تيار الوفاء في وسائل الإعلام

الوقت:إذكاء التصارع المنهجي.. خطاب الديري مثالاً

إذكاء التصارع المنهجي.. خطاب الديري مثالاً
لبيب الشهابي
القنبلة التي فجرها الشيخ حمزة الديري من على منبر الجمعة بتصديه المباشر للصلاة بإمامة الشيخ عبدالجليل المقداد تعد الأكثر جرأة في سياق التباين المنهجي الذي ينتمي له كلا الشخصيتين؛ فبعد أن كانت ''التورية'' والتذرع بعدم وجود شاغر في جدول أئمة الجماعة هي الموقف الابتدائي الذي عبر عنه الشيخ عيسى المؤمن، فإن الخطاب الذي تبناه الشيخ الديري يبدو أنه قطع الطريق على كل محاولة لرتق الفتق والتقارب بين المنهجين؛ فالديري يرى وبحسب خطابه أنه الحارس الشرعي على المساجد؛ فالمسجد لدى المسملين مكان مقدس اختصه الله لنفسه لكي يعبد فيه، ولست أرى ضرورة لأن ينصب الشيخ الديري نفسه ''حامية'' للمساجد، وكأني بالشيخ لم يسمع أو يقرأ ما ورد في خطبة الشيخ عيسى قاسم ''حفظه الله''

إذ يقول: ‘والمساجد للانتفاع العبادي للمسلمين وفي مقدمته الصلاة ولتبليغ الدين الحق وعلمه وتعليمه والتمكين له والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تملكه الحكومات ولا الأحزاب والفئات، ومن منع وظيفة من وظائف المسجد فقد عطل المسجد وحارب الله ورسوله وأرصد للدين وأضر به وهو منكر شديد يجب أن يحارب’ [1] ففي هذه العبارة تأكيد من الشيخ عيسى قاسم أن المساجد للعبادة التي تأتي في مقدمتها ‘الصلاة’، وتبليغ الدين، وتعليمه والتمكين له، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ولو اعتبرنا أن ما يمكن أن يقوم به ‘إمام جماعة’ من عيار الشيخ عبدالجليل المقداد لن يخرج عن هذه الوظيفة، باعتبار أن التصدي للشأن العام هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه لا يحق – وبحسب خطاب الشيخ عيسى – للشيخ الديري أو غيره أن يتصدى لإمامة من يرى فيه المصلون – بحسب تكليفهم الشرعي – الشروط الواجب توافرها – شرعياً – في إمام الجماعة، وكأن الشيخ قاسم قبل ستة أشهر حين ألقى هذه الخطبة التي حوت الجزء المقتبس يؤكد على خلاف ما ذهب له الشيخ حمزة الديري بقوله ‘ولا تملكه الحكومات ولا الأحزاب والفئات’ فكيف يسمح الشيخ الديري لنفسه أن يعطل الوظيفة الشرعية للمسجد من منطلقات حزبية وفئوية؟ أوليس هذا خطاب الشيخ عيسى قاسم الذي ينقاد إليه الشيخ الديري؟ فإذا كان الشيخ عيسى قاسم ينفي حق الحكومة في وضع يدها على المسجد، وبسط سيطرتها عليه متبوعاً بواو العطف التي ورد بعدها ‘الأحزاب والفئات’ فإن ما ليس للحكومة من حق فليس للأحزاب والفئات – بحسب خطاب الشيخ قاسم – وأتحدى الشيخ الديري أن يورد من خطاب الشيخ المقداد ما يتهم فيه الشيخ عيسى قاسم- حاشاه – أن يكون قائداً لما وصفه بالمسايرة!
لقد أحرج الشيخ حمزة الديري نفسه أولاً، وأحرج المجلس العلمائي الذي تتوارد أخبار أن مكتب أئمة جماعة الدير يعمل تحت إشرافه المباشر، وأحرج ‘الوفاق’ ورموزها الذين لم يتبن أحد منهم – حفظهم الله – هذا النوع من الخطاب الذي أقل ما يمكن أن يوصف به أنه ‘متشنج’ و ‘غير مدروس’، فلا أدري هل يريد الديري أن يذكي نار ‘التصارع المنهجي’ أو أن يصب الزيت عليها فيزيد من اشتعالها؟
وربما أخطر ما في خطاب الديري أنه يجر الجماهير إلى مواجهة القيادات، وإن كانت – القيادات – ممن لا يتفق مع نهجها السياسي، بل ويعمد إلى تأليب الجماهير على من يختلف معهم بغية عزلهم مجتمعياً، وتطويقهم بحيث لا يتمكنون من ممارسة وظيفتهم الشرعية المتمثلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويحيلهم إلى لقاء الناس في الحسينيات !
إن خطاب الديري الذي فتح الجرح على مصراعيه لا يليق بشخص مثله، وكنت أتمنى لو أنه عالج الموقف بخطاب أكثر روية وهدوءاً وتوافقاً مع وظيفته الشرعية بدلاً من أن يجعل من خطبته التي خرجت عن مسارها حديث الساعة، ومادة للقيل والقال.
[1] خطبة الجمعة للشيخ عيسى قاسم 23 يناير 2009م

– كاتب بحريني
العدد 1258 السبت 9 شعبان 1430 هـ – 1 أغسطس 2009

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.