الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 9

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 9

الموضوع : أجوبة الأستاذ على بعض الأسئلة التي وردت إليه في الأيام الأخيرة .
التاريخ : 16 / جمادى الأولى / 1424هـ .
الموافق : 16 / يوليو ـ تموز / 2003م .

تقديم القائمين على الملتقى : اطرح سؤالك على الأستاذ عبد الوهاب حسين بكل شجاعة من خلال الملتقى .

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نعم للانتقاد البناء والموضوعي ، الذي يعزز ويقوّم من تحركاتنا ومواقفنا النبيلة ، ويجعلها أكثر صلابة ، فصدرنا رحب لمثل هذه الانتقادات ، نعم هكذا نسمع ونلتمس من رموزنا وعلمائنا الأجلاء ، بأن الانتقاد والمصارحة شعارهم بين الجماهير والقاعدة ، فلا مجال للمجاملات في حياتهم أبداً ، كثيراً ما نقرأ في مشاركات الأخوة والأخوات الأعزاء في الملتقى وخارج الملتقى ابتعاد الرموز عن الساحة ، علماً بأن أغلبهم لديهم أيام مخصصة للالتقاء بالجماهير . من هذا المنطلق أحببنا أن نثري هذا المنتدى بإيجاد حلقة وصل بين الأعضاء والرموز والعلماء الأجلاء حفظهم الله ورعاهم وسدد خطاهم ، ونحن على الدرب معهم سائرون إن شاء الله … من هنا يمكنك أن تطرح أسئلتك على فضيلة الأستاذ عبد الوهاب حسين مباشرة وبكل شجاعة في إطار ” الحرية مكفولة شريطة الاحترام”. فعلى الراغبين في ذلك تسجيل أسئلتهم وسوف نقوم بتوصيلها ليد الأستاذ مباشرة.

ملحوظة : أخر موعد لتدوين الأسئلة سيكون يوم الاثنين الموافق : ( 7 / يوليو/2003م ) المشاركة باسم العضو أين العدالة .

السؤال ( 1 ) : تدعو بعض الجمعيات و الرموز السياسية إلى تحركات معينة من مسيرات أو ندوات في ضوء رؤيتها الخاصة لتحريك قضية معينة .. ولكن هناك الكثير ممن يشكك بجدوى مثل هذه المتحركات .
ما رأي الأستاذ في هذا الموضوع ؟ وبماذا يوصي أبناء الشعب ؟

الجواب ( 1 ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :

النقطة الأولى : ينبغي على الرموز والمؤسسات والجماهير التحرك الجاد والفاعل من أجل نيل الحقوق : الدينية والإنسانية والوطنية ، والحرص على وحدة الصف بينهم ، من أجل تقوية الحركة الوطنية المطلبية ، وإعطاء فرصة أفضل للنجاح في تحقيق الأهداف .. وإذا هم لم يتحركوا : فالنتيجة هي التخلف والفساد الشامل في الساحة الوطنية ، وضياع الحقوق والمكتسبات .. وإذا لم يحافظوا على وحدة الصف : فالفشل هو النتيجة المتوقعة للحركة ، بغض النظر عن الدوافع والأهداف .. علما بأن المحافظة على وحدة الصف كهدف : تحتاج إلى توفير شروطها ، التي لا يمكن أن تتحقق بدونها .

النقطة الثانية – بخصوص الشك في جدوى الحركة : يتولد الشك إما من الاعتقاد بعدم رغبة الحكومة في الاستجابة لمطالب الشعب العادلة ، وإما من عدم كفاءة الحركة وعدم فاعليتها ، وأنا أعتقد بأن حركة الشعب العادلة المشروعة ، لابد أن تنتهي بالنجاح مع إصرار الشعب على حقوقه ، واستمراريته في المطالبة بها ، وإصراره على تحقيقها ، واستعداده لتقديم التضحيات من أجلها .. واستخدامه لكافة الأساليب والوسائل والأدوات المشروعة الفاعلة المتاحة ، مع عدم غفلته عن الحاجة إلى الوقت ، ولكنها ليست الحاجة التي تدعوه إلى التكاسل وتفويت الفرص المتاحة .

النقطة الثالثة : أوصي الجماهير بتقديم الدعم والمساندة إلى الرموز والمؤسسات ، بدون التخلي عن روح المبادرة ، وبدون التخلي عن المراقبة والنقد والمحاسبة الموضوعية ، وأحذر من التعصب الأعمى للرموز والمؤسسات ، وأوصي بتجنب حالة التبرير للأطروحات والمواقف .. فإن من شأن ذلك : أن يفتت وحدة الصف الإسلامي والوطني ، ويؤدي إلى تخلف الأداء في العمل الإسلامي والوطني معا .

السؤال ( 2 ) : يتميز الواقع السياسي ( محليا ) بضبابية كبيرة ، حيث كثرة الآراء و تشتت الجهود ، مما يصعب الرؤية لفئات ليست بقليلة من أبناء الشعب .

( أ ) : ما هو الحل الناجع برأي الأستاذ عبد الوهاب حسين لشحذ الهمم مرة أخرى ، وإبعاد من يحاول بث الإحباط في نفوس الجماهير ؟

( ب ) : ما هو دور الأستاذ الفاضل ( باعتباره رمزا قياديا ) في الحل ؟ بمعنى هل هناك تحرك على ارض الواقع نحو تفعيل أي حل يراه الأستاذ ؟ أم هي مجرد إرشادات يتمنى علينا إتباعها ؟

الجواب ( 2 ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :

النقطة الأولى : لا شك أن كثرة الآراء مع غياب الإدارة الصحيحة لها .. تربك الوضع ، وتشتت الجهود ، وتضعف الموقف ، والعيب ليس في تعدد الآراء ، فتعدد الآراء حالة صحية طبيعية ، ومصدر قوة للعمل وأمل للناس ، ويتيح فرص أكثر للتصحيح والتطوير ، وإنما العيب في ضعف الإدارة السياسية من القيادة للآراء والجهود ، وغياب آليات العمل في تجميع الجهود والآراء وإدارتها وتوظيفها لخدمة القضايا والأهداف الإسلامية والوطنية .. واتخاذ القرارات ، فالآراء المتعددة مصدر قوة وأمل لخدمة القضايا والأهداف الإسلامية والوطنية ، لأنها تفتح مختلف الآفاق والأبعاد أمام متخذ القرار ، وتمكنه من اكتشاف مختلف نقاط الضعف والقوة في مختلف القضايا والتوجهات ، مما يساعده على اتخاذ القرار الصائب ، وفتح باب العودة وتصحيح الخطأ ، ولكن ذلك يحتاج لاستخدام آليات عمل صحيحة ( بصورة دقيقة ) في الإدارة واتخاذ القرارات .

النقطة الثانية : الحل في رأيي يكمن في إيجاد قيادة جماعية ، تعمل بآليات عمل صحيحة ، في بلورة الرؤى واتخاذ المواقف ، وفق إستراتيجية واضحة ، مع ترسيخ دور المؤسسات ، وتدريب كوادرها على العمل المؤسساتي الحرفي ، وانفتاح كامل على الجماهير ، والتواصل معهم ، والثقة فيهم ، والاعتماد عليهم ، وتفعيل دورهم وعدم تعطيله في الساحة الإسلامية والوطنية بأي حال من الأحوال .

النقطة الثالثة – أما عن دوري : فأنا أبذل جهدي مع غيري باستمرار ـ حسب طاقتي وفهمي ـ عن طريق اللقاءات وإبداء الرأي والمشورة ، وتقديم الأوراق ذات الصلة بالموضوع .. لمن يعنيهم الأمر ، ولا أملك غير هذا من موقعي كأحد أبناء التيار ، وسوف أستمر ببذل الجهد حسب الطاقة والوسع ، فتشخيص جوانب الخلل موجود ، والتحرك قائم على أيدي الكثير من المخلصين الغيار من المؤمنين ، والتقدم غير محسوس حتى الآن . وأنصح بممارسة حق المراقبة والنقد والمحاسبة للشأن العام والشخصيات العامة ، واتخاذ مواقف ومبادرات ايجابية في التحريك والضغط ، وعدم الاكتفاء بالكلام أو المواقف السلبية .. فالوضع لا يتحمل ذلك ، والخسائر لن تكون محدودة ، إذا تخلينا عن مسئولياتنا ، وركنا إلى الراحة والسلبية في الشأن العام ، وعطلنا فريضة الرعاية ، وفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحياة .

وأعلموا أيها الأحبة الأعزاء : بأن ما لله ( جل جلاله ) يبقي ، وما للناس يفنى وينتهي ، والله ( جل جلاله ) هو ولي التوفيق والنجاح والقبول .

السؤال ( 3 ) : ألا تعتقد يا أستاذنا الفاضل أننا بحاجة ماسة إلى وحدة القرار ، حتى نكون ذا فاعلية كبيرة وقوة ضغط على الحكومة . وللأسف نجد كل من شخصكم الكريم والشيخ عيسى قاسم وجمعية الوفاق والمحفوظ كل في جهته . ألا ترى بأنه ينقصنا التنظيم والمصدرية في القرار ؟

الجواب ( 3 ) : نعم نحن في حاجة ماسة جداً لوحدة القرار ، من أجل قوتنا وفاعليتنا ، وهذا هو دور القيادة الفاعلة ، التي تمارس التوجيه والتحكم ، وفق آليات عمل صحيحة متوافق عليها . وهذا ما نفتقر إلي وجوده حتى الآن ، رغم وجود بعض الخطوات المباركة إنشاء الله تعالى . ونأمل أن نحرز تقدماً سريعاً في هذا الشأن ، قبل فوات الأوان ، من أجل تحقيق أهدافنا الإسلامية والوطنية المشروعة ، في هذا الزمن الذي لا يرحم .

ومن جهة ثانية : فإننا في حاجة ماسة أيضاً ، إلى إيجاد وتفعيل الإطار الجامع لكل ألوان الطيف الإسلامي الشيعي ، لا من أجل أغراض طائفية ، وإنما من أجل تجميع القوى الإسلامية والوطنية ، لتشكيل قوى فعلية في الساحة الوطنية ، قادرة على خلق التوازن مع الحكومة ، وتحقيق الأهداف الوطنية العليا في الساحة الوطنية ، وهذا يتطلب منا أن نتعلم ثقافة الاختلاف والتعاون وتبادل المواقع في الإطار الواحد الجامع ، وترويض أنفسنا على ذلك ، وهو جزء من الثقافة المدنية والإسلامية ، في مقابل الثقافة البدوية التي تميل إلى الاستقلالية من وحي التنقل وعدم الاستقرار ، على حساب الكيان المجتمعي المدني المتطور ، الذي يتنازل فيه الفرد عن بعض حريته واستقلاليته ، لمصلحة الكيان المجتمعي ، ولمصلحة قضاياهم العامة الدينية والدنيوية ، الأمر الذي يعود بالمصلحة في نهاية الأمر على الأفراد أنفسهم ، ويحقق لهم قدراً أكبر من المصلحة والتطوير والتقدم .

السؤال ( 4 ) :ألا تجدون أنفسكم تتحركون وفق فروع القضية ونسيتم الأساس وهي المطالبة ( بدستور : 73 ) وبمطالبتكم به ستحل جميع القضايا من بطالة وتجنيس وفساد إداري . أتمنى أن تركزوا على لب القضية وستحل حينها القضايا الأخرى ..

الجواب ( 4 ) :وفيه نقاط عديدة .. أهمها :

النقطة الأولى : نعم إن القضية الأساس على الصعيد الوطني ، هي قضية الدستور والبرلمان ، ورغم حالة الإرباك الموجودة في الساحة الوطنية ، فإنكم تستطيعون ملاحظة أنها القضية التي أعطيتها جل اهتمامي وطنياً ، إذا كنتم من المتتبعين للساحة ولحركة الرموز والقيادات الوطنية والإسلامية وتقييم أدائهم فيها ، ولم أتحرك على الفروع وأترك الأصل كما ذكرتم في سؤالكم .. وفي نفس الوقت أرى : بأن الاهتمام بقضية الدستور والبرلمان ، لا ينبغي أن يجمد الحركة على الملفات الساخنة الأخرى ، لا سيما التجنيس السياسي والبطالة .. وذلك للأسباب التالية :

السبب الأول : أن ملف الدستور والبرلمان ، ربما يستغرق سنين طويلة حتى نصل إلى تقدم أو حل عادل فيه ، وذلك مع ما تبديه الحكومة من عناد ، وما نجده من التلكؤ في أداء المعارضة .. لاسيما إذا كانت للحكومة أجندة سياسية جوهرية في ملفات .. مثل : التجنيس والبطالة وضحايا التعذيب .. وغيرهم ، مما يحملها على مقاومة الضغوط الشعبية التي تمارسها المعارضة عليها ، حتى تتمكن من إنجاز خطوات عملها الممنهج الذي تسعى فيه بخطى ثابتة لتحقيق أجندتها السياسية التي لا تصرح بها لأبناء الشعب في الملفات المذكورة .. كما هو واضح لكل ذي بصيرة من المواطنين والمراقبين .

السبب الثاني : ربما يكون لبعض الملفات خطورة وحساسية لا تقبل التأجيل مثل ملفي التجنيس السياسي والبطالة .

أما ملف التجنيس السياسي : فربما يعتبره البعض أكثر خطورة على الوطن من ملف الدستور والبرلمان ، حيث أوجد وخطط له لكي يعيق الحركة التطويرية والإصلاحية في البلاد ، وفرض الأمر الواقع من خلال الإخلال بميزان القوى لصالح القوى المحافظة ، المستفيدة من الواقع القائم في الوقت الراهن ، ومع السكوت عن هذا الملف الخطير جدا وعدم تحريكه وطنياً ، فإن من شأن التجنيس السياسي أن يضيع كل المكاسب الوطنية المكتسبة تاريخياً ، ويدخل الوطن في أزمة تاريخية شاملة ومعقدة ومتشعبة ، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ، لا يمكن للوطن أن يخرج منها ، حتى مع نجاح الشعب في تحقيق مطالبه بشأن الدستور والبرلمان ، فالتجنيس السياسي بمثابة القنبلة الموقوتة شديدة الانفجار ، وحال انفجارها فإن السلطة السياسية ، سوف تكون أكثر المتضررين منها ، كما أثبتت التجارب التاريخية ـ لكل متعظ من التجارب ـ مما يعطي ملف ( التجنيس السياسي : القنبلة الموقوتة شديدة الانفجار ) الأولوية حتى على ملف الدستور والبرلمان ، مع عدم إغفال ملف الدستور والبرلمان لأهميته ، ولكي لا تنجح السلطة في شغلنا عنه بالملفات الأخرى ، لأن ملف الدستور والبرلمان ، هو مفتاح الإصلاح الوطني الحقيقي ، الذي من شأنه أن يحفظ لنا السلم الوطني ، ويحقق لنا أهدافنا الوطنية .

وأما عن ملف البطالة : فعلى الرغم من بعده الإنساني المهم أخلاقياً وإنسانياً ، بحيث أنه لا يقبل التأجيل والمساومة السياسية ، وعلى الرغم من مسؤوليته عن تخلف الأوضاع الإنسانية للمواطنين ، اجتماعيا وثقافياً وأخلاقياً وتأزمها في المجتمع ، وشرح ذلك يخرجنا عن حدود البحث .

رغم كل ذلك وبالإضافة إليه : فإن بقاء هذا الملف بدون حل ، من شأنه أن يهدد الأمن والاستقرار الوطني ، وينذر بتفجر الأوضاع ، وصدق أبو ذر الغفاري ( رضي الله تعالى عنه ) إذ يقول : ” عجبت لمن لا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه !! ”

وعليه : فإن ترك هذه الملفات دون تحريك ، حتى ننتهي إلى تقدم أو حل عادل قد يستغرق سنين مع الحكومة في ملف الدستور والبرلمان ، سوف يؤدي حتماً إلى الإضرار بالمصالح الوطنية العليا وبأوضاع المواطنين المعيشية والإنسانية التي لا تقبل التأجيل ، ولهذا علينا أن نأخذ بالملاحظات التالية في النقطة الثانية

الملاحظة الأولى : ترتيب أولويات العمل الوطني وملفاته بدقة علمية وعملية ، حسب أهمية كل ملف في الساحة الوطنية ، ومعطيات الأوضاع في الساحة الوطنية والأوضاع الخارجية .. إقليمياً ودولياً ، بحيث توظف في خدمة الأهداف والمطالب الوطنية المشروعة والعادلة.

الملاحظة الثانية : وضع منهجية علمية مدروسة بدقة فائقة لكيفية طرح الملفات الساخنة والتعامل معها ، تراعى فيها الأولوية ، والعام أو المشترك بين كافة التيارات والخاص بكل تيار ، وأنجع الأساليب في طرح الملفات .. مثل : هل هو التفكيك بينها ( أي ) طرح كل ملف والتعامل معه كل على حدة ، أم طرح الملفات كلها كرزمة واحدة غير قابلة للتفكيك ، مع توضيح صورة أو كيفية الربط ، وغير ذلك من المسائل التي ينبغي دراستها ومراعاتها في طرح الملفات وكيفية التعامل معها .

الملاحظة الثالثة : التخصص وتوزيع الملفات على المؤسسات ولجان العمل ، بحيث تختص بعض المؤسسات بحمل بعض الملفات مثل : حمل المؤسسات السياسية وجمعية المحامين لملف الدستور والبرلمان والمؤسسة القضائية ، والمؤسسات الإسلامية والنسائية لملف الأحوال الشخصية، والمؤسسات النسائية وجمعية الأطباء لملف المرأة والصحة …الخ . مع وضع آلية للتنسيق والمتابعة ، وأتباع المنهجية المرسومة التي أشير إليها في الملاحظة الثانية .

ومن الواضح للعارف البصير : أن العمل بهذه الصورة ، لا تقوم به إلا المؤسسات ، ويحتاج إلى عمل وطني موحد ، وقيادة وطنية تتحرك على الواقع كله .

وأرى ( رغم كل الصعوبات والتحديات والأوضاع المتخلفة ، ورغم تلكؤ المعارضة في أدائها ) بأن ذلك غير مستحيل ، وإن رأيته صعباً ، فهو ممكن الحدوث ، وفي حدود المتاح ، متى ما توفرت الإرادة السياسية والعزم والثبات لدى الرموز والقيادات والمؤسسات الوطنية ، وتغلبت لديهم المصلحة الوطنية على المصالح الخاصة : الشخصية أو الحزبية أو العائلية أو الطائفية أو العرقية ، أو غيرها من المصالح أو النزعات ضيقة الأفق ، التي رغم ما فيها من دلالة أخلاقية غير إيجابية , فإنها تضر بالوطن وبمصالح المواطنين الحيوية والجوهرية .

السؤال ( 5 ) : ألا ترى بأن خطابنا البحراني يركز ( 100% ) على القضايا السياسية ، وناسين التوجيه الديني ، مع أننا في وضع حرج للغاية ، حيث الأفكار الخليفية الغربية تريد تمييع الشعب بنشر الرذية والفساد ؟! فأمنيتي منكم إن تعطوا هذا الشعب بعضا من التحذيرات لعدم الانزلاق مع الشكر الجزيل .

الجواب ( 5 ) :لقد أوضحت في أكثر من مناسبة وموضع ، بأن المشروع السياسي لا قيمة له إنسانياً ، ويصبح مشروعاً سلطوياً سطحياً، ما لم يكن وراءه مشروعاً ثقافياً رساليا يغذيه ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المشروع السياسي للحكومة أو للمعارضة ، فكلاهما سطحي وسلطوي ابتزازي ، أي من أجل السلطة والحكم والابتزاز، ما لم يكن وراء ه مشروعاً ثقافيا رسالياً يخدم الأغراض الإنسانية في المجتمع .

ومن جهة ثانية : فإنه على الصعيد العملي ، ونتيجة لعملية الفصل القيصرية غير الشرعية في الخطاب ، بين المسائل الدينية والسياسية ، بتركيز بعض الخطاب الإسلامي على المسائل الدينية الفقهية والتقوائية ، وتجاهل المسائل الحياتية والهموم اليومية للمواطنين ، وأيضاً معالجة بعض الخطاب الإسلامي للمسائل السياسية والقضايا الحياتية ، بصورة بعيدة عن المبادئ والقيم والثوابت الإسلامية ، أي معالجتها بصورة أقرب إلى الروح العلمانية منها إلى الروح الإسلامية ، فقد اضعف كلا الخطابين المواقف والحالتين الإيمانية والسياسية ، وأضعفا من الإقبال والتفاعل الجماهيري مع الخطاب الإسلامي والقضايا الإسلامية ، وما لم يتغير واقع هذه الخطابات العوراء فاقدة البصيرة ، والمخالفة لروح وحقيقة الدين ورسالته في الحياة ، فإن النتائج سوف تكون وخيمة إسلامياً ووطنياً .. وقد أوضحت بعض أبعاد تلك الخطابات في مناسبات كثيرة سابقة ، كما سبقت الإجابة على سؤال مماثل في حلقات ( أسئلة وأجوبة ) .

السؤال ( 6 ) : هل تعتبر نفسك في مركز قيادي مهم في الوضع السياسي الداخلي كالقيادة العلمائية ؟ وهل تعتقد أنك قادر على اتخاذ قرار منفرد وتحريك الشارع العام دون الحاجة إلى القيادة العلمائية نظرا لعدم تحرك العلماء والقوى السياسية بالشكل المطلوب ؟

الجواب ( 6 ) :وفيه نقاط عديدة .. أهمها :

النقطة الأولى : لا أعتبر نفسي في مركز قيادي مهم كالقيادة العلمائية ، وإنما أعتبر نفسي واحداً عادياً من أبناء الأمة والوطن والتيار ، وأبذل جهدي كما أمرني ربي ، في القيام بواجبي في خدمة ديني ووطني ، وأبناء شعبي وأمتي .. وأعلم بأن قيمة العمل في الواقع وعند الله ( جل جلاله ) الذي ينظر إلى القلوب وليس إلى الأجسام : لا تتأثر بعنوان الشخص وشكله ونظرة الناس إليه ، وإنما بحقيقة العمل وأهدافه ومطابقته للأحكام الشرعية المقدسة ، ولا تغير الأمور الشكلية والعناوين الظاهرية من الواجب أو التكليف الشرعي الذي فرضه الله ( جل جلاله ) على العباد .. متى وجد الإنسان نفسه قادراً على النهوض بالمسئولية الشرعية المجتمعية ، ولا يجوز للإنسان أن يحتقر نفسه ويعتبرها أقل شأناً من النهوض بالمسئولية الشرعية المجتمعية ، فقد كرم الله ( جل جلاله ) بني آدم ، وحملهم في البر والبحر .. بحقيقتهم الإنسانية ، وفرض الله ( جل جلاله ) على المؤمنين الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ولم يفرق بينهم في ذلك على أساس العناوين التي يحملونها ، والمظاهر أو الأشكال التي يظهرون بها إلى الناس .

قال الله تعالى : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } ) التوبة : 71 ) .

وأعلم يا أخي الكريم : إن تصغير النفس ، أو تصغير الآخرين ، لا يعفي الإنسان من المسؤولية أمام الله رب العباد ومحاسبهم .

ومن جهة ثانية : لا أجد أحداً في نفسي فوق مرضاة ربي ومصلحة ديني ووطني ، مهما كان كبيراً أو صغيراً أو قريباً أو بعيداً أو غير ذلك ، ولا يمتلك الناس عوامل ترهيب أو ترغيب من شأنها أن تغير في التزامي أمام ربي ، ما دمت أنتظر الموت الذي هو نهاية كل حي في هذا الكون ، وأنتظر الحساب من رب العباد ، ولا قيمة عملية للأساليب النفسية وعوامل الضغط التي يحركها البعض .. عبثاً ، ما دام العمل لخدمة أهداف إنسانية نبيلة على طريق الحق والعدل ، يرضاها الله الرحيم وإن لم يرضاها بعض العباد .

النقطة الثانية : لا أميل للقرارات الفردية ، ولست من الذين يتخذون القرار أو يشاركون في اتخاذه في الوقت الراهن ، ولا أرغب ( الآن ) في أن أكون واحدا منهم ـ وهذا عهد أخذته على نفسي ـ ويبدو أن الأخ السائل الكريم : قد واقع في إشكالية ، عدم التمييز بين الرأي والقرار ، فأنا صاحب رأي ولست صاحب قرار ، وسوف أبقى صاحب رأي ، ولن تسكتني الأصوات المسكونة ، لأنها لا تملك ما تسكتني به ، ما دمت أشخص بأن تكليفي هو إعطاء الرأي وإبداء وجهة النظر .

النقطة الثالثة : لقد أثبتت التجربة في البحرين وخارجها ، بأن أي تحرك إصلاحي كبير أو تحرك ثوري ، في أي بلاد إسلامية ، ليس في وسعه أن ينجح في تحقيق أهدافه ، إلا إذا كان بقيادة علمائية أو مباركتهم الصريحة للحركة .. ليس عندي في ذلك شك .

كما أثبتت التجربة أيضاً : بأن الأنظمة الحاكمة والاستعمار الأجنبي ، يعرفون تلك الحقيقة بوضوح ، ولهذا فهم يسعون لتسخير بعض المحسوبين على شريحة العلماء من الجهلة أو المتكالبين على حطام الدنيا الفانية .. الذين يعرفون بوعاظ السلاطين ، وهم كلاب أهل النار في الآخرة ، الذين حذرنا منهم الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوله : ” ويل لأمتي من علماء السوء ، يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ، ربحاً لأنفسهم ، لا أربح الله تجارتهم .

نعم أيها الأحبة الأعزاء : يسخر الحكام الفسقة الظالمون ، هؤلاء المستأكلين بالعلم ، يسخرونهم لخدمة أغراضهم الدنيوية الخبيثة ، في القضاء على الحركات الإصلاحية والثورية ، وتوفير الغطاء الشرعي لأعمالهم الدنيئة في ظلم العباد ، وتسويق مشاريعهم الباطلة لسلب حقوق المواطنين المشروعة والعادلة باسم الدين والقانون ، وربما برروا إليهم قتل العباد الأبرياء ، وسجنهم ، وتعذيبهم ، وهتك أعراضهم .. باسم الدين والقانون .

سؤل الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أي الناس شر ؟

فقال : ” العلماء إذا فسدوا ” .

النقطة الرابعة : رغم المكانة العالية للعلماء الروحانيين الصالحين الأجلاء ، والدور الشرعي القيادي الذي أعطاه الله ( جل جلاله ) لهم ، فإنهم ليسوا فوق النقد والمراقبة ، فالعلماء الروحانيين الأتقياء الصالحين ، ليسوا كالأنبياء والأوصياء المعصومين ( عليهم السلام ) فالمعصوم معياراً للحق ، وحجة على الجميع في كل الحقول والمجالات .. والعالم الروحاني ليس كذلك ، رغم المكانة العالية التي يتمتع بها في الدين والمجتمع ، ورغم الدور القيادي الشرعي الذي أعطي له من قبل الله ( جل جلاله ) فهم يصيبون ويخطئون ، ويقصر نظرهم عن بعض الأمور، وقد يتفوق عليهم غيرهم في بعض الأمور والاختصاصات ، وقد تضعف عزيمتهم عن بعض الأمور الراجحة ، لبعض الاعتبارات التي تعتري الإنسان غير المعصوم .. وعليه : تنبغي مراقبة ونقد أداء العلماء الروحانيين وأطروحاتهم في الشأن العام الإسلامي والوطني ، في سبيل التقويم والإصلاح والتطوير .. خدمة للدين والوطن .

النقطة الخامسة : إن تقصير العلماء والقوى السياسية لا يسقط مسؤولية المؤمنين الإسلامية والوطنية ، لأن المؤمن يعمل من أجل الله الواحد القهار ، وهو الرقيب على عمله ومحاسبه عليه يوم القيامة ، ولن يعفيه من المسؤولية تقصير العلماء والقوى السياسية في واجباتهم الإسلامية الجهادية ووجباتهم الوطنية .

السؤال ( 7 ) : ماذا تريد من الناس في هذا الوقت ؟
وما هو دورهم ؟ وماذا ستفعل لهم ؟ وما هو دورك؟

الجواب ( 7 ) :أرى بأن السؤال أكبر مني بكثير ، وربما كان السائل منفعلاً في ساعة كتابة السؤال ، مما أدى به إلى عدم الدقة في تقدير الحال ، فأنا لست من الذين يملكون إرادة الناس ويحددون مصيرهم في الحياة ، فأنا واحد منهم ، وأتحمل معهم المسئولية المشتركة في الحياة ، وأتبادل معهم الرأي ، وهناك من يضيق ذرعاً بالرأي الأخر ، ويعتبره تحكما في مصائر الآخرين ، إذا لم يقبل الناس رأيه ، ولم يقابل الحجة بالحجة ، والدليل بالدليل ، فقط يريد أن يقبل الناس رأيه ويرفضوا الرأي الآخر ، لأنه يرى بأن رأيه هو الأفضل ، أو أنه صاحب الحق الوحيد في إبداء الرأي ، أو أنه يحصر حق إبداء الرأي في أشخاص بعينهم ، ويحرمه على الآخرين . أسال الله رب العباد أن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصالحين على أنفسهم ، إنه سميع عليم .

وسوف أجيب على السؤال من منطلق تحمل المسؤولية المشتركة في المجتمع ، وحق ابداء الرأي ، والمسؤولية الشرعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفيه نقاط عديدة.. أهمها:

النقطة الأولى ـ ماذا أريد من الناس : إني لا أريد منهم شيئا لنفسي ، وليست لي عندهم حاجة إلا الدعاء ، وأن يعينوني على نفسي الأمارة بالسوء بالنصح والموعظة ، وأريد منهم تقوى الله الذي إليه مصيرهم ، وأن لا تأخذهم في الله ( جل جلاله ) لومة لائم .

النقطة الثانية ـ وأما عن دورهم : فعليهم أن يتعلموا أصول دينهم وأحكامه ، وأن يلتزموا بها عملياً في جميع شئون حياتهم ، وأن يتخلوا عن الأخلاق القبيحة ، ويتحلوا بالأخلاق الجميلة ، وأن يحافظوا على وحدة صفهم وكلمتهم وكرامة بعضهم ، وأن لا يهينوا بعضهم بعضاً ، وأن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر ، ويقوموا بوجباتهم في خدمة دينهم ووطنهم وأبناء شعبهم وأمتهم ، وأن يخلصوا لهم في السر والعلانية ، وأن لا يهنوا ولا يضعفوا ولا تأخذهم في الله ( جل جلاله ) لومة لائم ، وأن لا يتخلوا عن المطالبة بحقوقهم الدينية والإنسانية والوطنية المشروعة العادلة ، وأن يقفوا إلى صف رموزهم ومؤسساتهم ، وأن يقدموا إليهم الدعم والمساندة ، وأن لا يبيعوا شيء من دينهم ووطنهم بثمن بخس ، وأن لا يبتغوا عن الجنة ورضا الرب بديلا ، فنهاية كل حي إلى الموت والحساب .. فإما جنة وإما نار .

النقطة الثالثة ـ ماذا سأفعل للناس ؟ : اعلم أيها العزيز ، أن من كان نصيبه وحقيقته الفقير ، فإنه لا يقدر على إعطاء الآخرين أي شيء !! فكيف إذا اجتمع التقصير مع الفقر ؟!

إنني أشعر بالتقصير مع الناس ( رغم فقري فيما ينفعهم ) وأنا مدان إليهم بالكثير الكثير ، ولن أخرج من هذا الدين حتى الموت ، ولو استطعت أن أحرق إليهم قلبي لعلاج جروحهم لفعلت ، ولو استطعت أن أبسط إليهم جسدي ليمروا عليه إلى أهدافهم لفعلت .. إنني سوف أكون معهم : بعقلي وقلبي ولساني وجسدي في قضاياهم ، وبالرأي والنصيحة والمواقف ، وسوف أعطيهم كل ما عندي ، وأبذل وسعي وطاقتي حتى الموت ، ولن آلوا جهدا في خدمتهم ونصيحتهم .. ولا حيلة لي فيما لا حيلة لي فيه ولا حول ولا قوة . وقد علمت بالتجربة كرمهم وأصالة طبعهم ومعدنهم .. والتجربة خير دليل . لقد علمت بأنهم خير من يعذرني عند الخطأ بغير قصد .. وعند والتقصير .

النقطة الرابعة ـ وأما عن دوري : فأنا أحرص على أن أبذل وسعي في معرفة ما يرضي ربي ( جل جلاله ) معهم من القول والعمل ، كواحد منهم .. أو كأحدهم ، وأقوم به بحسب التوفيق والجهد والطاقة .. مع علمي اليقين : بأني لم أخرج ، ولن أخرج من حقوقهم عليّ ووجباتي نحوهم . ودوري ينحصر الآن في ابداء الرأي والمشركة معهم في المواقف ، ومشاركتهم هموم الحياة والأفراح والأحزان ، وأنا أعتذر إلى الله ( جل جلاله ) ثم إليهم عن كل تقصير أو خطأ ، وأنه لا حيلة لي فيما لا حيلة لي فيه ولا حول ولا قوة .

السؤال ( 8 ) : يتحدث بعض النفر على أن الأستاذ هو المسئول الأول عن المقاطعة .. وعدم الدخول للبرلمان .
والسؤال الذي يطرح نفسه كثيرا ولم يجد البعض له إجابة مركزة ووافية من فضيلتكم .. هو : عندما أسستم لمقاطعة البرلمان ، ما هي البرامج التي وضعتموها إلى ما بعد المقاطعة ؟ وكيف يرى الأستاذ سير الجمعيات التي اتخذت معه نفس الموقف ؟ هل أدت ما عليها ؟

الجواب ( 8 ) : وفيه نقاط عديدة .. أهمها :

النقطة الأولى : يجب التمييز أولاً بين الرأي والقرار .

فأما من جهة الرأي : فأنا من أول من دعا إلى المقاطعة برأيه ، وربما أعلاهم صوتاً ، ولم أكن أملك شيء من وسائل الإكراه ، لم أكن أملك إلا عقلي ولساني وقلمي ، وقد ظهر التأثير على النخبة والجماهير وأهل الاختصاص .. من خلال الرأي لا غير ، ولا زلت على نفس الرأي والموقف ، بل أنا اليوم أكثر قناعة برأيي وموقفي من ذي قبل ، وإذا كان هناك من يؤاخذني على رأيي ، فعلى أي أساس يسمح لنفسه بطرح رأيه ، ولا يسمح للآخرين بطرح آرائهم ؟! وعلى أي أساس يفرض الرأي بعيداً عن قناعة الناس الذين يعنيهم الأمر وإرادتهم ؟ وهل فرضت رأيي بالقوة على الآخرين ؟ وهل منعت الآخرين من طرح آرائهم ؟ من الذي منع أصحاب الرأي الآخر من طرح وجهة نظرهم على الناس وإقناعهم بها ؟ وهل يستحق عبد الوهاب كل هذه المجاملة على حساب المصلحة العامة الإسلامية والوطنية ؟!

في تقديري : إن كثيراً مما يقال : ما هو إلا هروب من مواجهة الحقيقة ، وعدم القدرة على مواجهة الحجة بالحجة .. والبرهان بالبرهان ، وتحكم في المصير من غير حاكم .

وأما عن القرار : فلست جزء من صناعة القرار .. والتأثير في القرار الوطني عن طريق الرأي : حق مشروع في الشريعة المقدسة ، وفي الأعراف الدولية والدساتير الوضعية .. أي أن ممارسة ذلك الحق : جزء من السيرة العقلائية المتعارف عليها عند العقلاء ، وليس لأحد الحق في أن يسلب هذا الحق من أحد اعتباطا ، وقد مارست هذا الحق بصورة صحيحة ـ حسب فهمي وتقديري ـ وإن خالفني البعض في ذلك ، فأنا أحترم رأيه ، وأحتفظ بحقي الشرعي والوطني في التأثير على القرار الوطني من خلال الرأي .. وأطالب من يخالفني الرأي : أن يواجه الرأي بالرأي ، والحجة بالحجة ، وليس بأشياء ( تحكمية ) غير واقعية وخارجة عن الموضوع ، هذا مما يقتضيه العدل والإنصاف ، وتقتضيه المصلحة الإسلامية والوطنية ، وتحكم به الشريعة المقدسة والسيرة العقلائية بين الناس .

النقطة الثانية – بخصوص البرنامج : وضع البرنامج ليس بالشيء المستحيل أو الصعب ، وإنما هو في غاية الإمكان ، ويمتلك الشعب من المؤهلات والكفاءات البشرية ، ما يمكنه من وضع أمثال هذا البرنامج بكفاءة عالية ، علماً بأن وضع برنامج المشاركة أصعب بكثير ( من الناحية العلمية والعملية ) من وضع برنامج المقاطعة ، لأن برنامج المشاركة ، هو برنامج عمل وطني شامل لكل مجالات وحقول العمل الوطني : السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية ….الخ ، بينما برنامج عمل المقاطعة برنامج بسيط يهدف لتحقيق هدف محدد على مسار واحد .. ويفهم من ذلك : بأن الذين يعجزون عن وضع برنامج المقاطعة ، هم أعجز علمياً وعمليا عن وضع برامج المشاركة .

وعليه ينبغي أن يكون السؤال : كيف تدعون إلى المشاركة وأنتم عاجزون عن وضع برنامج أسهل وهو برنامج المقاطعة ؟

وأعلموا : بأنه ليس من الصحيح مطالبة المواطنين بعدم إبداء آرائهم إلا إذا كانون قادرين على وضع برامج عملية ، فمن المواطنين إبداء آرائهم في كافة المسائل المرتبطة بحياتهم ، وأن وضع الخطط والبرامج من مسؤولية القيادات والرموز في الساحة والمؤسسات .. وليس القاعدة .

وعليه فإن وضع برنامج المقاطعة : هو من مسئولية القيادات والمؤسسات التي التزمت به عملياً .. وفق آليات العمل المؤسساتي ، وليس من مسؤولية من كان يرى رأي المقاطعة .

وأيضاً ينبغي السؤال : هل كانت برامج المشاركة جاهزة ، أم أن التجهيز يأتي فيما بعد ؟ علماً بأن وضع برنامج المقاطعة يمكن أن يتأخر لحين اتخاذ القرار ، وأنه لا قيمة لهذا البرنامج ولا يستفاد منه عملياً ما لم يتخذ قرار المقاطعة فعلاً . أما برامج المشاركة ، فيجب أن تسبق القرار ، ويكون البدء في المشاركة بدونها تخبط ، وأنها لا تفقد قيمتها إذا تأخرت المشاركة ، لأنها تبقى رؤى لها قيمتها في مسارات العمل الوطني المختلفة .

إن المشكلة أيها الأحبة الأعزاء : لا تكمن في القدرة أو عدم القدرة على وضع برنامج المقاطعة ، وإنما تكمن المشكلة في التوجه الفعلي لوضع البرنامج وتوفر الإرادة السياسية لتنفيذه .. فبرنامج المقاطعة : هو برنامج إسقاط ( وثيقة 14 / فبراير ) وإسقاط المؤسسة البرلمانية المحرقة ، والمؤسسات الأخرى التي تقوم عليه ، ووضع هذا البرنامج موضع التنفيذ ، يحتاج إلى إرادة سياسية فولاذية ، ذات مراس وبلاء حسن في الجهاد والمواجهة السياسية مع السلطة ، وهذا ما نحتاج لإثبات وجوده والسؤال عنه .

وأقدر بأن ثبوت ذلك أو نفيه يحتاج إلى بعض الوقت ، وهذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة .. إن شاء الله تعالى ، فهو ليس بالأمر الهين في الوقت الحاضر .. في ظل عدم وضوح الرؤى واشتعال العواطف ، ونحتاج في سبيل إثباته إلى مزيد من التروي ، وضبط الحسابات والتأكد من صحتها ، وفق منهج نقدي ناضج .

ومن جهة ثانية : فإن مطالبة عبد الوهاب بوضع البرنامج ، فيه إعفاء المؤسسات من مسؤولياتها ، ولا يدل على فهم لمعني البرنامج ، ولا لمعنى وحقيقة العمل المؤسساتي ، ولا يدل على استيعاب لاستحقاقات العمل الوطني في المرحلة الراهنة ، فالعمل الوطني في الوقت الحاضر يحتاج إلى برامج عمل شاملة ، تقوم بوضعها وتنفيذها فرق عمل متخصصة على أسس علمية صحيحة ، وهذا هو جوهر العمل المؤسساتي .. علماً بأن التحدي الحقيقي ( كما قلت قبل قليل ) : ليس في وضع البرامج .. وإنما في تنفيذها بنجاح ، وهذا مالا تقوم له طاقات الأفراد ، كما هو واضح لكل بصير بما أقول .. وعليه : فإن مطالبة الأفراد بوضع برامج العمل الوطني وتنفيذها ، يدل على عدم الفهم لأبعاد برامج العمل ، وعدم الفهم لقيمة العمل المؤسساتي وحقيقته .. ومن كان له فهماً لذلك : فإنه لا يتصور أن يقوم الأفراد بوضع برامج العمل الوطني وتنفيذها ، ويستنكر محاولاتهم الفردية ويستنكر مطالبتهم بذلك .

والخلاصة : في ظل الفهم الصحيح لمعنى البرنامج والعمل المؤسساتي واستحقاقات المرحلة ، يمكن أن نسأل ( عبد الوهاب ) عن مشاركته في وضع خطة البرنامج والمشاركة في كتابة بعض أقسامه ، وليس عن وضع البرنامج نفسه ، مع التأكيد على أن وضع برامج العمل الوطني وتنفيذها ، هي من صميم عمل المؤسسات ، وهي المطالبة بذلك ، ولا يقلل من مسؤوليتها ، أن أحد المواطنين أو أكثر تزعم برأيه الدعوة إلى اتجاه معين في اتخاذ القرار ، فهذا لا يلغي دورها ومسؤوليتها . ولا يصح أن نقبل القول بأن المؤسسات غلب على أمرها ، فهذا القول فيه إساءة شديدة للمؤسسة ، ومن شأنه أن يقلل من قيمتها ودورها القيادي في الساحة ، فالمؤسسات التي تغلب على أمرها من قبل أفراد لا حول لهم ولا قوة ، ليست جديرة بحمل المسؤولية الوطنية الضخمة .

ومن جهتي : فقد قمت من بداية الدعوة إلى المقاطعة بوضع مسودة لخطة مشروع عمل للمقاطعة ، وطلب بعض المستقلين الشروع في عمل البرنامج .. إلا أنني قلت لهم : بأن الصحيح أن تتحمل الجمعيات هذه المسؤولية .. لأنها الأحق بها ، وهي وحدها القادرة على وضع البرنامج وتنفيذه ، ونحن نكون من خلفهم نقدم لهم الدعم والمساندة وما يطلبونه منا من خدمات .. وقد أخذت الجمعيات علماً بذلك ( أو على الأقل بعضها ) ولم يطلب مني أحد المشاركة أو المساهمة ( حتى الآن ) رغم إني أبديت استعدادي لذلك ـ وحسب متابعتي ـ فإن بعض الجهات المستقلة ، قد نفذت بعض الأفكار المطروحة في مسودة خطة المشروع ، مع تمنياتي للجميع بالتوفيق والنجاح في عملهم الإسلامي والوطني .

وأما عن سير عمل الجمعيات التي اتخذت قرار المقاطعة : فإنه مع السلبيات وبعض جوانب الخلل في عملها ، وقد اعترفت هي بذلك في ورش عملها ، ورغم تقديري بأنها لم تؤدي ما عليها حتى الآن ، رغم كل ذلك ، فهي تمارس الآن عملية نقد ذاتي وتقيم لأدائها ، وهي تسمع ما يقال عنها ، وتسعى لتطوير الأداء ، وتتطور فعلاً ، وعلينا تقديم الدعم اللازم لها ، والوقوف إلى صفها حتى تتمكن من أداء رسالتها ، وعلينا أن نتجنب عمليات التثبيط وكسر العزائم ، وأن لا نرى الصواب إلا عند أنفسنا ، وعلينا أيضاً أن ندرك سقف العمل الذي تستطيع الجمعيات التحرك تحته ، ونتحمل مسؤوليتنا الوطنية والإسلامية في المحافظة على المؤسسات الإسلامية والوطنية ، وذلك نظراً للحاجة الماسة في تقدم المسيرة الوطنية لعمل المؤسسات ، وفي نفس الوقت على الرموز والقيادات الإسلامية والوطنية ، أن لا يتعاملوا مع القضايا الوطنية من خلال سقف عمل المؤسسات ، وإنما عليهم أن يفكروا في القضايا الوطنية بصورة مستقلة واقعية ، ويتعرفوا على ما هو المطلوب منهم فعلاً ، ثم يحددوا خطة العمل التي تدخل المؤسسات كجزء منها ، وبهذا نستطيع أن نحافظ على المؤسسات ، وفي نفس الوقت نلبي احتياجات واستحقاقات العمل الإسلامي والوطني الواعد .

السؤال ( 9 ) : وفيه أربع فقرات .. وهي :

( أ ) : يقال : أن الأستاذ عبد الوهاب حسين ، هو أول من فتح باب التراشق الخطابي بين الرموز بشكل صريح . ما هو تعليقك على ذلك ؟

( ب ) : ويقال أيضا : أن الأستاذ عبد الوهاب حسين ، يطرح كل أوراقه بشكل يضطره إلى اجترار القضايا ، ويبعث على السأم ، ويصفه البعض من خلاله : بالغباء السياسي . ما هو تعليق الأستاذ على ذلك ؟

( ج ) : ويقال أيضا : أن الأستاذ عبد الوهاب حسين ، يتمرد على الكتلة العلمائية ، بعد أن صقلته و خرجته من مدرستها تلميذاً مستنيراً. . ما هو تعليقك على ذلك ؟

( د ) : ويقال أيضا : أن الأستاذ يبحث عن الاستقلال من أجل أغراض غير مبرره ، فحين التزم أو ألزم بالجناح الثقافي ، وجد نفسه بعيداً عن الضوء ـ رغم عدم التزامه بمسؤوليته الثقافية إذ كان يتدخل في كل الأمور ـ اعتزل الثقافة للسياسة .. و بقي مستقلاً !!

الجواب ( 9 – أ ) : لم أتراشق خطابياً مع أحد ، ولا أحب التراشق الخطابي وأرفضه ولا أدخل فيه ، وأنزه الخطاب الإسلامي الهادف عنه ، وإذا كان مراد السائل ممارسة النقد لأداء الرموز والمعارضة ، فقد أخطأ التسمية ، وأرى بأن ممارسة ذلك الحق ، مما تقتضيه الأمانة والمسئولية الإسلامية والوطنية ، وقد أوضحت وجهت نظري في ذلك في أكثر من مناسبة وموضع ، ولا زلت أمارس هذا الحق .. لأن ممارسة هذا الحق : واجب إسلامي ووطني ، تقتضيه الفطرة والأمانة ، ولن أعبأ بالعقليات التبريرية ، التي تقدس ولا تفكر ، وأرى بأن هذه العقليات تخالف أدبيات الإسلام والسير العقلائية للبشر ، وتتحمل ( في رأيي ) قسطاً وافراً من تخلف الواقع الإسلامي والوطني .

الجواب ( 9 ـ ب ) : لك أيها الأخ الكريم .. ولغيرك : كامل الحق في تقييم أداء ( عبد الوهاب ) وهو مطلوب منكم فعلا ، من أجل خدمة دينكم الحنيف ووطنكم العزيز .. وتقدم مسيرتهما ، وأنا أحترم كثيرا ممارستكم لهذا الحق العزيز ، وأقدره كثيرا ، ولن أعترض عليه .

كما أن لكم الحق في أن تسأموا مما أسميته باجترار ( عبد الوهاب ) للقضايا .. ولكن المطلوب منا جميعا : أن يحترم كل منا حق الآخر في ممارسة حقه في التعبير عن رأيه ، وأسلوبه في خدمة القضايا الإسلامية والوطنية .. بالوجه الذي يراه مناسباً ، وليس لأحدنا الحق في مصادر حقوق الآخرين في ذلك .. ولا أرى أنني صادرت حق أحد في التعبير عن رأيه وممارسة دوره في خدمة القضايا الإسلامية والوطنية .

وأما عن قيمة الأداء : فهو مترك للتاريخ ، وسوف تكشف عنه النتائج ، ويحكم عليه الناس .. الذين ليس لهم مصلحة خاصة في تحريف النتائج وبخس الناس أشياءهم ، إن الصبح لناظره لقريب .

وأما القول بالغباء السياسي : فإني أسعى جهدي لخدمة ديني ووطني وأبناء شعبي وأمتي ـ حسب فهمي وجهدي ـ وهذا عذري عند ربي .. وأسأله ( جل جلاله ) القبول ، ولم أصادر حق أحد في العمل .. أو أقطع عليه الطريق ، فالطريق مفتوح للجميع لكي يعمل ، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأني قد حرمته من العمل أو قطعت عليه الطريق .. وهذا يكفيني عذرا عند الله تعالى وعند الناس .

ومن جهة ثاني : فإن أصحاب المشاريع المضادة قد قالوا عن الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بأنه ساحر ومجنون ، وهو سيد الحكماء عند الله ( جل جلاله ) والمنصفين من الناس ، فليس دائما قول الناس وتقييمهم دقيق أو صحيح !!

فهل سمعت يا أخي العزيز : أن أصحاب المشاريع المضادة لأي حركة إصلاحية أو ثورية أنصفوا المصلحين والثوريين ، أم أنهم يصفونهم دائما بالأغبياء والمعتوهين والمخربين .. وما هنالك من النعوت الظالمة ؟؟

كما قال أدعياء السياسة قديماً وحديثاً عن أمير المؤمنين على بن أبي طالب ( عليه السلام ) : بأنه لا خبرة له في السياسة ، مع أنه أكمل عقل بشري بعد الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حسب اعتقاد طائفة كبيرة من المسلمين ، والممدوح في القرآن الكريم بإجماع المسلمين .

قال أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام : ” أيها الناس : إن الوفاء توأم الصدق ، ولا جنة أوقى منه . ولا يغدر من علم المرجع . ولقد أصبحنا في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر كيساً، ونسبهم أهل الجهل فيه حسن الحيلة . مالهم قاتلهم الله قد يرى الحول القلب وجه الحيلة ودونه مانع من أمر الله ونهيه ، فيدعها رأي عين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين ” ( الخطبة – 41 )

وقال ( عليه السلام ) أيضاً : ” والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر . ولولا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس ، ولكن كل غدرة فجرة ، وكل فجرة كفرة . ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة . والله ما أستغفل بالمكيدة ، ولا أستغمز بالشديدة ” ( الخطبة – 198 ) .

( استغفل و أستغمز : بصيغة المفعول – أي لا يستغفل بالمكيدة ولا يستضعف بالشديدة ) .

ولنا في رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أسوة حسنة .

ولكي لا يخرج علينا واحد من أصحاب المشاريع المضادة .. ويقول : بأني أضع نفسي في صف الرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أو أشبه نفسي بهما ( نفسي لهما الوقى ( أقول : بأن الغرض من هذين المثالين هو : التدليل على أن أصحاب المشاريع المضادة لا يقفون عند حد من حدود المعقول في قلب الحقائق والموازين ، وأن المطلوب منا ( جميعا ) في التعامل مع أقالهم وأطروحاتهم التهكمية ، هو التجاهل والتعاطي السلبي .. وإلا سوف تقلب الطاولة على كل مصلح وثوري ، وكل ذي عمل طيب من الأخيار .

الجواب ( 9 – ج ) : نعم أنا مدان كثيرا .. كثيرا للعلماء الأجلاء في تعليمي وتربيتي ، وأن كل ما عندي من الخير إن وجد فهو من فضل العلماء الأجلاء وبركاتهم عليّ بعد الله ( جل جلاله ) والرسول الأعظم الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) وأنا لم أتمرد .. ولن أتمرد على مدرسة العلماء ، ما دام عقلي في رأسي ، ولم يغلبني الشيطان الرجيم على أمري ، فأنا أعلم يقيناً بأن سعادتي الذاتية ، وسعادتي في الآخرة ، رهينتين بسيري في خط العلماء الأجلاء الصالحين ، والقول بتمردي على العلماء الأجلاء ( حفظهم الله تعالى ) من ورائه أناس من أصحاب المشاريع المضادة الذين تضررت مصالحهم وتبخرت أحلامهم غير المشروعة .. ولله الحمد ، من بعض آرائي ومواقفي في المسألة الدستورية .. وغيرها من المسائل الوطنية ، وبعض ضعفاء من يخالفوني في الرأي ، الذين عجزوا عن مقابلة الرأي بالرأي ، والحجة بالحجة .. فروجوا بدلا من ذلك : أن آرائي ومواقفي مخالفة لآراء العلماء الأجلاء ومواقفهم ، وقد خابت مساعي البعض الشيطانية للإيقاع بيني وبين العلماء الأجلاء .

ولكي يعرف جميع الخائبين الحقيقة ، ولكي يختصروا على أنفسهم الجهد والوقت : عليهم أن يعلموا بأن ما بيني وبين العلماء الأجلاء من الود والثقة والتوافق .. ما هو أقوى من أن تنال منه أعمالهم الشيطانية ومساعيهم الخائبة .

وعليهم أن يعلموا أيضاً : بأن العلماء الأجلاء ليسوا من حمير الدنيا ، الذين يستطيعون أن يحملوا على ظهورهم كل شيء .

ومن جهة ثانية : فإني أعتقد بأن ممارستي النقد ( على نطاق واسع ) لأداء الرموز والقيادات والمؤسسات المعارضة ، قد سمح لترويج القول بتمردي على العلماء الأجلاء ( حفظهم الله تعالى ) على أرضية الوهم الذي ولدته العقليات التبريرية السائدة في الساحة الوطنية .. والتي تخالف ( حسب فهمي ) أدبيات الإسلام ، والسيرة العقلائية للناس ، والتي تتحمل ( حسب تقديري ) المسئولة ( إلى درجة كبيرة ) عن تخلف الواقع الإسلامي والوطني .

وأقول للموتورين : بأن الذي دفعني لممارسة النقد ، هو ما تعلمته على أيدي العلماء الأجلاء ( حفظهم الله تعالى) وطبقته بصدق وأمانة على ارض الواقع .. ليغيظ الله تعالى به قوما جاهلين.

الجواب ( 9 – د ) : ما دام الأمر قد وصل للنوايا فلن أدافع عن نفسي ، لأن النوايا يعلمها الله ( جل جلاله ) وهي له وحده لا شريك له ، وأنا في الأصل خائف من نفسي ومتهم لها .. قبل أن يتهمني غيري { وما أبرء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء } وأسأل الله الكريم الرحيم أن يعينني على نفسي .. بما يعين به الصالحين على أنفسهم ، وأن يجعل خير أيامي يوم ألقاه .. إنه سميع عليم ، ولست محتاجا عملياً أن أبريء نفسي ، لأن الجزاء على الله ( جل جلاله ) الذي هو أقرب إلي من حبل الوريد ، وقد أجبت على الأسئلة بخصوص عدم دخولي في إدارة الوفاق ، وخروجي عن إدارة التوعية ( الذي كان منسجما مع إرادة العلماء الأجلاء ) ولا حاجة للإعادة .

كما أوضحت الموقف بخصوص الضغوط النفسية ، ولا حاجة للإعادة أيضاً.

السؤال ( 10 ): الأستاذ الفاضل دائما وأبدا يطالب بالعمل المؤسساتي ، والابتعاد عن التصرفات الفردية في الأمور العامة . فلماذا يتصرف خلاف ذلك ؟

الجواب ( 10 ) :لا أرى بأني أتصرف خلاف ذلك ، ولا مصلحة خاصة لي لكي أتصرف خلاف ذلك ، ولا مصلحة عامة إسلامية أو وطنية تدفعني لمثل هذا التصرف ، وأرى بأن هناك اختلاف في فهم آليات ونظام العمل المؤسساتي .

السؤال ( 11 ) : لماذا رفض الأستاذ أن يرشح نفسه لمجلس إدارة الوفاق ؟

الجواب ( 11 ) :لأنني رأيت بأن المصلحة في ذلك ، وأنني قادر على الخدمة أفضل من خارج الإدارة ، ووجود من هم قادرون على القيام بالدور المطلوب .. لهذا قررت عدم الدخول ، ولا زال هذا القرار قائماً حتى الآن ، مع التأكيد على كامل استعدادي لتقديم كل ما يطلب مني من خدمات ومساهمات بكل سرور .

السؤال ( 12 ) : الأستاذ العزيز .. في الوقت الذي أقر فيه : أن من يتعرض للاضطهاد هم الشيعة في هذا البلد .. ألا ترى معي : أن خروجنا من الخطاب المعنون باسم الطائفة ، إلى الخطاب المعنون باسم الوطن ، يقطع الطريق على المتصيدين ، ويحقق المطالب ، ويفي بأهداف الخطاب في هذه المرحلة ؟؟

الجواب ( 12 ) :وفيه نقاط عديدة .. أهمها :

النقطة الأولى : أخي الكريم ..

يجب علينا التمييز بين أمرين .. وهما :

الأمر الأول : طرح المسائل التي يعاني منها الوطن .. مثل : التجنيس السياسي ، والتمييز الطائفي ، والبطالة ، والفساد الإداري والمالي ، وقضية الدستور ، والبرلمان المحرقة .. كقضايا وطنية تهم كافة المواطنين ، وتؤثر على المسيرة الوطنية ككل ، والتعامل معها على هذا الأساس .. من قبل كافة المواطنين ، وليس التعامل معها بحس طائفي ، وكقضايا تهم طائفة بعينها ، فإن التعامل بالحس الوطني مع هذه القضايا وغيرها من القضايا الوطنية ، يخدم تقدم المسير الوطنية ، ويحفظ حقوق كافة المواطنين .. وتقرره الشريعة الإسلامية المقدسة ، والمواثيق الدولية ، والدستور العقدي .

الأمر الثاني : فضح التمييز الطائفي وإدانته ، والدعوة إلى رفضه وتجريمه ، والدعوة إلى المساواة بين كافة المواطنين في الحقوق والواجبات .. على أساس المواطنة الواحدة ، وهذا ما يرفضه البعض ، ويدعي بأنه طائفية .. ظلما وعدوانا ، في سبيل تضليل الرأي العام ، والاستمرار في سياسة التمييز الطائفي المقيت ، والاحتفاظ بالامتيازات والمكاسب المحرمة على حساب مواطنين آخرين وظلمهم .. بغير وجه حق ، لأغراض سياسية غير مشروعة .

النقطة الثانية : أعتقد بأن السنة مثل الشيعة : مظلومون ، ومسلوبي الحقوق ، فهم لا يشاركون في صناعة القرار ، ولا يحصلون على نصيبهم من الثروة .. بصورة عادلة ، ولا يحصلون على حقوقهم الأساسية في السكن والتعليم والصحة .. وغيرها ، وهم ضحايا لتضليل بعض المنتفعين بالمصالح المادية من بعض المناصب .. الذين يصورون ( بغير حق ) للسنة : بأن مطالبة الشيعة بحقوقهم العادلة المشروعة بالأساليب السلمية ، ومطالبتهم بالإصلاح ، هي مطالبة بالحكم ، الذي هو حق لأهل السنة ، وأن الشيعة سوف يظلمون السنة إذا سيطروا على الحكم ، مما يجعلون أهل السنة يتوجسون من مطالبة الشيعة بالحقوق والإصلاح .. وينبغي على كافة المؤمنين والوطنيين الشرفاء : من السنة والشيعة ، كشف الحقائق وتعرية المرجفين ، والتحذير من التمييز الطائفي ، والممارسات الطائفية ، من أجل العدل والمساواة بين المواطنين ، ومن أجل أمن الوطن وتقدمه ، ورخاء كافة المواطنين وسعادتهم .

النقطة الثالثة : يجب أن نكون على وعي بأساليب أصحاب المشاريع المضادة في قلب الحقائق وتغيير وجهتها ، لأغراض سياسية غير مشروعة ، فهؤلاء لا يمكننا إقناعهم ولا الحصول على رضاهم بأية وسيلة مشروعة ، ولا ينبغي لنا أن نلتفت إلى أطروحاتهم المرجفة ، ولا أن نغير ( من أجل خواطرهم ) من الحق أو العدل الذي ندعوا إليهما ونطالب بهما في وطننا العزيز .

السؤال ( 13 ) : نرى الآن أن الجمعيات الأساسية وخاصة الوفاق في تراجع عن مواقفها بالنسبة للدستور ومقاطعة ما نتج عنه من أشكال لا تمت للمؤسسات الديمقراطية العريقة . فهل لموقف العلماء أمثال الشيخ عيسى قاسم و السيد الغريفي دور في إقناع بعض القيادات بالتراجع عن الموقف السابق ؟؟

الجواب ( 13 ) :لا أرى بأن الوفاق قد تراجعت عن مواقفها ( حتى الآن ) وإنما أقدر بأنها تعاني من خلل واضح في استخدام آليات العمل المؤسساتي ، وضعف في الأداء ، وأخطاء منهجية في العمل السياسي ، ذات صلة وثيقة بالخبرة والتجربة ، وقد أعترف بعض إداريها بذلك في ورش العمل الخاصة ، وربما هي في حاجة إلى الوقت لتحزم أمرها ، ولا علاقة للرموز العلمائية بذلك ، بغض النظر عن وجهات نظر العلماء في المسائل الوطنية المختلفة .

السؤال ( 14 ) : إن الشعب الآن ينتظر تحرككم وقيادتكم له باعتباركم أنتم قيادته . فما هي توجهاتكم ؟ وما هي خططكم فالشعب معتمد عليكم و ينتظر قيادتكم له ؟

الجواب ( 14 ) :لست بالشخص الذي تصفه ، وأرى خطأ تقديرك للموضوع ، فأنا واحد من أبناء التيار ، وملتزم برموزه وقياداته ومؤسساته ، وأقدم كل ما عندي لخدمة ديني ووطني وشعبي وأمتي تحت مظلتهم .. وأنصحك بأن تفعل مثل ذلك .

السؤال ( 15 ) :هل سترشح نفسك لمجلس إدارة الوفاق ورئاستها ؟

الجواب ( 15 ) :بعد دراسة وافية مع النفس ، وبعد استشارات عدة ، فقد قررت بأن لا أدخل في أية إدارة لأية مؤسسة ، وأن لا أدخل في أي فريق عمل أو لجنة تنفيذية ، وأن أقدم كل ما أستطيع من خدمات ومساهمات للجميع .. حسب فهمي وطاقتي .

السؤال ( 16 ) :نربد من الأستاذ تقييم دور جمعية الوفاق بعد مرور عامين على تدشينها ، وهل الجمعية قادرة على تحقيق ما يتطلع إليه الشعب ؟

الجواب ( 16 ) :لا يخلو عمل الوفاق من أخطاء وإخفاقات ، ولم تؤدي ما عليها على أحسن وجه ، وهم يعترفون بذلك ، ويمارسون عملية نقد ذاتي ، وهم يتقدمون يوماً بعد يوم ، وقد ثبت بالتجربة إخلاصهم ، والتقصير والخطأ لا يمنعاننا من تقديم الدعم والمساندة لهم ، ومستقبل العمل الإسلامي والوطني وتقدمه يتوقف على العمل المؤسساتي ، فعلينا أن ندفع به إلى الأمام ، وعلينا أن ندوس على أنفسنا من أجل مصلحة الإسلام والوطن .. وقد سبق أن قلت : بأن علينا أن نفعل الإطار الجامع لجميع ألوان الطيف الإسلامي الشيعي .. وبينت مبررات ذلك ، وأدفع المخلصين الغيارا على دينهم ووطنهم ، للتفكير الجدي في هذا الأمر ، وعمل ما يلزم لتحقيقه .. فهو مطلوب إسلاميا ووطنيا ، وإن المصلحة الإسلامية والوطنية .. فوق كل اعتبار ومصلحة خاصة : شخصية أو فئوية أو حزبية أو طائفية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.