الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 7

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 7

الموضوع : أجوبة الأستاذ على بعض الأسئلة التي وردت إليه في الأيام الأخيرة .
التاريخ : 29 / ربيع الثاني / 1424 هـ .
الموافق : 30 / يونيو ـ حزيران / 2003 م .

السؤال ( 1 ) :لماذا التراجع في الحالة الروحية والأخلاقية في ظل الاستمرار بالاهتمام السياسي ؟

الجواب ( 1 ) : لقد كان للأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) تأثير بالغ في الناس ، وذلك لأنهم كانوا يطرحون الدين كمنهج شامل للحياة ، وما يذكره البعض عن نبي الله عيسى بن مريم ( عليه السلام ) من أنه لم يهتم بشئون الحياة اليومية .. غير صحيح .

لقد كان الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) يهتمون بالحياة الروحية والأخلاقية للناس ، وفي نفس الوقت يهتمون بقضايا الناس المعيشية وهمومهم اليومية .. أي : أنهم ( عليهم السلام ) كانوا يطرحون الدين كمنهج شامل للحياة ، مما ساعد الناس ( جميعاً ) على إدراك قيمة الدين في حياتهم اليومية والعملية .. وساعد على تجاوبهم الايجابي معه .

أما اليوم : فإننا نجد حالة تفكيكية عند البعض في طرح الدين وتقديمه الى الناس ، وتمثلت هذه الحالة التفكيكية في نمطين من الطرح وتقديم الدين الى الناس .. وهما :

الطرح الأول : يركز على القضايا الروحية والأخلاقية ، ويهمل القضايا المعيشية والهموم اليومية الى الناس ، مما صور الدين وكأنه حالة صوفية بعيدة عن شؤون الحياة ، مما قلل من قيمة الدين عند غالبة الناس ، وشوه صورته عند البعض الآخر !!

الطرح الثاني : يركز على معالجة القضايا المعيشة والهموم اليومية الى الناس ، بدون أن يؤسس لها تأسيسا فكريا استنادا إلى المفاهيم والقيم والثوابت الدينية ، أي معالجتها بأسلوب قريب إلى المعالجة العلمانية ومنهجها في التعاطي السياسي مع القضايا وشؤون الحياة .. وإن تخلل الطرح بعض الآيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية تأييدا للموقف ، مما أدى إلى التباس المواقف ، وعدم وضوح الفرق بين المواقف الإسلامية والعلمانية في القضايا المختلفة .. لا سيما في حالة التقاطع أو الالتقاء ، هذا : بالإضافة إلى الإهمال الملحوظ إلى القضايا الفكرية والروحية والأخلاقية .

الجدير بالذكر : إن كلا الطرحين هما لأناس من المؤمنين بالدين الإسلامي كمنهج شامل للحياة ، ولكنهم يخطئون في تقديم الدين ومنهجية عرضه الى الناس ، مما أدى الى ضعف في الحالتين : الروحية والسياسية معاً .. ولن يتغير الحال إذا لم يتغير الطرح وتتغير المعالجة ومنهجها ، ويتم تقديم الدين كمنهج شامل للحياة بصورة صحيحة ، ويؤسس فكريا للمواقف في جميع القضايا والملفات المحلية والخارجية موضوع الاهتمام .

السؤال ( 2 ) : ما تقدير الأستاذ لمدى الحاجة إلى التربية الروحية والأخلاقية في البحرين في الوقت الراهن ، وما هو دور علماء الدين في ذلك ؟

الجواب ( 2 ) :الحاجة الى التربية الروحية والأخلاقية حاجة ملحة للإنسان في كل زمان ومكان ، لأن الروح تمثل جوهر الإنسان ، وهي الجوهر الباقي بعد الموت ، أما الجسد فسوف يتحول الى تراب !!
والخلاصة : يجب على الإنسان أن يهتم بجسده في الحياة الدنيا ، لأن الإنسان بالجسد يعمل ويتحرك من أجل بناء وتطوير الحياة الدنيا .. التي هي مظهر من مظاهر الجلال والجمال ، ويعمل ويتحرك من أجل الآخرة التي هي دار القرار .. وأن يهتم بشؤون الحيان الدنيا : لأن الدنيا مزرعة الآخرة ، وأن الله ( جل جلاله ) لم يخلقها عبثاً !! ولكن يجب علي الإنسان أن يهتم أكثر بروحه التي تمثل جوهر وجوده .

أيها الأحبة الأعزاء : أعلموا أنه كما للجسد نظافة و سلامة ووقاية وعلاج ، فكذلك للروح نظافة وسلامة ووقاية وعلاج ، وكما نهتم بنظافة الجسد بواسطة الماء والصابون ، فإنه يجب أن نهتم بنظافة الروح عن طريق الدعاء والصلاة والصيام والحج والزكاة وسائر العبادات .. وما لم نفعل ذلك : فإن الروح سوف تنتن كما ينتن الجسد !!

وأعلموا : أنه كما يوجد للجسد أطباء ، فإنه يوجد أطباء للروح كذلك ، وهم الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) والعلماء الصالحون ( رضوان الله تعالى عليهم ) الذين تعلموا وتربوا في مدرسة الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) .. وأعلموا : أن مدرسة الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) هي المدرسة الوحيدة القادرة على تعليم وتربية وتخريج أطباء الروح !!

أما عن حاجة البحرين ( العزيزة ) إلى التربية الروحية والأخلاقية في الوقت الراهن : فإنه مع تقديري الى تقدم المستوى الروحي والأخلاقي ( عموما ) لأبناء البحرين ( إذا قيس بمستويات المنطقة عموما ) فإني أقدر في الوقت نفسه تقهقر المستوى عما كان عليه في الثمانينات خصوصاً ، وأقدر أيضا بأن الحالة التي وصفتها في السؤال السابق ( التفكيك بين الأخلاق والسياسة في الاهتمام والخطاب ) لها دور كبير في ذلك ، بدليل تقدم الحالة الروحية والأخلاقية في زمن انتفاضة الكرامة الشعبية المباركة .. لأن أبناء الشعب قد أدركوا بوضوح تام : ارتباط الدين بقضاياهم وشؤونهم اليومية .

وأقدر أيضاً : بأن الحالة الروحية والأخلاقية في البحرين مستهدفة من أجل التأثير على الحالة الإسلامية المتصاعدة ، في الوقت الذي تتصدى فيه الى الشأن العام الوطني .. لاسيما الشأن السياسي ، والدليل على ذلك الاستهداف : ما نشرته جريدة الوسط قبل أيام قليلة ، عن إقامة احتفال ضخم .. احتفاء بزواج مثلي ( أي من نفس الجنس ) في أحد فنادق البحرين الراقية ، وقد صرفت في ذلك الإحنفال النزق أموالا طائلة !! وكنا قد سمعنا من قبل عن إقامة مثل هذه الاحتفالات في فنادق البحرين ، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها الى الرأي العام عن طريق الصحافة المحلية .

وأما عن دور علماء الدين في التصدي الى التربية الروحية والأخلاقية ومعالجة مشكلاتهما ، فإن علماء الدين وطلاب الحوزة العليمة ، هم المسئولون بالدرجة الأولى عن ذلك .. بدون أن نغفل أو نقلل من دور الشرائح الأخرى ، وهذا يحتاج ( في تقديري ) إلى أن تكون هذه الشريحة على درجة عالية من العلم والتقوى والوعي والشجاعة ، وفي تقديري أيضا : فإننا في البحرين لا نمتلك إلا عدداً قليلاً جداً ممن هم في مستوى القيام بهذه المهمة ، وأن الغالبية العظمى من هذه الشريحة ( حتى الآن ) ليست بالمستوى المطلوب ، وتحتاج إلى عناية كبيرة بها لكي تستطيع القيام بمهمتها هذه !! وأرى بأن علينا جميعاً أن نولي هذا الموضوع أهمية خاصة بالغة ، وذلك للأهمية القصوى لهذا الموضوع في حياتنا .. فعلاقتنا بهذا الموضوع : علاقة وجودية مصيرية ، لا ترقى إليها أي علاقة أخرى ، لأنها سوف تحدد مصيرنا في الآخرة : فإما جنة، وإما نار !!

أما موضوعات ومسائل الدنيا : فإنها مهما كانت مهمة ومصيرية ، فإنها لا ترقي لمستوى هذه القضية ، وهي جميعها غير مضمونة النتائج !! فمثلاً: نحن نتعلم ونتدرب ونجتهد، من أجل أن نحصل على وظيفة مناسبة ، تضمن لنا مستوى لائقاً من العيش الكريم ، وهذا حق ومطلوب منا ، ونحن مكلفون به من الله العزيز ( جل جلاله ) ومحاسبون على إهمالنا وتقصيرنا فيه ، إلا أنه يجب الانتباه إلى أن نتائج عملنا من أجل الدنيا ، قد لا نحصده في عالم الدنيا !! فقد يدركنا الموت قبل ذلك ، وقد يتسلط علينا الظالم فيحرمنا من حصاد نتاج عملنا المشروع !! وهذا القول ينطبق على كل أعمالنا في الحياة الدنيا ، فكم من إنسان بذل عمره كله في سبيل بناء بيت فاخر ، أو شراء سيارة فاخره ، ثم أدركه الموت قبل أن يتمتع بشيء منها !! وفي هذا درس وعظة لمن يعتبر ، وفيه دليل على أن الدنيا لا يمكن أن تكون المحطة الأخيرة في حياة الإنسان ، بحسب الحكمة الإلهية البالغة !!

إن علينا ( أيها الأحبة الأعزاء ) أن نهتم بحياتنا الروحية والأخلاقية اهتماما بالغا ، عن طريق الدعاء والصلاة والصيام والحج والزكاة وتلاوة القرآن الكريم والالتزام بكل الأحكام والعبادات الإسلامية ، وأن نهتم بحياة الآخرين الروحية والأخلاقية ( أيضا ) عن طريق دعوتهم الى ذلك ، وعن طريق الالتزام بالعبادات الجماعية .. مثل : الصلاة في المسجد ، وصلاة الجماعة ، والدعاء الجماعي ، والحج ، وغير ذلك من العبادات الجماعية ، لأننا لن نستطيع أن نحافظ على حياتنا الروحية والأخلاقية بعيداً عن الوسط الاجتماعي الذي نعيش فيه !!

السؤال ( 3 ) :نجد أن للمستضعفين في الأرض دور أكبر من المترفين في الثورات والحركات الإصلاحية في العالم . ما هو رأي الأستاذ في ذلك ؟

الجواب ( 3 ) : هذه حقيقة ( تاريخية ومعاصرة ) بارزة في كل المجتمعات .. لا ينكرها أحد ( على ما أعتقد ) لأنها من الأمور المحسوسة .

وتعود هذه الحقيقة إلى أسباب عديدة .. منها :

السبب الأول : إن المستضعفين في الأرض هم أكثر المتضررين من الظلم والظالمين ، والأوضاع المتخلفة عموماً .

السبب الثاني : إن المستضعفين في الأرض ، هم أكثر من المترفين صفاءً في الروح ( غالبا ) وأكثر استعدادا للتضحية من المترفين ، لأنهم لا يملكون ما يخافون عليه ، أما المترفون فهم عموما أقل صفاءً في الروح ( بسبب انغماسهم في الشهوات والملذات ) وأقل استعدادا للتضحية ( بسبب خوفهم على مصالحهم ) وكثيراً ما يجني المترفون والخيابا ثمرات عرق وجهود وتضحيات ودماء الفقراء والمستضعفين ، وأحيانا ينظر بعض هؤلاء المستغلين بفوقية واستعلاء للفقراء والمستضعفين ، ويقدرون بأنهم أحق منهم بنعيم الدنيا ، وإن كان الفقراء هم السبب المباشر في تحقيقه !! وهذا لا يعني أنه لا يوجد في صفوف الأغنياء ، من أحرز تقدما كبيراً في الرقي الروحي والأخلاقي ، ومن يمتلك استعداداً للتضحية بماله ونفسه من أجل الحق والعدل ، وضحى فعلاً من أجل ذلك ، وهم كثير ، ولكن الكفة تميل حقيقة وفي الواقع الى صالح الفقراء في هذه المسألة !!

ومن جهة ثانية : فإن علماء الاجتماع يربطون بين الحراك الاجتماعي والسياسي في المجتمع ، وبين سعة دائرة الطبقة الوسطى فيه ، وذلك لأن الطبقة الوسطى تخلوا من سلبيات الطبقة المترفة ، وفي نفس الوقت تمتلك إمكانيات لا تمتلكها الطبقة الفقيرة .. من أهمها : الوقت والمال الممول والطموح ، وهي الطبقة التي تتاح لها بعض الفرصة للاستفادة من التطورات في المجتمع .. ولهذا : تلجأ الطغم الحاكمة والقوى المضادة في المجتمع إلى تقليص هذه الطبقة والقضاء عليها ، والتوسع في الطبقتين المترفة والفقيرة .. من أجل تقليل فرص التغيير في المجتمع .

السؤال ( 4 ) : ما هو تعليق الأستاذ على ظاهرة العنوسة في البحرين ؟

الجواب ( 4 ) :يبدو أن الظاهرة أعم من البحرين ، وهي ترتبط بعدة أمور .. أذكر منها الأمور التالي :

الأمر الأول : زيادة عدد الإناث على الذكور، وهذه مسالة عامة .

الأمر الثاني : الغيرة في غير محلها عند النساء المتزوجات من الزوجة الثانية .

الأمر الثالث : البطالة وتدني الأجور ومستوى المعيشة ، حيث لا تتوفر للكثير من الشباب الإمكانيات اللازمة أو المطلوبة للزواج .

الأمر الرابع : غلبة السلوك الاستهلاكي عندنا ، حيث يغيب عندنا الاقتصاد في المعيشة وترشيد الإنفاق ، ويغيب عندنا التفكير في الاستثمار والادخار ، ويغيب عندنا التفكير بزيادة الدخل عن طريق الاستثمار والعمل الإضافي .. وكل ذلك : يؤدي إلى تدني مستوى المعيشة على مستوى الأفراد والمجتمع .

الأمر الخامس : المناظرة غير الواقعية ، والظهور بمظاهر خادعة ، حيث نحرص ( بصورة خاطئة ) على الظهور بمظاهر تفوق مستوياتنا الحقيقية في العيش ، كأن يحرص الواحد منا على أن يبني بيتاً أو يشتري سيارة .. تفوق مستواه المعيشي .. وذلك : عن طريق القروض ، وعلى حساب حاجات أهم كالتعليم والتدريب والعمل الحقيقي لرفع مستوى المعيشة لأنفسنا والمجتمع .. وعليه : فنحن في حاجة الى القناعة والتواضع ، وأن نجعل الطموح في مكانه الصحيح .

الأمر السادس : التقليد الأعمى للغرب ، الذي يرفض تعدد الزوجات .. استنادا إلى عقيدته المسيحية ( التي تحرم تعدد الزوجات ) وقلدناهم نحن في ذلك ، غافلين عن الاختلاف بين مجتمعاتنا ومجتمعاتهم ، فالجنس والأمومة حق للمرأة على المجتمع ، يجب توفيره لكل امرأة ورجل على حد سواء ، وهو لا يقل أهمية عن الطعام والشراب .. بل يتميز عليه في الأهمية ، وإن عدم توفيره يؤدي الى عقد نفسية وتوتر ، والمجتمعات الغربية تسمح للمرأة والرجل بممارسة الجنس والأمومة خارج عش الزوجية ، و تسمح بالخليلة .. وعليه : فالمرأة التي لا توفق للزواج في الغرب ، فإنها لا تحرم من الجنس والأمومة .

أما عندنا في المجتمعات الإسلامية : فإنه لا يسمح بممارسة الجنس والأمومة خارج عش الزوجية ، وتعاقب عليهما الشريعة الإسلامية السمحة .. وعليه : فإن المرأة التي تحرم من الزواج في المجتمعات الإسلامية ، فإنها تحرم أيضا من الجنس والأمومة .

ومع الزيادة الفعلية في عدد الإناث على الذكور .. توجد لدينا ثلاثة خيارات رئيسية وهي :

الخيار الأول : أن نقبل بتعدد الزوجات التي سمحت به الشريعة الإسلامية المقدسة .. ونعمل به .

الخيار الثاني : أن نبقي المرأة على حرمانها من حقها في الجنس والأمومة .

الخيار الثالث : أن نقبل بالخروج على القيم والأحكام الإسلامية المقدسة ، ونأخذ بالقيم الغربية المستهترة .

وفي سبيل الأخذ بالخيار الأول ( وهو المرجح عقلا وشرعا ) فإنه يجب على الحكومة ( وهو من واجباتها التي نص عليها الدستور ) أن تتحمل مسؤولياتها في توفير فرص العمل للمواطنين ، وتحسين مستوى المعيشة .. ويدخل في ذلك : تطوير التعليم والتدريب ( عن طريق البرامج في القطاعين العام والخاص ) والسماح بالحراك الوظيفي والترقية ، وقد سبق أن قلت مرات عديدة في مناسبات كثيرة : بأن البطالة وتدني الأجور وتدني مستوى المعيشة ، مسؤولة عن الكثير من مشاكلنا الاجتماعية والأخلاقية ، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الموضوع الخطير جداً . كما يجب على المواطنين أن يتخلصوا من سلبياتهم التي ذكرت في النقطتين : الرابعة والخامسة .

السؤال ( 5 ) : ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب على ما نشرته جريدة الوسط بشأن إقامة حفل باذخ لزواج مثلي في أحد الفنادق الراقية في البحرين ؟

الجواب ( 5 ) :هذا موضوع خطير جدا لا يحسن السكوت عنه ، وقد سمعنا من قبل بحدوث مثل هذا الأمر في فنادق البحرين ، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها الأمر عن طريق الصحافة المحلية .. وأرى في إقامة مثل هذه الاحتفالات : تحدياً خطيراً جدا لمشاعر وقيم الشعب ، ودينه الإسلامي الحنيف ، وأرى بأن ردة الفعل على الحدث لم ترق حتى الآن إلى مستوى الحدث .

وبهذه المناسبة أسأل الذين يعنيهم الأمر: هل يقبل القانون في البحرين بإقامة مثل هذه الاحتفالات ؟

وإذا لم يقبل ( وأظنه لا يقبل ) : هل سوف يحاسب القائمين على هذا الاحتفال والمكان الذي أقيم فيه قانونيا ؟

أيها الأحبة الأعزاء : إني أري بأن للبحرين وجهان .. وهما:

الوجه الأول ـ الوجه الشعبي : وهو الوجه الذي نراه في المساجد والمآتم والشارع العام ، وهو وجه البحرين الحقيقي ، وجه الإيمان والتقوى المشرق .

الوجه الثاني ـ وهو الوجه الذي نراه في الفنادق وبعض وسائل الإعلام : وهو لا يمثل الوجه الحقيقي للبحرين وشعبها المسلم الغيور ، بل يسيء الى الوجه الحقيقي للبحرين وسمعتها ، ويسيء الى الشعب البحريني وسمعته ، وهو يمثل فقط وجه طغمة فاسدة جدا من المترفين ، الذين لا يفكرون إلا في شهواتهم وملذاتهم المحرمة ، البعيدة كل البعد عن تراث وقيم ودين شعب البحرين المسلم الغيور .

وفي الختام : أذكر بوجوب إنكار هذا المنكر الشنيع ، وإذا لم نفعل ، فإن هذا المنكر ، سوف يخرج من بين جدران الفنادق الى الساحة العامة ، وعند إذ علينا أن ننتظر غضب الرب ( جل جلاله ) وسخطه وانتقامه ، أعوذ بالله العظيم من ذلك كله ، وأبرأ إليه مما يعمل السفهاء من الناس .

السؤال ( 6 ): ما هو تعليق الأستاذ على اللقاء الصدفة بين ولي عهد البحرين ووزير خارجية العدو الصهيوني ؟

الجواب ( 6 ) : ( في رأيي ) لا يوجد لدى السياسيين المحترفين ما يسمى بسياسة الصدفة ، لأن السياسي المحترف يستند في عمله السياسي الى رؤى وإستراتيجيات سياسية محكمة ، تعبر عن إرادته وتوجهاته السياسية ، وتحدد له أغراضه وأهدافه ، وأدواته السياسية في سبيل تحقيق أهدافه .

والخلاصة : السياسي المحترف لا يقبل باللقاءات العفوية ( لاسيما في المسائل والقضايا الكبرى والمصيرية .. مثل : العلاقة مع الكيان الصهيوني ) إلا إذا كانت تلتقي مع أغراضه وتوجهاته السياسية المحددة سلفاً .

والنتيجة : إذا أريد من اللقاء الصدفة ، أنه لم يخطط له سلفاً ـ على الأقل بصورة مباشرة ـ فهذا يمكن قبوله .. ولكن يجب أن نؤكد : أن اللقاء الصدفة يلتقي مع الأغراض والمقاصد والأهداف السياسية لولي عهد البحرين !!

وأنا شخصياً أفهم اللقاء في سياقين أساسيين .. وهما :

السياق الأول : التحالف الإستراتيجي بين البحرين وأمريكا ، التي يربطها تحالف إستراتيجي آخر وأهم مع كيان العدو الصهيوني ، ولاشك أن التحالف الإستراتيجي بين البحرين وأمريكا ، وهو التحالف الإستراتيجي الوحيد بين أمريكا ودولة عربية ـ حسب علمي ـ شأن البحرين في ذلك شأن دول الحلف الأطلسي !! لاشك أن هذا التحالف يلقي بظلاله على علاقة البحرين بالكيان الصهيوني !! وما اللقاء الصدفة إلا أحد مؤشراته ، وربما تبرز مؤشرات جديدة في المستقبل القريب أو البعيد حسب التطورات وردود الفعل في الداخل والخارج !!

السياق الثاني : السوق الحرة التي تعتزم أمريكا إقامتها في الشرق الأوسط ، والتي يعتبر الكيان الصهيوني طرفاً أساسياً فيها ، وهي جزء من الخطوات الأمريكية لرسم الخارطة السياسية الجديدة للشرق الأوسط .. وعليه : فإن كل دولة عربية تعتزم المشاركة في هذه السوق الطعم ، عليها أن تطبع علاقتها مع الكيان الصهيوني ، وتنهي علاقة الممانعة معه !! والظاهر أن البحرين من الدول المرشحة بقوة والطموحة للمشاركة في هذه السوق الطعم الشهي !!

وفي نهاية الحديث حول هذا الموضوع : أرغب في التنبيه الى ملاحظتين أساسيتين .. وهما :

الملاحظة الأولى : إن هذه المسألة ترتبط وتتعلق بمستقبل الوجود الأمريكي في المنطقة ، الذي يعتبر احتلال العراق الجريح جزء منه ، وأيضاً تتعلق بمستقبل العلاقة وتطبيعها مع كيان العدو الصهيوني ، في ظل التوجهات الأمريكية المعلنة ، بإعادة رسم الخارطة السياسية في المنطقة كلها ، بما يخدم المصالح الأمريكية والصهيونية ، وهذه المسألة تهم جميع الشعوب العربية والإسلامية ، وليست مسألة تهم شعب عربي أو مسلم بعينه ، وينبغي أن تواجهها شعوب المنطقة بسياسة شعبية موحدة !!

الملاحظة الثانية : ينبغي أن تكون لقوى المعارضة الإسلامية والوطنية في البحرين ، ردة فعل مناسبة مع نوع وأبعاد الخطوة المترقبة على المنطقة ، تعبر فيها عن رأيها حول الوجود الأمريكي في المنطقة ، والعلاقة مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين العزيزة ، على أن يلاحظ في ردة الفعل ، ويؤخذ في الحسبان ، بأن لا تأتي على حساب الحركة المطلبية الدستورية .. وهذا لا يعني أبداً : فصل المسيرة الوطنية عن المسيرة القومية والإسلامية ( وقد ذكرت قبل قليل ) أن الوضع ينبغي أن تواجهه شعوب المنطقة بسياسة شعبية موحدة ، وإنما يعني ـ وكما أثبتت التجارب ـ أننا لن ننجح في حل ومعالجة مشكلاتنا الكبرى الخارجية ، ما لم ننجح في حل مشكلاتنا الوطنية الداخلية ، وما لم ننجح في تطوير أوضاعنا الوطنية الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها .

إن شعوبنا العربية والإسلامية : هي ضحية لهروب حكوماتنا وقوانا المعارضة ، من مواجهة المشكلات والأوضاع الداخلية ، بحجة مواجهة المشكلات والأوضاع الخارجية ، والنتيجة هي الفشل الشامل في مواجهة المشكلات والأوضاع الداخلية والخارجية معاً . إنني أأكد على أننا لن ننجح في مواجهة وحل مشكلاتنا الخارجية الكبرى ، إلا إذا نجحنا في مواجهة وحل مشكلاتنا الوطنية الداخلية ، وتطوير أوضاعنا الوطنية ، علينا أن نعي هذه الحقيقة ونعمل بمقتضاها ، وقد أخذ شارعنا الوطني على المعارضة في البحرين ، بأنها تهتم بالمسائل والقضايا الخارجية ، على حساب المسائل والقضايا الوطنية الداخلية ، ووصف ذلك بالهروب غير المكلف من التحدي الصعب الذي تفرضه القضية الوطنية الرئيسية ، المتمثلة في المسألة الدستورية والبرلمانية ، التي تعتبر بمثابة الامتحان لدور وكفاءة وصمود المعارضة في البحرين!!

السؤال ( 7 ) : ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب حسين على المسألة المثارة من قبل بعض رموز المعارضة في البحرين بشأن صيانة الذات الملكية ؟

الجواب ( 7 ) :أرى بأن هناك خطأ ـ حسب فهمي ـ في إثارة المسألة على أساس فكري ، فليس المقصود من القول بصيانة الذات الملكية ، إعطاء العصمة للملك ، أو إضفاء صفة القدسية أو الإلوهية على الذات الملكية ، كما كان الحال بالنسبة الى الإمبراطور في اليابان ، قبل أن يلغيها الإمبراطور (هيرو هيتو ) في عام ( 1946م ) بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ، ومع اعتماده لدستور جديد سلبه جميع سلطاته الاستثنائية القديمة ، ووضعها في يد برلمان ثنائي يتألف من مجلسين : مجلس للنواب ينتخب من الشعب انتخابا حرا مباشرا ، ومجلس استشاري ينتخب بعض أعضائه بالاقتراع العام وبعضهم على أساس إقليمي .. وتنص المادة الأولى من الدستور : على أن الإمبراطور هو رمز الدولة ووحدة الشعب ، ويستمد مكانته من إرادة الشعب وسيادته .

الكل منا : يجمع على خطاء القول بعصمة الملك ، وإضفاء صفة القدسية أو الإلوهية عليه، وهذه المسألة في غاية الوضوح ولا يناقش فيها أحد ، وهي غير مقصودة قطعا من القول بصيانة الذات الملكية ، وأفهم أن الأساس الذي تقوم عليه فكرة صيانة الذات الملكية في الدستور التعاقدي ، هو أساس سياسي ، يتمثل في النظر الى الملك على أنه رمز للدولة ووحدة الشعب ، فهو مظلة لكافة المواطنين ، لا يميز بينهم على أساس الجنس أو العرق أو الدين والمذهب .. أو غير ذلك من عناصر التمييز ، وهو مظلة لكافة القوى السياسية ، بما في ذلك الحكومة والمعارضة ، فهو يقف على الحياد بين الجميع ، ولا يميل إلى طرف على حساب طرف آخر ، سواء كانت الحكومة أو المعارضة ، وينبغي أن ينظر إلى الفكرة وتثمن على هذا الأساس.

وأرى في سبيل تطبيق الفكرة تطبيقاً صحيحاً : أن لا يمارس الملك أي سلطة تنفيذية بصورة مباشرة ، وإنما يمارس سلطاته بواسطة وزرائه ، كما نص على ذلك ( دستور : 73 ) التعاقدي ، أما ( وثيقة : 14 / فبراير ) فقد نصت على أن يمارس الملك سلطاته مباشرة وبواسطة وزرائه ، وهذا يتناقض مع فكرة صيانة الذات الملكية ، التي ينبغي أن تكون بعيدة عن الجرح والاختلاف حولها ، لكي تبقى بحق رمزاً ناصعا للدولة ووحدة الشعب ، فالأنشطة التنفيذية مما يختلف حولها ، وينبغي أن تخضع لمراقبة الشعب ومحاسبته ، بوصفه مصدر السلطات جميعاً ، وتولي الملك للسلطات التنفيذية أحد أمرين .. وهما :

الأمر الأول : أن تجعل ذات الملك عرضة للنقد والتجريح .. وينتج عن ذلك : حرمان الشعب من المرجعية التي تجمع كافة الأطراف والقوى السياسية في الدولة على نزاهتها وحيادها ، لتكون ملاذها الأخير في حال الاختلاف والمنازعات .. أي حرمان الشعب من الهدف والنتائج الطيبة لفكرة صيانة الذات الملكية .

الأمر الثاني : حرمان الشعب من حقه في مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها وعزلها إذا اقتضى الأمر ذلك ، بوصف الشعب مصدر السلطات جميعاً .

والخلاصة : إن فكرة صيانة الذات الملكية فكرة إيجابية .. تحتاج لكي تنفذ بشكل إيجابي صحيح : أن لا يمارس الملك أي سلطه تنفيذية بصورة مباشرة .. وإنما بواسطة وزرائه ، ومع ممارسة الملك للسلطات التنفيذية بصورة مباشرة ، فإن الشعب يقف بين خيارين كلاهما مر .. وهما :

الخيار الأول : أن يجرح الذات الملكية .. وقد بينت سلبيات ذلك .

الخيار الثاني : أن يتنازل عن حقه في مراقبة ونقد ومحاسبة السلطة التنفيذية وعزلها إذا اقتضى الأمر .. بوصفه مصدر السلطات جميعاً ، وهذه سلبية خطيرة أيضا ، تتنافى مع روح وجسد الديمقراطية وشكلها .

والنتيجة : أن الخير والمصلحة الوطنية في أن يمارس الملك سلطاته بواسطة وزرائه ، وأن تبقى ذاته مصانة غير مختلف عليها بين كافة الأطراف والقوى السياسية الوطنية : الشعبية والرسمية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.