فهرس خطب الجمعة عام 2003

خطبة الجمعة بتاريخ 02-05-2003

نص الكلمة التي ألقاها الاستاذ بتاريخ 02 مايو 2003 م

الخطبة الدينية : الرسول الأعظم وعلاقته بقومه
الخطبة السياسية : ثلاث مسائل مهمة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الغوي الرجيم

الخطبة الدينية

قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين روؤف رحيم ). آمنا بالله صدق الله العلي العظيم.
في البداية أرفع أحر التعازي إلى مقام سيدي ومولاي وأمامي وشفيعي يوم القيامة الحجة ابن الحسن العسكري روحي وأرواح المؤمنين لتراب مقدمه الفداء , وإلى مقام مراجع الأمة وفقهائها وعلمائها وإلى كافة والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , وإليكم بمناسبة الذكرى الأليمة لرحيل نبينا( محمد ) صل الله عليه وآله وسلم .
الآية الشريفة المباركة وهي الآية 128 من سورة التوبة وهي الآية قبل الأخيرة في السورة.

هذه الآية توضح لنا الصورة بعلاقة النبي محمد (ص) كإنسان وكمسئول وكقائد لقومه, وتوضح لنا الأجواء التي تتحرك فيها تلك العلاقة من المحبة والرحمة والخوف والحرص على الأمة تلك الأجواء التي فتحت عقول الناس وقلوبهم بذكر الله ولدعوته, أدخل الناس إلى هذه الأجواء أفواجا في دين الله, وهذه الآية الشريفة المباركة تقيم الحجة على كل حاكم وعلى كل قائد وعلى كل رمز وعلى كل داعية وعلى كل مصلح وتدعوهم جميعا للإقتداء بالرسول الأعظم (ص) وهذا في علاقته بقومه أو بعلاقته بالناس جميعا .
قوله تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) .
لقد جاءكم : الخطاب موجه من الله جل جلاله إلى الناس كافة وليس موجه إلى المؤمنين خاصة , لقد جاءكم – الآية نسبت فعل المجيء إلى الرسول الأعظم (ص) لم تقل مثلا لقد بعثنا فيكم أو أرسلنا إليكم رسول كريم , وإنما قال لقد جاءكم للدلالة على الإرادة الخاصة الصادقة لذا الرسول الأعظم (ص) والرغبة الشديدة للرسول الأعظم للقيام بمهام الدعوة , صحيح أن هناك تكليف من الله عز وجل وأن الرسول الأعظم استجاب لهذا التكليف ولكن الآية تقول أن هناك إرادة خاصة وصادقة لذا الرسول الأعظم (ص) وهنا رغبة شديدة لذا الرسول الأعظم للقيام بمهام الرسالة وبهداية قومه وإرشادهم وإصلاحهم.
نقدر بأن هناك قسمين من الدوافع لذا الرسول الأعظم للقيام بمهام الرسالة :
القسم الأول من الدوافع: ينبع من علاقته بالله , وهناك علاقة خاصة تربط بين الرسول الأعظم (ص) وربه , وأن هذه العلاقة تولد لذا الرسول دوافع للقيام بمهام الرسالة .
القسم الثاني من الدوافع: هي الدوافع التي تنبع من علاقة الرسول (ص) بقومه وهذه العلاقة تولد لذا الرسول الأعظم دوافع للقيام بمهام الرسالة , الآية الشريفة المباركة ركزت على هذه الدوافع , تنبه إلى هذه الدوافع , وهناك دوافع تنبع من علاقة الرسول (ص) بالله , وهناك دوافع تنبع من علاقة الرسول بقومه , الآية تريد أن تنبهنا إلى القسم الثاني من الدوافع , وفيها أيضا دلالة بأن الإنسان الذي يرتبط بعلاقة حسنة مع الله لابد بأن يرتبط بعلاقة حسنة مع الناس .
لقد جاءكم رسول: لفظ رسول في الآية ينبهنا إلى أن المجهود الذي يقدمه الرسول الأعظم إلى الناس , المنهج الذي يقدمه الرسول الأعظم إلى الناس , هو ليس من عنده وإنما هو من عند الله فهو رسول من عند الله يحمل إلى الناس هذا المنهج ويحمل إلى الناس هذا المشروع وهذا يدل على عظمة هذا المنهج ويدل على عظمة هذا المشروع ويدل على كفاءة هذا المنهج وعلى هذا المشروع , ويدل على ملاءمة هذا المشروع مع الناس …………
المعنى الأول : أنه بشر مثلكم هو من النفس البشرية وهذا ينبهنا إلى أن سيرة الرسول (ص) صفات الرسول (ص) مواقف الرسول (ص) هي حجة عليكم لا تستطيعوا أن تقولوا عندما تطالبون بأن تكون نفس سيرة الرسول أن تكون لكم نفس صفات الرسول وأن تكون لكم نفس مواقف الرسول الأعظم (ص) لايمكن أن تحتجوا لتقولا بأنه من البشر هو بشر يتألم كما تتألمون يفرح كما تفرحون ويحزن كما تحزنون له مثل العواطف البشرية والمشاعر البشرية فهو حجة عليكم في سيرته في صفاته ومواقفه وعليكم أن تقتدوا به وليس لديكم حجة في مخالفته لأنه بشر مثلكم , وأيضا هذا الفظ فيه تشريف للإنسان, لإنسانية الإنسان فهذه الآية تقول بأن الإنسان كإنسان في مقدوره أن يصل إلى هذه المرتبة العالية التي يتفوق فيها على الملائكة وأن كبار الملائكة وعظماء الملائكة يتصاغرون أمامه فإذا سلك الإنسان مسلك الرسول وانتهج نهج الرسول فهو يستطيع أن يقطع المسافات ويرتقي في مدا رج الكمال ليصل إلى مرتبة عالية في إنسانيته يتفوق فيها على الملائكة ,

المعنى الثاني : المعنى الأول ربما يقترب من المعنى الفلسفي , المعنى الثاني يقترب من المعنى الاجتماعي , الله جل جلاله يريد أن يقول إلى الناس أن الرسول محمد (ص) هو واحد منكم , الناس والمجموعة البشرية أسرة واحدة والرسول يرتبط بها وهو جزء منها تربطهم بهم وشائج المحبة , تريد أن تقول لهم أن الرسول (ص) يعيش بينكم ويرتبط معكم برباط المحبة والود والحرص يعرف مشاكلكم ويسعى إلى حل هذه المشاكل يتألم إلى ألامكم يفرح إلى أفراحكم فهو منكم ويرتبك بكم , وفي هذه الآية حجة على كل حاكم وعلى كل قائد وعلى كل رمز وعلى كل داعية وعلى كل مصلح , أن هؤلاء عليهم أن يرتبطوا بمجتمعاتهم أن يعيشوا معهم أن يختلطوا بهم أن يتعرفوا على أحوالهم ومشاكلهم , وأن يسعوا إلى حل هذه المشاكل أن يفرحوا إلى أفراحهم ويحزنوا إلى أحزانهم وإلا فليسوا هم أهلا للمواقع التي يحتلونها , الحاكم القائد الرمز الداعية , الذي يعيش منعزلا عن قومه لا يعرف شيء عن معاناتهم وعن مشاكلهم لا يفرح لأفراحهم ولا يحزن لأحزانهم هذا لا يستحق أن الموقع الذي هو فيه , الحاكم القائد الرمز الداعية المصلح الذي تتعدد له القصور والفلل والشقق الفاخرة , وسائر الناس لا يجدون لهم مسكنا ,يمتلك الأراضي الواسعة وأبناء الشعب الواحد منهم لا يستطيع أن يمتلك أرض يسكن فيها , يمتلك الثروات الضخمة ويسعى ليزيد هذه الثروة بالحلال والحرام وأبناء الشعب وسائر الناس لا يمتلكون لقمة العيش , هل هؤلاء جديرين بالمقام الذين هم فيه ؟ طبعا لا, فالقائد الحاكم الرمز المصلح يجب أن يكون واحد من الناس يرتبط بالناس يخالط الناس يعاني ما يعانيه الناس وإلا ليس أهلا للموقع الذي هو فيه.

قوله تعالى: (عزيز عليه ما عنتم ).
عزيز علية – أي يشق عليه, شديد عليه, يؤنيه عنتكم. ما هو العنت ؟ العنت له عدة معاني.
المعنى الأول: العنت بمعنى الشدة والمشقة والضرر والهلاك إلى غيره من المعاني.
المعنى الثاني: هو العناد والمكابرة وبالتالي فلهذه الفقرة من الآية معنيين رئيسيين.
المعنى الأول: أنه يشق على الرسول الأعظم (ص) ويؤلمه ما تقعون فيه من المشقة والشدة ومن الأذى كل ما يقع عليكم من الشدة والضرر والألم فهو يشق عليه ويؤلمه سواء أكان هذا الضرر في الدنيا أو في الآخرة , وبالتالي فهو يسعى لأن يخلق لكم أوضاعا مريحة وليس العكس لا يسعى لخلق أوضاع تأزم المجتمع وإذا وجدت مشكلة يسعى بجد لحل هذه المشكلة لأنه يؤلمه أي مشقة تقع على الناس, أي ضرر يقع على الناس فهذا يؤلمه , وليس العكس خلق أوضاع صعبة سواء كانت أوضاع سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو خلق أزمات إلى الناس ,التعامل مع الناس وكأنهم أعداء , استخدام الملفات الإنسانية لأهداف سياسية , هذا كله بعيد عما ينبغي أن تكون عليه العلاقة بين الحكم والمحكوم , بين القائد وسائر الناس والجمهور , وبالتالي فكل أوضاع دستورية كل أوضاع سياسية , كل أوضاع اقتصادية , كل أوضاع اجتماعية أو ثقافية تشق على الناس , فالحاكم القائد يجب أن يسعى لحلها , وبالعكس يخلق أجواء مريحة , وبالتالي نحن ندرك كم هو غريب وشاذ أن يسعى القائد أو الحاكم لخلق أضاع متأزمة على أي مستوى دستوري , سياسي , اقتصادي , اجتماعي , حالة شاذة ترفضها الفطرة الإنسانية وترفضها الشرائع السماوية ترفضها العقول السليمة .
المعنى الثاني : بأن العنت هو المكابرة والعناد فالآية تقول بأنه يشق على الرسول ويؤلم الرسول (ص) رفضكم إلى رسالته إلى الدين الذي جاء به فما تظهرون به من مظاهر المكابرة والعناد في لمواجهة المشروع والمنهج لأنه يؤدي إلى ضرر الدنيا وضرر الآخرة هلاك الدنيا وهلاك الآخرة وهوجاء رحمة للعالمين .

قوله تعالى: ( حريص عليكم ).
الحرص: هي العلاقة الشديدة بالشيء والرغبة الشديدة في الشيء والتمسك الشديد بالشيء , فحينما يكون لدينا حرص على شيء فهذا يدل على رغتنا الشديدة فيه والتمسك الشديد بالشيء , فالآية عندما تقول ( حريص عليكم ) بمعنى أنه تربطه بكم به علاقة قوية علاقة حميمة لديه رغبة شديدة في المحافظة عليكم وهو متمسك بكم لا يريد أن يفرط فيكم فهو حريص على هدايتكم على إرشادكم لما يصلح شؤونكم في الدنيا والآخرة , لما يحقق لكم السعادة في الدنيا والآخرة , بما يصلح أحولكم , حريص عليكم بحيث يبعدكم عن كل أذى وعن كل مشقة وعن مضرة وعن كل هلاك , وبالتالي حينما يدعو الرسول (ص) إلى الجهاد فهو لا يسعى وراء الجهاد من أجل هلاككم ومن أجل مشقتكم وإنما من اجل صلاحكم لأن الجهاد يرفع عنكم الذل الهوان ويرفع عنكم الظلم , ولأن الجهاد يحفظ لكم الحقوق ويصين أوضاعكم عن الفساد ويصين أوضاعكم عن التراجع للوراء , فالجهاد رحمة , وحينما يأمر بإقامة الحدود والقصاص فليس ذلك من أجل الانتقام إنما هو رحمة , لماذا ؟ لأن المجتمع بغير قانون يهلك , والقانون يحتاج حماية يهلك , ولا يمكن حماية القوانين بدون الحدود والقصاص – ( ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب ) لأن المجتمع يحيى حينما يكون هناك قانون , وحينما تكون هناك حماية للقانون , أما إذا لم تكن هناك حماية لهذه القوانين توجد انتهاكات لهذه القوانين يهلك المجتمع يفسد المجتمع وبالتالي ( ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب ) العبادات الصلاة الزكاة الصوم الحج هي أيضا رحمة لأنها تطهير إلى النفس وتزكية إلى النفس , تعمل على ترقية النفوس وتكميل النفوس فتكون مصدر خير إلى الناس في الحياة الدنيا وتتأهل هذه النفوس إلى الثواب الأخروي ثواب الله يوم القيامة , فالجهاد والحدود والعبادات ليست من أجل المشقة عليكم وإنما من أجل الحرص عليكم , قوله تعالى : ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) النبي (ص) رحـمـــة للــعالـميـن –( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) رحمة كما ذكرت فدينه رحمة قبل أن في الدنيا رحمة هو كرسول حينما وسيلة لإيصال رسالة الله إلى الناس , هو كرسول رحمة لأنه يوصل رحمة الله إلى الناس يوصل دين الله إلى الناس , وهو رحمة قي صفاته وفي سيرته وهو رحمة في دينه وفي رسالته كما ذكرت الجهاد رحمة , الحدود رحمة , العبادات رحمة , الأحكام كلها رحمة , وهو أيضا يدعو إلى الرحمة , ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء , يدعوكم إلى التراحم , فالرسول رحمة إلى العالمين ولكنه أيضا له رحمة خاصة بالمؤمنين ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) . الرأفة – يعني الرحمة الشديدة , الرؤوف يعني شديد الرحمة , والشفقة على الناس لكي لا يصلهم أي ضرر وأي مشقـــة فالرسول (ص) به رحمة لكل الناس ولكن لديه رحمة خاصة بالمؤمنين , شديد الرحمة , شديد الشفقة على المؤمنين , وهنا يجب أن نلتفت إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن من رحمته للمؤمنين وأن من شفقته على المؤمنين أنه يدافع عنهم ويحميهم من ظلم الظالمين , فالرسول (ص) رحمة به بالمؤمنين حميهم من الظلم ويحميهم من الإجحاف ويحميهم من الضرر ويدافع عنهم , وحتى في هذا الحال وإن كانت رحمته تتجلى رحمته أكثر مع المؤمنين , إلا أنه رحيم بالظالمين , لأنه عندما يمنع الظالمين من إيقاع الظلم حميهم من العذاب ويحميهم الهلاك فحتى في هذه المواقف التي يقف فيها الرسول الأعظم (ص) بالدفاع عن المؤمنين وعن حقوقهم وحمايتهم من الظلم هو أيضا رحيم بالظالمين أنفسهم لأنه يحميهم من العذاب الأليم , الله عز وجل رحيم بالمؤمنين وغير المؤمنين رحيم بالناس كافة ولكن لديه رحمة خاصة وشفقة خاصة بالمؤمنين ومن هذه الشفقة ومن هذه الرحمة أنه يدافع عن حقوقهم ويحميهم من الظلم .

الحديث السياسي

وفيه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى – تتعلق بالشعب العراقي. أنا ذكرت في أكثر من حديث سابق وأكرر بأن أمريكا انتهكت الشرعية الدولية وهددت النظام الدولي وأضعفت المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة, وهذا يدل على أهدافها من العدوان على العراق هي أهداف استراتيجية وأنها سوف تقاتل وتقاتل وتقاتل بكل أسلوب وبكل أداة في سبيل تحقيق هذه الأهداف الإستراتيجية, وعليه فإن ما يذكره المسئولون الأمريكيون بأنهم سوف يسمحون للشعب العراقي بأن يختار النظام والحكومة التي يردها هذا كذب وبعيد عن الواقـع أمريكا لم تقدم هذه الانتهاكات وهذه الخسائر في سبيل أن تسلم الحكم إلى الشعب العراقي, وفي هذا اليوم المبارك أريد التنبيه إلى مسألة واحدة وهي موقف الإدارة الأمريكية من الشيعة والتيار الإسلامي الشيعي في العراق, أمريكا قبل العدوان وفي أثناء العدوان روجت من وسائل إعلامها وشاركت وسائل الإعلام بقصد وبدون قصد بسؤ نية وبحسن نية إلى أن الشيعة في العراق سوف يستقبلون أمريكا بالزهور, وأعطى تبرير إلى ذلك بأن الشيعة في العراق كانوا عرضة إلى الظلم والعدوان من فبل النظام العراقي السابق وهذا حق وكان النظام العراقي قمة التمييز الطائفي وارتقب مظالم لا حصر لها ضد الشعب العراقي عموما وضد الشيعة خصوصا وهذا ما اعترفت به كل وسائل الإعلام وكان هدف أمريكا هو الإساءة إلى الشيعة لأن في الوقت الذي كان الشعوب الإسلامية والشعوب العربية في قمة الغضب على أمريكا , تقول لهم أمريكا الشيعة سوف يحتضنون الاحتلال وبالتالي يرتبطون بكم برابط قومي أو إسلامي , والتجربة كشفت عما تعنيه أمريكا من الشيعة سواء أكان الشيعة في إيران أو في لبنان ولها تجربة قاسية مع الشيعة ولكنما فعلت ذلك من أجل الإساءة إلى الشيعة وحاولت أن تروج إلى شخصيات شيعية ومن جملتها – أحمد جلبي – طبعا أول مقاومة لها من الشيعة في الجنوب أكثر مقاومة في الجنوب وبسرعة تبلورت إرادة الشعب العراقي , وظهر في وسائل الإعلام بأن الشيعة هم الأكثر رفضا للعدوان فإرادة الشعب العراقي تبلورت بسرعة حول رصد العدوان والمحافظة على الوحدة الوطنية , فتحركت وسائل الإعلام وتحركت أجهزة أمريكا وعملاء أمريكا في الداخل والخارج لقولوا لسَنة في العراق بأن الشيعة يريدون أن يسيطروا على كل شيء في العراق , في البداية قالوا أنهم سوف يحتضنون الاستعمار ثم قالوا إن الشيعة يريدون أن يسيطروا على كل شيء وعليكم أيها السنة أن تدافعوا عن مصالحكم وعن مواقعكم , في سبيل الوقوع في حرب طائفية وصراع طائفي – فرق تسد- وروجت بترويجات أخرى من أخطرها أن – رامسفيلد- وزير الدفاع الأمريكي يظن بأن الشيعة في العراق هم عراقيون أما الذين في خارج العراق هم فرس يعني ليسوا بعراقيين وهذا تمهيد لكي تعامل أمريكا شيعة العراق نفس معاملة صدام فلأنهم فرس وليسوا عراقيين فإما أن تزجهم في السجون وإما أن تشردهم كما فعل صدام في سبيل ضرب التيار الإسلامي المعادي لها في داخل العراق , والشعب العراقي واعي ولن يقع إنشاء الله فريسة لهذا الفخ الشيطاني كما روجت وسائل الإعلام الأمريكية إلى مسالة أيضا أخرى على مستوى الأنظمة في المنطقة , حذرت الأنظمة في المنطقة بأن الشيعة في العراق يردون أن يقيموا نظام حكم على غرار نظام الحكم الإيراني وأن يتحالفوا مع إيران لماذا ؟ في سبيل أن يقلبون ميزان القوى في المنطقة , طبعا إذا صار نظام لدية علاقة طيبة مع إيران وعلاقات طيبة مع سوريا راح يشكلون جبهة كما ذكرت في الحديث السابق ضد الكيان الصهيوني للإخلال بالتوازن لصالح العرب والمسلمين ضد الكيان الصهيوني , فالبتالي يا أنظمة عربية ويا أنظمة خليجية أعطونا الضوء الأخضر لضرب الشيعة , نفس ما فعله الاستعمار والشيطان الأكبر في الحرب الإيرانية العراقية , عملوها حرب بين الشيعة والسنة , وإنشاء الله تكون الأنظمة واعية كل الأنظمة اعترفوا بخطئهم فيما يتعلق بحرب الخليج الثانية وفي الواقع ارتكبوا مظالم ضد الشعب العراقي , وعليهم ألا يرتكبوا ظلما جديدا على الشعب العراقي وضد شعوبهم .

المسألة الثانية –تتعلق بالشعب الفلسطيني: وبصورة خاصة الحكومة الجديدة وما جاء في برنامجها من نزع السلاح عن المقاومة التي سمته بالسلاح الغير الشرعي وأنا أقف عند هذه المسألة لكي نتخذ كشعوب وحكومات الدرس من هذه المسألة, قبل أن أدخل في الحديث بما يسمونه السلاح الشرعي سلاح السلطة هو سلاح غائب عن المقاومة وعن مواجهة الاستعمار الصهيوني من الأرض الفلسطينية غائب تماما لكن ما هو الإشكال الصعب والحقيقي في القضية الفلسطينية , الإشكال هو أن هناك استعمار هناك احتلال إلى الأرض وبالتالي المرحلة هي مرحلة مقاومة ومرحلة تحرير , وبدلا من أن يقف الشعب الفلسطيني كله في جبهة واحدة , وهي جبهة المقاومة وتحرير الأرض ظهر توجه لإقامة السلطة الفلسطينية , السلطة الفلسطينية ككيان سياسي يختلف تماما في منهجه في العمل عن منهج المقاومة والتحرير , الشعب الفلسطيني يريد أن يحرر والسلطة الفلسطينية تريد أن تتعامل كسلطة , فما هي النتيجة ؟ النتيجة أن تخوض السلطة الفلسطينية حرب بالنيابة عن الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وضد المقاومة , وهذه هي المأساة , ما هو الدرس لكل الشعوب ولكل الحكومات ؟ الدرس هو أن الشعوب العربية والشعوب الإسلامية لا تتوقف ولا تتردد وليس لديها أي إشكال في مواجهة الاستعمار ولكن للأسف أن الاستعمار جاء بالحكومات من أبناء الوطن تقوم بتقييد الشعوب لصالح الاستعمار, وتقع الشعوب في إشكالية حقيقية, فإما أن ترضخ إلى الظلم والاستبداد وإما أن تدخل في حرب أهلية داخلية في قتال وطني, فالشعوب لا تتوقف في مواجهة الاستعمار , ولكن إذا جاءت هذه الحكومات الشعب يتوقف عن مواجهتها لأنه لا يرغب في الاقتتال الوطني والحرب الأهلية والحرب الداخلية ولكن الحكومات للأسف لا تراعي ما تراعيه الشعوب , الشعوب تراعي الحكومات ولا ترغب في الحرب الأهلية والحرب الداخلية ولكن الحكومات لا تراعي ما تراعيه الشعوب , فشهوة الحكم المحرمة أعمت عقول وقلوب وأعين الحكام فانتهكوا كل القيم وانتهكوا كل المباديء وانتهكوا كل الحقوق ومارسوا أشد الظلم والاستبداد ضد شعوبهم ووصل الأمر إلى أن يخوضوا حربا بالنيابة ضد الشعوب نيابة عن الاستعمار , فأوقعوا الشعوب في مأزق ونرجو من على الأقل أن تراعي ما تراعيه الشعوب .

المسألة الثالثة: تتعلق بالشعب البحريني – المسألة في غاية الأهمية وسوف أطرحها بدقة وباختصار, وأرجو أن تتفتح العقول والقلوب لهذا الطرح فإني أقصد به وجه الله تعالى , معظم الشعب البحريني والجمعيات الأساسية اتخذت قرار بمقاطعة الانتخابات البرلمانية والهدف الأساسي هو الإطاحة بدستور 2002 والعودة إلى دستور 73 وإسقاط البرلماني الحالي والحصول على برلمان يعبر عن إرادة الشعب , ومن المفروض على الناس , على الجماهير على الرموز على المؤسسات المقاطعة أن تتحرك بإرادة جدية لتحقيق أغراض وأهداف المقاطعة ولكنها وقعت في بعض الأخطاء , من هذه الأخطاء ميثاق الشرف أو ميثاق التنسيق طبعا هذا العمل إيجابي يجب على الجمعيات وعلى الرموز أن يحرصوا على توسيع رقعة العمل المشترك ولكن أين الخلل ؟ الخلل يقع على أن التركيز هذا الميثاق (ميثاق التنسيق ) أغفل التركيز عن المسألة الدستورية وتحقيق أهداف وأغراض المقاطعة فتم التركيز على العمل المشترك على حساب تحقيق أهداف وأغراض المقاطعة, وكنا نتوقع من الجمعيات الأربع أن تقيم تحالفات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية من أجل تحقيق أهداف وأغراض المقاطعة, ولكن لم نجد هناك سعيا حثيثا وإرادة جدية بما فيه الكافية لتحقيق ذلك, ( هناك مسألة خطيرة جدا وأنا سميتها السير على خط الصفر بين المشاركة والمقاطعة فلا نحن مع المشاركة فنجني مكاسب المشاركة ولا نحن جادين في المقاطعة فنحقق أهداف وأغراض المقاطعة فسرنا على خط الصفر هذا الخط هذا السير واقعا يوقع الضرر الجسيم بالناس وبأبناء الشعب فلا بد أن نحدد خيارتنا إما أن نكون مع المشاركة وبالتالي نحصل على مكاسبها , أو نكون مع المقاطعة وتكون الإرادة جدية في تحقيق أغراض وأهداف المقاطعة أما السير في هذا الخط الصفر في الوسط بين المشاركة والمقاطعة فهذا يضر بمصالح الناس بمصالح الشعوب ) فإذا كانت الأطراف المقاطعة لها رؤية جدية بالمشاركة فعليهم أن يطرحوا هذه الرؤية وتناقش أمام الناس بخطر المقاطعة أما الاستمرار في هذا الخط مضر لأن هناك خطأ في المنهج ينبغي أن نميز بين العمل السياسي الحقيقي وليس العمل الذي يقوم على القبول والرفض إما الحكومة تعرض وأنا أقبل أو أرفض هذا ليس عمل سياسي جاد , العمل السياسي الجاد هو الذي يستند إلى رؤى أي أن تكون هناك رؤى ويكون يسعى لتحقيق أهداف وأغراض هذه الرؤى , تكون هناك مبادرات ويكون هناك سعــــي فإذا كانت لدينا قناعة بالمشاركة نطرح هذه الرؤيا ونسعى إلى تحقيق أغراضها وليس فقط علينا أن نقبل أو نرفض فمن الناحية المنهجية أن العمل السياسي الجاد ليس الذي يقوم على القبول والرفض إنما هو الذي يستند إلى الرؤى ويكون هناك سعي حقيقي لتحقيق أهداف وأغراض هذه الرؤى , أن تكون هناك مبادرات وتطبيق وتنفيذ هذه المبادرات وليس القبول والرفض , الجانب الثاني أن العمل السياسي أولا وأخير للناس وإلى الناس يعني أن العمل السياسي الحقيقي الجاد الذي يريد يحقق أهداف كبيرة لا يقوم النخبة وإنما يستند إلى الجماهير إلى الشعب والناس لأنه يريد أن يخدم أهداف وأغراض الناس فهو يترك بالناس ومن أجل مصالح الناس وبالتالي إذا كانت هناك رؤى ونريد أن نعمل على تحقيق أغراض وأهداف هذه الرؤى , هذه الرؤى يجب أولا أن تطرح على الناس وتناقش بين الناس ليقتنعوا بها ويعملوا من أجلها لأن العمل السياسي من أجل الناس ومصالحهم ومبادئهم .

وبالتالي فهناك ثلاثة أخطاء:
1- السير على خط الصفر مضر بمصالح الناس وقد يصل إلى درجة الخيانة.
2- أن العمل السياسي الجاد ليس هو العمل الذي يقوم على القبول والرفض وإنما يقوم على الرؤى الجادة والمبادرات الجادة والس لتحقيق أهدافها وأغراضها.
3- النقطة الأخيرة , أن العمل السياسي الجاد هو الذي ينطلق بعد الله من الناس وإلى الناس أي يخدم أغرض وأهداف الناس.

اكتفي بهذا المقدار واستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

بتاريخ / غرة ربيع الأول /1424هـ – الموافق 2 / 5 / 2003 م
في مسجد الشيخ خلف في قرية النويدرات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.