الأسئلة والأجوبة

مجموعة الأسئلة والأجوبة رقم – 33

أسئلة وأجوبة ( 33 )

الموضوع : أجوبة الأستاذ عبد الوهاب حسين على بعض الأسئلة التي وردت إليه خلال هذا الأسبوع .

التاريخ : 5 / شوال / 1426هـ .
الموافق : 8 / نوفمبر ـ تشرين الثاني / 2005م .

السؤال ( 1 ) : لقد أشدت في مناسبات سابقة بمنهجية السيد مقتدى الصدر في مقاومة الاستعمار الأمريكي المحتل للعراق ، ثم وجدناك تتحدث عن عبقرية السيد السستاني في اللعبة السياسية مع أمريكا التي وصفتها بالشيطان الأكبر . أليس هذا تناقض منك ؟

الجواب ( 1 ) : لا زلت متمسكا بما ذهبت إليه سابقا من الإشادة بمنهجية السيد مقتدى الصدر ( سدد الله تعالى على الدرب خطاه ) في مقاومة الاستعمار الأمريكي المجرم في العراق وتصحيحها ، وقد قلت في منسبات أخرى : بأن الدخول في اللعبة السياسية ( بمنهجية المقاومة السياسية التي اتبعها آية الله العظمى السيد السستاني وبعض القوى الإسلامية والوطنية في العراق ) خيار صحيح ومطلوب أيضا ، ويصب في خدمة الشعب العراقي المستضعف ، لا سيما أن الدخول في اللعبة السياسية جاء من أجل استحداث وصياغة وضع جديد للعراق ، وليس المسايرة لوضع مفروض ، فالمشاركة تأتي ضمن الجهود الإسلامية والوطنية لتحديد المصير المشترك للشعب العراقي المستضعف ، والمشاركة متاحة لكافة العراقيين ، ومن غير الجائز ( عقلا وشرعا ) التخلف عن ذلك والتقصير فيه من أي مسلم غيور على دينه ووطنه . وأرى بأن بعض القوى التي تعارض المشاركة في العملية السياسية هناك ( وفق القواعد التي نجح آية الله العظمى السيد السستاني في فرضها على المستعمر الأمريكي ) إنما يعارضون ذلك : لأنهم لا يريدون العدل والمساواة بين كافة المواطنين العراقيين ، ويسعون بكافة الوسائل ( المشروعة والإجرامية ) للاحتفاظ بمكتسبات قديمة ( غير شرعية ) في الحكم ، ويعملون على فرضوها ( كأمر واقع ) بالعنف والجريمة على أغلبية الشعب العراقي الظلوم .

وهنا أخلص إلى نتيجتين مهمتين .. وهما :

النتيجة الأولى : إنني أرى التكامل بين منهجيتي المقاومة السياسية للسيد السستاني العظيم ، والإصرار على إبقاء خيار المقاومة العسكرية حاضرا للسيد مقتدى الصدر المجاهد الصبور ، وأن أحد المنهجين لا يغني عن الآخر ولا يلغيه ، ومن الضعف والحماقة وسوء التدبير ( استنادا إلى تقدير الظروف الموضوعية الحالية في العراق والمنطقة ) حصر المقاومة في أحد الخيارين فقط .

النتيجة الثانية : أن قياس البعض ( منهجيا ) المشاركة في الانتخابات البرلمانية في البحرين في ظل ( دستور : 2002 ) المفروض على الشعب البحريني المظلوم على مشاركة آية الله العظمى الإمام السيد السستاني ( حفظه الله تعالى وأمد في ظله المبارك ) في العملية السياسية في العراق .. والقول بالتشابه بينهما ، يدل على سطحية الفهم وخطأ القياس لاستبعاد حقيقة وأبعاد المشاركتين والأسس التي تقوم عليها كل مشاركة وعدم النظر إليها ، ويقوم القول بالتشابه ( حسب فهمي ) على أساس التمسك بمجرد الاسم أو الصورة ( مشاركة ) بغض النظر عن حقيقة المشاركتين وأبعادهما والأسس التي تقوما عليها ، وكأن الاختلاف حول المشاركة في الانتخابات البرلمانية في البحرين يقوم على ذات المشاركة ، وليس حول حقيقتها السياسية وأبعادها والأسس الذي تقوم عليها ، فالداعون إلى المقاطعة هم من أوائل الداعين إلى تفعيل الدستور وإعادة الحياة البرلمانية ( في زمن قانون أمن الدولة ) وقدموا التضحيات الجسيمة في سبيل هذا المطلب الشعبي ، وتصدروا الدعوة إلى التصويت على ميثاق العمل الوطني على هذا الأساس ، وكان لهم الفضل الكبير في نجاح التصويت ، ولكن لما انقلب النظام على الدستور العقدي وميثاق العمل الوطني وفرض ( دستور : 2002 ) الذي سلب فيه مكتسبات الشعب التي ضمنها ( دستور : 73 ) وميثاق العمل الوطني وبعض حقوقه الأساسية ، وجعل المؤسسة البرلمانية مجرد ديكور لتزيين صورة النظام ومحرقة سياسية للمعارضة ، لم يقبلوا بالأمر الواقع المفروض ، ولم يخضعوا له ، ولم ينسوا التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب البحريني من أجل مطالبه العادلة ، وأصروا على التمسك بالمطالب العادلة للشعب ، ومواصلة الطريق لاسترجاع الحقوق والمكتسبات المسلوبة .. وفي رأيي : أن القول بالتشابه بين المشاركتين ، فيه تضليل وخداع وتغرير بالرأي العام المحلي ، وأن العمل وفق منهجية آية الله العظمى السيد السستاني في المقاومة السياسية ضد الاستعمار الأمريكي في العراق .. وتطبيقها في البحرين : تفرض علينا رفض ( دستور : 2002 ) الذي فروضه النظام على الشعب البحريني بخلاف إرادته وضد مصالحه الجوهرية ، كما رفض آية الله العظمى السيد السستاني المحاولات الأمريكية المحمومة لفرض دستور على الشعب العراقي ، حيث أصر ( بقوة وثبات ) على أن يضع الشعب العراقي دستوره بنفسه ، وان يختار حكومته التي تمثله ، وما نريده ونطالب به في البحرين ، أقل من ذلك بكثير : ( مجرد دستور عقدي يصون المكتسبات ويحفظ الحقوق الأساسية لكافة المواطنين ، ويساوي بينهم في الحقوق والواجبات ) .

والنتيجة : أن دعوة آية الله العظمى السيد السستاني الشعب العراقي للمشاركة في العملية السياسية هناك ، تدخل في دائرة المقاومة السياسية الصلبة وليست المسايرة للاستعمار الأمريكي المحتل للعراق . بينما المشاركة في الانتخابات البرلمانية في البحرين في ظل ( دستور : 2002 المنحة ) المفروض ( بغير حق ) على الشعب البحريني ، وسلب مكتسباته التي ضمنها ( دستور : 73 العقدي ) ومصادرة بعض حقوقه الأساسية التي ضحى من أجلها بالنفس والنفيس .. تدخل في دائرة المسايرة للنظام . وفي تقديري : أن المقاومة وتحصيل الحقوق الأساسية في البحرين تدخل في دائرة الممكن السهل .. وذلك : مع توفر الرؤية الواضحة في المطالبة بالحقوق وإدارة الملفات الساخنة ، وتوفر الإرادة السياسية الصلبة ، والاستعداد التام لتقديم التضحيات اللازمة والمستحقة من أجل استرداد الحقوق وصيانة كرامة الإنسان ، ثم الاعتماد ( بعد الله تعالى ) على الجماهير كلاعب أساسي في العملية السياسية برمتها .

وفي ختام هذه النقطة أشير إلى الملاحظتين التاليتين .. وهما :

الملاحظة الأولى : من المعلوم لكل مراقب : أن مقاومة أمريكا ( كأكبر قوة عظمى في العالم ) ليست كمقاومة السلطة في البحرين ، وأن مقاومة أمريكا ( الشيطان الأكبر ) تحتاج إلى وضوح الرؤية والشجاعة والمهارة في إدارة اللعبة ، أكثر بكثير مما تحتاجه مقاومة السلطة الصغيرة في البحرين.ٍ

الملاحظة الثانية : إن المقاومة السياسية التي نفذها آية الله العظمى السيد السستاني للاستعمار الأمريكي المحتل للعراق الجريح ، جمعت ( في تقديري ) بين الفن والرؤية الواضحة والشجاعة والثقة الإيمانية بالنفس في إدارة اللعبة ، وتقوم على الإحساس العميق بالمسؤولية الدينية والوطنية .. فجزي الله تعالى السيد السستاني عن الشعب العراقي خير الجزاء وأعظم الجزاء إنه سميع مجيب .

السؤال ( 2 ) : لقد كثرت التناقضات في أطروحات ومواقف التيار الإسلامي الشيعي في البحرين . فهو من جهة يطالب بالديمقراطية، ومن جهة ثانية يقف ضدها حينما لا تتناسب مع أجندته، وهذا دليل على عدم صدقه في المطالبة بالديمقراطية، وأن مطالبته بها ما هي إلا مجرد مناوره سياسية يخفي وراءها العداوة والخصومة لها.
أيها الأستاذ : أليست مطالبتكم لوضع قانون الأحوال الشخصية وتعديله بواسطة الفقيه ، ومطالبتكم بضمانات دستورية بشأنه ، مطالبة غير دستورية وغير ديمقراطية ؟

الجواب ( 2 ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : التيار الإسلامي الشيعي في البحرين وخارج البحرين ، شأنه شأن التيار الإسلامي السني في العالم ، لا يعطي ( كما في المفهوم الحرفي للديمقراطية ) الشعب حق التشريع والحكم والقضاء وإن خالف الشريعة الإسلامية الإلهية المقدسة ، وحينما يطالب الإسلاميون بالديمقراطية : فإنهم يقصدون بذلك ( حسب فهمي ) أمرين رئيسيين .. وهما :

الأمر الأول: التمسك بالمسألة الجوهرية في الديمقراطية، وهي مشاركة الشعب في صناعة القرار .. وفي المجتمعات الإسلامية : يجب أن تقوم على أساس معايير الحق والعدل في الشريعة الإسلامية المقدسة .

قال الله تعالى : { يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون . قالوا نحن أولوا قوة وألوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين . قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون . وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون } ( النمل : 32 ـ 35 ) .

الأمر الثاني: حينما يكابر الحكام والقوى العلمانية في المجتمعات الإسلامية ، ويفرضون إرادتهم بالقوة على الشعوب الإسلامية المستضعفة ، فإن القوى الإسلامية السياسية ( الشيعية والسنية ) تطالبهم بالاحتكام إلى أعقل منطق بشري وضعي في الإدارة السياسية للدولة وحقوق الإنسان .. وهي الديمقراطية ، ويقبلون دخول اللعبة السياسية والمنافسة على أساس قواعدها ، وهم صادقون فيما يطرحون ، وواثقون بالنصر إذا التزمت كافة الأطراف بقواعد اللعبة الديمقراطية المحايدة ، ولكن الحكومات التي لا تستمد شرعية وجودها وممارساتها من إرادات الشعوب ، وكذلك القوى العلمانية الغريبة عن ثقافة الشعوب الإسلامية وتاريخها وبعدها عن إرادة الشعوب الإسلامية في أطروحاتها والكثير من مواقفها ، هي التي تنقلب على الديمقراطية وتفرض ( بالقوة ) الأمر الواقع على الشعوب الإسلامية وقواها الإسلامية السياسية المعبرة عنها ، وقد تتمادي في غيها بحرمان القوى الإسلامية من حقها في المشاركة السياسية وفق قواعد اللعبة الديمقراطية ، لعلمها المسبق بعدم قدرة الحكومات والقوى السياسية العلمانية على منافسة القوى الإسلامية السياسية المنافسة الشريفة في البلدان الإسلامية ( كما أثبتت ذلك التجارب في فلسطين ومصر والجزائر وتركيا وغيرها من الدول الإسلامية ) وفق قواعد اللعبة الديمقراطية المحايدة ، وحجة الحكومات والقوى السياسية العلمانية في الانقلاب على الديمقراطية وحرمان القوى الإسلامية من المشاركة فيها ( أحيانا ) هي الدفاع عن الديمقراطية وحمايتها من القوى الإسلامية التي لا تؤمن بها ، وهكذا يصبح القتل ( في هذا المنطق الأعوج ) أسلوبا للمحافظة على حياة القتيل !!

النقطة الثانية : أن المطالبة بوضع قانون الأحوال الشخصية وتعديله بواسطة الفقيه الجامع لشروط الإفتاء ، والمطالبة بضمانات دستورية بشأنه ، لا يتعارض مع الدستور ولا مع الديمقراطية .. وذلك للأسباب التالية :

السبب الأول : نص ( دستور : 73 ـ العقدي ) ( المادة : 2 ) و ( دستور : 2002 ـ المنحة ) ( المادة : 2 ) على أن دين الدولة الإسلام ، وأنه مصدر أساسي للتشريع ، ولم يسميا أي مصدر رئيسي آخر للتشريع .. وعليه : فالإسلام مقدم على أي مصدر رئيسي آخر في التشريع ، وكل تشريع مخالف للشريعة الإسلامية فهو غير دستوري وباطل . وقد اتفق المسلمون كلمة واحدة : على أن استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها التشريعية في الإسلام ، هي من اختصاص الفقيه الجامع لشروط الاجتهاد ، وكل من يمارس الإفتاء وهو ليس بجامع لشروطه ، فإنه آثم في حق الدين والأمة ، وعليه أعظم الوزر .

قال الخطابي : ” إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ، ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط . وهذا فيما كان من المجتهدين جامعا لآلة الاجتهاد ، عارفا بالأصول وبوجوه القياس . وأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف ، ولا يعذر في الحكم ، بل يخاف عليه أعظم الوزر ” ( فقه السنة للسيد سابق . ج3 . ص 401 ) .

ملاحظة : هناك رأي فقهي يقول : أن المجتهد الجامع لشروط الاجتهاد ، إذا أصاب فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر واحد ، وليس يوضع عنه الإثم فقط .. كما قال الخطابي .

والنتيجة : أن المطالبة بوضع قانون الأحوال الشخصية وتعديله بواسطة الفقيه الجامع لشروط الاجتهاد .. غير مخالف للدستور .

السبب الثاني : لقد نصت ( المادة : 104 . الفقرة : ج ) من ( دستور : 73 ) على عدم جواز اقتراح تعديل مبدأ الحكم الوراثي في البحرين بأي حال من الأحوال . وكذلك مبادئ الحرية والمساواة المقررة في الدستور . كما لا يجوز اقتراح تعديل المادة الثانية التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة وهو مصدر رئيسي للتشريع .

كما نصت ( المادة : 120 . الفقرة : ج ) من ( دستور : 2002 ) على عدم جوز اقتراح تعديل المادة الثانية التي تنص على أن الإسلام هو دين الدولة ومصدر رئيسي للتشريع ، وكذلك النظام الملكي ، ومبدأ الحكم الوراثي .. بأي حال من الأحوال ، وكذلك نظام المجلسين ، ومبادئ الحرية والمساواة المقررة في الدستور .

والنتيجة : فإن النص على عدم جواز التعديل لبعض المواد الدستورية معمول به ، ليس في دستور البحرين ، وإنما في الكثير من دساتير العالم التي تسمى بالدساتير الجامدة جزئيا .

السبب الثالث : إذا كانت الديمقراطية تعني الأخذ برأي الأغلبية ، فإننا نزعم بأن الأغلبية في البحرين ترفض التشريع للأحوال الشخصية على خلاف الأحكام الشرعية في الدين الإسلامي ، لأن شعب البحرين شعب مسلم غيور على دينه وشرفه وعرضه ، وأن تجهيله بحقيقة الأمر في ملف الأحوال الشخصية ، لا يغير في الحقيقة شيئا . فإذا كانت السلطة والقوى الموالية لها والسائرين في طريقها بشأن قانون الأحوال الشخصية واثقين من أنفسهم وأنهم يعبرون عن إرادة الشعب ، ويريدون التحاكم إلى قواعد الديمقراطية ، فعليهم أن يتركوا لكافة الأطراف حرية التحرك والتعبير عن آرائهم بشأن الموضوع عبر الوسائل المشروعة بصورة متكافئة ، ثم يجرى استفتاء شعبي يخضع لرقابة دولية محايدة ، ويجنبوا بذلك البلاد والعباد شر التصادم .

وأرجو أن لا يخرج علينا أحد بمغالطة فيقول : أن قواعد اللعبة الديمقراطية المتوافق عليها في البحرين ، هي التمثيل من خلال البرلمان .. وعليه : لا توجد حاجة للاستفتاء ، لأن الحقيقة التي يعرفها الجميع : أن البرلمان الحالي رهينة بيد السلطة التنفيذية ، ولا يعبر ( قطعا ) عن إرادة الشعب ، وهو وسيلة لفض ضمير الأمة ( لا سيما في مثل هذه الأمور الحساسة الخطيرة ) وتزوير إرادته ، وتضليل الرأي العام في الداخل والخارج .

والنتيجة : لا يمكننا القبول بالاحتكام إلي المؤسسة البرلمانية الحالية ، كوسيلة للتعبير عن إرادة الشعب .

كما أرجو أن لا يخرج علينا آخر بمغالطة أخرى فيقول : أن المطالبين بصدور قانون الأحوال الشخصية عن طريق البرلمان لا يختلفون مع المعارضين بضرورة مطابقة القانون للشريعة الإسلامية الغراء .. لأن الحقيقة تقول : أن مطابقة قانون الأحوال الشخصية للشريعة الإسلامية الغراء المقدسة ، لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كان واضع القانون وتعديله جامع لشروط الاجتهاد ، وهذا يتطلب نص دستوري على ذلك ، وضمان دستوري بأن ذلك النص غير قابل للتعديل ، وقد قلت في حلقة سابقة من حلقات ( أسئلة وأجوبة ) : بأن النص الدستوري والضمانة الدستورية ، ليس لهما قيمة عملية ، إذا كان ذلك في ( دستور : 2002 ) لأنه دستور باطل ، والمطالبة بالضمانة الدستورية فيه ، تعني الاعتراف به ، والأخطر في هذا الدستور ، ليس سلب المكتسبات التي نص عليها ( دستور : 73 العقدي ) والتي لا يجوز دستوريا سلبها ومصادرة بعض الحقوق الشعبية الأساسية ، وإنما الآلية التي وضع بها ، حيث الغي الدستور العقدي وفرض دستور المنحة من طرف واحد ، وأن الإقرار بذلك ، من شأنه أن يهدد كل المكتسبات ، ويضع مصير البلد وأمنها واستقرارها على كف عفريت .. والقبول بذلك : خطيئة لا تغتفر في حق الوطن والمواطنين .

والنتيجة التي نخلص إليها : أن رأي المجلس العلمائي بشأن قانون الأحوال الشخصية مطابق للدستور وموافق لقواعد اللعبة الديمقراطية ، وعلى من يخالفهم الرأي أن يقدم الدليل .

السؤال ( 3 ) : الأستاذ عبد الوهاب حسين .
لدينا بعض الأسئلة حول تحرك المعارضة الشيعية في ملف الأحوال الشخصية ، نرجوا منك الإجابة عليها بصراحة .

( أ ) : لماذا يعطي العلماء كل هذا الاهتمام لملف الأحوال الشخصية ويلزمون الجماهير ( دينيا ) بالمشاركة في الأنشطة والفعاليات المتعلقة به ، بينما لا نجد لديهم الاهتمام المطلوب بالملفات الأخرى . ألا تشم من التفريق بين الملفات رائحة العلمانية ؟
( ب ) : هل توافق العلماء في ملف الأحوال الشخصية ؟
( ج ) : ما هو توقعك لنهاية الصراع بين المجلس العلمائي والسلطة في هذا الملف ؟ وهل تتوقع الاتفاق بين الطرفين على مخرج مناسب للخروج من الصراع في الملف ؟

الجواب ( 3 ـ أ ) : اهتمام السادة العلماء بملف الأحوال الشخصية أكثر من غيره من الملفات ( حسب فهمي ) يعود لارتباط الملف بالحالة الدينية بصورة مباشرة ، فأحكام الأسرة المرتبطة بالزواج والطلاق .. وغيرهما ، أحكام شرعية تعبدية كأحكام الصلاة والصيام والحج والزكاة ، وأن التغيير فيها هو تغيير لشرع الله تعالى ، يترتب عليه محو الصورة الإسلامية للمجتمع الإسلامي .. وهو أمر لا يمكن التسامح بشأنه .

ورغم التفاوت بين الملفات في الأهمية من وجهة النظر الشرعية ، إلا أن الإسلام لا يسمح بإهمال أي ملف من الملفات التي تتعلق بقضايا الإنسان وهموم المواطنين ، لأن الإسلام يسعى لـتأمين الحياة السعيدة للإنسان في الدنيا والآخرة . وفي الحديث : ” من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ” .

الجواب ( 3 ـ ب ) : أتفق مع السادة العلماء في مضمون المطالب التي تتعلق بالملف ومنهجية التحرك فيه ، وأنادي بالوقوف إلى صفهم وتقديم كل أشكال الدعم لهم ، من أجل تحقيق مطالبهم المشروعة في الملف ، ولي بعض التحفظات الفنية على التحرك .. أهمها :

التحفظ الأول : على الفصل بين ملف الأحوال الشخصية والملفات الأخرى الساخنة في الساحة الوطنية .. من جهة الرؤية ومنهجية التحرك ، وقد قلت في حلقة سابقة من حلقات ( أسئلة وأجوبة ) : أن التجربة العملية أثبتت خطأ هذا الفصل ، ومن شأنه أن يضعف التحرك في كافة الملفات ، ويقلل من فرص النجاح فيها ، ويؤدي إلى الإرهاق النفسي لدى بعض المشاركين في الفعاليات والأنشطة المطلبية . وأقدر : أن التحرك العلمائي في ملف الأحوال الشخصية لو جاء في ظل اهتمام ( مناسب ) بالملفات الأخرى ، فإن درجة المشاركة الشعبية سوف تكون أكبر بكثير مما هي عليه الآن ، وأن السلطة لن تتجرأ أصلا على اقتحام قلعة هذا الملف في ظل ذلك الاهتمام .

التحفظ الثاني : أوافق العلماء الأجلاء في طلب الضمانات الدستورية ، إلا أنني أرى أن لا قيمة لها لو أدخلت علي ( دستور : 2002 المنحة ) لأسباب قد بينتها في الإجابة على السؤال السابق ، وأرى بأن المطالبة بإدخالها عليه تحمل ( ضمنا ) الاعتراف به ، وهو أمر لا ينبغي حصوله في ظروف المطالبة الإسلامية والوطنية بالإصلاحات الدستورية .

وأصل مما سبق إلى النتيجة التالية : أن التحرك الجدي في ملف الأحوال الشخصية ، لا يتحقق إلا في ظل الاهتمام بالمسألة الدستورية .

ملاحظة مهمة : إن الإشارة إلى المرجعية في النجف لا تمثل جوهر المسألة .. فجوهر المسألة : هو الفقيه ( الأعلى ) الجامع لشروط الاجتهاد .. سواء كان في البحرين أو قم أو النجف أو لبنان أو غيرها .

وفي الختام : أسأل الله اللطيف الخبير أن يؤدي التحرك العلمائي في ملف الأحوال الشخصية إلى توحيد رؤية التحرك في كافة الملفات الساخنة في الساحة الوطنية ، وعدم الفصل بين الملفات الدينية وغيرها ، وإلى إدراك العلاقة الجوهرية التي تربط بين المسألة الدستورية وباقي الملفات ( بما فيها الملفات ذات الصبغة الدينية ) بحيث يعلم ، بأن أي تحرك جدي في أي ملف ، لن يحقق نتائج جدية ، ما لم يتم التوصل إلى حل في المسألة الدستورية .. وهذا يعني : ضرورة التركيز عليها ، وإعطائها الأولوية ، من أجل الوصول إلى حلول جوهرية مرضية في كافة الملفات .

الجواب ( 3 ـ ج ) : في ظل حساسية ملف الأحوال الشخصية من الناحية الدينية ، وشدة الصراع المحتدم حوله ، والتحشيد والتحشيد المضادة بين أطراف الصراع حوله ، فإني أتوقع صعوبة الحسم في هذا الملف ، ولكني لم التقط ( حتى الآن ) المؤشرات الدالة على النهاية المتوقعة لحسم الصراع فيه ، ربما لعدم ظهورها ( حتى الآن ) وربما لنقص المتابعة ، وربما لعدم القدرة على الالتقاط المبكر لها في أول ظهورها أو ولادتها . والتوصل إلى حل توافقي لنهاية الصراع ممكن ، إذا التزمت كافة الأطراف بالمصلحة الوطنية والتعبير عن الإرادة الشعبية ، والاحتكام إلى آليات محايدة لحسم الصراع في الملف .. مثل : الاستفتاء المذكور في الإجابة على السؤال السابق ، أو غيره من الآليات المناسبة التي يمكن التوافق عليها بين أطراف الصراع .

السؤال ( 4 ) : أستاذنا الفاضل .
تدور هذه الأيام اضطرابات أمنية شديدة جدا في فرنسا . ما هي الدروس المستفادة منها للحكام والشعوب ؟

الجواب ( 4 ) : الدروس المستفادة للحكام والشعوب من الاضطرابات الأمنية الشديدة في فرنسا كثيرة جدا .. منها :

الدرس الأول : أن وجود الظلم والتمييز بين المواطنين في أي بلد في العالم ، لا ينتج عنه إلا التمرد والعنف والإضرار بالأمن ، ومن يتوقع غير هذا ، فإنه يعيش الوهم ، وهو بعيد عن فهم الآلية التي تعمل بها النفس البشرية ، وأن الدولة التي تمارس ذلك بين المواطنين ، تتحمل وحدها المسؤولية .. و تجب محاسبتها ومعاقبتها .

قال الله تعالى : { ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل . إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم } ( الشورى : 41 ـ 42 ) .

النقطة الثالثة : كلما كان الظلم والحرمان والتمييز بين المواطنين أكثر وأوسع وأقدم ، كلما كانت ردود الفعل المتوقعة أعنف وأخطر ، ومهما بلغت قوة الحكومات ، فإنها ضعيفة أمام ردود الفعل الشعبية العنيفة على الظلم والتمييز .. فالمطلوب من الحكومات : أن تعمل بالعدل والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ، فهو الطريق الوحيد للاستقرار في الوطن ، وهو واجبها الإنساني والقانوني والسياسي .. وما لم تفعل : فإنها تخون أمانة المسؤولية الواجبة عليها ، بممارسة الظلم والتمييز بين المواطنين ، وتفقد شرعيتها ، وتهدد أمن واستقرار البلاد .. والمطلوب من الشعوب : محاسبتها وعدم السكوت عنها ، وكلما تأخرت الشعوب عن المحاسبة ، كلما كان التغيير أصعب ، والخسائر أكبر ، وتكون الشعوب شريكا كاملا للحكومات في تحمل مسؤولية تدهور الأوضاع وضياع الحقوق .

النقطة الثالثة : لقد شدد المسؤولون الأمنيون والسياسيون الكبار في فرنسا على محاسبة المسؤولون عن الاضطرابات قضائيا وإنزال العقوبات القانونية بهم . ورغم أن أغلب الذين يقفون وراء الاضطرابات من أصول افريقية ، ورغم تشنج بعض المسؤولين الأمنيين والسياسيين ، إلا أنهم لم يخونوا القائمين عن الاضطرابات ، ولم يوجد قتل واحد ( حتى الآن ) خارج القانون ، رغم ضراوة الحوادث والمواجهات مع الشرطة ، بل صرح الكثير من المسؤولين الأمنيين والسياسيين بضرورة مراعاة شعور أبناء المناطق المحرومة التي تشهد الاضطرابات ، لأنهم واقعون تحت تأثير الظلم والحرمان ، وحملوا الظلم والحرمان الكثير من المسؤولية ، وتحدثوا عن ضرورة العدالة الاجتماعية لتجنب مثل هذه الأزمات .

النقطة الرابعة : رغم وجود أصوت الشجب والإدانة للاضطرابات ، إلا أن الإعلام الفرنسي لم يقف صفا واحدا في خندق الشجب والإدانة ضد الذين مارسوا الاضطرابات في فرنسا ، ولم يسعى المسؤولون ( الوطنيون جدا ) لحشد الإدانات في وسائل الإعلام ضدهم ، وإنما وقف بعض الصحفيين والإعلاميين إلى صفهم ، ودعوا إلى البحث عن الأسباب الكامنة وراء الاضطرابات .. مثل : الظلم والحرمان والفقر والتمييز والشعور بالغربة والعزلة في الوطن .. الخ ، ودافعوا عن القائمين على الاضطرابات ، وطالبوا بالإصلاحات في المناطق المحرومة ، وحملوا المسؤولين المسؤولية عن ذلك الظلم والحرمان والتمييز والفقر والشعور بالغربة والعزلة في المناطق التي تشهد الاضطرابات ، وطالبوهم بالاستقالة من مناصبهم ، ولم يمنعهم أحد من ذلك ، ولم يخونهم ، ولم يصنفوهم في دائرة أعداء الوطن والوقوف إلى صف المخربين ، وما شابه ذلك من النعوت .. كما يحدث دائما في الدول الاستبدادية المتخلفة .

السؤال ( 5 ) : لقد دعا آية الله الشيخ محمد سند إلى إجراء استفتاء شعبي حول القبول أو عدم القبول بنظام الحكم في البحرين .
( أ ) : ما هو تعليق الأستاذ عبد الوهاب حسين على هذا الطرح ؟
( ب ) : ما هي قيمة الاستفتاء مع وجود الأعداد الغفيرة من المجنسين سياسيا ؟
( ج ) : ما هو رأيك في اعتبار آية الله محمد سند أن الأصل في المشاركة هو الحرمة ؟
( د ) : لماذا في رأيك تتمسك المعارضة بـ( دستور : 73 ) وميثاق العمل الوطني مع إخلال السلطة بالتزاماتها المتعلقة بهما .
( هـ ) : هل يمكن التحرك من أجل المملكة الدستورية من خلال القبول بـ( دستور : 2002 ) ؟

الجواب ( 5 ـ أ ) : وفيه نقاط عديدة .. منها :

النقطة الأولى : لقد أجرى استفتاء في عام ( 1970 ) تحت رعاية الأمم المتحدة لتحديد مصير البحرين بالانضمام إلى إيران أو الاستقلال عنها ، وقد صوت الشعب البحريني لصالح الاستقلال ، على أساس أن يقوم نظام ديمقراطي فيها ، الحكم فيه لآل خليفة ، والسيادة فيه للشعب ، فحدث الاستقلال على هذا الأساس ، إلا أن العائلة الحاكمة لم تفي بما التزمت به .. وهو إقامة نظام ديمقراطي السيادة فيه للشعب .

والنتيجة : يجوز ( نظريا ) للشعب البحريني ( استنادا لعدم وفاء العائلة الحاكمة بالتزاماتها ) إعادة النظر في علاقته مع العائلة الحاكمة ، والرجوع إلى المؤسسة الدولية التي أشرفت على الاستفتاء الأول ، للإشراف على الاستفتاء الثاني المتعلق بإعادة النظر في العلاقة مع العائلة الحاكمة في البحرين .

النقطة الثانية : يحق لكل شعب ( حسب المواثيق الدولية ) أن يختار حكومته التي تمثله وتعبر عن إرادة ، ومن غير المقبول ( في هذا العصر ) فرض نظام الحكم بالقوة على أي شعب من شعوب في العالم .

النقطة الثالثة : بعد التأسيس ( النظري ) لحق الشعب البحريني في اختيار نظام الحكم الذي يمثله ويعبر عن إرادته .. ينبغي التأكيد : على حاجة الدعوة التي أطلقها سماحة آية الله الشيخ محمد سند إلى مزيد من الدراسة قبل تبنيها كخيار سياسي للمعارضة .

النقطة الرابعة : كانت بعض القوى الإسلامية والعلمانية تتبنى تغيير نظام الحكم في البحرين قبل الإصلاحات .. مثل : الجبهة الشعبية والجبهة الإسلامية ، ولما حدثت الإصلاحات تراجع هذا الطرح بصورة ملحوظة ، ولما تراجع نظام الحكم عن الإصلاحات ، عادة أطروحات تغيير النظام إلى الظهور من جديد ، وربما تتسع رقعتها وتقوى درجة تبنيها لدى القوى السياسية المعارضة في البحرين .. وذلك في حالة لم يقدم النظام على إصلاحات سياسية جوهرية .

والنتيجة : أن مستقبل نظام الحكم في البحرين يتوقف على ما يقدمه من إصلاحات جوهرية ، فقد أطاح الظلم والاستبداد بأنظمة عاتية في المنطقة وخارجها ، ولا يوجد استثناء لهذه القاعدة .. وقد قيل : أن الحكم يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم .

الجواب ( 5 ـ ب ) : لو افترضنا ( جدلا ) حدوث الاستفتاء ، فإنه لا يجوز للمجنسين بعد أغسطس ( 1975 ) المشاركة فيه ، لآن كل ما حدث من تصرفات مصيرية من قبل السلطة بعد تعطيل العمل بالدستور والحياة البرلمانية في ( أغسطس 1975 ) باطلة ، وتحتاج إلى إمضائها من قبل الشعب ، والتجنيس واحد منها .

الجواب ( 5 ـ ج ) : ليس لي رأي في الفتوى لأني لا املك صلاحية الإفتاء .. وإنما أحاول تقديم فهم علمي للفتوى في نقاط وهي :

النقطة الأولى : إذا اعتبر سماحة آية الله الشيخ محمد سند أن الأصل في المشاركة هو الحرمة ، فذلك يعني أنه يرى ( حسب فهمي ) أن المشاركة تعني الدخول في النظام الظالم ، ولكن المشاركة في فهم البعض تقوم على أساس المعارضة .

النقطة الثانية : من يشارك سماحة الشيخ في التشخيص ( أن المشاركة تعني الدخول في النظام الظالم ، وإن بتقدير أن المؤسسة البرلمانية أسيرة بيد السلطة التشريعية ) ويرى صحة الأصل ( اجتهادا أو تقليدا ) فالمشاركة بالنسبة إليه حرام .

النقطة الثالثة : أن ما طرحة سماحة الشيخ بشأن الدخول على أساس فضح النظام وتعريته .. يمكن أن نضع بشأنه الاحتمالات التالية :

الاحتمال الأول : أن سماحة الشيخ يصحح الدخول إلى البرلمان على أساس المعارضة ، ويرى بأن ذلك ممكن .. وعليه : فالمشاركة جائزة .

الاحتمال الثاني : أن سماحته يرى بأن البرلمان أسير بيد السلطة التشريعية ، ويكون الدخول بهدف تفجيره سياسيا من الداخل .. كما تطرح ذلك بعض الرموز السياسية .

الاحتمال الثالث : أن سماحته يرى بأن البرلمان أسير بيد السلطة التنفيذية ، وأن المشاركة على أساس المعارضة غير ممكنة ، وكذلك تفجيره السياسي من الداخل .. وعليه : لا يجوز للمعارضة أن تشارك فيه .

ملاحظة ( 1 ) : ينبغي النظر إلى المؤسسة البرلمانية كمؤسسة تشريعية ورقابية على السلطة التنفيذية .. وليست منبر إعلامي .

ملاحظة ( 2 ) : الإجابة على السؤال جاءت على مقدار اطلاعي العام على محاضرة سماحة الشيخ ، وما يحضرني من نقاط في الوقت الحاضر ، وربما يضاف إلى النقاط ويعدل فيها لو أتيحت فرصة أفضل للاطلاع على المحاضرة .

الجواب ( 5 ـ د ) : للإجابة على السؤال أفترض ثلاثة مستويات يمكن أن تقف عندها المعارضة في مطالبها .. وهي :

المستوى الأول : أن تقبل المعارضة بأن تنزل في سقف مطالبها ، فتقبل بـ( دستور : 2002 المنحة ) وأرى بأن هذا النزول يقوم على مخالفة لرؤية إسلامية وأخرى قانونية .

أما الرؤية الإسلامية فخلاصتها : عدم جواز التفريط في الحقوق والمكتسبات الشعبية العامة ( اختيارا وبسهولة ) أي ما دام الحصول عليها يدخل في دائرة الممكن ، وإن لزم ذلك بعض الجهد والتضحيات المتناسبة معها .

وأما الرؤية القانونية فخلاصتها : أن سلب المكتسبات الشعبية الثابتة عمل غير دستوري وباطل .

المستوى الثاني : أن تحافظ المعارضة على سقف مطالبها ، وفي هذه الحالة تتمسك بـ( دستور : 73 العقدي ) وميثاق العمل الوطني كمرجعيتين أساسيتين ( قانونية وسياسية ) لمطالبها .. لا سيما أنهما محل اتفاق سابق بين السلطة والمعارضة .

المستوى الثالث : أن تعتزم المعارضة رفع سقف مطالبها في ظل تراجعات السلطة وإخلالها بالتزاماتها ، فترفض ( دستور : 73 ) وميثاق العمل الوطني ( استنادا إلى إخلال السلطة من طرف واحد بالتزاماتها فيهما ) وتطالب بإعادة النظر في العلاقة من العائلة الحاكمة ( حسب أطروحة البعض ) أو تشكيل هيئة تأسيسية لوضع دستور جديد للمملكة دستورية ( حسب أطروحة البعض الآخر ) .

الجواب ( 5 ـ هـ ) : أرى أن التحرك من أجل مملكة دستورية من خلال ( دستور : 2002 ) غير ممكن .. وذلك للأسباب التالية :

السبب الأول : الصلاحيات التي يمنحها الدستور المذكور للملك والسلطة التنفيذية ومجلس الشورى .. تتنافى مع حقيقة المملكة الدستورية .

السبب الثاني : أن التعديل في الدستور بخلاف إرادة الملك والسلطة التنفيذية غير ممكن .

أيها الأحبة الأعزاء
أكتفي بهذا المقدار
واستغفر الله الكريم الرحيم لي ولكم
واستودعكم الله الحافظ القادر من كل سوء
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.