الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 19

أسئلة وأجوبة ( 19 )

الموضوع : أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين على بعض الأسئلة التي وردت إليه .
التاريخ : 22 / صفر / 1426هـ .
الموافق : 2 / أبريل – نيسان / 2005م .

السؤال ( 1 ) : ما هي قراءة الأستاذ عبد الوهاب حسين للأوضاع في الساحة الوطنية بعد مسيرة يوم الجمعة الحاشدة ؟

الجواب ( 1 ) : في تقديري : أن الأوضاع سوف تكون دقيقة وعصيبة ، وأنها تحتاج إلى حساب الأمور بدقة وحرفية ، واتخاذ المواقف بمسؤولية وشجاعة وحسم .

وسوف أضع قراءتي للأوضاع في سبع نقاط رئيسية .. وهي :

النقطة الأولى : في تقديري : أن التعديلات الدستورية قادمة لا محالة ، لأن الملك يحتاجها من أجل إنقاذ مشروعه الذي أصبح أمام امتحان صعب وتحديات حقيقية .. تكاد تعصف به في الساحة الوطنية ، وهي حاجة لازمة في نفسها من أجل المحافظ على المشروع وتطويره .

وفي تقدير ي : أن المعارضة ينبغي عليها أن تتوقع حدوث تلك التعديلات الدستورية ، وتحسب إليها في تحديد مواقفها وتحركاتها السياسية .

وفي تقديري أيضا : أن هناك أربعة أمور يحرص الملك عليها في إجراء التعديلات الدستورية .. وفي المقابل : هناك أربعة أمور ترغب المعارضة فيها وتسعي لتحقيقها .. وهي :

أولا . الأمور التي يحرص الملك عليها ..

الأمر الأول : يحرص الملك على الإيحاء والتأكيد : بأنه لم يرغم على إجراء التعديلات الدستورية ، وإنما جاء بها بناء على رغبته وإرادته الملكية ، من أجل المصلحة الوطنية ، وإنجاح مشروعه الإصلاحي وتطويره .

الأمر الثاني : لا يرغب الملك .. في : أن تقوى شوكة المعارضة عموما والوفاق خصوصا ، وأن يسطع نجمهما ، وترتفع معنوياتهما ، بحيث تكون لهما الجرأة والقوة والسطوة على الوقوف في وجه أجنته الخاصة .. وتغييرها ، وان تفرضا عليه ما لا يرغب فيه .

الأمر الثالث : الحرص على أن يكون سقف التعديلات تحت إرادته ، وبالمستوى الذي يريده .

الأمر الرابع : الحرص على أن تجرى التعديلات الدستورية من خلال المؤسسة البرلمانية القائمة حاليا وفق ( المادة : 35 ) أو ( المادة : 92 ) من ( وثيقة : 2002 ) .

ثانيا – الأمور التي ترغب المعارضة فيها وتسعى إلى تحقيقها ..

الأمر الأول : أن يحسب الفضل في إجراء التعديلات إلى جهودها .

الأمر الثاني : إثبات مصداقيتها ، وتعزيز ثقة جماهيرها فيها .

الأمر الثالث : أن تضمن تفرد المجلس النيابي المنتخب بصلاحية التشريع والرقابة .. وأن ترفع سقف التعديلات الدستورية : إلى أقصى درجة ممكنة في هذه المرحلة .

الأمر الرابع : التوافق السياسي مع الملك على مضمون التعديلات الدستورية وآلية إدخالها .

النقطة الثانية : ليس من مصلحة السلطة .. وغير مسموح لها : بالاستخدام المفرط للقوة في قمع المعارضة .. وبالتالي فإن السلطة : سوف تلجأ إلى الألاعيب وتفجير الألغام السياسية في وجه التحرك الجديد للمعارضة .. من أجل تعطيله أو الحد منه على أقل تقدير ، وإذا احتاجت إلى القوة .. فسوف تستخدمها في حدها الأدنى ، ويمكن أن يتطور استخدام السلطة للقوة إذا ثبت إصرار الوفاق والمعارضة على المضي قدما في التحرك الجديد .. ويمكن أن تحصل على الضوء الأخضر بذلك .

وفي تقديري : أن المعارضة تدرك ذلك إلى درجة كبيرة .

النقطة الثالثة : بعد أن أعلنت الوفاق عن تحركها الجديد ، فإن قرار المضي قدما في مسيرة الجمعة بعد منع وزارة الداخلية لها ، كان قرارا صائبا ( 100% ) من الناحية السياسية .. إذ أن الوفاق : لو خضعت لضغوط السلطة ، وقررت إلغاء المسيرة .. لكان ذلك القرار : قد قضى على مصداقيتها ، وأحرقها سياسيا ، ومثل نهايتها السياسية ، وأن عليها بعده أن تغلق أبوابها .

وفي تقديري : أن إدارة الوفاق قد أدركت تلك النتيجة بوضوح تام ، واستندت إليه في اتخاذ قرارها بالمضي قدما في المسيرة بعد المنع .

النقطة الرابعة : بعد أن أعلن فضيلة الشيخ علي سلمان ( سدد الله تعالى خطاه ) في ندوة سترة قبل المسيرة بليلة : أن التحرك الجديد سوف يستمر حتى تتحقق المطالب الشعبية .. وحددها : بدستور عقدي ، واستقلال المجلس النيابي المنتخب بصلاحية التشريع والرقابة ، فإن توقف التحرك لا يقل خطورة على الوفاق والمعارضة – من الناحية السياسية – عن قرار إلغاء المسيرة .. لو تم .

وفي تقديري : فإن المطلوب منها : تحديد أهداف تحركها الجديد ، وإستراتيجية عملها .. بدقة وحرفية ، وأن تستمر في تحركها من أجل تحقيق أهدافها .. بواقعية شرعية ، آخذة بعين الاعتبار قدراتها وأرضية تحركها واستعداداتها الفعلية ، وكل التداعيات المفترضة والاحتياطات اللازمة ، مع تنشيط التواصل السياسي مع السلطة ، والإبقاء على أبواب الحوار مفتوحة معها .. لاستيعاب كل جديد ، ووضعه في مكانه الصحيح .

النقطة الخامسة : إن السلطة سوف تسعى جاهدة لمواجهة التحرك الجديد وفق ما جاء في النقطة الثانية ، وأنها سوف تحرص على أن تبقى الوفاق والمعارضة في النصف : لا يسطع نجمهما وتقوى شوكتهما ، ولا تضعفا ويلغا دورهما ، لأن السلطة في حاجة ماسة إليهما في ضبط حركة الشارع ، وتجميل صورة المشروع الإصلاحي ، وقد أثبتت التجربة : أن البديل عن الوفاق خصوصا ، هو التعامل مع الشارع مباشرة ، وهذا يمثل مأزقا للسلطة لا ترغب فيه .

النقطة السادسة : إن الإجراءات التي سوف تعتمدها السلطة وتلجأ إليها في التعامل مع الوفاق ، سوف تتوقف على نتائج المساعي لاحتواء الموقف ، فإذا حصلت السلطة على ضمانات تحد من التحرك الجديد وتجعله غير ضار بأجندتها .. فإنها سوف تكون متسامحة مع الوفاق .

وأما
إذا لم تحصل على هذه الضمانات ، فإنها سوف تسعي لمواجهته وفق ما جاء في النقطة الثانية ، وأن النتائج سوف تتوقف على مدى صمود الوفاق والمعارضة عموما ، وقدرتهما على مواجهة ألاعيب السلطة وتجاوز ألغامها السياسية .. وتحقيق النجاح : يحتاج إلى إرادة صمود ، ورؤية واضحة للأهداف وإستراتيجية التحرك ، وقراءة حرفية دقيقة إلى الواقع .

وأن الوفاق والمعارضة تقعان بين مستقبلين في الخروج من هذا الوضع :

الأول : سطوع نجمهما وقوة شوكتهما في حال النجاح .
الثاني : الاحتراق السياسي في حال الفشل .

وقد سبق القول في النقطة الخامسة : أن السلطة : سوف تحرص على أن تبقى الوفاق والمعارضة في النصف : لا يسطع نجمهما وتقوى شوكتهما ، ولا تضعفا ويلغا دورهما .. والوصول إلى هذه النتيجة : للهروب من مأزق الفشل والاحتراق السياسي – في حالة عدم توفر الأرضية أو القدرة على المضي قدما في التحرك الجديد – يتوقف على طبيعة التعاطي السياسي بين الطرفين : ( السلطة والمعارضة ) في هذه المرحلة ، وهو يحتاج إلى حس سياسي ومهارة حرفية من قبل الوفاق والمعارضة عموما للسير على الصراط الدقيق الوسط بين طرفي : ( قوة الشوكة ، والفشل أو الاحتراق السياسي ) .

النقطة السابعة : من الألغام السياسية التي يمكن أن تفجر في وجه التحرك الجديد والقائمين عليه ، أن تلجأ السلطة إلى إجراء تعديلات دستورية وفق ( المادة : 35 ) أو ( المادة : 92 ) من ( وثيقة : 2002 ) بحيث لا تصل إلى المستوى الذي تحقق فيه مطالب المعارضة وطموحات الشعب .. ولا تلغيها أو تتجاهلها تماما ، فإن ذلك سوف يؤدي إلى نتائج سلبية في أوضاع المعارضة ومستقبلها .. أهمها :

السلبية الأولى : انقسام صفوف المعارضة وضعفها ، حيث سيقبل بالتعديلات بعض قيادات ورموز المعارضة ويرفضها البعض الآخر .

السلبية الثانية : هبوط كبير في معنويات الجماهير ، وفقدان المعارضة لجزء كبير من قواعدها .. عاجلا وآجلا :

أما عاجلا : فإن الجماهير على قسمين : ( الأول ) : يسلم للرموز والقيادات في جميع قراراتها . ( والثاني ) : يمتلك حسا نقديا ، ولا يسلم إلى القرارات التي يري فيها ضعفا ويطمئن إلى عدم صحتها ، مما يعني فقدان المعارضة إلى هذا الجزء المهم من قواعدها في هذه المرحلة .

وأما آجلا : فبعد الدخول إلى البرلمان ، وعجز المعارضة فيه عن تحقيق مكاسب حقيقية إلى أبناء الشعب .. لا سيما المسحوقين منهم ، فيكفروا بالحكومة والمعارضة معا ، مما يؤول إلى نتائج خطيرة على أوضاع البلد والمعارضة .. ومستقبلهما .

وبهذه المناسبة : أحذر إخواني المؤمنين : من خطورة الانصراف عن العلماء الإجلاء والابتعاد عنهم .. وأرى على العلماء الإجلاء : ضرورة نظم أمرهم والتشمير عن ساعد الجد ، والاقتراب من الناس والدنو منهم والاهتمام بهمومهم وقضاياهم العامة والخاصة ، وبث الوعي وروح التضحية فيهم ، والمحافظة على تماسكهم ومعنوياتهم ، لأن ذلك هو الركيزة الأساسية في قوة شوكة الدين وعز المسلمين والمؤمنين .

السلبية الثالثة : برود العملية السياسية وضعف الحماس في التعاطي معها .. مما سوف يؤدي بطبيعة الحال : إلى بطأ الحراك السياسي والإصلاحي في البلاد .. إلا إذا حدثت عوامل خارجية تتولى تحريكها .

وعليه : فإن المطلوب من المعارضة .. كما سبق : تحديد أهداف تحركها الجديد ، وإستراتيجية عملها .. بدقة وحرفية ، وأن تستمر في تحركها بصبر وصمود وحرفية من أجل تحقيق أهدافها ، آخذة بعين الاعتبار قدراتها وأرضية تحركها واستعداداتها الفعلية ، وكل التداعيات المفترضة والاحتياطات اللازمة ، مع تنشيط التواصل السياسي مع السلطة ، والإبقاء على أبواب الحوار مفتوحة معها .. لاستيعاب كل جديد ، ووضعه في مكانه الصحيح .

وأنصح المعارضة : بأنها إذا وجدت في تقييمها لأوضاعها ومواقفها وأرضية تحركها : أن إجراء التعديلات الدستورية وفق ( المادة : 35 ) أو ( المادة : 92 ) من شأنها أن تؤدي بها إلى المشاركة في ( 2006 ) .. ولو لم تحقق التعديلات مطالبها ، فإن عليها أن لا تنتظرها .. بل تسبقها ، وتعلن عن مشاركتها من الآن .. وذلك للأسباب الموضوعية التالية ( بغض النظر عن رأيي الأصل في المشاركة ) :

السبب الأول : ما سبق توضيحه من النتائج السلبية التي يمكن أن تؤول إليها تلك التعديلات في أوضاع المعارضة ومستقبلها .

وفي تقديري الشخصي : أنه إذا سبق الإعلان عن المشاركة التعديلات ، فإن النتائج السلبية التي سوف تقع على المعارضة ، سوف تكون أقل بكثير من تأخير الإعلان عنها ، حيث تتاح لها تهيئة الشارع بصورة أفضل ، بالإضافة إلى فرصتها في إعداد قوائمها وبرامجها الانتخابية كذلك .

السبب الثاني : من مصلحة الموجودين في البرلمان الحالي تخفيض سقف التعديلات إلى أقل مستوى ، وإذا حصلت التعديلات على أيديهم ، فمن شأنها أيضا : أن تؤخر إحداث تعديلات أخرى قريبة .. وتعقدها ، مما يعني الإبقاء على سقف التعديلات المنخفض إلى فترة زمنية طويلة ، وهذا ليس في مصلحة المعارضة . بينما إذا دخلت المعارضة وسعت إلى إجراء التعديلات على أيديها ، فسوف تحرص على رفع سقفها إلى أقصى درجة ممكنة .. ويمكنها أن تحقق نجاحا نسبيا في ذلك .

السؤال ( 2 ) : ما رأي الأستاذ حول تقدم الوفاق على أطراف التحالف في تزعم التحرك الجديد .. والدعوة إلى مسيرة الجمعة ؟

الجواب ( 2 ) : لم أقف على خلفية الموقف بدقة من الوفاق .. وقد سمعت : أن الدعوة إلى الفعاليات القادمة ، سوف تكون باسم الأمانة العامة للمؤتمر الدستوري .. وهنا أرغب في التنبيه إلى النقاط التالية :

النقطة الأولى : ليس من مصلحة السلطة بقاء التحالف قويا .. قبل المشاركة وبعدها ، حيث تقف المعارضة في جبهة واحدة قوية في وجهها .

وعليه : فإن من مصلحة السلطة : أن تسعى جاهدة لتفكيك التحالف أو إضعافه على الأقل ، وهذه إرادة قديمة لمست وجودها في حواراتنا السابقة مع أجهزة الأمن .. وفيما سمعته من كلام بعض المسؤولين .

النقطة الثانية : لقد لعب العمل الوطني المشترك : دورا كبيرا في حماية الانتفاضة المباركة من نعتها بالطائفية والإرهاب .. رغم مساعي السلطة الحثيثة لذلك ، ولا زالت الحاجة قائمة لحماية الحركة المطلبية من مثل هذه النعوت من خلال تعزيز العمل الوطني المشترك وقوى التحالف .

النقطة الثالثة : إن طبيعة النظام السياسي في البحرين : سوف تفرض استمرارية ثنائية السلطة والمعارضة .. مهما حدث من إصلاح ، وبالتالي : استمرارية الحركة المطلبية من أجل الإصلاح والتطور ، مما يجعل من العمل الوطني المشترك ، والتحالف بين قوى المعارضة ، حاجة إستراتيجية مستمرة .. وليست مؤقتة أو تكتبك .

أيها الأحبة الأعزاء ..
أكتفي بهذا المقدار ..
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم ..
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.