تزوجت وعمرها ( 15 : سنة ) ،،
وأنجبت طفلها الأول ( سميح ) ،،
وعمرها ( 16 : سنة ) ،،
وهي الأخت الوحيدة ،،
لأربعة إخوان ،،
وهي أصغرهم سنا .
كان والدها يحبها حبا جما ،،
ورحيما بها أشد الرحمة ،،
ويؤثرها على إخوانها في كثير من الأشياء ،،
وكانت الأكثر دلالا لدى جميع أفراد العائلة .
إلا أن والدها حرمها من حقها في التعليم ،،
لأنه يقول بحرمة تعليم البنات ،،
كما لقنه ذلك شيخ القرية ،،
وإن لم تطمئن نفسه لذلك ،،
إلا أن ملكة التدين الراسخة لديه ،،
حملته على السمع والطاعة ،،
وسلم الأمر لله عز وجل .
بينما حصل أخوتها جميعا على حقهم في التعليم ،،
وتبوءوا مراكز وظيفية مرموقة .

وكان حرمانها من التعليم يحز في نفسها كثيرا ،،
ولم يطفأ ما كانت تحصل عليه من الاهتمام والدلال ،،
حرقة الحسرة التي تعتلج في نفسها ،،
بسبب حرمانها من التعليم ،،
إنها الطفلة نجاح .
كانت نجاح الطفلة ،،
تترقب ظهور البنات في مثل عمرها في طريق ذهابهن وعودتهن من المدرسة ،،
وتنظر إليهن من شرفت البيت بغبطة وحسرة شديدتين .
وبعد أن تزوجت من ابن عمها عبد القهار ،،
وأنجبت طفلها الأول : سميح ،،
جلس زوجها إلى جانبها ،،
وقد وضع ولده في حجره ،،
وهي تنظر إليهما بسعادة غامرة ،،
فسألها عبد القهار :
ماذا تتمنين يا نجاح أن يكون ولدنا سميح في المستقبل ؟
فأجابت بدون تردد : طبيب ،،
فقال عبد القهار : طبيب يحتاج إلى اهتمام كبير ،،
ومتابعة دقيقة من الأبوين !!
فقالت : سوف أقوم ـ إن شاء الله ـ بواجبي نحوه .
ومع بداية العام الدراسي ،،
التحقت نجاح بالتعليم المسائي ( محو الأمية ) ،،
وحين التحق سميح بالروضة ،،
كانت هي في الصف الرابع الابتدائي ،،
وكانت متفوقة في دراستها ،،
ولا يقل تقديرها ،،
عن ممتاز ،،
وقد وقفت إلى صف ولدها سميح تعينه في دروسه ،،
فظهر عليه التفوق والتميز ،،
وهو في مرحلة الروضة ،،
وواصلت دراستها في محو الأمية ،،
وواكبت الوقوف إلى صف أبنائها في دروسهم ،،
حتى أنهت الثانوية العامة ،،
القسم العلمي .
ولما أنهت الثانوية العامة ،،
بتفوق ،،
كان سميح قد أنهى المرحلة الإعدادية بتفوق ،،
وأنهت أخته زكية المرحلة الابتدائية بتفوق ،،
أما أحمد : فكان في الصف الرابع الابتدائي ،،
وكان مستوى التحصيل لديه ،،
في جميع الصفوف ،،
ممتاز .
فقررت الالتحاق بجامعة بيروت العربية ،،
لمواصلة دراستها الجامعية ،،
في قسم اللغة العربية .
ولما تخرج ابنها سميح من الثانوية العامة ،،
القسم العلمي ،،
ودخل كلية الطب في جامعة الخليج ،،
كانت هي على أعتاب التخرج من الجامعة .
وبعد التخرج ،،
بتقدير ممتاز ،،
مع درجة الشرف الأولى ،،
قررت الالتحاق بجامعة الإسكندرية ،،
لدراسة الماجستير ،،
وكانت رسالة الماجستير ،،
تتعلق بالأدب الجاهلي ،،
وبالتحديد : معلقة طرفة بن العبد ،،
لأنها تعتقد : بأن شعره جزء من التراث الفكري والأدبي لبلدها .
وقد حصلت على شهادة الماجستير ،،
في غضون سنتين فقط ،،
بتقدير ممتاز ،،
مع درجة الشرف الأولى .
وقبلت في نفس العام ،،
معيدة في الجامعة ،،
وأخذت في التحضير لشهادة الدكتوراه ،،
في نفس الجامعة ،،
وكانت في الأدب الإسلامي ،،
وبالتحديد : شعر المتنبي ،،
حيث كانت معجبة كثيرا بشعره ،،
وحصلت على شهادة الدكتوراه ،،
في غضون ثلاث سنوات تقريبا .
وكان تحصيلها العلمي في غاية الدقة والرسوخ ،،
والسبب أن تحصيلها ،،
كان من خلال التعلم والتعليم في آن واحد ،،
مما ساهم في دقة التحصيل ورسوخه ،،
بالإضافة إلى ما كانت تمتلكه من قدرات فذة .
وقد تفتقت قريحتها الشعرية ،،
عن عدد من دواوين الشعر ،،
وكان أكثر شعرها ،،
في العشق الإلهي ،،
ومدائح أهل البيت ( عليهم السلام ) ورثائهم ،،
وقد كتبت ملحمة شعرية ،،
في معركة الطف العظيمة .
أما ملكة الشعر ،،
فقد ورثتها ،،
من والدها ،،
حيث كان من الشعراء المتميزين ،،
في الشعر الشعبي .
وفي السنة التي تخرج فيها ابنها سميح من كلية الطب ،،
حصلت هي على شهادة الدكتوراه ،،
وأصبحت تعرف لدى الجميع :
بـ ( الدكتورة نجاح ) .
وكانت تكرر دائما :
العلم نور وقوة ،،
وليس سلاح أقوى من سلاح العقل والعلم ،،
وتكرر قول الله تعالى :
{ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ( النحل : 96 ) .
وكانت داعية للإسلام ،،
بامتياز .

عبد الوهاب حسين .
27 / ذو الحجة / 1428هج .
6 / يناير ـ كانون الثاني / 2008م .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

إغلاق