لقاء الثلاثاء

لقاء الثلاثاء: بتاريخ : 12 / مارس / 2009م

لقاء الثلاثاء
بسم الله الرحمن الرحيم
استعرض الأستاذ عبد الوهاب حسين مع ضيوفه الكرام في مجلسه في مساء الإثنين ـ ليلة الثلاثاء ، بتاريخ : 12 / ربيع الأول / 1430هج ـ الموافق : 9 / مارس ـ آيار / 2009م العديد من المسائل والقضايا على الساحة الوطنية ، سوف ننقل لكم أهمها على أن تكون التغطية شاملة في الأسابيع القادمة إن شاء الله تعالى .
اللقاء مع سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم : صرح الأستاذ عبد الوهاب حسين في إجابته على سؤال لأحد الضيوف الكرام ، بقوله : لقد التقينا بسماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم في عصر

يوم السبت بتاريخ : 10 / ربيع الأول / 1430هج في مكتبه بالدراز ، وقد حضر اللقاء من جانبنا : سماحة الشيخ المقداد ، وفضيلة الشيخ المخوضر ، وعبد الوهاب حسين ، وقد أحسن سماحة الشيخ عيسى استقبالنا وتوديعنا بما يجسد أخلاق وآداب الدين الإسلامي الحنيف ، وكان هناك توافق على التشخيص بوجود خطر جدي عام يشمل الجميع ولا يخص شخص أو طرف وطني دون آخر ، وأن الخطر تعدى الحقوق المدنية إلى الدين ، وأن ذلك يتطلب رص الصفوف وتوحيد الكلمة . وقد أكد سماحة الشيخ : بأن الأشخاص والأطراف لا يمكنها العمل بخلاف إيمانهم وقناعاتهم ولا يمكن طلب ذلك منهم ، وأكدنا له التزمنا بالقاعدة الذهبية ، وهي : التكامل في الأدوار من منطلق أن يعمل كل من موقعه وبحسب قناعاته ، وطلبنا منه الاستمرار في لقاءاتنا معه بهدف السعي لخلق التفاهم والتقريب في وجهات النظر ، وتجنب المواجهات البينية ، وقطع الطريق على أي طرف يمكن أن يسعى لاستخدام بعضنا لضرب وإضعاف البعض الآخر ، لاسيما وأننا متفقون على الأهداف وعلى صفة الأساليب والوسائل بأن تكون سلمية ومنضبطة بضوابط الشريعة المقدسة ، وأن الاختلاف بيننا ينحصر في تشخيص أي الأساليب والوسائل أفضل وأنسب وأجدى للعمل من الأخرى ، وكلها سلمية وشرعية ، وهذا لا يتطلب الصراع والمواجهة البينية ، ولا يمنع من التعاون والتنسيق ، وأن الدين والأخلاق والحاجة العملية يفرضون علينا التعاون والتنسيق ويمنعون التصارع والمواجهة البينية ، فالصراع يجب أن يكون صراعا سياسيا سلميا مع السلطة من أجل تحقيق المطالب العادلة ، ولا يصح عقلا وشرعا أن نحرف بوصلة الصراع إلى غير وجهته الصحيحة حتى مع السلطة نفسها فضلا عن فصائل المعارضة . ولم يمانع سماحة الشيخ من استمرار لقاءاتنا معه ، وقد حثنا على الالتقاء مع الأخوة في الوفاق ، وقال : بأنه لن يقف في وجه ما يتم التوافق عليه معهم ما دام في مرضاة الله عز وجل وفي خدمة العباد والقضايا الإسلامية والوطنية ، وقد أكدنا له تصميمنا على التواصل مع الأخوة في الوفاق ، وأن ذلك أمانة في أعناقنا أمام الله سبحانه وتعالى وأمام التاريخ والله المستعان على ذلك .
وسؤل الأستاذ عن تصريح فضيلة الشيخ علي سلمان حول عدم حضور الأمانة العامة للوفاق لإعتصام النويدرات التاريخي رغم حضور قوى المعارضة الأخرى ، بقوله : أن التحرك الجديد ليس مجرد مسعى للمطالبة بالافراج عن المعتقلين ، وإنما هو انطلاقة لمشروع عمل جديد ، وأن قيادة الوفاق هو سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ، فقال الأستاذ : تشخيص الأخوة في الوفاق بأن التحرك هو انطلاقة لمشروع عمل جديد شامل وليس مجرد مسعى للمطالبة بالافراج عن المعتقلين هو تشخيص صحيح ومعتمد لدينا ، وكان ذلك واضحا في البيان الختامي ( بيان الانطلاق ) وأن المشروع له قيادته بالطبع . إلا أن تعدد القيادات لا يمنع من التعاون على المشتركات ، فالوفاق لها حلفاء تتعاون معهم على المشتركات ، وحلفاء الوفاق غير ملتزمين بقيادتها ، فعدم الالتزام بنفس القيادة لا يمنع من التعاون على المشتركات .. وهذا ما يجب أن يكون . وقال : سوف نتواصل مع الأخوة في الوفاق ، وسوف نصر على ذلك ، ونسعى لتذليل كل العقبات ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، بهدف التشاور والتنسيق والتعاون على المشتركات على أساس القاعدة الذهبية ، وهي : التكامل في الأدوار من منطلق كل يعمل من موقعه وبحسب قناعته .
وقال الأستاذ : لقد التقينا مع سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم ووجدنا أنه لا يعيش عقدة القيادة ، فقد قال : أنه يخاف ربه ، ويخاف القبر الذي سوف ينزل فيه ، ويخاف الوقوف بين يدي الله عز وجل للحساب ، وأنه غير مستعد لأن يقف في وجه عمل يقوم عليه مؤمنون يهدف إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى وخدمة عباده وقضايا الوطن ، ما لم يكن هناك ضرر متعين لا يصح عقلا وشرعا السكوت عليه ، لأن النية غير كافية ، فقد تكون النية صالحة ، ولكن العمل يكون مضرا ، فما لم يكن الضرر متعين ولا يصح السكوت عليه فلن يقف في وجه المؤمنين ولن يعارضهم .
وقال الأستاذ : أما القائمين على التحرك فلسان الحال ينفي أنهم ينافسون أحدا على شيء من حطام الدنيا الفانية وزخارفها الزائلة ، فما ينتظر هولاء الأحبة ليس المناصب والمكافآت المادية ، وإنما المعانات والآلام والاحزان ، فما ينتظرهم هو السجن والعذاب وربما الشهادة ، والحديث عن التنافس على حطام الدنيا وزخارفها الفانية في ظل هذه التوقعات التي يحسبها الجميع أنها قريبة وواقعية ، هو حديث ساقط في منطق العقل والأخلاق ، فمن شاء أن ينافسهم على التضحية من أجل الله عز وجل وخدمة العباد ـ وهذه هي المنافسة الإنسانية المشروعة المفتوحة للجميع ـ فليفعل ، ومن شاء أن يضعفهم ويحاربهم ـ والحديث هنا ليس موجها لأحد بعينه ـ فليفعل أيضا ، إلا أنهم لن يلتفتوا إليه ولن يعيروه اهتماما ، فتجارتهم مع الله تبارك وتعالى لا مع غيره .
وقد أوصى الأستاذ في آخر الإجابة بتجنب التعاطي والحديث بما يزيد من التشرذم ، وقال : يجب أن نتعاطى بالأسلوب الذي يقرب وجهات النظر ويوحد الكلمة ويرص الصفوف ، فهذه حاجة ضرورية يجب أن نتحمل المسؤولية الدينية والوطنية عنها ، وقال : أوصي كافة الأحبة الأعزاء بأن ينفتحوا على الجميع ، وأن يقوموا بالتفهم الصادق والمخلص لهم ، وأن يبذلوا جهدهم لفهم أطروحاتهم ومواقفهم فهما موضوعيا دقيقا ، فإذا وجدوا أن ما عندهم أفضل ، فيجب أن يكونوا معهم قلبا وقالبا ، ونحن سوف نسعى لعمل الأفضل ، ونحن نبرأ إلى الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة ، ونبرأ إلى الناس والتاريخ من أن تجدوا أن ما عندهم أفضل ثم تتعصبوا لنا ، يجب أن تتعصبوا للحق والعدل والقضايا العادلة والأداء الأفضل ، وليس إلى الأشخاص والأطراف ، فإنا لا نغني عنكم من الله شيئا .
وقد سؤل الاستاذ عن دعوة الوفاق إلى حفل اختتام الاعتصام ، وعن مسألة ملأ الفراغ التي ذكرت في بيان الانطلاق وتداولتها بعض الألسن على أنها تدل على الاقصاء وعدم الاعتراف بالآخر ، فقال : لقد تم إطلاع الرموز وقوى المعارضة على خطوة الاعتصام قبل الشروع فيها ، وقد شمل ذلك جمعية الوفاق ، ولم يعترض أحد على الخطوة وأجمعوا على أنها خطوة سلمية مناسبة ومطلوبة .. وقد ثبت بالتجربة : أن الاعتصام قد نجح في خلق أرضية قوية مناسبة لرص الصفوف وتوحيد الكلمة واختصر على المعارضة الكثير من الوقت والجهد .
أما عن الدعوة : فقد وجهت الدعوة لجميع قوى المعارضة لحضور حفل اختتام الاعتصام ، وكان نص الدعوة واحدا للجميع ، فنفس النص الذي وجه إلى وعد وجه للوفاق وإلى غيرهما ، ولم يختلف إلا اسم الجهة التي وجهت إليها الدعوة في أعلى النص ، وقد تسلم فضيلة الشيخ علي سلمان الدعوة بواسطة الأخ ميرزا القطري . وقد طلبنا من الأخ إبراهيم شريف التنسيق مع الجمعيات السياسية لإلقاء كلمة تمثل الجمعيات السياسية المعارضة في حفل الاختتام ، وقد اتصل بي الأخ إبراهيم شريف في عصر آخر يوم للاعتصام ، وأخبرني بأن الجمعيات لم تتفق على نص لكلمة مشتركة تمثلهم جميعا ، ولهذا طُرح الخيار الآخر ، وهو : أن تلقي كل جمعية من الجميعات التي حضرت الاعتصام كلمتها بحسب رغبتها وهذا الذي كان .
وأما بخصوص ملأ الفراغ الذي أشير إليه في بيان الانطلاق ، فقال : لقد وجدت فهما موجها لهذا الفقرة من البيان على مستويات عدة ( من القمة إلى القاعدة ) والفراغ المذكور في بيان الانطلاق قد تم توضيح المقصود منه في البيان نفسه ، وهو : أن العمل القائم ومنه العمل من خلال مؤسسات السلطة لم يمنع حدوث التدهور العام في أوضاع البلد والتراجع عن الاصلاح وضياع حقوق المواطنين ، وقد ثبت بالتجربة ـ وهذا متفق عليه ـ عجز المشاركة في مؤسسات السلطة عن حل الملفات الساخنة ، مما أوجد الحاجة لتحرك آخر يقوم على منهجية جديدة عمادها ـ بحسب تقديرنا ـ العمل الجماهيري المنظم ، وهذا هو المقصود بالفراغ والحاجة إلى ملئه ، وليس في العباررة ما يدل على الاقصاء للآخر ، ونأسف إذا كانت الصياغة قد سمحت بحدوث هذا اللبس في الفهم ، وقد أكدنا بأننا لا ننافس أحدا على شيء من حطام الدنيا الفانية وزخرفها الزائل ، وإننا مستعدون لنكون جنودا أوفياء لمن له الحق ويمارس دوره بكفاءة وفاعلية في المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة لأبناء الشعب المستضعف المظلوم ، وإننا سوف نتعاون مع كل الشركاء على أساس القاعدة الذهبية : كل يعمل من خلال موقعه وبحسب قناعاته ، وهي الأساس للتكامل في الأدوار الذي سوف نسعى من خلاله لتحقيق المطالب .
كما سؤل الأستاذ عن الخطوة التي أُعلن عنها في بيان الانطلاق ، فقال : بالنسبة للرسالة التي ننوي إرسالها إلى الملك ، فهي تتضمن نبذة تاريخية مختصرة ، وتحديد المطالب التي سوف نسعى لتحقيقها مع جماهير شعبنا ، والتأكيد على سلمية الأساليب والوسائل ، وأنها سوف تترجم إلى عدد من اللغات الحية ، وسوف تنشر للرأي العام في الداخل والخارج ، ويتم إيصالها إلى الأطراف المحلية والدولية ذات الصلة ، فالمستهدف من الرسالة ليس الملك فحسب ، ولا يقلل من قيمتها تسلمها أو عدم تسلمها ، فهي رسالة مفتوجة وليست رسالة مغلقة ، وهي تدل على الجدية في التحرك ، وبعيدة عن الاستهلاك السياسي والاعلامي الذي يستنفذ الجهود بغير جدوى وهو بخلاف الصدق والاخلاص الذين نصر على التحلي بهما ، والهدف من الرسالة هو قطع الطريق على السلطة لكي لا تنجح في تشويه صورة الحركة ووجهها الناصع كما فعلت مع حركة حق واللجان الشعبية ، حيث اعتقلت بعض أعضائهم ظلما وعدوانا بتهمة الارهاب ضمن مسرحيات أمنية سخيفة تمت فبركتها وإخراجها بشكل مفضوح .
وبخصوص لقاءات المناطق قال : هي لقاءات عمل ، الهدف منها التواصل الفاعل والمنظم مع الجماهير ، وإيجاد الأرضية القوية للمشاركة الجماهيرية الفعلية في صناعة الرؤى والمواقف ، وخلق الأرضية الجماهيرية القوية لنجاح الخطوات اللاحقة ، فهي ليست محاضرات ولا ندوات وليست لأجل الاستقطاب ، وإنما هي لقاءات عمل ، وسوف يتم التعاطي معها وإدارتها على هذا الأساس . فالمحور الأساسي الذي يقوم عليه التحرك الجديد هو العمل الجماهيري السلمي المنظم ، والخطوات التي نفكر فيها تحتاج إلى مشاركة جماهيرية واسعة ، ويجب تهيأة الأرضية لنجاح هذه المشاركة ، ولا يتحقق لها النجاح إلا بشراكة حقيقية من الجماهير في صناعة الرؤى والمواقف . ونحن لدينا أفكار ، وسوف نعمل على إيجاد بنك للمشاريع والخطوات ، وإذا وجدنا من خلال اللقاءات أن عند الجماهير أفكار أفضل أو تبلورت من خلال الحوارات والتفكير المشترك معهم أفكار وخطوات ومشاريع أفضل فسوف نأخذ بها ونتنازل عما أعددناه أو نعده نحن ، فالشعور لدى الجماهير بالشراكة الحقيقية شرط لتحقيق النجاح المطلوب .
كما أن زيارات الرموز والمؤسسات تصب في نفس الاتجاه تقريبا ، فنحن نريد أن نتواصل معهم من أجل التشاور والتنسيق والتعاون وخلق أرضية أفضل للعمل المشترك : الإسلامي والوطني ، ونرى أن الحاجة إلى ذلك ضرورية وسوف نلتزم بهذا التواصل ونبذل كل ما لدينا من أجل تذليل العقبات ولن نستسلم ، وقد نجح الاعتصام في خلق أرضية جيدة لرص الصفوف وتوحيد الكلمة ولقينا تجاوبا إيجابيا كبيرا من قوى المعارضة والجماهير وسوف نستثمره ولن نضيعه ولن نفرط فيه إن شاء الله تعالى .
أيها الأحبة الأعزاء : يجب أن تعلموا بأن التحرك الجديد لم يأت لخلق نزاع أو يضيف اختلافا جديدا في الساحة ، وإنما جاء لخلق أرضية فعلية لرص الصفوف ، بعد أن فشلت محاولات جدية سابقة في تحقيق ذلك مع العمل عن بعد ، والله هو المستعان وإليه المنتهى والرجعى .
وقال الأستاذ : بأن فرق العمل في المناطق ينبغي أن يبادر الأهالي إلى تشكيلها وتنظيمها تنظيما شعبيا وليس تنظيما حزبيا ، وقال : إن التشكيلات الشعبية ليست فيها أية مخالفة قانونية ، فإذا واجهتها السلطة أمنيا تكون مواجهتها لها مواجهة تعسفية غير قانونية . وأعاد الأستاذ إلى الأذهان الدعوة التي قادتها بعض الصحف المحلية ودعمها المسؤولون في الدولة والقيادات الأمنية إلى تشكيل لجان أمنية شعبية ، وقال : إن بعض الاقلام الصحفية المحسوبة على السلطة قد دعت أيضا إلى تشكيل لجان شعبية لأغراض أخرى ، مما يؤكد شرعية تشكيل هذه اللجان وأهميتها وقيمتها العملية في ساحة العمل والتحرك على كافة المستويات .
وقال الأستاذ : يجب على الجماهير أن يتعودوا تقديم المبادرات وأن لا ينتظروا تقديم الطبخات الجاهزة لهم ، هذا ما نريده منهم ، وسوف نساهم معهم في تنضيج الأفكار والمقترحات وتطويرها ، ولا نريد أن نفكر نيابة عنهم أو نختصر عقولهم في عقولنا أو في عقول غيرنا .
وقال الأستاذ : لقد ضخمت السلطة الأجهزة الأمنية بكافة تشكيلاتها ، واستخدمتها بقسوة شديدة ضد المواطنين الشرفاء والابرياء من الشيوخ والاطفال والنساء ، وذلك بهدف إدخال الخوف والرعب إلى قلوب الشرفاء المطالبين بحقوقهم العادلة وردعهم عن التحرك الفاعل في المطالبة بالحقوق ، إلا أن خيارات السلطة الأمنية محدودة مع تحقق إرادة الاصرار والصمود لدى الجماهير والقيادات ، وسوف تذهب كل جهود السلطة والأموال الطائلة التي بذلتها لجلب المرتزقة وتسليحهم والانفاق غير الشريف وغير المشروع عليهم ، سوف تذهب كلها أدراج الرياح مع تحقق إرادة الصمود والاصرار على الاستمرار في المطالب من أجل العزة والحياة الحرة الكريمة ، فهي لا تستطيع أن تستمر في الخيارات الأمنية إلى ما لا نهاية ـ هذا ما يجب أن نعرفه جيدا ـ ولكن مع ذلك : يجب أن نعرف بأن السلطة لا تملك قوة قانونية ولا قوة سياسية ولا قوة شرعية أخرى في مواجهة الشعب وقوى المعارضة ، فهي تعاني من مشكلة فراغ دستوري يُثير إشكالات واقعية حول شرعية ممارسة النظام للسلطة ، وقد أدركت السلطة خطأها الفادح في خلق هذا الفراغ الذي يمس الشرعية بالانقلاب على الدستور ، حيث أصبح الحديث عن الشرعية جاريا فوق الطاولة بصرحة ووضوح على ألسن كافة قوى المعارضة ورموزها وقادتها ، وقد انعكس ذلك في درجة ونوع انزعاج السلطة وفزعها المثير جدا من تصريحات بعض الإيرانيين حول تبعية البحرين لإيران ، وما كان للسلطة أن تظهر هذا الحجم والنوع من الانزاعاج والفزع لو لم تكن تعاني من الإشكال الواقعي على شرعية ممارسة النظام للسلطة وظهور ذلك على ألسن كافة قوى المعارضة في ظل تأزم سياسي وأمني على الأرض بسبب عدد كبير من الأزمات الكبيرة الحقيقية التي ترفع قوى المعارضة ملفاتها الساخنة في الداخل والخارج وتطالب بإيجاد حلول واقعية لها ، مثل : التجنيس السياسي الممنهج ، والتطهير الطائفي ، والبطالة ، والفساد الإداري والمالي والأخلاقي ، والملف الحقوقي الذي أعاد فتح ملف البحرين في المحافل الدولية وإخضاعها من جديد للرقابة الحقوقية الدولية . وبسبب هذا الضعف القانوني والسياسي والحقوقي لجأت السلطة ـ بشكل هستيري وغير محسوب ـ للحلول الأمنية ، واختلقت المسرحيات الأمنية وفبركتها ضد المعارضين لسياستها ، معتمدة في ذلك على الأجهزة الأمنية التي قامت بضخيمها بشكل مثير للدهشة والتعجب ، واستخدمتها بشراسة ضد المواطنين الشرفاء ، فالأجهزة الأمنية هي القوة الوحيدة التي تعتمد عليها في المواجهة غير المشروعة للحركة المطلبية الشعبية العادلة .. وأقول : رغم محدودية الخيارات الأمنية لدى السلطة في حالة توفر إرادة الصمود والاصرار على الاستمرار في المطالبة بالحقوق العادلة المشروعة ، فإنه يجب أن نفكر مع ذلك وقبله بتعطيل فرص السلطة في استخدام أجهزتها القمعية المتوحشة التي لا تنمي عناصرها إلى الشعب وثقافته لضرب الحركة المطلبية ، وذلك من خلال ابتكار أساليب سلمية فاعلة لا تجد السلطة فيها فرصة للقمع واستخدام العنف ضد جماهيرنا المناضلة الشريفة ، وهذا الأمر في غاية الإمكان وقابل للوقوع والتنفيذ ، ولكنه يحتاج إلى تأمل وتفكير بعمق وروية ، وإذا نجحنا في ذلك نكون قد اسقطنا ورقة القوة الوحيدة التي تمتلها السلطة في مواجهة حركتنا المطلبية المشروعة والعادلة وردعها غير المشروع لها .
أيها الأحبة الأعزاء : ضعوا عقولكم في جماجمكم ، ولا تسمحوا لأحد أن يستفزكم ويستخف بعقولكم ، فهناك من يحاول ذلك فلا تمنحوه الفرصة لتحقيق ما يريد . يجب أن نجعل ساحة الصراع مع السلطة من أجل نيل الحقوق والحياة الكريمة ، ساحة لصراع العقول وليس لصراع الاجسام . فنحن لا نمتلك ما تمتلكه السلطة من أجسام وأسلحة فتاكة استوردتها كلها بأموال الشعب ، وهي الأموال التي لو وجهتها للتنمية والاستثمار لحلت الكثير من المشاكل والأزمات التي يعاني منها هذا الشعب المقهور وقضت عليها وخلقت بذلك الأمن والاستقرار في البلد ، ولكننا نمتلك ما لا تمتلكه السلطة من العقول ، وعلينا أن نثبت لها بأننا مستعدون للمبارزة بعقولنا وليس بأجسادنا ، وأننا مصرون على تحقيق الانتصار والحصول على الحياة الكريمة لنعيش في عزة وشرف وأمن وشموخ .
أيها الأحبة الأعزاء : اثبتوا ولا تتزلزلوا ولا تتنازلوا ولا تتراجعوا عن مطالبكم المشروعة العادلة ، واعتمدوا العمل الجماهيري المنظم والفاعل ، وفكروا في تهذيب أساليبكم الجماهيرية في الاحتجاج والمطالبة بالحقوق وتطويرها بالشكل الذي يجعلها أكثر حضارية وسلمية وفاعلية وأقل في الحاق الضرر بكم ، فكروا كيف تعطلوا دور المرتزقة في مواجهتكم والإضرار غير المشروع بكم ، فهذا ممكن مع الروية والتفكير العميق ، وانتم تملكون ـ بحمد الله تعالى ـ العقول القادرة على الابداع والابتكار ، فحاولوا ولا تيأسوا ، وكلما نجحتم في ذلك أكثر ، كان النصر أقرب وأسرع .
صادر عن : إدارة موقع الأستاذ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

إغلاق