في ظل قانون أمن الدولة سيء الصيت ،،
وفي ظل الكبت والاستبداد والحرمان والتمييز بين المواطنين ،،
وفي ظل غياب دور المعارضة الفاعل على الساحة الوطنية ،،
وتقاعس الرموز عن نصرة المظلومين والمحرومين ،،
امتلأت نفوس المواطنين بالغيظ والقهر ،،
وتراكمت مشاعر الإحباط والغضب لديهم ،،
حتى بلغ السيل الزبى ،،
واختل التوازن في المجتمع والدولة ،،
وظهر الفساد بما كسبت أيدي الظالمين .
وكان لابد من إعادة التوازن لكي تستمر الحياة ،،
إذ لا يمكنها الاستمرار مع ذلك الفساد والاختلال في التوازن ،،
فذلك خلاف سنة الحياة ومنطق

 الأشياء .
وقد عجز الكبار ،،
بتوازناتهم المعقدة ،،
التي لا تنتهي إلى شيء ،،
وبمعاييرهم وحساباتهم ومطارقهم الأسفنجية ،،
عن تصحيح المعادلة ،،
وإعادة التوازن إلى الحياة .
فتصدى بدلا عنهم ،،
الحكماء الأبطال ،،
من الأطفال والمراهقين ،،
الذين لم تُفسد ضمائرهم المصالح الخاصة وحب الدنيا ،،
ولم تتسرب التوازنات المعقدة ،،
والحسابات الباطلة ،،
والمعايير المعوجة إلى عقولهم ،،
ولم ترهبهم المواجهة والقتل في سبيل الله والوطن ،،
حيث لا مصلحة لهم إلا مع الحق والخير والعدل والشرف والكرامة ،،
فقاموا بملأ الفراغ الذي لابد من ملئه بحسب قانون الحياة ،،
وتقدموا على الكبار ،،
وأدوا ما عليهم في تصحيح المعادلة على الأرض ،،
بالأفعال البطولية الصادقة ،،
وليس بالأقوال والشعارات الجوفاء ،،
التي لا يجيدونا فنها ،،
وليسوا بحاجة إليها .
فتفجر بركان الغضب ،،
بركان انتفاضة الشرف والكرامة الشعبية في التسعينيات ،،
وجاءها المدد من السماء ،،
وهتف الصوت الملائكي من كل ناحية :
بوركت يا صوت المستضعفين .
فكانت كواكب الشهداء الحمراء القانية ،،
ترمي بشهب الغضب شياطين الأرض من كل صوب ،،
توجهها ملائكة السماء إلى أهدافها ،،
فلا تخطأ أبدا ،،
وكانت دماءهم الزكية تروي شجرة الحياة في الوطن .
وكانت قوافل المعتقلين الأحرار ،،
من المحرومين والشرفاء ،،
من الرجال والنساء ،،
من كافة الأعمار ،،
من الأطفال والشباب والشيوخ ،،
تستصرخ كل ضمير حي في العالم ،،
وكانت السلطة ترد بمزيد من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان .
وعصفت رياح الانتفاضة بالمكونات البالية :
في الثقافة والسياسة والاجتماع ،،
وحملت الرياح صوت العزة والنخوة والشرف والكرامة ،،
صوت المستضعفين في الأرض ،،
إلى سكان الأبراج العاجية من كل صنف ،،
من الساسة وغيرهم ،،
الذين يتحكمون من فوق أبراجهم العاجية ،،
في مصير العباد والبلاد ،،
ويمنعون عنهم الرحمة والماء والهواء ،،
بواسطة المراسيم ،،
وبواسطة المواعظ التي لا تسمن ولا تغني من جوع ،،
التي يبعثون بها إلى العوام بحسب زعمهم ،،
من أبراجهم المشيدة فوق الجبال ،،
جبال السلطة والتكبر والاستعلاء ،،
فأجبرتهم الانتفاضة على سماع صرخة الحق والعدل والضمير ،،
صرخة المستضعفين والمحرومين ،،
الصرخة التي لم يحبوا أن يسمعوها في حياتهم ،،
حيث يعيشون مسترخين في عالمهم المعزول ،،
في الأبراج ،،
فوق قمم الجبال ،،
فلا يرون ،،
ولا يسمعون ،،
ما يدور في عالم المحرومين والمستضعفين ،،
في السفوح ،،
أسفل الجبال .
ولا يشعرون بآلامهم وأحزانهم ،،
ولا يعلمون شيئا عن طموحاتهم في الحياة الكريمة ،،
ولا يريدوا أن يعلموا ،،
لكي لا يعكروا صفوا حياتهم .
ولا أدري إن كانوا يصنفونهم في دائرة البشر أم لا ،،
إلا أنهم قطعا ،،
لا يعترفون لهم بحقهم في إبداء الرأي ،،
لأن واجب العوام السمع والطاعة ،،
لأولياء الأمر ،،
والسادة العلماء .
إلا أن الأبطال الصغار ،،
بحكمتهم ،،
وشجاعتهم ،،
وشموخهم البطولي ،،
وإصرارهم الملائكي ،،
عرفوا كيف يوصلون نداء المستضعفين إلى هؤلاء المتجبرين ،،
وإجبارهم على سماع الصرخة صاغرين .
فأذهلوهم بحمم البركان الملتهبة ،،
وقصفوهم بأمواج الرياح العاتية من كل جانب ،،
بكل الألوان ،،
الحمراء ،،
والسوداء ،،
والصفراء ،،
فأزالوا الشمع المترسب من آذانهم ،،
وأزالوا بأضواء برقهم الغشاوة عن أبصارهم ،،
وقرعوا قلوبهم بأصوات رعدهم ،،
فتجلت أمام المتجبرين اللعنة التي كانوا منها يهربون ،،
وتجلت الحكمة الضائعة أمام الجهال المتفلسفين ،،
ووصل نداء الحق والعدل للجميع ،،
ليهلك من يهلك عن بينة ،،
وينجوا من ينجوا عن بينة .
وهكذا تجلى للجميع ،،
بأن نداء الحق والعدل والضمير ،،
لا يحمله بحق وحقيقة ،،
ولا يوصله إلى الناس بصفاء ،،
إلا أهله من الصادقين المخلصين الأبطال ،،
فهم الفاروق الأكبر ،،
وهم الحجة على الناس ،،
بهم يميز الله الخبيث من الطيب ،،
والأصيل من المغشوش .
كان إسماعيل واحدا من هؤلاء الأطفال الحكماء الأبطال ،،
كان في الثانية عشر من عمره المبارك ،،
يدرس في الصف السادس الابتدائي ،،
من أسرة فقيرة ،،
ويتيم الأب .
وكان لافتا بذكائه المتميز ،،
وبشجاعته وجرأته الشديدة ،،
وبمنطقه في الكلام ،،
وبأدبه الرفيع في المعاملة ،،
وبدماثة خلقه ،،
وخفة دمه .
كان إسماعيل متفوقا في دروسه ،،
فلم يقل معدله الدراسي عن تقدير ممتاز في جميع سنوات دراسته ،،
وكان مشاركا فعالا في الأنشطة المدرسية المتنوعة ،،
ومحبوبا لدى الإدارة والمعلمين والطلاب .
ولما اندلعت انتفاضة الكرامة الشعبية ،،
كان إسماعيل يشارك في جميع المسيرات والاحتجاجات في منطقته ،،
ويقوم بالكتابة على الجدران ،،
وحرق الإطارات .
وفي ذات يوم ،،
مسكته دورية المخابرات ،،
في وقت متأخر من الليل ،،
وهو يكتب على الجدار شعار : البرلمان هو الحل ،،
وعبارة : الجمري حبي وحياتي ،،
فأشبعوه ضربا في نفس المكان ،،
ثم أخذوه إلى مبنى إدارة المخابرات العتيد ،،
وهناك أكدوا له حرصهم على أمن وسلامة المواطنين ،،
فقد نقل إسماعيل الطفل ،،
بعد أسبوع واحد فقط ،،
للتوقيف في أحد مركز الشرطة القديمة ،،
محروما من مقعده الدراسي ،،
ومن حقه في التمتع بطفولته ،،
وهو لا يستطيع الوقوف على قدميه !!
لم يفعلوا به شيئا ضارا بحياته ،،
فقط :
ورموا قدميه من الضرب ،،
وكسروا إحداها ،،
وملئوا وجهه بالكدمات ،،
وجسمه بالجروح ،،
حتى عجز عن الوقوف تماما ،،
ولكنهم لم يلحقوه بالأطفال الذين استشهدوا تحت التعذيب .
وهناك في مركز التوقيف ،،
وضع إسماعيل مع مجموعة من الأطفال قوامها ( 25 : طفلا ) في زنزانة واحدة ،،
وكان إسماعيل أصغرهم سنا ،،
وكان أكبرهم سنا لا يتجاوز عمره ( 16 : عاما ) ،،
وبقي إسماعيل في السجن سنة وثلاثة شهور تقريبا ،،
لم يرى أهله فيها لأكثر من ثمانية شهور ،،
وبدون محاكمة طبعا .
كان إسماعيل يقول عن السجن بأنه مصنع الرجال الأحرار ،،
فقد مرت عليه أحداثا وتجارب في السجن ،،
تعلم منها الكثير ،،
وزادته خبرة على خبرته التي اكتسبها مبكرا ،،
بسبب اليتم الذي قذف به في رحى المسؤولية في الحياة ،،
ولم يتجاوز التاسعة من عمره ،،
حتى أصبح في خبرته العملية في الحياة ،،
أكبر من عمره الزمني بكثير .
ومن التجارب التي مرت على إسماعيل في السجن ،،
وجود مسؤولا باكستانيا ،،
كثير الشفقة على الأطفال ،،
ويعمل على مساعدتهم قدر ما يستطيع ،،
فكان يخرجهم لتنظيف ساحة المركز بصورة جماعية ،،
ويسمح لهم باللعب والمزاح ،،
وكان يلاطفهم ،،
ويسمح لهم بالخروج لقضاء حاجتهم متى أرادوا ،،
ويعطيهم ما يكفيهم من الطعام ،،
وهو الذي تعهد مداواة إسماعيل ،،
وتضميد جروحه ،،
حتى شفي منها تماما .
وكان في السجن مسؤولا آخر ،،
عربيا ،،
سوريا ،،
يضيق عليهم الخناق ،،
ويضربهم ضربا مبرحا لأتفه الأسباب ،،
ويأمر الشرطة بضربهم ،،
وكثيرا ما يعاقبهم بحرمانهم من الخروج من الزنزانة للعب ،،
ويحصي عليهم مرات الخروج لقضاء الحاجة ،،
ويتفنن في معاقبتهم ،،
ويكثر الشكوى عليهم لدى الضباط وجهاز الأمن .
وبين هذين المسؤولين :
العربي والباكستاني ،،
عرف إسماعيل طينة الرجال ،،
وعرف كيف يميز بين الخبيث والطيب ،،
وكيف يتعامل مع كل منهما بما هو أهله ،،
وكيف يبرز هو معدنه وطينته للجميع ،،
فكان يقابل المسؤول الباكستاني بالمثل في المعاملة ،،
ويقابل المسؤول العربي السوري بشدة البأس ،،
حتى أرهقه صعودا .
في ذات مرة :
في فصل الصيف ،،
حيث كان الحر شديدا ،،
ولا توجد تهوية في الزنزانة التي ينزلونها ،،
فتقشرت جلودهم ،،
وظهرت فيها بقع كبيرة ذات ألوان ،،
فقرروا الاحتجاج للمطالبة بتحسين أوضاعهم ،،
وذلك بإخراج أصوات عالية والتصفيق بشكل جماعي ،،
والتناوب على قرع باب الزنزانة .
فجمعوا أمرهم ،،
ونفذوا ما اتفقوا عليه ،،
وكان مطلبهم الوحيد تحسين التهوية في الزنزانة .
فحاول المسؤول السوري السيطرة عليهم بالقوة والتهديد فلم يستطع ،،
فاشتكى عليهم لدى جهاز المخابرات ،،
وبالغ في رسم الصورة ،،
فأرسل جهاز المخابرات أربعة رجال أشداء لتأديبهم ،،
وإعادة الهدوء إلى السجن العتيد .
ولما حضر الرجال الأربعة الأشداء ،،
وكانوا مستعدين للمبارزة ،،
وكانوا في كامل جهوزيتهم ،،
تفاجئوا بأعمار المحتجين وأحجامهم ،،
وسألوا باستغراب : أهم هؤلاء ؟!
فأجاب المسؤول المحترم : نعم هم هؤلاء !!
وقال معقبا : لا تقولوا أطفالا ،،
فإنهم فوضويون بامتياز ،،
ومتعبون جدا للشرطة .
فاستجاب الرجال الأربعة باستحياء ،،
فاختاروا أربعة من الأطفال ،،
وقيدوهم بالباب ،،
ثم اتصلوا بقيادتهم في الإدارة العامة ،،
وأخبروهم بحال الأطفال ومطلبهم ،،
فأمروا بفك قيودهم بعد ساعة ،،
والطلب من المسؤول في المركز رفع أمرهم إلى الضابط في المركز الرئيسي ،،
ففعلوا ما أمروا به ،،
وطلبوا من الأطفال التزام الهدوء ،،
على أن يأتيهم الضابط من المركز الرئيسي للتفاهم معهم حول مطلبهم .
وقد اتفق الأطفال على أن يتكلم إسماعيل إلى الضابط نيابة عنهم ،،
لقوة منطقه وشجاعته ،،
ولأنه أصغرهم سنا ،،
لكي يتجنبوا بذلك العقاب البدني ،،
الذي كثيرا ما ينزل بهم لأتفه الأسباب ،،
وقبل إسماعيل المهمة بشجاعة .
وفي فترة المساء ،،
حيث النوبة للمسؤول الباكستاني ،،
أخذ إسماعيل من ساحة السجن قطة فلين ،،
وأدخلها معه إلى الزنزانة ،،
وفي الزنزانة ،،
شكلها على هيئة مسدس ،،
ووضعه تحت فراشه ،،
ولم يخبر زملائه بالغاية منه .
وفي اليوم الثاني ،،
حضر الضابط من المركز الرئيسي للتفاهم مع الأطفال المعتقلين ،،
فوقف إسماعيل وخاطبه بكل فصاحة ،،
وجرأة وشجاعة ،،
فشرح له وضع الأطفال في الزنزانة ،،
وكشف هو وبعض زملائه عن أجسامهم ،،
ليُروا الضابط القشور والبقع فيها ،،
وحدد إسماعيل مطلبهم ،،
وهو تحسين التهوية في الزنزانة .
ثم أخرج المسدس المصنوع من الفلين من تحت فراشه ،،
ووضعه على رأسه ،،
وقال : إذا لم تحققوا مطلبنا فسوف أقتل نفسي .
فضحك زملائه رغما عنهم ،،
وضحك الضابط ،،
وضرب كفا بكف استهوانا ،،
فقال إسماعيل :
لا تقل أني طفل فتستهين بي ،،
إذا لم تفرجوا عنا ،،
فسوف يأتيكم هنا أطفالنا بحفاظاتهم ،،
فتفاجأ الضابط بجواب إسماعيل وبلاغته ،،
وكبر في عينيه ،،
وقال مكررا : لا ، لا ،،
وربت على كتف إسماعيل ،،
وقال : سوف يكون خيرا ،،
ثم انصرف .
وفي اليوم الثاني ،،
حضرت لجنة لمعاينة المكان ،،
واقترحت وضع مروحتين كبيرتين في طرفي الجدار الخلفي للزنزانة ،،
من نوع ( اكزوز فان ) لتحريك هواء الزنزانة وتلطيفه ،،
ونُفذ اقتراح اللجنة ،،
فتحسن وضع التهوية كثيرا في الزنزانة ،،
وشعر الأطفال ببعض الراحة .
ومن طرائف إسماعيل في السجن ،،
وحكمته :
بعد ثمانية شهور تقريبا من السجن ،،
سُمح للأهالي بزيارة أبنائهم المعتقلين ،،
وكانت الزيارة الأولى في المجموعة من نصيب إسماعيل ،،
وبعد الزيارة عاد إسماعيل إلى الزنزانة ،،
فالتف حوله الأطفال من كل جانب ،،
يسألونه عن أخبار الزيارة ،،
فقال لهم : أكلت همبا ، وموز ، وبرتقال ، وعنب ، وتفاح ،،
وأكلت عيش وربيان وسمك صافي مقلي .
وقد تعمد إسماعيل عدم غسل يديه بعد الأكل ،،
فمدهما إلى زملائه ،،
وهو يقول : شموا الرئحة الطيبة ،،
شموا رائحة طبخ أم إسماعيل الطيبة الحنون .
فأخذ كل واحد من الأطفال يشم يدي إسماعيل بعمق وحسرة ،،
ويكرر الشم مرات عديدة ،،
وقد بلغ التأثر بأحدهم ،،
حتى أنه رفض أن يأكل من السجن ،،
إلا أن يأكل أولا من طبخ أمه ،،
ومن حسن حظ هذا الطفل أن موعد زيارته ،،
كان في اليوم التالي .
وبعد ( 15 : شهرا ) تقريبا ،،
أطلق سراح إسماعيل من السجن ،،
وذهب الناس إلى زيارته ،،
فسأله أحد زائريه :
كيف وجدت السجن ؟
فأجاب :
السجن مقبرة تسعى الحكومة لدفن الشرفاء والأحرار من المواطنين فيها ،،
السجن ضرب وتعذيب ،،
وجوع وعطش ،،
وذل وإهانة وتحقير .
وفي السجن :
ترى للظلم جسدا ،،
وتشم له رائحة ،،
وتذوق له طعما ،،
ويتجلى لك ذلك في كل شيء .
وفي السجن لا تجد حولك إلا الجدران المعتمة ،،
التي تقرأ ما كتب عليها من ذكريات المحرومين ،،
وتحكي لك في الليل المظلم بلسان الحال ،،
ذكريات البؤساء المظلومين الذين سكنوها في التاريخ الطويل .
ولا تجد حولك في السجن ،،
إلا الحديد على النوافذ والأبواب الموصدة ،،
وكأنك تعيش في قفص محكم الإغلاق ،،
لتعلم بالحس : أنك مقهور مغلوب على أمرك .
ولا ترى في السجن إنسانا سوى البؤساء داخل زنزاناتهم ،،
لكن السجن يصنع الرجال الأحرار .
وسأله آخر :
هل سوف تشارك في المسيرات والاحتجاجات القادمة ؟
فأجاب :
بالتأكيد !!
فنحن نطالب بحقوقنا العادلة ،،
التي بدونها لا نعيش بكرامة .
فقال السائل :
وتعود إلى السجن مرة ثانية ؟!
فأجاب :
ليس هذا بمهم ،،
المهم : أن نعيش بعزة وكرامة في الحياة ،،
فإذا خيرت بين السجن والحياة في ذل ،،
فسوف أختار السجن بالتأكيد ،،
وبدون تردد ،،
هيهات منا الذلة .
وسأله ثالث :
ما هي أمنيتك ؟
فأجاب :
أن أكون شهيدا ،،
فقال السائل :
لا تزال صغيرا على الشهادة !!
فأجاب : لا أريد أن أكبر في الذل والهوان ،،
وأن القاسم ابن الحسن ليس أكبر مني سنا يوم أصبح شهيدا مع عمه الحسين ( عليه
السلام ) في كربلاء .
لقد أذهل إسماعيل الحاضرين بإجاباته التي تجلت فيها الفصاحة والبلاغة والحكمة والصدق والجرأة والشجاعة ،،
وقال أحد الحاضرين معقبا على إجابات إسماعيل :
إذا كان أطفالنا مثل إسماعيل ،،
فلن نهزم والله ،،
والنصر حليفنا إن شاء الله تعالى .
فعقب آخر بقوله :
يا ليت الكبار لدينا أطفالا ،،
في سجيتهم ،،
وصدقهم ،،
وفصاحتهم ،،
وشجاعتهم ،،
ومواقفهم ،،
لا يرتجفون خوفا من المواجهة ،،
ولم تفسد ضمائرهم المصالح وحب الحياة ،،
ولم تضل عقولهم الحسابات الباطلة ،،
ولم يحلموا بالمكاسب بدون دفع الأثمان المستحقة .
لو كانوا كذلك ،،
لكنا بألف خير .

عبد الوهاب حسين
1 / ذو القعدة / 1428هج .
22 / نوفمبر / 2007م .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

إغلاق