الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 14

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 14

الموضوع : أجوبة الأستاذ على بعض الأسئلة التي وردت إليه في الأيام الأخيرة .
التاريخ : 14 / ذو القعدة / 1425 هـ .
الموافق : 31 / ديسمبر – كانون الأول / 2004 م .

السؤال ( 1 ) : ما هو تقييم الأستاذ لوضع المعارضة البحرينية في الوقت الحاضر ؟

الجواب ( 1 ) : إني أصنف القوى الشعبية السياسية بالقياس إلى مواقفها من الحكومة في القضايا الوطنية إلى أربعة أصناف .. وهي كالتالي :

الصنف الأول – القوى الموالية : وهي القوى التي تمارس النقد وتناقش السلطة ، ولكنها في النهاية لا تخالفها وإنما تواليها وتقف إلى صفها .

الصنف الثاني – القوى المسايرة : وهي القوى التي تختلف مع السلطة وتنتقدها ، وترفض بعض برامجها ، ولكنها في النهاية تقوم بمسايرتها ولا تواجهها .

الصنف الثالث – القوى المدافعة : وهي القوى التي تختلف مع السلطة وتنتقدها ، وترفض بعض برامجها وتقاومها ولا تسايرها ، ولكنها تقف عند حدود الدفاع في الرفض والمقاومة ، ولا تهاجم في سبيل نقض برامج السلطة وتنفيذ برامجها التي تؤمن بقيمتها وأهميتها في خدمة القضايا والمصالح الوطنية الرئيسية والجوهرية الكبرى .. وهي تمثل أول درجات المعارضة .

الصنف الرابع – القوى المعارضة : وهي القوى التي تختلف مع السلطة وتنتقدها ، وترفض بعض برامجها ولا تسايرها ، وتقوم بالمواجهة والهجوم بروح قتالية ، في سبيل نقض برامج السلطة ، وتنفيذ البرامج التي تؤمن بقيمتها وأهميتها في خدمة المصالح والقضايا الوطنية الرئيسية والجوهرية الكبرى .

الجدير بالذكر : أن المعارضة في اللغة .. تعني : المناقضة والاعتراض والحيلولة والممانعة والمقاومة .

وتنقسم المعارضة إلى قسمين .. وهما :

القسم الأول – المعارضة السياسية السلمية : وهي المعارضة التي تلتزم عمليا بالمنهج السلمي المقاوم .

القسم الثاني – المعارضة المسلحة : وهي التي تستخدم السلاح في المواجهة مع السلطة في سبيل تحقيق أهدافها الوطنية .

وتنقسم المعارضة المسلحة إلى قسمين .. وهما :

القسم الأول – المعارضة المسلحة المشروعة : وهي المعارضة التي تستخدم السلاح بأساليب ولأهداف مشروعة .. مثل : استخدام الأسلحة غير المحرمة شرعا وفي المواثيق الدولية ضد الاستعمار في التحرير أو ضد الحكومات الدكتاتورية المستبدة الظالمة .. في الثورة : مع اليأس من الإصلاح ، أو .. في الإصلاح : مع شدة الضرر وانسداد أبواب الحوار ، وتسمى جهادا وكفاحا ونضالا .

القسم الثاني – المعارضة المسلحة غير المشروعة : وهي المعارضة التي تستخدم السلاح بأساليب ولأهداف غير مشروعة .. مثل : قتل الأبرياء ، واستخدام السلاح بدون مبرر .. حيث : عدم الحاجة الواقعية للثورة ، وتوفر فرص الأساليب السلمية في الإصلاح ، أو احتلال بلاد الغير والسيطرة على ثرواتهم ومقدراتهم ، واستخدام الأسلحة النووية والكيميائية .. وغيرها من الأسلحة المحرمة شرعا وفي المواثيق الدولية ، وتسمى عنفا وإرهابا .

وفي البحرين : كانت لدينا معارضة منظمة فيما سبق ، وقد تحولت بسبب منهجيتها في العمل السياسي حاليا إلى قوى مسايرة ، وفي أحسن الأحوال إلى قوى مدافعة ، ولدينا حاليا توجهات معارضة سياسية شعبية ، إلا أنها تفتقر في الوقت الحالي إلى القيادة والتنظيم .

وأعتقد بأن رحم هذا الوطن مبارك .. وهو لا يزال : قادر على حمل وولادة معارضة سياسية جديدة حقيقية ، وسوف يحدث ذلك قطعا في المستقبل ، ولكن متى ؟ وكيف ؟ هذا ما لا أعلمه ، وعلينا أن ننتظر ظهور مؤشرات حدوثها !!

وقد أثبتت التجارب العملية على الأرض : بأن ثمة فرق كبير .. بين : أن تقود المعارضة وأنت في الخارج .. بعيدا عن الخطر المحدق والضغوط المباشرة الشديدة ، أو في العمل السري من تحت السراديب أو في الغرف المغلقة والزوايا الضيقة .. بعيدا عن المواجهة المباشرة : ( ويكون في الحالتين : وقود المعارضة غيرك ) .

وبين : أن تقود المعارضة وأنت في الداخل .. في العلن : تحت السماء المفتوحة ، على ضوء الشمس ، تحت تأثير ضغوط المواجهة المباشرة والمواقف المعلنة ، فوق الجمر ، فوق الأرض الملتهبة والأخطار المحدقة والضغوط المباشرة الشديدة : ( وتكون في هذه الحالة : أنت وقود المعارضة الأول ) .

والخلاصة : هناك فرق كبير بين قيادة العافية والسلامة .. ولو بدون مغانم ، وبين قيادة البلاء والتضحية .. ولو مع المغانم .

السؤال ( 2 ) : لقد أثير الكثير من الكلام واللغط حول زيارة وفد قرية النويدرات إلى الملك ، وتأثير الزيارة على موقع الأستاذ عبد الوهاب حسين ودوره السياسي ومساسها برمزيته السياسية في الساحة الوطنية .
ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب على هذه الزيارة ؟

الجواب ( 2 ) : لقد وقفت إلى حد كبير على الضجة الكلامية الكبيرة المثارة حول الزيارة .. ودرجة الغضب الشعبي منها ، والتي فاقت أية ضجة كلامية وأي غضب شعبي أثير حول زيارات وفود القرى الأخرى ، وربما يعود ذلك لعدة أسباب .. هما :

السبب الأول : الربط بين الزيارة وتأثيرها المتصور على موقع عبد الوهاب حسين ودوره السياسي ومساسها برمزيته السياسية في الساحة الوطنية – حسب نص السؤال .

السبب الثاني : ما صوره البعض .. بالقول : أن الزيارة تمس وتنال من قرية النويدرات الصامدة المضحية ووجهها المشرق .. التي يعتبرونها : آخر قلاع المعارضة .. وأكثرها تحصينا .

السبب الثالث : كون الأستاذ إبراهيم حسين شقيقا لعبد الوهاب حسين ، والدكتور عبد علي محمد حسن عضوا إداريا في مجلس إدارة الوفاق .

والجواب على أصل السؤال يقع في عدة نقاط تدور حول أصل الموضوع ، ولن تعالج الأسباب المذكرة أو تعلق عليها .. والنقاط أهمها :

النقطة الأولى : إني لم استشار من قبل القائمين على الوفد في أصل موضوع الزيارة ، وإنما أخبرت عنها ، ولم أعترض عليها : ( وسوف أوضح بعد قليل أسباب عدم الاعتراض ) ولم أطلب منهم أية تفاصيل تتعلق : بأعضاء الوفد ، أو المواضيع التي يرغبون في طرحها ، أو المطالب التي يرغبون في تقديمها ، ولم أوقف عليها قبل الزيارة ولا بعدها .. وبالتالي لا مسؤولية لي : عن الوفد ، ولا عن أشخاصه ، ولا عن اطروحاته ، وعن مطالبه .

النقطة الثانية : أن الكثير من الانتقادات التي أخذت على تشكيل وفود القرى : عموما ( وليس تشكيل وفد قرية النويدرات فحسب ) كمنهجية في العمل السياسي الوطني .. وعلاقته بمؤسسات المعارضة ، تعتبر موضوعية وصحيحة .. وأهمها :

أولا : أن لكافة القرى في البحرين نفس المطالب تقريبا ، فما الغاية من أن تذهب كل قرية بوحدها إلى الملك وتطالبه بتلبية مطالبها ؟ وهل هذه المطالب مجهولة لدى السلطة ، وأن المطلوب من كل قرية أن تذهب إلي الملك أو لرموز السلطة لتطلعهم عليها ؟ وهل لدى الحكومة الميزانية الكافية لتلبيتها ؟ وإذا كانت لديها الميزانية الكافية : لماذا لا تنفذها وتنتظر الوفود ؟!

والخلاصة : أن هذه الزيارات لا تحقق أية مكاسب حقيقية للبحرين ككل أو للقرى التي تظهر منها هذه الوفود ، وإذا وجدت مكاسب بأي شكل من الأشكال .. فهي : قليلة ، وصغيرة ، وغير جوهرية .

ثانيا : أن مثل هذه الزيارات تكرس سياسة المكرمات .. التي تعتبر : من معالم التخلف السياسي والحضاري ، على حساب سياسة الحقوق والقانون والمؤسسات .. التي تعتبر : من معالم التقدم السياسي والحضاري .

والخلاصة : أن هذه الزيارات مهما حققت من مكاسب شكلية ، فإنها تمثل في الحقيقة والواقع : خسارة وطنية .

ثالثا : أن هذه الزيارات ترسخ سياسة التشطير على حساب الوحدة الوطنية والمواقف الوطنية الواحدة .

والخلاصة : أن هذه الزيارات مهما حققت من مكاسب نافعة للقرى التي تتشكل منها الوفود ، فإنها تضر بالمصلحة الوطنية العليا .

ونخلص من مجموع الانتقادات إلى النتيجة التالية : أن سياسة الوفود سياسة خاطئة من الناحية المنهجية في معالجة المطالب الوطنية .

النقطة الثالثة : أن سياسة الوفود الحالية ، تختلف جوهريا عن سياسة تواصل المعارضة والمجتمع مع السلطة التي يجب التمسك بها من أجل المصلحة الوطنية .

وفي سبيل المزيد من التوضيح ينبغي التمييز بين حالتين رئيسيتين .. وهما :

الحالة الأولى – في القضايا والمصالح الوطنية المشتركة : ويكون التواصل في هذه الحالة بين السلطة ومؤسسات المجتمع المدني ، بصورة مبرمجة غير تجزيئية ، وأن تأتي وفق استراتيجية تحرك وطني مشترك واضحة .

الحالة الثانية : في القضايا والمصالح الخاصة بالقرية أو المدينة : وهي القضايا والمصالح المنفصلة بوجه عام ، ولا تؤدي إلى تجزئة المطالب أو القضايا الوطنية المشتركة ، وفي هذه الحالة لا مانع من قيام وفود خاصة من مؤسسات القرية أو المدينة ورمزها .

وفي كلا الحالتين : لا ينبغي تكريس سياسة المكرمات على حساب سياسة الحقوق والقانون والمؤسسات ، وإنما السعي بالعكس .. أي : العمل على تكريس سياسة الحقوق والقانون والمؤسسات ، ولو تطلب ذلك بعض الصبر والتضحيات من الجميع .

الجدير بالذكر : أننا لسنا : ( سياسيا وأخلاقيا ) مع سياسة بعض المعارضات التي ترمي إلى التركيز على سلبيات وإخفاقات السلطة ، وإخفاء إيجابياتها وإنجازاتها ، في سبيل إيجاد حالة من تراكم الغضب الشعبي عليها ، مما يصب إيجابيا في خدمة أجندة المعارضة . وإنما نحن : ( سياسيا وأخلاقيا ) : مع التعامل بصدق وواقعية مبدئية : مع ايجابيات السلطة وسلبياتها ، وإنجازاتها وإخفاقاتها ، من أجل العدل والإنصاف الشرعي والأخلاقي ، ومن أجل أمن الوطن واستقراره ، وتقدمه وازدهاره ، ومن أجل مصالح المواطنين والوطن المشروعة العليا والمباشرة.

النقطة الرابعة : يجب العلم : بأن سياسة وفود القرى ، تنسجم مع المنهجية السياسية التي تعمل بها المعارضة في الوقت الحاضر ، بدليل أن وفد قرية النويدرات كان يضم عضو مجلس إدارة وعضو مجلس بلدي من جمعية الوفاق ، وهذه النقطة بالذات كانت هي السر الأول لعدم اعتراضي ، لأن الوفاق هي الوجه السياسي للتيار ، وأن منهجيتها هي المنهجية المفعلة فيه ، فإذا كان الأمر يتعارض مع منهجيتها في العمل السياسي .. فهي الأولى بالاعتراض .

أما المنهجية التي أتبناها .. فهي : معروفة نظريا للقريب والبعيد ، وهي معطلة عمليا ، ولم أتعود فرض رأيي على الآخرين في أية مسألة أو موقف ، وهذا يجب أن يكون في غاية الوضوح للجميع .

النقطة الخامسة : أن أعضاء وفد قرية النويدرات – كغيرهم – قد عملوا بحسب ما أوصلهم إليه اجتهادهم لخدمة قريتهم ، ولم يخالفوا المنهجية التي تتبعها وجوه وواجهات المعارضة في عملها السياسي في الوقت الحاضر ، وأنا أقطع بنظافة ونزاهة وحسن نوايا بعضهم ( على أقل تقدير ) ، ومهما اختلفنا معهم في منهجية العمل السياسي ، فإنه لا يجوز لنا أن نطعن في نواياهم ، فهذا خطأ أخلاقي وسياسي في آن واحد ، ولنا كل الحق في مناقشة المنهجيتين ومحاكمتهما علميا وعمليا ، وأن ننتصر علميا للمنهجية التي نؤمن بصحتها وقيمتها السياسية وأهميتها في خدمة القضايا والمصالح الوطنية العليا والمباشرة ، وأن نسعى بكل قوة لتنفيذها ، وأن نحقق لها الانتصار عمليا على أرض الواقع .. بكل الأساليب والوسائل المشروعة المتاحة والممكنة ، وليس لأحد الحق في أن يعاتبنا على هذا السلوك الأخلاقي والحضاري المشروع للانتصار لما نؤمن به بأساليب مشروعة .

السؤال ( 3 ) : ما هو رأيك في حركة المحرومين التي أطلقها الحقوقي الأستاذ عبد الهادي الخواجة ؟

الجواب ( 3 ) : أصل الملف صحيح ، وله مبرراته الواقعية الكثيرة ، إلا أنه ينبغي التنبيه إلى النقاط الرئيسية التالية .. وهي :

النقطة الأولى : أن المنهجية السياسية التي يريد أن يسير عليها الأستاذ عبد الهادي الخواجة ورفاقه ، تختلف جوهريا عن المنهجية السياسية التي تسير عليها المعارضة في الوقت الحاضر ، تلك المنهجية التي حولت قوى المعارضة – حسب رأيي كما جاء في الجواب على السؤال الأول – من قوى معارضة إلى قوى مسايرة ، مما يجعل الحركة التي أطلق عليها الأستاذ الخواجة .. أسم : ( حركة المحرومين ) في منهجيتها السياسية ، كالواحة في الصحراء ، وهذا من شأنه أن يجعل الصعوبات التي تقف أمامها كبيرة جدا ، وذلك لسببين رئيسيين .. هما :

السبب الأول : التجزئة في حمل ملفات المسائل والقضايا الوطنية الرئيسية الساخنة .

السبب الثاني : ضعف التلاحم بين القوى السياسية الوطنية في حمل الملفات المذكورة .

وكل ذلك : يقلل من فرص نجاح الحركة المذكورة – حسب المقومات المتوفرة لها حاليا ، والصعوبات والإشكالات الأخرى التي من الممكن أن تواجهها عمليا .

النقطة الثانية : أن حمل الملف يبقى ممكنا ، ويمكن أن تتوفر للحركة بعض فرص النجاح النسبي ، لا سيما إذا التفت القائمون عليها إلى الصعوبات التي من الممكن أن تقف أمامهم في الخارج ، وتعاملوا معها بصبر وواقعية ، بعيدا عن الانفعال والتهور والخيال .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.