكة المكرمة ، ووقوف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في وجه خصومه السياسيين والعسكريين ، وثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) على يزيد وتضحياته ، وسعي الإمام الخميني ( قدس سره ) لإسقاط الشاه القوي المدعوم من القوى العظمى في العالم ، وإصرار الإمام السيد السستاني ( أمد الله تبارك وتعالى في ظله المبارك ) على أن يكتب الشعب العراقي دستوره بيده ، ويختار حكومته بنفسه ( على خلاف إرادة أمريكا القوة العظمى المحتلة للعراق الجريح ) .

أما الساسة الأقوياء المبدئيون : فيرون الواقعية في تلك المواقف ، وأنها تدخل في دائرة فن الممكن ( بحسب نظرهم ) وقد أثبتت التجربة صحة مواقفهم ، وفي ذلك عبرة لكل مؤمن ومعتبر .

السؤال ( 6 ) : كيف سيكون موقف الأستاذ عبد الوهاب لو اتخذ العلماء والوفاق قرار المشاركة ؟ وكيف سيكون موقفه لو دعت حركة حق إلى المقاطعة مع دعوة العلماء والوفاق إلى المشاركة ؟

الجواب ( 6 ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : لقد ضحى أبناء الشعب من أجل عودة الحياة البرلمانية ، ولكن ليس هذا هو البرلمان الذي ضحوا من أجله ، وأنا لا استسيغ ( فكريا وأخلاقيا وسياسيا ) المشاركـة فيه ( بحسب تشخيصي للموضوع ) ولا أجد أي مبرر واقعي لهذه المشاركة ، وأرى فيها نفسا وبصرا قصيرين ، وتكريسا للاستبداد وانتهاكات السلطة لحقوق المواطنين وتفريطا لا مبرر له في المكتسبات الثابتة لأبناء الشعب ، وأنها سوف تضع أطراف المعارضة التي سوف تشارك في مأزق متعدد الأبعاد .. وعليه : لن أكون جزءا منها بأي شكل من الأشكال ، إلا أنني لن أقف ضدها إذا اتخذ العلماء الأجلاء قرارا بها .

النقطة الثانية : إني لا أملك إلا نفسي ، ولا أملك حق مصادرة حق الآخرين في الدعوة إلى آرائهم وتقويتها والسعي إلى العمل بها وتطبيقها على أرض الواقع . فمن حق كل شخص وكل طرف أن يدعو إلى رأيه وأن يسعى إلى العمل به وتطبيقه على أرض الواقع . وقد اقترحت ( في أكثر من مناسبة ) الحوار بين الوفاق والقائمين على التحرك الجديد ( حركة حق واللجان الشعبية ) بشأن تنسيق المواقف بينهما ، ولم يحدث الحوار حتى الآن . وأرى في تصرفات بعض أعضاء الجمعيات السياسية وموقفهم من العريضة اللأممية ما هو مضر بالموقف المطلوب ( إسلاميا ووطنيا ) في المشتركات ، وأتمنى التوصل ( من خلال الحوار بين الطرفين ) إلى حالة توافق تخدم المصلحة المشتركة : الإسلامية والوطنية .

والخلاصة : من حق كل شخص وكل طرف أن يدعو إلى آرائه ، وليس لأحد الحق في مصادرة هذا الحق ، وأدعو إلى الحوار بين الوفاق والقائمين على التحرك الجديد لتنسيق المواقف بينهما ، وينبغي على كل شخص وكل طرف تجنب ما يضر بالمشتركات .

السؤال ( 7 ) : لقد استجاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) للجماهير لما طالبوه باستلام الخلافة ، واستجاب الإمام الحسين ( عليه السلام ) للجماهير لما استنجدوا به لتخليصهم من يزيد بن معاوية . فلماذا لا يستجيب الأستاذ عبد الوهاب ( وهو يدعى الاقتداء بأهل البيت عليهم السلام ) للجماهير التي تطالبه بالعودة إلى الساحة ؟ وهل يمتلك الغطاء الشرعي لبقائه في البيت ؟

الجواب ( 7 ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : كل إمام من أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) يمتلك المرجعية الذاتية للتحرك السياسي والجهادي ، كما يمتلكها الفقيه الجامع للشرائط الذي يمتلك حـق الفـتوى ( على الأقل : بحسب اختلاف آراء الفقهاء ) وأنا لا أمتلكها ، ومطالبتي بالتحرك بدون توفـر الغطاء الشرعي ، هـي ( في الحقيقة : بحسب تقليدي ) مطالبة بالخروج على مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) ولن أفعلها ( إن شاء الله ) بتثبيت منه ( جل جلاله ) .

النقطة الثانية : أنا لم أجلس في البيت ، وممتحن بما أنا فيه ، وأعمل ما هو متاح لي ، وأبحث عن كل فرصة تتاح لي لخدمة الدين والناس والوطن ، ولم أهمل التكليف الشرعي في الموقف .. واسأل الله ( تبارك وتعالى ) القبول وحسن العاقبة .

السؤال ( 8 ) : تعيش الجماهير الحيرة بين تضارب خطابات الرموز وتوجهاتها التي تدعي ( جميعها ) بأنها تتحرك ضمن الحدود الشرعية والرؤى الإسلامية . كيف تستطيع الجماهير الخروج من حيرتها وتوجه بوصلة اختيارها ؟

الجواب ( 8 ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : على الجماهير أن تتحمل مسؤولية اختيار القيادة التي تمتلك الكفاءة السياسية والإدارية المطلوبة وفق المنهج الذي تؤمن به ، وأرى بأنها قادرة على ذلك كقدرتها على اختيار نبيها وإمامها ( أعني اختيار الدين والمذهب ) ولم تعجز الجماهير في إيران عن ترجيح كفة الإمام الخميني ( قدس سره ) على كفة غيره من الفقهاء الذين اختلفوا معه وعارضوه في منهجه .

النقطة الثانية : ينبغي على الجماهير أن تميز بين المبدأ وتطبيقه . فمرجعية الفقيه ( مثلا ) لا تعني مرجعية كل فقيه ، وإنما الفقيه الذي تتوفر فيه الشروط والمواصفات الأخرى المطلوبة للمرجعية أو القيادة ، وينبغي الحذر من المعلومات الناقصة والمغلوطة أو غير الواضحة ومن التعصب الأعمى في التطبيق .

النقطة الثالثة : ينبغي على الجماهير أن تتحمل المسؤولية في فرض الخيار الشرعي المطلوب في القيادة ، وأن لا تقبل بالأمر الواقع المفروض عليها .

السؤال ( 9 ) : من العقبات التي تواجه المعارضة في مواجهتها لتعنت السلطة وانتهاكاتها لحقوق المواطنين ، وجود بعض الرموز والقوى الإسلامية والوطنية في خطي الموالاة والمسايرة .
( أ ) : ما هي الوسيلة الناجحة لتجاوز هذه العقبة ؟
( ب ) : هل ظهور الانتقادات للرموز على الساحة تدل على ضعف أداء الرموز أم على ضعف بصيرة النقاد ؟

الجواب ( 9 ـ أ ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : الموالاة والمسايرة والمعارضة ليست صحيحة أو خاطئة في نفسها ، وإنما بحسب النظام والظروف الموضوعية المصاحبة .. ومن حيث المبدأ : لا تجوز موالاة السلطات المستبدة الظالمة ، ومسايرتها ومعارضتها تتوقف على الظروف الموضوعية المصاحبة .

النقطة الثانية : ينبغي على قوى المعارضة الحذر كل الحذر من المواجهات البينية ، والحرص على الحوار وتنسيق المواقف وتكامل الأدوار بينهم . والصراع بين المؤمنين مرفوض عقلا وشرعا .

الجواب ( 9 ـ ب ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : ظهور الانتقادات للرموز ( من الناحية النظرية ) قد يكون بسبب ضعف أداء الرموز ، وقد يكون بسبب ضعف بصيرة النقاد ، والكشف عن الحقيقة في الواقع بالنسبة إلى الطرفين ، يكون بالرجوع إلى النقد وأداء الرموز ودراستهما بموضوعية ونزاهة ، لإصدار الحكم على النقد والأداء .

النقطة الثانية : يجب الحذر من التعصب الأعمى وتغليب كفة الأشخاص على كفة الأهداف والقضايا ، وأن تكون خياراتنا دائما ( بمقتضى عقيدة التوحيد ) تصب في مصلحة الأهداف والقضايا .

أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذا المقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.