كلمة المعتصمين بتاريخ 17 فبراير : السلطة قامت بإنقلابين ولم تحاسب عليهما
أعوذ بالله السميع العليم من شر نفسي الأمارة بالسوء ومن شر الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين
السلام عليكم أيها الأحبة، أيها الاخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته
في البداية أحييكم وأشكركم على هذه الوقفة الشريفة والمشرفة…
تتحدث السلطة عن انقلاب، وسعي لزعزعة النظام ونحن نعلم بأن هذه التهمة لا واقع لها ولا حقيقة، ولكن نعلم من جهة ثانية بأن السلطة قامت بانقلابين ولم تحاسب عليهما.
الانقلاب الأول كان في أغسطس عام 1975 حينما حلت البرلمان وعطلت الدستور، وبعد هذا الانقلاب قامت بحملة اعتقالات شملت بعض أعضاء البرلمان السابق، واستمرت في التأزيم الأمني لدوافع سياسية في ظل قانون أمن الدولة حتى انتهى الأمر إلى الانتفاضة الشعبية المباركة “انتفاضة الكرامة”.
وكان الخروج من ذلك المأزق الأمني الذي هو في واقع الأمر مأزق للسطة، حيث وجدت نفسها في مأزق حقيقي فجاءت بميثاق العمل الوطني للخروج من ذلك المأزق، وتعامل أبناء الشعب الشرفاء النبلاء مع الميثاق بحسن نية، وتناسوا كل الجراحات والآلام السابقة أملاً منهم في مستقبل أفضل كما وعد القائمون على السطة.
ولم يمضي سوى عام واحد على التصويت على الميثاق حتى قامت السلطة بالانقلاب الثاني في 14 فبراير 2002، وكان هو البداية.. وتفاقم الأمر في ظل برلمان صوري غير قادر على أن يفعل أي شيئ ذو قيمة، حيث صدرت في ظل هذا البرلمان قوانين سيئة مقيدة للحريات ومخالفة للمواثيق الدولية وإلى ما تنص عليه الدساتير في الديمقراطيات العريقة، منها قانون الصحافة وقانون الجمعيات وقانون التجمعات وقانون الإرهاب وغيرها.
حتى انتهى الأمر بالتأزيم الأمني الذي نعيشه في هذه الأيام وأبرز مظاهره اعتقال الرموز، وفي ظل هذا التأزيم أدرك الجميع أن الكل مستهدف، أن التهديد الأمني ليس خاص بفئة أو بتيار أو بخط أو بطائفة وإنما هو تهديد لكل الشرفاء من أبناء هذا الشعب.
أنهم بدأوا بما سمى بخط الممانعه، ولكن كل الشرفاء من أبناء الشعب أدركوا بأن هذه البداية، وأن التهديد سوف يستمر وينتقل إلى غيرهم، فإذا انتهوا من الشرفاء في الشارع الشيعي والطائفة الشيعية فسوف تنتقل النوبة إلى الشرفاء في الطائفة السنية، فهي قضية وقت، والتهديد بحسب التشخيص شامل للكل.
وبالتالي برزت الحاجة إلى إيجاد قوة صد، وقوة الصد هذه تحتاج إلى وحدة الكلمة ورص الصف، والحمد لله رب العالمين فإن خطوة الاعتصام قد هيئت الأرضية لوحدة الكلمة ورص الصف، ونحن نعدكم بأن هذه أمانة سوف نحملها، ونحافظ على وحدة الصف وعلى وحدة الكلمة وسوف نسعى بكل جهدنا للمحافظة على العمل الإسلامي والعمل الوطني المشترك، وهذه حاجة للرد على استهدافات السلطة.
في ظل ذلك أريد أن أنبه بأن قضية أبناء الشعب مع النظام هي قضية مطالب وقضية حقوق، فإذا نال أبناء الشعب مطالبهم العادلة وضمنوا حقوقهم الطبيعية الأساسية فلن تكون هناك مشكلة مع النظام.
ولكن النظام لديه شهية في الاستبداد وسلب الحقوق وليست لديه رغبة في أن يعيش أبناء هذا الشعب في عزة وكرامة في ظل الحقوق الطبيعية الأساسية.
ولهذا وفي سبيل أن يقطعوا الطريق على أبناء الشعب الشرفاء في الحصول على مطالبهم أوجد هذا التأزم وفبركة القضايا الأمنية وخلق المسرحيات الأمنية ظناً منه أن أبناء الشعب الشرفاء سوف يسكتون عن حقوقهم وسيرضون العيش في ظل الذل المكرمات، وهذا لن يتحقق أبدا مهما كان الثمن.
أريد أن أرجع بالقائمين على السلطة إلى تجربة التسعينات وانتفاضة الكرامة، في التسعينات لم يكن هذا الشعب يتجاوز النصف مليون، وبلغ عدد المعتقلين أكثر من 15 ألف معتقلاً وهذا رقم ضخم، وبلغ عدد الشهداء 40 شهيداً تقريباً، وتم إعدام بعضهم، ولكن هل استطاع النظام أن يسكت الأصوات الحرة وأن يفرض على الشعب الذلة؟؟؟ أبدا!!
أتذكر أن العقيد عادل فليفل زارني في السجن وكان يحمل رسالة من السيد هندرسون، فحوى هذه الرسالة أن الحكومة ليست لديها أية رغبة في الاستجابة إلى المطالب وأن علينا أن نتدبر أمرنا، فقلت له أبلغ السيد هندرسون مني هذا الجواب: أن السلطة في مأزق وفي أزمة، وأنه لا سبيل لها إلى الخروج من مأزقها وأزمتها إلا أن تستجيب إلى مطالب الشعب، فإذا لم تستجب اليوم فسوف تستجيب غداً، وهذا ما تحقق بالفعل، حيث طرحت السلطة ميثاق العمل الوطني للخروج من المأزق.
وأنا أقول اليوم ومن هذه المنصة بأن السطة هي التي تعيش المأزق وليس الشعب، فالشعب يعيش حالة إنسانية طبيعية للمطالبة بحقوقه والمطالبة بالحقوق تحتاج إلى ثمن وتضحيات، وهو في هذه الحالة بحاجة إلى تقديم التضحيات وسوف تنتهي بالفرج بإذن الله، وأقول أن لا سبيل لها إلى الخروج من مأزقها إلا أن تستجيب إلى مطالب الشعب العادلة.
أيها الأحبة
هذا الاعتصام ما هو إلا بداية، وسوف تتلوها خطوات أخرى متتابعة ومتسلسلة، وعيوننا ليست على الأيام وليست على الأسابيع والشهور بل السنوات، والمطالبة بالإفراج عن كافة المعتقلين وعلى رأسهم الأستاذ الفاضل حسن مشيمع وفضيلة الشيخ المقداد هي العنوان لهذا الاعتصام، ولكن خطواتنا التالية سوف تكون من اجل كافة المطالب العادلة، وسوف نعلن بكل وضوح وكل صراحة عن مطالبنا، وسيكون الجميع من الحكومة والشعب على بينة بهذه المطالب.
إذا المسيرة طويلة وشاقة وتحتاج منا ومنكم إلى الحكمة والصبر والنفس الطويل، ونحن وإياكم نريد أن نكون شيئاً واحداً،و أننا لا نستطيع أن نحقق أي شيئ بدونكم، وكما ذكرت في جلسات الاعتصام، نحن لا نتطلع إلى أن تنفذوا ما نقوله لكم، بل نتطلع أن تمدونا بالأفكار والمقترحات والآراء والملاحظات بما فيها الملاحظات النقدية، فالمسيرة طويلة تحتاج إلى الحكمة والصبر والنفس الطويل وهذا أمل فيكم، كما تحتاج إلى الدعم والمساندة، أعني الدعم الشامل والمساندة الشاملة بحيث نكون نحن وأنتم شيئاً واحداً.
من هذه الساعة أقول نحن نقدر بأن هناك صعوبات وقد نحتاج إلى أن نقدم تضحيات من جهتنا قد وطأنا النفس على تقديم هذه التضحيات مهما عظمت، ومن جهة ثانية قد تسعى السلطة إلى طرح الحوار، نحن لا نرفض الحوار من حيث المبدأ ولكننا لن نقبل ولن ندخل في أي حوار لا تتوفر فيه مقومات الجدية والواقعية وفرص النجاح.
فريق تغطية الاعتصام
صادر عن : إدارة موقع الأستاذ .