محاضرات وندوات عام 2006

كلمة الإستاذ في كتيب رمضاني بعنوان : الوحدة الوطنية

الموضوع : مقال للأستاذ عبد الوهاب حسين .
العنوان : الوحدة الوطنية .
جهة النشر : الكتيب الرمضاني الثاني لمأتم الحاج علي الملا / قرية سند .
تاريخ الكتابة : 13 / شعبان / 1427هـ .
الموافق : 6 / سبتمبر ـ أيلول / 2006م .

أعوذ بالله السميع العليم ، من شر نفسي الأمارة بالسوء ، ومن شر الشيطان الرجيم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين .

ينشأ الحديث عن الوحدة الوطنية في ظل وحدة التراب الوطني ووحدة السلطة الحاكمة ووحدة القانون . وتقوم على اعتبار المواطنة المعيار للحقوق والواجبات بين كافة المواطنين على

أرض الوطن .. وتتحقق الوحدة الوطنية من الناحية العملية : إذا اطمأن كل مواطن إلى أن حقه مصان بقوة القانون ، وأن التعدي عليه يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون ، وأن السلطة حارس أمين لهذا الحق ، فلا يستطيع أحد مهما كان التعدي على حقوق المواطنين والتمييز بينهم على أساس العرق أو الدين أو المذهب أو غيره ، وتتحقق بذلك العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص واحترام التعددية بين المواطنين ، ويتم شغل المناصب العامة في الدولة على أساس الأمانة والأهلية والكفاءة وليس على أساس المحسوبية والانتماء العرقي أو الديني أو المذهبي .. وينتج عن ذلك : شعور المواطن بالأمن والاستقرار والرضا ، ويؤدي إلى ترسيخ الولاء للوطن ، وينشر الألفة والمحبة والحوار والتعاون والتلاحم بين المواطنين ، ويخلق منهم قوة متماسكة ومتضامنة في البناء والتعمير والتطوير ومواجهة كافة التحديات والأخطار الداخلية والخارجية ، مما يبرز قيمة الانتماء الوطني ، ويدل على مدى الشموخ والرقي في التفكير والممارسة لدى السلطة والمواطنين على حد سواء . أما التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات لاسيما من قبل السلطة ، فإنه يؤدي إلى الشعور بالظلم وعدم الرضا ، وينشر الكراهية ويؤدي إلى التناحر بين المواطنين ، ويشغل المواطن بدفع الظلم عن نفسه والسعي لتحصيل حقوقه بكل وسيلة ، مما يهدد أمن الوطن واستقراره وحاضره ومستقبله والاستقلال الوطني ، لأن أعداء الوطن لاسيما أصحاب المطامع الخارجية يدخلون إلى الوطن من نافذة الخلافات والتناقضات بين المواطنين . فليس من الحكمة والعدل وحسن التصرف وحسن الإدارة التمييز بين المواطنين ، وهو عمل غير شرعي وغير أخلاقي وغير وطني ، وأنه لا يصدر إلا عن نفوس مريضة منحطة لا تعرف الإيمان ولا القيم الإنسانية ولا الإخلاص للوطن ، وأنها تريد تدمير الوطن وتخريبه من أجل مطامعها وأهدافها الشيطانية الخبيثة ، التي لا يقرها عليها دين ولا ضمير ولا ميثاق معتبر .. والمطلوب من أبناء الوطن والقائمين على الدولة : أن يدركوا بأن للدولة مبادئ تقوم عليها تجب مراعاتها والالتزام بها من أجل المحافظة على سلامة الدولة ورقيها وتقدمها ، منها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وعدم التمييز بينهم في الحقوق والواجبات . وأن اختلاف الأعراق والأجناس والألوان من حكمة الرب الرحيم وليس للإنسان فيه أي اختيار أو فضل . وأن الاختلاف في الدين أو المذهب حق تفرضه كرامة الإنسان التي تقوم على العقل وحرية الاختيار وتقره الشريعة الإسلامية المقدسة العظيمة ، وأن الوحدة الوطنية لا تعني الذوبان وفقدان الهوية أو الخصوصية ، وإنما تقوم على التعددية وحفظ الحقوق والبحث عن المشتركات ورعاية المصالح المشتركة والانطلاق منها لتذليل العقبات وبناء الوطن الذي يضم الجميع . وعليهم أن يدركوا بأنهم جميعا في سفينة واحدة ، فإن وضعوا أيديهم في أيدي بعضهم نجوا وإلا هلكوا جميعا ، فلا يتهاونوا في ذلك .. لأن الكارثة إذا وقعت ستصيب الجميع ولن تستثني أحدا منهم .

والخلاصة : أن الوحدة الوطنية تمثل هدفا نبيلا وعظيما ، ينبغي أن يعمل جميع أبناء الوطن الواحد من أجل تحقيقه والمحافظة عليه وصيانته من العبث ومن أن يتلاعب به أصحاب النفوس المريضة المنحطة من داخل الوطن أو خارجه . وتتحمل السلطات الثلاث بصورة خاصة وقوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني المسؤولية المباشرة عن تحقيق ذلك الهدف الوطني والإنساني العظيم .

أكتفي بهذا المقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.