الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 15

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 15

الموضوع : أجوبة الأستاذ على بعض الأسئلة التي وردت إليه في الأيام الأخيرة .
التاريخ : 23 / ذو القعدة / 1425 هـ .
الموافق : 5 / يناير – كانون الثاني / 2005 م .

السؤال ( 1 ) : بعيدا عن السياسية وأخبارها الأليمة ، هل بوسعك أن تتحفنا ببعض الحكم من الحياة ؟

الجواب ( 1 ) : أحسنت يا أخي على هذا السؤال القيم ..

أيها الأحبة الأعزاء : الحكمة لها عدة معاني .

وبغض النظر عن تعقيدات الفلاسفة واختلافاتهم في تعريفها .. فهي تعني : العلم بالحقائق في مختلف مجالات المعرفة النظرية والتطبيقية ، واكتساب الفضائل والتحلي بمحاسن الأخلاق ، وحسن تدبير الحياة والقدرة على تطويرها على كافة الأصعدة ، والنجاح في اختراع الصناعات المتطورة والآليات الإجرائية في التنظيم ، ووضع الأشياء في مواضعها .

كل ذلك : من أجل رفاه الإنسان وراحته واطمئنانه وسروره وسعادته في الدنيا والآخرة .

قال الله تعالى : { ولقد أتينا لقمان الحكمة } ( لقمان : 12 ) .

وقال الله تعالى : { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا } ( البقرة : 269 ) .

والخلاصة : أن الحكمة علم وعمل كلها : فإذا كان الإنسان عالما غير عامل بما يوجبه علمه ، أو كان عاملا غير عالم بمنطلقات وأحكام وغايات عمله .. لم يكن حكيما في الحالتين .

وهذه نماذج من الحكم في الحياة ..

أولا – حكمة ربانية : قال الله تعالى : { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا } ( النساء : 171 ) .

ثانيا – حكمة نبي الله يعقوب عليه السلام : قال الله تعالى على لسانه : { وقال يا بَني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون } ( يوسف : 67 ) .

ثالثا – حكمة لقمان عليه السلام : قال الله تعالى على لسانه : { يا بُني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور . ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور . وأقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } ( لقمان : 17 – 19 ) .

رابعا – حكمة إداري مسؤول : كان أحد المسؤولين الإداريين يعتمد على التقارير المفصلة التي ترفع إليه عن سير العمل لاتخاذ قراراته ، وكانت تبرز سلبيات كبيرة لتلك القرارات رغم دقة وكثافة دراسته لها وللتقارير من قبلها ، فقرر أن ينزل إلى الميدان ليقف بنفسه على سير العمل ، وخرج بتصورات وتقييم مختلفين عما كان لديه نتيجة التقارير ، ودخلت نتيجة لذلك تغييرات جوهريه على قراراته ، وتقلصت السلبيات إلى حد كبير ، وحدثت تطورات جوهرية في العمل .. فقال هذه الكلمة : ” نظرة واحدة خير من ألف كلمة ” .

خامسا – حكمة رجل بدوي : يذكر أن رجلا بدويا أراد أن يزني بامرأة ، فلما جلس منها مجلس الرجل من زوجته .. قام فجأة فزعا ، فتعجبت المرأة وسألته : ما بك ؟ فقال : لست ضعيفا في الحساب ، أبيع جنة عرضها السماوات والأرض بشبر بين فخديك !!

سادسا – حكمة مجنون : يذكر أن مجنونا في المستشفى تسلل وركب إلى شجرة كبيرة عالية ، ونادى بأنه يريد الانتحار ، فاجتمع الأطباء والممرضون وبذلوا جهودهم لإقناعه بالنزول .. ولم يفلحوا ، فتقدم أحد المجانين وقال أنا أجعله ينزل .

فأخذ منشارا في يده ووقف بالقرب من الشجرة : ونادى المجنون الذي فوق الشجر : إما أن تنزل .. وإلا قطعت الشجرة !!

فنزل المجنون مسرعا من فوق الشجرة !!

فتعجب الأطباء والممرضون وسألوه : لماذا لم تسمع كلامنا ونزلت لما قال هذا بأنه يريد قطع الشجرة ؟

فقال : أنتم عقلاء ولا أخاف منكم ، أما هذا فهو مجنون ويمكن أن يقطع الشجرة !!

السؤال ( 2 ) : ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب حسين على ما جاء في المقابلة التي أجراها السيد ضياء الموسوي مع العلامة السيد محمد حسين فضل الله ونشرها في جريدة الوسط حول الدخول في انتخابات ( 2006 ) ؟

الجواب ( 2 ) : وفيه عدة نقاط .. أهمها :

النقطة الأولى : إنني أشهد شهادة أسأل عنها غدا يوم القيامة بين يدي الله الواحد القهار : بأن آية الله السيد محمد حسين فضل الله ، رجل عملاق عظيم في فكره وعمله وفضائله وسلوكه ، وأقدر رأيه وحكمته ومواقفه ، وهو رجل لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم ، وأن لا مصلحة له في محاباة أي طرف من أطراف اللعبة السياسية في البحرين ، ولا يضره قول الحق شيئا ، وأن غايته رضا الله تبارك وتعالى ومصالح العباد .

النقطة الثانية : بعض الداعين للمشاركة في الانتخابات القادمة والراغبين فيها ، بعد أن شعروا بعجزهم العلمي والميداني عن نقض الحجج العلمية والعملية لدعاة المقاطعة .. يسعون للاستقواء بالخارج لتحقيق هدفهم .

وهنا يجب التنبيه إلى خطأ هذه الاتجاه ونتائجه السلبية الوخيمة .. وأهمها :

النتيجة السلبية الأولى : إعطاء الانطباع بتبعية قرار التيار السياسي للخارج وعدم استقلاليته ، مع أن بعض الساعين للاستقواء بالخارج ، وقفوا بقوة ضد رفع جماهير التيار لصور رموز الطائفة وأعلام حزب الله في المسيرات ، بحجة أن ذلك يطعن في الولاء الوطني ، وقد أوضحت رأيي في هذا الموضوع في حلقة من حلقات ( أسئلة وأجوبة ) .. وأنبه هؤلاء إلى أن : التدخل في القرار السياسي ليس أقل دلالة – حسب منهجهم – من رفع الأعلام والصور ، وأن السلطة إذا كانت راغبة في التدخل بخصوص هذا الموضوع وراضية عنه لأنه يخدم أجندتها ، فهي لن تكون راضية عن أصل الرجوع والتدخل ، وسوف توظفه سلبيا ضدنا في المستقبل حينما تكون غير راضية ، كما أن هذا لا يرضي الفصائل الوطنية الأخرى ، ومن نتائجه عزل الوفاق ، والتأثير السلبي على العمل الوطني المشترك .

النتيجة السلبية الثانية : أن هذا الاتجاه يمثل عملية قفز على الآليات الصحيحة لإدارة الاختلاف في الرأي واتخاذ القرارات في التيار ، ومن نتائجه فقدان التيار لبوصلة التوجه ( أي : الضياع ) وفشله في إدارة دوره في اللعبة السياسية ، وتفتيت وحدته .

النتيجة السلبية الثالثة : تصوير المصرين على قرار المقاطعة ( ظلما ) وكأنهم في اتجاه مضاد لفقهاء الطائفة ورموزها العظيمة ، مما يشكل عليهم ضغطا معنويا في سبيل تغيير قناعتهم أو اتخاذ مواقف تخالف قناعتهم ، وأنا أصنف هذا السلوك في دائرة عملية افتضاض ضمير الإنسان الغير أخلاقية ، لأنها تلجأ إلى أساليب غير شرعية في تغيير الأفكار والسلوك ، وأقطع بمخالفتها للمنهج الإسلامي الأخلاقي والدعوي .

النتيجة السلبية الرابعة : خلق فرص الجرأة والإساءة لرموز وفقهاء الطائفة العظام لدي شريحة مؤمنة من شرائح هذا الشعب الموالي .. ولهذا عواقبه غير المحمودة .

والخلاصة : أن هذه فتنة ليس لله تعالى فيها رضى ، وأن مفاسدها وسلبياتها وأخطارها وخسائرها ، تفوق أضعافا مضاعفة ما يمكن أن ينتج من سلبيات وخسائر ( خطأ ) قرار المشاركة أو المقاطعة ، وعليه أنصح أصحاب هذا الاتجاه بتقوى الله تعالى ، وأن لا يجعلوا الرموز الكرام للطائفة وقودا لمعاركهم السياسية البينية ومع الآخر .. وأؤكد : بأن في وسع التيار أن يتخذ قرار المشاركة داخليا إذا شاء ، وأن الاستقواء بالخارج ، لا يضيف شيئا ذو بال ، سوى السلبيات الخطيرة .

النقطة الثالثة : رأيي في المقاطعة والمشاركة واضح لأصحاب الشأن ولم يتغير ، وإذا اتخذ العلماء الكرام والقيادات السياسية قرار المشاركة في الانتخابات القادمة بدون أن يحدث تقدم في المسألة الدستورية ، فلن أكون جزء من المشاركة ، ولن أقف ( قطعا ) في وجه قرار العلماء .. وأنصح : إذا كانت لديهم رغبة المشاركة ، فعليهم – من أجل تقليص السلبيات – أن يعلنوا ذلك سريعا .. قبل المؤتمر الدستوري الثاني ، وأن يتحركوا في سبيل توفير الاستعدادات اللازمة وتهيئة الساحة لذلك من الآن ، فمرور الوقت ليس في مصلحتهم ، وأن السعي لتشكيل بعض الضغوط على الحكومة لتقديم بعض التنازلات .. قد فات وقته ودخل في دائرة الوهم .

النقطة الرابعة : أبشرهم في حال المشاركة بالنجاح في تحقيق بعض التعديلات الدستورية التي لا تمس الجوهر ، والتقدم في بعض الملفات .. مثل : الصحة والتعليم والبطالة والبيئة والإسكان ، وهو تقدم شكلي لن يصل إلى جوهر وحقيقة الإصلاح ، ولكنه قد يرضي من لا يطمح في أكثر من ذلك .

النقطة الخامسة : بمناسبة الحديث عن الاستقواء بالخارج ، أرغب في التنبيه إلى نقطة في غاية الأهمية .. وهي : أن القرارات الوطنية الكبيرة ، يجب أن لا تغفل ولا تستقل عن الرؤية الإسلامية العامة ، فيما يتعلق بالطموحات والتطلعات والتحديات التي تواجه المسلمين في العالم ، ولا تلغي الخصوصيات المحلية ، وأن مراعاة الخصوصيات المحلية وأخذها بعين الاعتبار ، قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية على الصعيد الوطني تكون لها تأثيراتها الإقليمية والعالمية ، وأقطع بأن الشعب البحريني رغم صغر حجمه ، فإنه يمتلك بعض الخصوصيات التي تمكنه ( لو أحسنت قيادته ) من إحداث تغييرات جوهرية على الصعيد الوطني تكون لها تأثيراتها المهمة إقليميا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.